وقالت العطية: "هنالك ثمة خيط ناظم بين تمكين وريادة المرأة في العصر الرقمي، وبين تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 والقرارات الأخرى ذات الصلة، فدور المرأة في الوقاية من النزاعات وصناعة السلام ومشاركتها في جهود الإغاثة والإنعاش وإعادة الإعمار، صارت مسألة هامة وذات أولوية في ظل ما يعيشه العالم من حروب مدمرة تدفع فيها النساء ثمنا باهظا"، لافتة إلى أن النزاعات المسلحة بصفة عامة تفاقم من تهميش المرأة في جميع المجالات.
وشددت العطية على ضرورة التزام الدول اليوم بتعزيز وصول النساء والفتيات للتكنولوجية الرقمية والاستفادة منها في مجال تعزيز القدرات القيادية والوصول للمعلومات وخلق منصات للتفاعل والتشبيك وتبادل التجارب والخبرات فيما بينهن، إلى جانب العمل على حمايتهن من جميع أشكال العنف الرقمي وحمايتهن من التنميط والتحيزات على المنصات الرقمية.
ونوهت العطية بالأدوار المتعددة التي تلعبها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من خلال رصدها للتشريعات ولمختلف التدابير والممارسات ذات الصلة وتقديم مرئياتها حولها، ومن خلال إجرائها لحوارات مثمرة بين جميع أصحاب المصلحة والهياكل الرسمية في مختلف قضايا حقوق الإنسان المستجدة.
وتابعت: "بصفتي رئيسا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر وللتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان إنني أشجع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على مواصلة جهودها في الرصد والتقييم وتقديم التوصيات لمعالجة الفجوات، وأدعو إلى مزيد من التنسيق بين المؤسسات الوطنية فيما بينها لتبادل الخبرات والتجارب والممارسات الفضلى ذات الصلة بتعزيز ريادة النساء وتمكينهن من المشاركة الفعالة في جميع المجالات".
م ناحيتها، أشادت سعادة الدكتورة حمدة بنت حسن السليطي نائب رئيس مجلس الشورى بجهود ومبادرة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، وشركائها، والتي وصفتها بالرائدة في تنظيم "أكاديمية المرأة الرائدة" على الصعيد الدولي.
وقالت: "هذه المبادرة تهدف إلى المساهمة في تحقيق السلام والتنمية من خلال تعزيز مشاركة المرأة في عملية صنع القرار".
وأضافت: "لا شك أن اختيار دولة قطر لإطلاق "أكاديمية المرأة الرائدة" دوليا، دليل على ثقة العالم في قطر وفي المنطقة والعالم العربي، ويعكس التزامها بتحقيق السلام والأمن الدوليين، كما يعكس، في الوقت نفسه، حرص الدولة على دعم المرأة وتعزيز دورها في مختلف المجالات التنموية".
وأوضحت: "تبقى المرأة دائما وأبدا جزءا لا يتجزأ من المجتمع، بل هي حجر الأساس للتنمية المستدامة في المجتمعات، لأنها تمثل أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، وتتنوع أدوارها وتتعدد مسؤولياتها تجاه الأسرة والمجتمع".
وأكدت على ضرورة مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار من أجل تشكيل مستقبل أفضل للعالم، ومنطقتنا على وجه الخصوص، داعية إلى مزيد من الشراكات بين مختلف المؤسسات لإطلاق مبادرات أكاديمية، وتنفيذ برامج تدريبية متنوعة ، لتعزيز قدرات وإمكانات النساء والفتيات في عمليات ومجالات صنع القرار.
وأشارت إلى التهميش والتمييز الذي تتعرض له المرأة على الرغم من دورها في أي مجتمع، وقالت السليطي: "تواجه المرأة العديد من التحديات والصعوبات التي تحبط طموحاتها وتعوق قدراتها تجاه المساهمة في مجالات التنمية، فضلا عما تتحمله من عبء كبير في الحروب ومناطق النزاعات والكوارث".
وفي السياق نفسه، أشارت السليطي إلى العدوان الغاشم الذي تقوده قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عام على قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي توسع منذ سبتمبر الماضي ليشمل لبنان.
وقالت: "مازال الاحتلال الإسرائيلي، وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري للشعب الفلسطيني الشقيق، وذلك على الرغم من النداءات والمطالبات المتكررة للمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في وقف هذه الحرب الهمجية، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمقاضاة ومحاسبة إسرائيل ومسؤوليها على ارتكابهم لتلك الجرائم، إلا أن هذا المجتمع بقواه الكبرى مازال يغمض عينيه ويصم أذنيه عن كل ما تقوم به دولة الاحتلال من مجازر مروعة".
وأوضحت أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أصدر إحصائية تشير إلى أن حوالي 70 بالمئة من الضحايا ممن تم التحقق من وفاتهم في غزة من النساء والأطفال بعدد يزيد عن ثلاثين ألفا.
وقالت: "كذلك في الصيف الماضي، أشارت مسؤولة أممية زارت القطاع أكثر من 50 مرة أنه لا يوجد مكان آمن للنساء في غزة، وأن نحو مليون فتاة وامرأة في القطاع قد نزحن مرات عدة دون أن يعرفن ماذا ينتظرهن وهل سيبقين على قيد الحياة أم لا".
وفي ذات السياق أكد سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، واجب المؤسسات الوطنية في العمل على تعزيز دور المرأة وحقوقها من خلال التوعية والتثقيف والتدريب ومراجعة القوانين والسياسات واقتراح تعديلها، واعتماد قوانين وسياسات تعزز حقوق المرأة وضمان تمثيلها العادل في المؤسسات السياسية، إلى جانب رصد ومناهضة خطاب الكراهية والنمطية التي تواجهها، من خلال برامجها التوعوية التي تهتم بنشر ثقافة حقوق الإنسان، كتنظيم حملات توعية وتثقيف للمرأة وللمجتمع عامة حول أهمية المشاركة المرأة السياسية وحقوقها السياسية والاقتصادية والثقافية .
وقال الجمالي: "تعمل الشبكة العربية على بناء ورفع قدرات المؤسسات الأعضاء بالرصد والتوثيق وإعداد التقارير الوطنية والدولية، لما نراه في ذلك من أداة رئيسية لمناهضة الانتهاكات والحد منها، كما نعمل على تهيئة الأدوات لنشر ثقافة حقوق الإنسان ضمن المجتمعات العربية، بما سيساهم بقبول الآخر وتعزيز حرية الرأي والتعبير، والتدرب من خلال مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان على ممارسة الديمقراطية .
وفي ذات السياق، قالت السيدة مارثا بوبي مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا: "لقد خلقت التطورات التكنولوجية السريعة في السنوات الأخيرة فرصا وتحديات لتعزيز العمليات الشاملة والديمقراطية، والفجوات الرقمية داخل البلدان وفيما بينها .
وأشارت إلى أنه إذا لم تتم معالجة هذه الفجوة بشكل صحيح، فإن التطورات التكنولوجية الجديدة يمكن أن تؤدي إلى إدامة وتضخيم اللامساواة والتمييز والتضليل والعنف ضد المرأة، منوهة بأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ثمة أساسية للعصر الرقمي، وأن تسخيرها لتحقيق الخير يمكن أن يعزز قيم الديمقراطية من خلال العمل كمحفز في تمكين وإشراك الأكثر ضعفا وتهميشا أو استبعادا، ومشاركة المعلومات وحرية التعبير .
ولفتت السيدة مارثا بوبي إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم لنشر الكراهية والتضليل والمعلومات المضللة عبر الإنترنت، على نطاق غير مسبوق وسريع الانتشار، وأن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي يعد أحد العوامل الممكنة في هذا الاتجاه، ما يمكن أن يفرض تحديات بالعمليات الديمقراطية، من خلال التأثيرات السلبية على عقد انتخابات سلمية وشاملة وموثوقة .
وقالت مساعدة الأمين العام لشؤون إفريقيا: "التهديدات والإساءة عبر الإنترنت تؤثر على النساء، وبشكل خاص فيما يتعلق بالسياقات الانتخابية أو السياسية، حيث تهدف التهديدات والإساءة إلى إحباط مشاركة المرأة أو استبعادها وتفاقم التفاوتات القائمة، لذلك من المهم الأخذ بعين الاعتبار الاستجابة وتصميم وتنفيذ السياسات المتعلقة بالتقنيات الرقمية إلى مقاربة النوع الاجتماعي .
وأوضحت بوبي أن مشاركة المرأة وقيادتها في تعظيم فوائد العصر الرقمي والحد من التحديات المرتبطة به أمر بالغ الأهمية، وأن منصات مثل أكاديمية القيادة النسائية يمكن أن تسهم في تبادل الخبرات والممارسات الجيدة وإنشاء الشبكات وتنسيق الجهود في هذا المجال المهم .
بدورها، قالت سعادة السيدة شذى علاونة ممثلة الوكالة الألمانية للتعاون الدولي: "تواجه النساء في العديد من مناطق العالم، بما في ذلك الدول العربية، تحديات فريدة وتمييزا، خاصة في التكيف مع العصر الرقمي والازدهار بدءا من الحواجز في الوصول إلى المعرفة الرقمية، وإلى قضايا الحماية في الفضاء الرقمي"، مضيفة: "من هنا تأتي أهمية هذه المبادرة حيث تتيح مواجهة هذه التحديات بشكل مباشر .
وتابعت علاونة: "كان من دواعي سرورنا في الوكالة الألمانية أن نكون شركاء في دعم إطلاق الأكاديمية منذ عام، حيث جمعت نخبة من القياديات من مختلف أنحاء الوطن العربي في إطار يهدف إلى اكتساب المهارات، وبناء شبكات العلاقات، وتبادل المعرفة والخبرات تسهم في خلق قيادات واعدة من النساء في العالم العربي وصياغة منهج متقدم متطلع نحو المستقبل، قائم على التجارب الفريدة، مما يسهم في تشكيل سردية جديدة للقيادة النسائية على الصعيد العالمي .
وأشارت إلى أن الأكاديمية الدولية للمرأة الرائدة تمثل خطوة أساسية نحو زيادة تمثيل النساء وتأثيرهن في الحياة العامة، مضيفة: "أتطلع إلى الاستماع والعمل معا لتطوير استراتيجيات مستدامة تعزز أصوات النساء في المجال العام وتساهم في مجتمعات أكثر شمولية ومرونة".