بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، طالت إنذارات الإخلاء ربع الأراضي اللبنانية.
يُظهر تحليلنا أن الإنذارات التي أصدرها الجيش الإسرائيلي لم تتضمن خرائط مضللة فحسب، بل صدرت أيضًا في غضون مهلة قصيرة – في إحدى الحالات قبل أقل من 30 دقيقة من شن الغارات – وفي منتصف الليل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يكون فيه الكثير من الناس نائمين أو غير متصلين بالإنترنت أو لا يتابعون التقارير الإعلاميةوليُعتبر الإنذار فعالًا، يجب أن يأتي في الوقت المناسب وأن يوفر معلومات عن الطرقات والوجهات الآمنة. وفحصت منظمة العفو الدولية إنذارَيْن صدرا إلى سكان الضاحية الجنوبية المكتظة ليلة 27/28 سبتمبر/أيلول، بعد الغارة المفاجئة التي قتلت الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. ودمّرت الغارات الجوية مبانٍ سكنية بأكملها في المنطقة. وحدد كل إنذار ثلاثة أهداف عسكرية وطلب من السكان إخلاء دائرة قطرها 500 متر حول الهدف المحدّد. وصدر الإنذاران عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية على إكس (تويتر سابقًا)، ليلًا، من دون جدول زمني واضح أو تفاصيل عن الطرقات الآمنة.
أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية
وفي الإنذارَيْن المذكورَيْن، كانت الخرائط التي نشرها الجيش الإسرائيلي إلى جانب إنذارات الإخلاء، والتي شملت ست مناطق مختلفة، مضللة. وفي كلتا الحالتين، كان قطر الدائرة التي حُددت على الخرائط للإشارة إلى منطقة الخطر على المدنيين يغطي مسافة أصغر بكثير من 500 متر التي قال الجيش الإسرائيلي للمدنيين إنه يجب إخلاؤها كحدّ أدنى.
كما أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارات بالإخلاء لسكان حوالي 118 بلدة وقرية في جنوب لبنان بين 1 و7 أكتوبر/تشرين الأول، عقب بدء توغله البري. هذه الإنذارات، التي شملت بلدات تبعد أكثر من 35 كيلومترًا عن الحدود مع إسرائيل وخارج المنطقة العازلة التي أعلنتها الأمم المتحدة، لا تجعل من جنوب لبنان منطقة حرة لإطلاق النار.
ولكي تكون الإنذارات فعَّالة، يجب أن تعطي تعليمات واضحة للمدنيين بشأن الابتعاد عن الأهداف العسكرية التي سيتم استهدافها. وفي حين أن الإنذارات قد تكون في بعض الظروف عامة جدًا، فإن تعريف ما هو عام لا يشمل الإنذارات الفضفاضة للغاية التي تطلب من المدنيين إخلاء مناطق بأكملها (اطلعوا مثلًا على تعليق 1987 على البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف).
وشملت إنذارات إسرائيل في جنوب لبنان مناطق جغرافية واسعة، مما أثار مخاوف بشأن ما إذا كانت مصممة بدلًا من ذلك لإحداث إعادة توطين جماعي. وينص المبدأ 5 من المبادئ التوجيهية المتعلقة بالتشريد الداخلي على أنه يجب على السلطات والأطراف الدولية المعنية، في كافة الظروف، أن تتقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي من أجل “منع وتجنب نشوء أية أوضاع يمكن أن تؤدي إلى تشريد أشخاص”.
المنهجية
بدأت عملية “سهام الشمال” الإسرائيلية في 23 سبتمبر/أيلول بقصف جوي مكثف لعدة مناطق في كافة أنحاء لبنان، بما في ذلك الجنوب ووادي البقاع وضاحية بيروت الجنوبية. ووفقًا للحكومة اللبنانية، ارتفع عدد النازحين الهاربين من الغارات الجوية الإسرائيلية إلى 1.2 مليون – غالبيتهم العظمى في الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها.
وراجعت منظمة العفو الدولية أكثر من 12 إنذارًا بالإخلاء من قبل الجيش الإسرائيلي، وأجرت مقابلات مع 12 من السكان الذين فروا من الضاحية في أعقاب إنذارات الإخلاء الإسرائيلية في 27/28 سبتمبر/أيلول 2024، بما في ذلك منطقة الليلكي، وحي السلم، وأوتوستراد هادي نصر الله، وبرج البراجنة. كما أجرت المنظمة مقابلات مع ثلاثة من سكان قرى في جنوب لبنان.
وقام مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية برسم خرائط للمناطق التي تغطيها إنذارات الإخلاء الإسرائيلية لتحليل المناطق المتضررة بسبب الضربات.
وفي تحليلها لهذه الإنذارات، لا تسعى منظمة العفو الدولية في هذا الوقت إلى تحديد ما إذا كانت إسرائيل قد أصابت أهدافًا عسكرية في هجماتها، بل تسعى إلى التحقيق في ما إذا كانت الإنذارات التي أصدرتها إسرائيل فعَّالة في حماية المدنيين وملتزمة بالقانون الدولي أم لا.
ضاحية بيروت الجنوبية: ‘لم يكن إنذارًا، بل ترويعًا’
اعتبارًا من الساعة 11:06 مساء يوم 27 سبتمبر/أيلول، بدأ الجيش الإسرائيلي بإصدار إنذارات بالإخلاء لسكان الضاحية. في الإنذار الأول، أمر الجيش الإسرائيلي السكان عبر إكس بالابتعاد دائرة قطرها 500 متر عن ثلاثة مبانٍ في حيي الليلكي والحدث، وكلاهما منطقتان مكتظتان بالسكان، زاعمًا أن السكان هناك “يتواجدون بالقرب من مصالح تابعة لحزب الله”. ولم يحدد الأمر إطارًا زمنيًا للإخلاء.
وقد نشر الجيش الاسرائيلي خريطة مع هذا الإنذار لمنطقةٍ حول المباني المعنية، تحيطها دائرة يفترض أن يكون قطرها 500 متر، يجب على السكان مغادرتها. ومع ذلك، فإن المنطقة المحددة لا تغطي في الواقع سوى دائرة قطرها 135 مترًا تقريبًا. وبينما أظهرت الخريطة 30 مبنى داخل الدائرة الحمراء، كان هناك في الواقع 500 مبنى داخل دائرة قطرها 500 متر. وينطبق الشيء نفسه على إنذارات الإخلاء في حي الحدث: فالمناطق التي أوحت الخرائط بأنها تقع ضمن دائرة قطرها 500 متر في محيط مبنى شيت وفي محيط مجمع السلام، ووجب على السكان إخلاؤها، شكلّتا فعليًا دائرتين، الأولى قطرها 125 مترًا والثانية 100 مترًا على التوالي. في حوالي الساعة 12:36 صباحًا، أي بعد ساعة ونصف فقط، أفادت وسائل الإعلام المحلية بوقوع غارة إسرائيلية على حي الليلكي. وعلى مدار الساعة والدقائق الـ 10 التالية، أفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” اللبنانية بوقوع 11 غارة أخرى على الضاحية، بما في ذلك على مبانٍ ومناطق لم تتلقَ إنذارًا بالإخلاء.
وقالت فاطمة، وهي صحفية تعيش في الليلكي، لمنظمة العفو الدولية إن شقيقها اتصل بها حوالي الساعة 11:15 مساءً بينما كانت تغطي أخبار الغارة التي استهدفت نصر الله، وحذرها بضرورة مغادرة المنطقة:
“قفزت خلف مقود السيارة وقدت بشكل عشوائي… وصلت إلى الليلكي لأجد أن الجميع يتصرفون بجنون مثلما أفعل. لو استطاع الناس رمي أنفسهم من الشرفة للمغادرة بشكل أسرع [سيفعلون]. الصراخ، الجري، تزمير السيارات، الدراجات النارية، حقائب السفر … هرعت لأساعد أبي وأمي على نزول الدرج وركوب سيارتي، ولم آخذ معي من البيت سوى قطتي … لا أمتلك حاليًا أي أمتعة”.
وأوضحت فاطمة أن الليلكي منطقة سكنية مزدحمة ظلت مكتظة بالسكان حتى تلك الليلة لأنها تقع على مشارف الضاحية ولم يتوقع الأهالي استهدافها.
وقالت عبير، التي تقيم مع والدتها بالقرب من الليلكي، لمنظمة العفو الدولية إنها لم تستطع إخلاء منزلها على الفور لأن والدتها سيدة مسنة ومريضة، وتحتاج إلى من يحملها للنزول عن الدرج: “لقد كانت ليلة من الجحيم. مددت أمي على الأرض في الغرفة الأكثر أمانًا، أي غرفة الحمام القديم، وخبأنا رؤوسنا بين أذرعنا [طوال القصف]”. ولم يتمكنوا من المغادرة إلا بعد مرور عدة ساعات وبعد أن ساعدها صديق في حمل والدتها من الطابق السادس.
كانت ليلة من الجحيم. مددت أمي على الأرض في الغرفة الأكثر أمانًا، أي غرفة الحمام القديم، وخبأنا رؤوسنا بين أذرعنا [طوال القصف]وفي الساعة 3 من صباح يوم 28 سبتمبر/أيلول، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارًا آخر بإخلاء السكان عبر إكس في حيي برج البراجنة والحدث، في ضاحية بيروت الجنوبية، وأمرهم بالابتعاد عن دائرة قطرها 500 متر في محيط ثلاثة مبانٍ محددة على الخريطة. ولم يذكر الإنذار إطارًا زمنيًا للإخلاء، وكانت خرائط المناطق المتضررة مضللة أيضًا، وحددت على الخرائط مناطق أصغر بكثير من دائرة قطرها 500 متر. في الساعة 5:47 صباحًا، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الغارات الإسرائيلية استهدفت الحدث والليلكي، فضلًا عن حيي الشويفات والكفاءات في ضاحية بيروت الجنوبية، والتي لم تكن مدرجة في إنذار الإخلاء. وأفادت وسائل الإعلام المحلية باستمرار الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية طوال اليوم.
عبير، التي لديها والدة مريضة ومسنة وتحتاج إلى مَن يحملها من الطابق السادس للإخلاء
وقالت تغريد لمنظمة العفو الدولية، وهي من سكان حي السلم، إنها لم تسمع الإنذار الإسرائيلي واتخذت قرار الفرار بعد الغارة الهائلة التي اغتيل فيها أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله. “كنا مختبئين ولم نتمكن من متابعة التلفزيون. لا أستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك لا أعرف ما قاله الإسرائيليون”.
وقال أحمد، من سكان برج البراجنة، إنه اتخذ قراره بمغادرة الضاحيةمباشرةً إثر الغارة التي قتلت نصر الله، لأنه يعيش مع والديه المسنين: “بينما كنا لا نزال عالقين على طريق الخروج من الضاحية، حيث تحاول جميع سيارات الإسعاف إعطاء الأولوية للجرحى، سمعنا عن الإنذار على الراديو في الشاحنة. شعرتُ بالمرارة. لم يكن إنذارًا، بل ترويعًا. إنها لعبة سادية: “رح نقتلك أنت وعائلتك قريبًا. ورجينا إذا فيك تزمط”.
في 30 سبتمبر/أيلول 2024، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارًا بالإخلاء من محيط المباني السكنية في الليلكي وحارة حريك وبرج البراجنة. وشنَّ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات بعد مرور 30 دقيقة فقط. وبالمثل، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في الساعة 10:51 مساءً، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارًا بالإخلاء لسكان برج البراجنة، وحثهم على المغادرة فورًا. وأفادت وسائل الإعلام المحلية عن سماع “دوي كبير” بعد دقائق من صدور أمر الإخلاء، ثم أفادت عن وقوع أربع غارات على الأقل بحلول الساعة 11:30 مساءً.
بموجب القانون الدولي، على “حزب الله” والجماعات المسلحة الأخرى تجنب، إلى أقصى حد ممكن، إبقاء المقاتلين أو الذخائر أو الأسلحة أو الأهداف العسكرية في المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها. في المقابل، لا يُعفي وجود أهداف عسكرية القوات الإسرائيلية من التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك واجبها في احترام مبدأي التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية والتناسب، فضلًا عن التزامها باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنيب المدنيين أضرار الهجوم، بمن فيهم المدنيون الذين لا يغادرون المنطقة بعد إنذار الإخلاء. إن عدم تقديم إنذارات مسبقة فعَّالة بالهجمات التي قد تؤثر على المدنيين، ما لم تحُل الظروف دون ذلك، وعدم اتخاذ جميع الاحتياطات الضرورية الأخرى لحماية المدنيين، تشكل انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.
في الساعة 5:47 صباحًا، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الغارات الإسرائيلية استهدفت الحدث والليلكي، فضلًا عن حيي الشويفات والكفاءات في ضاحية بيروت الجنوبية، والتي لم تكن مدرجة في إنذار الإخلاء. وأفادت وسائل الإعلام المحلية باستمرار الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية طوال اليوم.
وقالت تغريد لمنظمة العفو الدولية، وهي من سكان حي السلم، إنها لم تسمع الإنذار الإسرائيلي واتخذت قرار الفرار بعد الغارة الهائلة التي اغتيل فيها أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله. “كنا مختبئين ولم نتمكن من متابعة التلفزيون. لا أستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك لا أعرف ما قاله الإسرائيليون”.
وقال أحمد، من سكان برج البراجنة، إنه اتخذ قراره بمغادرة الضاحية مباشرةً إثر الغارة التي قتلت نصر الله، لأنه يعيش مع والديه المسنين: “بينما كنا لا نزال عالقين على طريق الخروج من الضاحية، حيث تحاول جميع سيارات الإسعاف إعطاء الأولوية للجرحى، سمعنا عن الإنذار على الراديو في الشاحنة. شعرتُ بالمرارة. لم يكن إنذارًا، بل ترويعًا. إنها لعبة سادية: “رح نقتلك أنت وعائلتك قريبًا. ورجينا إذا فيك تزمط”.
في 30 سبتمبر/أيلول 2024، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارًا بالإخلاء من محيط المباني السكنية في الليلكي وحارة حريك وبرج البراجنة. وشنَّ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات بعد مرور 30 دقيقة فقط. وبالمثل، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في الساعة 10:51 مساءً، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارًا بالإخلاء لسكان برج البراجنة، وحثهم على المغادرة فورًا. وأفادت وسائل الإعلام المحلية عن سماع “دوي كبير” بعد دقائق من صدور أمر الإخلاء، ثم أفادت عن وقوع أربع غارات على الأقل بحلول الساعة 11:30 مساءً.
بموجب القانون الدولي، على “حزب الله” والجماعات المسلحة الأخرى تجنب، إلى أقصى حد ممكن، إبقاء المقاتلين أو الذخائر أو الأسلحة أو الأهداف العسكرية في المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها. في المقابل، لا يُعفي وجود أهداف عسكرية القوات الإسرائيلية من التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك واجبها في احترام مبدأي التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية والتناسب، فضلًا عن التزامها باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنيب المدنيين أضرار الهجوم، بمن فيهم المدنيون الذين لا يغادرون المنطقة بعد إنذار الإخلاء. إن عدم تقديم إنذارات مسبقة فعَّالة بالهجمات التي قد تؤثر على المدنيين، ما لم تحُل الظروف دون ذلك، وعدم اتخاذ جميع الاحتياطات الضرورية الأخرى لحماية المدنيين، تشكل انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.
إنذارات إخلاء جماعية لسكان جنوب لبنان
في 1 أكتوبر/تشرين الأول، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارين بالإخلاء لسكان جنوب لبنان. أمر الإنذار الأول الذي صدر عند الساعة 9:21 صباحًا السكان بعدم التحرك بالمركبات إلى منطقة جنوب نهر الليطاني “حتى إشعار آخر”، زاعمًا أن حزب الله يستخدم “البيئة المدنية والسكان كدروع بشرية”.وفي الساعة 12:18 ظهرًا، أمر الجيش الإسرائيلي سكان أكثر من 25 بلدة في جنوب لبنان بالإخلاء والتوجه نحو شمال نهر الأولي، على بعد حوالي 58 كيلومترًا من الحدود مع إسرائيل ونحو 30 كيلومترًا من نهر الليطاني، الذي يمثل المنطقة العازلة للأمم المتحدة التي أنشئت بعد حرب 2006.
وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول 2024، عند الساعة 9:11 صباحًا ثم الساعة 11:15 صباحًا، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارات لـ 24 بلدة وقرية أخرى في أنحاء جنوب لبنان، وطلب من السكان “إنقاذ حياتهم وإخلاء منازلهم فورًا”، وأمرهم بالتوجه إلى شمال نهر الأولي، وقال إن أي تحرك باتجاه الجنوب قد يعرضهم للخطر. وأصدر الجيش الإسرائيلي إنذارًا مماثلًا عند الساعة 12:49 ظهرًا يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول لـ 25 بلدة وقرية أخرى، وعند الساعة 9:11 من صباح يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول لـ 35 قرية أخرى ، وفي الساعة 12:58 ظهرًا يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول لـ 25 قرية إضافية.
وأضافت أنياس كالامار: “لم تتح أي من “الأوامر” إخلاءً آمنًا وفعالًا، واكتفت بتوجيه أمر للسكان بالمغادرة “فورًا”.” ما يزيد من قلق منظمة العفو الدولية بشأن الإنذارات الموجهة إلى المدنيين في جنوب لبنان هو تصريحات صدرت عن القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين تشير إلى أنهم يعتبرون المدنيين اللبنانيين وممتلكاتهم أهدافًا مشروعة. فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 27 سبتمبر/أيلول 2024 إن هناك “صاروخًا في كل مطبخ، وصاروخًا في كل مرآب”. وقال وزير التعليم الإسرائيلي على شاشة التلفزيون في 21 سبتمبر/أيلول 2024 إنه لا يوجد فرق بين “حزب الله” ولبنان وأن لبنان “سيُباد”. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أيضًا قد حذَّر سابقًا في يونيو/حزيران 2024 من أن إسرائيل قادرة على إعادة لبنان “إلى العصر الحجري”.
وتابعت أنياس كالامار: “إنَّ الخسائر الفادحة في الأرواح في لبنان في الأيام الأخيرة تثير مخاوف من أن القوات الإسرائيلية قد تنتهك التزامها باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين أينما تواجدوا، بما في ذلك من خلال إصدار إنذارات فعَّالة. وبعدما أمضت منظمة العفو الدولية الأشهر الـ 12 الماضية في التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، فإنها تشعر بقلق بالغ من أن إسرائيل ربما تسعى إلى تكرار النهج الذي اتبعته في غزة، مما يسفر عن إلحاق أضرار غير مسبوقة بالمدنيين”.
كما تثير الإنذارات الموجهة لبلدات وقرى جنوب لبنان والأوامر بعدم التوجه نحو جنوب نهر الليطاني مخاوف جدية بشأن إمكانية وصول المدنيين إلى الإمدادات والخدمات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء والرعاية الصحية والوقود.
وأبلغ منظمة العفو الدولية مختارُ قرية رميش، التي تقع جنوب نهر الليطاني بالقرب من الحدود مع إسرائيل، والتي لم تتلق إنذارًا بالإخلاء لكنها تقع داخل المنطقة التي قالت إسرائيل إن المركبات ممنوعة من التنقل فيها، بأن الإمدادات في البلدة تنفذ بسرعة. “ستصبح المنطقة معدمة. كيف يمكننا الاستمرار؟ يبدو الأمر كما لو أنهم يريدون تهجيرنا”.
وتهدد الظروف الناشئة عن الأعمال الإسرائيلية في جنوب لبنان بالتهجير القسري لغالبية السكان المدنيين هناك.
وكانت إحدى البلدات في جنوب لبنان التي أنذر الجيش الإسرائيلي سكانها بالإخلاء هي عين إبل. وهي قرية غالبية سكانها مسيحيون وليس لديهم ارتباط معروف بـ”حزب الله”.
وقد أبلغ أحد سكانها، ركان دياب، منظمة العفو الدولية أنّ سكان القرية فوجئوا بإدراج عين إبل في إنذار الإخلاء الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على موقع إكس (تويتر سابقًا) في 1 أكتوبر/تشرين الأول. وبعد ذلك بوقت قصير، تلقى رئيس البلدية مكالمة من شخص يزعم أنه عنصر في الجيش الإسرائيلي يحذر السكان بضرورة الهروب في غضون 45 دقيقة تقريبًا بسبب وجود أسلحة في القرية.
“أصيب الناس بالذعر … تعين علينا توضيب أغراضنا والمغادرة على الفور”، موضحًا كيف فر معظمهم إلى قرية رميش القريبة وكيف سهَّل الجيش اللبناني والصليب الأحمر اللبناني المرور الآمن لقافلة من حوالي 100 سيارة من رميش إلى شمال نهر الأولي.
اختتمت أنياس كالامار قائلة: “تحث منظمة العفو الدولية حلفاء إسرائيل، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، على وقف جميع عمليات نقل الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم العسكري لإسرائيل بسبب الخطر الكبير المتمثل في إمكانية استخدام هذه الأسلحة لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي. كما تدعو المنظمة إلى تعليق جميع عمليات نقل الأسلحة إلى حزب الله وغيره من الجماعات المسلحة في لبنان”.
خلفية
بدأت عملية “سهام الشمال” الإسرائيلية في 23 سبتمبر/أيلول. وخلال اليوم الأول، نفذت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 1,600 غارة في مناطق في مختلف أنحاء لبنان ، مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة أكثر من 1800 في الـ 24 ساعة الأولى. كما أطلق “حزب الله” أكثر من 200 صاروخ باتجاه إسرائيل ذلك اليوم، وأصيب نحو 10 أشخاص بفعل الشظايا أو الحطام.
وانخرط “حزب الله” وإسرائيل في أعمال عدائية متواصلة عبر الحدود منذ أن شنت المجموعة هجمات على شمال إسرائيل بعد بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحتل في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأسفرت الهجمات الإسرائيلية على لبنان منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن مقتل ما لا يقل عن 2083 شخصًا، وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية. وقد نزح أكثر من 1.2 مليون شخص داخليًا في لبنان وعبر أكثر من 400,000 شخص الحدود إلى سوريا.
العديد من صواريخ “حزب الله” غير موجهة ولا يمكن توجيهها بدقة إلى هدف محدد. وينتهك إطلاق الصواريخ العشوائية القانون الدولي الإنساني. فالهجمات المباشرة على المدنيين والهجمات العشوائية التي تقتل أو تجرح مدنيين تشكّل جرائم حرب.
ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلق “حزب الله” وجماعات مسلحة أخرى آلاف الصواريخ على شمال إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 16 مدنيًا. وفي 27 يوليو/تموز، قُتل 12 مدنيًا، جميعهم من الأطفال، في هجوم على مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتلة. يُذكر أنه تم إخلاء حوالي 63,000 من سكان شمال إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي إحدى هجمات “حزب الله”، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أصاب صاروخ مضاد للدبابات مجموعة من عمال شركة الكهرباء الذين كانوا يقومون بأعمال البنية التحتية بالقرب من ثكنة دوفيف. وأسفر الهجوم عن مقتل عامل، وإصابة شخص آخر بجروح طفيفة.
وفي هجوم آخر، في 9 يوليو/تموز 2024، قُتل مدنيان عندما أصاب صاروخ سيارتهما أثناء سيرهما على الطريق السريع 91 في مرتفعات الجولان المحتلة. وفي بيان صدر في ذلك اليوم، أعلن “حزب الله” مسؤوليته وقال إنه استهدف قاعدة نفح العسكرية القريبة ردًا على اغتيال أحد أعضائه.