ملخص
- المشهد السوري شهد جموداً منذ عام 2020 بعد توقف العمليات العسكرية واقتصار التصعيد على ضربات إسرائيلية ضد مواقع إيرانية.
- مع عودة ترمب للبيت الأبيض، برزت مؤشرات على اهتمام جديد بتنشيط المحادثات حول سوريا.
- تركيا ترى أن انسحاباً أميركياً منسقاً سيسمح لها بملء الفراغ دون فوضى تهدد حدودها.
- من المحتمل أن تقود عودة ترمب لإحياء طاولة مفاوضات ثلاثية بين واشنطن وموسكو وتل أبيب.
- روسيا قد تقدم تنازلات لتقليص النفوذ الإيراني مقابل اتفاق لحل سياسي في أوكرانيا.
- تفاهمات تركية روسية قد تتجدد لضمان إبعاد العناصر الإرهابية عن الحدود التركية السورية.
مع عودة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض مرة أخرى إثر اكتساحه مع حزبه الجمهوري الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولايات المتحدة، ظهرت مؤشرات عديدة على رغبة الدول الفاعلة في الملف السوري بتنشيط المحادثات حول سوريا، على أمل إحداث خرق ما
المحادثات التركية مع إدارة ترمب
فور حسم ترمب للسابق الرئاسي، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رغبته التباحث مع الرئيس الأميركي الجديد مسألة انسحاب القوات الأميركية في سوريا.
وفق المعلومات التي رشحت، فإن الجانب التركي لديه اتصالات مسبقة مع حملة ترمب الانتخابية، حيث كانت تتوقع أنقرة فوز المرشح الجمهوري بالفعل، وتنظر إلى هذا التطور بعين التفاؤل، لأن فترة ترمب الأولى شهدت تمكن تركيا من إحداث اختراق في الموقف الأميركي الصارم شمال شرقي سوريا، وتمثل بانسحاب جزئي وإتاحة المجال لشن عملية نبع السلام في ريفي الحسكة والرقة.
السيناريو المفضل لدى أنقرة، والذي تسعى للوصول له من خلال المباحثات مع إدارة ترمب، هو الانسحاب المنسق للقوات الأميركية، الذي يسمح لتركيا بلعب دور في ملء الفراغ الأميركي، لأن أنقرة لن تكون متحمسة لانسحاب عشوائي، إن حصل، يتيح المجال للفوضى التي ستترك الحدود التركية مضطربة، خاصة الميليشيات المدعومة من أطراف دولية أخرى.
من المحتمل أن تؤدي عودة ترمب إلى البيت الأبيض، ومضيه قدماً في تنفيذ وعوده المتعلقة بالانسحاب من سوريا لتفعيل طاولة مفاوضات ثلاثية أطرافها واشنطن وموسكو وتل أبيب، في استكمال لمسار اتفاق القدس الذي تم في 2017، وكان بمثابة منح تفويض لروسيا وإسرائيل للتحرك في الملف السوري، بما يحقق لتل أبيب مصالحها، ويخفف عن واشنطن أعباء الشرق الأوسط بما يتيح لها التركيز على الصراع مع الصين.
قدمت روسيا نفسها في الاتفاق المذكور على أنها ضامن للمصالح الإسرائيلية، حيث تعهدت بإبعاد الميليشيات المدعومة من إيران عن حدود هضبة الجولان لعمق 86 كيلومتراً، لكنها تخلت عن التزاماتها وبالأخص منذ مطلع 2022 بعد اندلاع الحرب مع أوكرانيا، وغضبها من الموقف الغربي والإسرائيلي.
وستكون فرص إحياء هذا الاتفاق متوفرة حال بدأت الاتصالات بين واشنطن وموسكو، وبدأ التفاوض بخصوص الحرب الأوكرانية كما يلمح ترمب وبوتين حالياً، حيث تؤكد مصادر مطلعة على الأروقة الروسية أن بوتين قد يقدم تنازلات في الملف السوري متعلقة بالمساهمة في تقليص النفوذ الإيراني لو تم الاتفاق على حل سياسي للحرب الأوكرانية.
ويبقى تنشيط مثل هذه الطاولة الثلاثية مرهون بمدى قدرة الإدارة الأميركية الجديدة وروسيا على الجلوس على طاولة المفاوضات بعد فترة طويلة من التوتر نتيجة موقف واشنطن الداعم لأوكرانيا في مواجهة روسيا.
المتغيرات الجديدة على الساحة الدولية، وأبرزها نجاح ترمب، وإطلاق مباحثات موسعة مع تركيا قد يؤدي إلى تحريض مسار آخر موازٍ يشارك فيه الجانبان التركي والروسي، فمن المحتمل أن موسكو قد ترغب بالحفاظ على التقارب بينها وبين أنقرة من خلال تنفيذ بعض الاتفاقيات المتعلقة بضمان إبعاد العناصر الإرهابية من على الحدود السورية التركية، والتي جرى توقيعها في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، خاصة إذا لم ينخفض التوتر بين موسكو وواشنطن، واستمر دعم الأخيرة لأوكرانيا نتيجة عدم حصول تفاهمات بين الطرفين، حيث ستكون موسكو بحاجة لتقديم بعض المكاسب لتركيا في الملف السوري لحسابات أوسع تتعلق بالصراع بين روسيا والغرب.
على العموم، جميع المسارات السابقة ستكون مرتبطة بموقف الإدارة الأميركية الجديدة، ومدى استعدادها بالفعل لتقليص وجودها في سوريا، فمن المحتمل أن يتم غض الطرف عن هذا الخيار حال قررت واشنطن المشاركة الفعالة في تقليص نفوذ إيران، والعمل على قطع طريقها الواصل بين طهران ولبنان مروراً بالعراق وسوريا، إلا إذا قررت إدارة ترمب تولي مهمة الضغط عن طريق تشديد العقوبات، وترك المجال لإسرائيل لتقوم بهذه المهمة من خلال الضربات العسكرية، والتوغل البري المحدود جنوبي سوريا لفرض منطقة آمنة.
--------------
تلفزيون سوريا