هدم مسجد السراجي وحرق مركز الوثائق.. إيران تطمس المعالم العثمانية في المنطقة

بعد يوم واحد من الجريمة التي طالت منارة جامع السراجي التاريخية في مدينة البصرة العراقية بهدمها وكذلك جزء واسع من المسجد بذريعة "توسعة الشارع"، حدثت جريمة تاريخية لا تقل بشاعة عنها تمثلت بحريق أتى على مركز الوثائق التاريخية وسط دمشق وما يحتويه من وثائق وصفت بأنها تشكّل "نصف تاريخ سورية".

وقبل أيام قليلة اندلع حريق ضخم في منطقة ساروجة وسط دمشق، التهم منازل أثرية وطال موقعاً أثرياً هو الأهم في حفظ تاريخ دمشق "مركز الوثائق التاريخية" والذي يحتوي على ملايين الوثائق.

دكتور من كلية الآداب بجامعة دمشق ويدرّس مقرر تاريخ الدولة العثمانية لطلبة قسم التاريخ، قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن المخطوطات التي يحتويها القسم العثماني من مركز الوثائق التاريخية لا تقدر بثمن، حيث يضم المركز مخطوطات المحاكم الشرعية خلال حقبة الحكم العثماني للمنطقة، وهي أرشيف مهم يوثّق تاريخ سوريا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودينيا، كما يضم القرارات والأوامر السلطانية المكتوبة باللغة العثمانية -فرمانات - عسكرية وإدارية".

إيران تطمس المعالم العثمانية

ويؤكد الدكتور، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن إيران تحاول أن تطمس كل معالم الحكم العثماني للمنطقة العربية والموضوع لا ينحصر فقط بدمشق بل يشمل الآثار في مدن سورية أخرى مثل حلب وحمص، وحاولت إيران وبشكل ممنهج منذ عام 2011 تدمير التكايا والأسواق العثمانية في دمشق ولعل أكثر من 180  حريقا في دمشق القديمة خلال السنوات الأخيرة كانت كفيلة بطمس جلّ المعالم الأثرية، وتعكس بشكل جليّ نوايا إيران بمحو كل ما يمت بصلة لفترة الحكم العثماني.

وشدد الدكتور على أن حريق ساروجة التهم أهم بيوت أثرية في دمشق القديمة، فالمربع الذي طالته النيران يعتبر متحفاً في الهواء الطلق كان يقطنه أمراء المماليك والأيوبيون ومن بعدهم العثمانيون، ويمثل رمزاً لتاريخ دمشق ويحيط به منازل كبار العائلات الدمشقية مثل خالد العظم، ومنزل عبد الرحمن باشا اليوسف أمير الحج الشامي.
 مؤسسة "وثيقة وطن"

ويؤكد الدكتور أن مؤسسة "وثيقة وطن" غير الحكومية، التي أسستها  وترأس مجلس أمنائها بثينة شعبان، هي المستفيد الأكبر من حرق مركز الوثائق التاريخية التابع لمديرية الآثار والمتاحف لأن مؤسسة وطن وضعت يدها على أرشيف مركز الوثائق بحجة "حفظ الذاكرة الوطنية من الضياع أو التشويه أو التزوير، ليعاد كتابة التاريخ السوري المعاصر" كما ورد في صفحة "التعريف بالمؤسسة" على موقعهم الرسمي، أي إعادة كتابة التاريخ بما يتفق مع الاصطفافات السياسية الراهنة بحيث تُشيطَن تركيا وقبلها الدولة العثمانية، في حين يتم تمجيد إيران والدولة الصفوية.

وكان المحامي زيد العظم  في تعليقه حول أسباب الحرائق التي تنشب كل فترة في دمشق القديمة قد اتهم في حديثه لصحيفة "القدس العربي" الميليشيات الإيرانية، التي تسعى حثيثاً لصنع تغير ديموغرافي في دمشق القديمة".

وفي العراق أقدم محافظ البصرة أسعد العيداني، والذي يطلق عليه هناك أسعد الإيراني لولائه المطلق لإيران ولارتكابه مجازر بحق المتظاهرين ضد التدخل الإيراني، أقدم على هدم مسجد السراجي في محافظة البصرة جنوبي العراق، الذي يعود تاريخ بنائه لما قبل نحو 3 قرون.

وحول هدم مسجد البصرة قال الدكتور من قسم التاريخ بجامعة دمشق لموقع "تلفزيون سوريا" إن منارة جامع السراجي بالبصرة تعد من أقدم التصاميم التي تم إنشاؤها في العهد العثماني وطرازها يحاكي تلك الفترة، وإن تدميرها جريمة بحق إرث المنطقة العربية المادي المتمثل بآثار حقب تاريخية متنوعة".

وأضاف الدكتور أنه تواصل مع وزير الثقافة العراقي أحمد فكاك البدراني، الذي تربطهما علاقة صداقة قديمة، وأكد له بأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني "ليس له سلطة على محافظ البصرة المدعوم من إيران وميليشيا الحشد الشعبي، فكيف الحال بوزير!".

وعلّق ناشطون على قرار عيداني بأن محافظة البصرة أغلقت عدة شوارع بمحيط القنصلية الإيرانية في المدينة بذريعة حمايتها من المتظاهرين وأقدمت على هدم مئذنة تاريخية بحجة توسعة شارع.

وختم الدكتور كلامه بأن هدم مسجد السراجي هو تعبير عن نهاية حقبة تاريخية تمثل الدولة العثمانية وإعلان هيمنة المشروع الإيراني وما يمثله من "مسرحة" المنطقة عبر إنشاء مقامات مزعومة وتشويه تاريخي ممنهج لخدمة مشروع سياسي.