نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الصراع على دمشق.. إلى متى؟

13/09/2024 - جمال الشوفي

( ماذا نفعل بالعلويين؟ )

12/09/2024 - حاتم علي

(عن الحرب بصفتها "الأهلية" ولكن!)

07/09/2024 - سميرة المسالمة *


أمريكا تبحث تراجع الاهتمام بالبحث العلمي




كان للتقدم العلمي الذي حققته الولايات المتحدة الأمريكية ـ بفضل علمائها ـ كبير الأثر في تقدمها الاقتصادي بين دول العالم كافة، وهو ما دفعها إلى الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي كضرورة لنهوضها اقتصاديًا وبالتبعية سياسيًّا تعزيز مكانتها دوليًّا لمنافسة الولايات المتحدة، ولعلَّ هذا جليًّا في استقطاب الجامعات غير الأمريكية للطلاب الأجانب،


أمريكا تبحث تراجع الاهتمام بالبحث العلمي

تقرير واشنطن – رانيا مكرم عبد الله

كان للتقدم العلمي الذي حققته الولايات المتحدة الأمريكية ـ بفضل علمائها ـ كبير الأثر في تقدمها الاقتصادي بين دول العالم كافة، وهو ما دفعها إلى الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي كضرورة لنهوضها اقتصاديًا وبالتبعية سياسيًّا تعزيز مكانتها دوليًّا لمنافسة الولايات المتحدة، ولعلَّ هذا جليًّا في استقطاب الجامعات غير الأمريكية للطلاب الأجانب، ومنافسة مراكز الأبحاث الغربية بل والصينية نظيرتها الأمريكية، وما التجارب الصينية في الفضاء إلا دليلاً على المنافسة البحثية والتعليمية المحتدمة بين الولايات المتحدة والدول الصاعدة على المسرح الدولي، وهو ما أشار إليه كل من "ريتشارد هاس" و"فريد زكريا" في مقالتهما عن مستقبل مكانة الولايات المتحدة دوليًّا في ظل ظهور دولٍ صاعدة لمنافسة الولايات المتحدة، فقد أشارا إلى أن التنافس قد انتقل إلى المجالات التعليمية والبحثية والتكنولوجية ولم يعد مقتصرًا على المجال السياسي.

وعلى الرغم من تدعيم وتشجيع واشنطن البحث العلمي من خلال شبكة واسعة من المؤسسات البحثية الحكومية وغير الحكومية، وكذلك المراكز البحثية في الجامعات المنتشرة في أنحاء الولايات سواء في عددها أم في المخصصات المالية المقدمة من الحكومة الفيدرالية والجهات المهتمة بهذا الشأن، إلا أنَّ الحديث عن تراجع الاهتمام الأمريكي بالبحث العلمي خلال السنوات القليلة الماضية قد زاد، الأمر الذي ضَيَّقَ الفارق بين التقدم العلمي فيها وفي غيرها من الدول، مما يصب في مصلحة الأخيرة. وهو الأمر الذي دفع مرشحي الرئاسة الأمريكية إلى الاهتمام مجددًا بالتعليم والبحث العلمي من خلال إعداد خطط من شأنها تحسين أوضاع التعليم والبحث العلمي في الولايات المتحدة.

تراجع الاهتمام الأمريكي بالبحث العلمي

تأكيدًا على تراجع الاهتمام الأمريكي بالبحث العلمي في الولايات المتحدة من قبل الأكاديميات المتخصصة والجهات المسئولة، أشار الكاتب "نورمان جي أُورنستين Norman J. Ornstein" في مقالة له نُشرت تحت عنوان "إهمال الزعماء للعلم يهدد مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية Leaders Ignore Science Shortfalls to the Peril of America's Future" على موقع "معهد أمريكان إنتربرايز "American Enterprise Institute For Public Policy Research" بتاريخ 8-8-2008، إلى أنه كتب في وقت سابق وتحديدًا في إبريل 2005، أن الولايات المتحدة قلصت استثماراتها الخاصة بالبحث العلمي والتعليم العالي، وذلك بعد أن كانت الولايات المتحدة بمثابة وطنٍ للمخترعين والمبتكرين، وموطن جذب لعلماء الخارج، وبعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام طرح نورمان تساؤلاً هامًّا حول ما تم اتخاذه من خطوات لمعالجة السلبيات التي تناولها في كتاباته السابق.

وقد أكد نورمان في معرض إجابته على هذا التساؤل أنه لم يتم اتخاذ خطوات هامة من شأنها إعادة البحث العلمي إلى مكانته الرفيعة السابقة، على الرغم من تناول هذه القضية على المستوى الأكاديمي، واهتمام بعض كبار رجال الأعمال بها ـ مثل "نورمان أُجستين Norman Augustine، وراي فاجيلوس Roy Vagelos ـ في الوقت الذي بدأت فيه عديدٌ من الدول العمل على زيادة ميزانيات البحث العلمي فيها.

وأشار الكاتب في هذا الإطار إلى أن الولايات المتحدة باتت تُعاني حاليًّا من تراجع الصادرات التقنية التي كانت قد بلغت نسبتها خلال حقبة الثمانينيات حوالي 29%، في حين تقلصت نسبة هذه الصادرات لتبلغ خلال عام 2005 حوالي 12% فقط، الأمر الذي ساعد كلاً من الصين واليابان على زيادة إنتاجهم، وبالتالي زيادة صادراتهم التكنولوجية للعالم الخارجي، وعلى حساب الحصة الأمريكية المتراجعة في الأساس.

وبالنظر إلى دور السياسة، ومتخذي القرار في تراجع الاهتمام بالبحث العلمي والتعليم، يلاحظ أن الرئيس جورج بوش قد دشن لمبادرة تشجيع المعلمين والدارسين، دون الحديث عن زيادة ميزانية البحث العلمي في الجامعات والأكاديميات المتخصصة، كما لم يتخذ الكونجرس الأمريكي من قبله خطوات أفضل في هذا المجال.

وفي تقرير أعدته الأكاديميات الوطنية الأمريكية المتخصصة في البحث العلمي، ونشرته في إبريل الماضي، أوضحت أن أي جامعة جديدة ترغب حاليًّا في بدء عملها تحتاج إلى تحديد حوالي 10 مليار دولار لانطلاقها، وهو ما يبلغ مقدار ما تكلفه تجميع تقنية (MIT) خلال 142 عامًا، وهو ما يؤشر إلى صعوبة وضع تمويل البحث العلمي في الولايات المتحدة في ظل عدم اتخاذ أية خطوات إيجابية لزيادته وتطوير ميزانيته بما يتناسب مع متطلبات العصر.

كما أشار التقرير إلى أن أكثر من 200 ألف طالب أمريكي سيتجهون للدراسة خارج البلاد خلال العام القادم لاسيما في مجالات العلوم والهندسة، في الوقت الذي يُبذل فيه جهد يقدر بمليارات الدولارات في بلد مثل سنغافورة لجعلها في طليعة الدول المتقدمة في مجالات الأبحاث العلمية الحيوية، والأمصال، ليس من خلال زيادة ميزانية البحث العلمي لديها فقط، وإنما من خلال جذب علماء الخارج لبيئة علمية مواتية، وليس أدل على ذلك من أن معظم شركات التقنية الحديثة الأمريكية باتت تعتمد على مختبراتها التي أنشأتها خارج البلاد لاسيما في الدول الأسيوية، تلك الشركات التي حاولت الاستفادة من رخص الأيدي العاملة الأسيوية بنقل المختبرات إليها في بلادها، غير أن الدول التي استضافت هذه المختبرات قد دشنت لنفسها مستقبلاً تقنيًّا جديدًا مستفيدة من الخبرة الأمريكية المنقولة إليها.

وفي هذا الإطار يدعو السيناتور "لامار ألكساندر Lamar Alexander" المرشحين الرئاسيين لتبني مشروع "مانهاتن" جديد لتَطوير أبحاث استقلال الطاقة، ذلك المشروع الذي سيسمح بتحسين بيئة البحث العلمي في هذا السياق، وبما يسمح في الوقت ذاته للإبقاء على قدرة الولايات المتحدة على جذب العلماء والباحثين لملء احتياجات البحث العلمي لديها وكذلك الدارسين الذين بدءوا في الاتجاه إلى الجامعات الأوروبية والأسترالية، بعد أن كانت الجامعات الأمريكية في صدارة الجامعات التي يتجه إليها الطلاب الوافدون من الخارج.

البحث العلمي في برنامج أوباما

مع التسليم بوجود تراجع في خدمات التعليم المقدمة للطلاب في الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية، وتأثير ذلك بشكل سلبي على مستوى البحث العلمي في البلاد، وضع كل من مرشحي الرئاسة الأمريكية خططًا ومقترحات لتحسين مستويات التعليم والارتقاء بالبحث العلمي، حيث تبنى المرشح الديمقراطي "باراك أوباما" استراتيجية أطلق عليها اسم k - 12"" لتطوير التعليم وبالتالي النهوض بالبحث العلمي، تعتمد على عدة نقاط من أهمها:

تحسين مناخ الإبداع والابتكار: وذلك من خلال تحسين أوضاع الاستثمار في التعليم، وتشجيع رجال الأعمال على توجيه استثماراتهم في البحث العلمي، من ناحية، ومضاعفة التمويل الاتحادي للدعم المقدم لدراسة العلوم الطبيعية والهندسة، والذي تراجع بمقدار النصف منذ عام 1970.

تطوير سياسات المنافسة وترويجها عالميًّا: من خلال إصلاح سياسات حقوق الملكية الفكرية، وشروط تسجيل الإبداع بما يضمن حق المفكر والمبدع، ويحفزه على الاستمرار في هذا المجال داخل حدود الوطن، وإعادة النظر في تمويل المشروعات البحثية التي تتمتع فيها الولايات المتحدة بمزايا نسبية مثل مجالات أبحاث الطب الحيوي، من خلال زيادة التمويل المقدم للمعهد القومي للصحة والمؤسسة القومية للعلوم، بما يسهم في إعادة قدرة الخبرات الأمريكية على المنافسة في هذا المجال.

زيادة تمويل تدريس العلم الحديث: وذلك من خلال إمداد المدارس بالتقنيات الحديثة اللازمة لتدريب الطلاب على التقنيات الحديثة، وكذلك تطوير قدرات المعلمين عن طريق برامج تدريبية متخصصة، وحث الطلاب على تلقي العلم الحديث والتأهل لمتطلبات سوق العمل بعد إنهاء الدراسة.

زيادة قدرة المرأة والأقليات في مجالات الإبداع: حيث سبق لأوباما أن دعم في مجلس الشيوخ فكرة زيادة القدرة التنافسية للمرأة والأقليات في مجالات التقنية الحديثة والهندسة والرياضيات، وذلك من خلال منح رسمية تنافسية خلال فترة الصيف، والعمل على تشجيعهم للانضمام إليها.

متطلبات الرقي بمستوى البحث العلمي

بالنظر إلى ما قدمه مرشحا الرئاسة الأمريكية من اقتراحات للنهوض بمستوى التعليم والبحث العلمي في الولايات المتحدة، يشير الكاتب "نورمان جي أُورنستين" "Norman J. Ornstein"، في مقالته "التهديد المهمل" "The Unheeded Threat"، المنشورة على موقع معهد أمريكان إنتربرايز، إلى أن رأس المال الذي ينفق على البحث والتطوير يعتبر استثمارًا استراتيجيًا يحقق قفزات نوعية متلاحقة وكبيرة خاصةً إذا أدى في نهاية المطاف إلى الاعتماد على القدرات الذاتية والخبرة الوطنية المتراكمة.

غير أنه أكد على أن الاهتمام الأمريكي المُنْصَبَّ على تهديدات الأمن القومي الناتجة عن الهجوم الإرهابي، أو امتلاك إحدى دول الأعداء لأسلحة الدمار الشامل يغفل خطرًا آخرَ هامًّا، بل لا يقل أهمية عمَّا سبق، وهو خطر تراجع نظام التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي تراجع الاهتمام بالبحث العلمي، الأمر الذي جعل مرتبة الولايات المتحدة متأخرة في تصنيف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الخاصة بهذا المجال.

ويرى "نيويت جنجريش" ""Newt Gingrich أن حل هذه الأزمة لا يكمن فقط في زيادة الأموال والميزانيات المخصصة للبحث العلمي والتعليم كما اقترح كل من أوباما وماكين، وإنما أيضًا في محاربة البيروقراطية التي تعطل تقدمه، هذا من ناحية، ومن خلال تحسين نظام التعليم من ناحية ثانية، والتغلب على المشكلات التي تواجه طلاب الأحياء الفقيرة، من ناحية ثالثة، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد نظام يحفز الطلاب على سرعة التعلم في مختلف المجالات العلمية والفنية والاجتماعية، وكذلك إطلاق مبادرة للتعلم الحر، الذي يمكن أن تسهم الحكومة الفيدرالية في إرساء قواعدها بشكل واضح على الإنترنت بالتعاون مع مكتبة الكونجرس.

ويشير الكاتب إلى أنه من الممكن لهذه المبادرة ـ إلى جانب مبادرة حاسب شخصي لكل طفل، التي أطلقها "نيكولاس نيجروبونت" "Nicolas Negroponte" الذي عمل على إنتاج حاسب شخصي مخصص لاستخدام الأطفال بتكلفة 189 دولار فقط - أن تسهم في تحسين أوضاع الطلاب واستيعابهم للتكنولوجيا، لاسيما في ظل تراجع مستوى التعليم الإلكتروني، مع وجود عجز في إعداد الحاسبات اللازمة لتعليم الطلاب في قاعات الدراسة في معظم المدارس لاسيما في الأحياء الفقيرة والشعبية.

كما أشار "نيويت جنجريش" Newt Gingrich"" إلى أنه من الضروري أن يتم تشجيع الآباء على نقل أطفالهم من المدارس غير الملائمة وغير القادرة على تحسين مستوياتهم التعليمية، والسماح لأطفالهم للوصول إلى مصادر المعرفة في عمر أصغر، من ناحية، والمطالبة بإصلاح نظام التعليم الحالي، من ناحية أخرى، كجزء من استراتيجية كبرى لتحسين وضع التعليم والبحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية.
أمريكا تبحث تراجع الاهتمام بالبحث العلمي

رانيا مكرم عبد الله
الخميس 4 ديسمبر 2008