واحتجت بريطانيا على قرار التأميم، لكن ناصر رفض الاحتجاج، مؤكداً أن التأميم حق أصيل لمصر وأن قراره يعتبر عملاً من أعمال السيادة المصرية. واستطاعت مصر لأول مرة تشغيل القناة بإدارة مصرية خالصة، أتى على رأسها مهندس عملية التأميم محمود يونس بمرافقة زميليه عبد الحميد أبو بكر ومحمد عزت عادل.
وفي 2 أغسطس/آب 1956، صدّق البرلمان الفرنسي على قرار معارضة الحكومة الفرنسية لتأميم مصر لقناة السويس، وانضمت بذلك فرنسا رسمياً إلى صف بريطانيا وإسرائيل، ممَّا تسبب لاحقاً في تفاقم الأزمة وشن العدوان الثلاثي على مصر.
وتزامن ذلك مع جلسة مماثلة في مجلس العموم البريطاني بحق قرار تأميم القناة، حيث جاء في الجلسة أن قضية قناة السويس "هي اختبار لمدى التضامن الدبلوماسي والعسكري الغربي".
وفي اليوم ذاته أصدر وزراء خارجية فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة بياناً مشتركاً تضمّن اتهامات لمصر بتحطيم مبدأ حرية الملاحة بالقناة وتهديد السلم والأمن بالشرق الأوسط. إضافة إلى الادعاء بأن قرار التأميم يخالف أحكام اتفاقية القسطنطينية التي أُبرِمت بين الدول المستخدمة للقناة عام 1888.
ويرى مؤرخون أن هذا البيان تسبب في تفاقم وتصعيد الأزمة وقتها، إذ تحزّبت فرنسا بجانب بريطانيا وإسرائيل ممَّا أدى لاحقاً إلى ما يُعرف بـ"العدوان الثلاثي" على مصر.
واتبعت قوى الاستعمار أساليب عدة لتشكّل ضغوط على الحكومة المصرية لتعود عن قرارها. وكان أولها محاولة شل الاقتصاد المصري عن طريق تجميد أموال الحكومة المصرية بالخارج، حيث جمدت كل من إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة أموالاً مصرية طائلة تجاوزت مجموعها القيمة المالية لشركة قناة السويس. وأوقفت الولايات المتحدة كل المساعدات المالية والفنية التي كانت تقدمها إلى مصر.
كما سعت قوى الاستعمار إلى شحذ المجتمع الدولي وتعبئة الرأي العام العالمي ضد مصر، وترويج سمعة سلبية أن مصر تخالف الأعراف والقوانين الدولية.
ولم تفلح أية من تلك المحاولات الاقتصادية والدبلوماسية، فلجأت قوى الاستعمار إلى حل عسكري، حيث دبّرت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مؤامرة ثلاثية على مصر، أُطلق عليها عربياً "العدوان الثلاثي".
وبدأ العدوان بشن إسرائيل هجوماً مفاجئاً على مدن خط القناة المصرية في يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1956، تلا ذلك تقديم كل من بريطانيا وفرنسا إنذاراً يطالب بوقف القتال بين الطرفين، وقبول احتلال بورسعيد والإسماعيلية والسويس بواسطة بريطانيا وفرنسا، بذريعة حماية الملاحة في القناة. واختتم الإنذار بأنه إن لم يصل رد من مصر خلال 12 ساعة، فإن الدولتين ستعملان على تنفيذ ذلك. ورفضت القاهرة على الفور احتلال إقليم القناة، وأبلغت مجلس الأمن بالوضع، لكن بريطانيا وفرنسا استخدمتا حق الفيتو لتحولا دون تدخل المجلس.
وهاجمت القوات الفرنسية والإنجليزية القاهرة، والإسكندرية، ومدن قناة السويس، لتضطر مصر أن تحارب على جبهتين، جبهة إسرائيل على الحدود الشرقية، وجبهة الاستعمار البريطاني-الفرنسي في العاصمة، ومدينة الثغر الإسكندرية، ومدن القناة.
واتخذت الدول العربية موقفاً مندداً بالعدوان ومنعت وصول البترول إلى بريطانيا وفرنسا، كما تدخلت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار قرار بوقف القتال، لكن بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لم تنصع للقرار.
واستمر الصمود العسكري والشعبي المصري إلى أن تدخل الاتحاد السوفيتي موجهاً إنذاراً لبريطانيا وفرنسا مؤكداً عزمه على "محو العدوان بالقوة" حال استمراره، أتى هذا إضافة إلى استهجان أمريكي من استمرار العدوان. ليتوقف العدوان الثلاثي بعد 10 أيام من القتال المتواصل والاستبسال المصري، وانسحبت القوات الفرنسية والبريطانية بشكل كامل في 22 ديسمبر/كانون الأول 1956.
وشرعت الإدارة المصرية بعد انتهاء العدوان في عملية تطهير القناة، كما قطعت العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا وبريطانيا، ووضعت الممتلكات الإنجليزية والفرنسية تحت الحراسة، وأخيراً ألغت اتفاقية الجلاء التي سبق أن وقعتها مع بريطانيا عام 1954.