وتَظهر في المقدمة جثة أحد الضحايا ملقاة فوق آخر، وشرائط من الدم تمتد بعيدًا عنهم. وبالقرب منهما، رقد رجل آخر وقد غطى الغبار الأبيض ملابسه، ما يشير إلى الدقيق الذي كان يحمله. المارة وقفوا مذهولين، غير مدركين ما يمكن فعله. الدقيق، الذي يمثل شريان حياة لكثيرين، يبدو أكثر قيمة من الأرواح البشرية في هذا السياق.
يُذكَر أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أعرب عن رضاه بشأن عدد شاحنات المساعدات التي سمحت إسرائيل بدخولها. ووفقًا لتصريحات مسؤولين أمريكيين، فقد اتُّخِذت “خطوات مهمة” لمعالجة الوضع الإنساني في غزة، دون ذكر تفاصيل. ومع ذلك، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن شهر أكتوبر شهد أدنى مستوى لدخول المساعدات الغذائية إلى غزة خلال عام.
وفي المقابل أوضح مسؤولون إسرائيليون نيتهم عدم السماح لسكان شمال غزة بالعودة إلى منازلهم، ما يشكل دليلًا على انتهاكات للقانون الدولي، ويشمل ذلك استخدام التجويع كسلاح وفرض النقل القسري.
وفي خضمّ هذا كله بدأت تتضح أجندة فريق الرئيس الأمريكي الجديد وخطة إسرائيل مع استعداد دونالد ترامب لتولي فترة رئاسية جديدة، ما يعزز التكهنات بتصعيد النزاعات الإقليمية. ومن الأسماء البارزة مايك والتز، الذي سيشغل منصب مستشار الأمن القومي. ويُعرَف والتز بمعارضته لأي وقف لإطلاق النار، إذ صرّح أن إيران ستواصل تأجيج النزاعات بهدف تدمير إسرائيل.
كما ستتولى فيفيك راماسوامي، بالتعاون مع إيلون ماسك، قيادة وزارة “كفاءة الحكومة”، حيث أكدت راماسوامي ثقتها بقدرة الجيش الإسرائيلي على إنجاز “المهمة” إذا تُرك دون قيود.
ومن الشخصيات الأخرى، سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي، الذي يرفض وصف الضفة الغربية بأنها “أرض محتلة”، منبّهًا إلى أنها جزء من “يهودا والسامرة”. وقد بدأ مسؤولون بالتحضير لمرحلة جديدة من الضم والاستيطان. وصرّح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بضرورة التحضير لضم الضفة الغربية بالكامل، في حين دعا وزير الخارجية الجديد جدعون ساعر إلى بناء تحالفات مع الأقليات المضطهدة في المنطقة، مثل الأكراد والدروز، لتحقيق أهداف استراتيجية.
وتصاعدت التوترات بصفة خاصة بعد إعلان إسرائيل نيتها الضغط على “محور المقاومة” الممتد من إيران إلى لبنان وسوريا. الهدف يتمثل في تفكيك التحالفات التي بنيت خلال السنوات الأخيرة، ما يفتح الباب على مصراعيه لحرب إقليمية قد تشمل إيران وتركيا.
تغير المشهد العربي بعد الـ7 من أكتوبر
ومع تصاعد حدة السياسات الإسرائيلية وخطط فريق ترامب الجديد، تبدو المنطقة على أعتاب تغييرات جذرية. هذا ويُنذِر دعم إدارة بايدن للاحتلال، والعودة المحتملة لسياسات ترامب التصعيدية، بمزيد من الصراعات. أما العالم العربي، الذي أُعيد تشكيله سياسيًّا بعد أكتوبر 2023، فسيواصل التحرك نحو مرحلة جديدة من المواجهة، حيث تُصبح التسويات السياسية أقل احتمالًا من أي وقت مضى.