جذور المشكلة
عرضت الورقة البحثية بداية، جذور المشكلة، مشيرةً إلى أنه قبل 3 أعوام، عمدت المجالس المحلية في مناطق ريف حلب الشمالي، إلى طي مرحلة “الأمبيرات”، وتأمين التيار الكهربائي، من خلال التعاقد مع شركتين.
الأولى اي كي انرجي، لتغذّية مناطق اعزاز والباب والراعي وبزاعة وقباسين وجرابلس وتل أبيض ورأس العين، بالتيار الكهربائي، وأسس سوريون وأتراك، بترخيص تركي.
والثانية، هي اس تي اي انرجي، شركة سورية تركية، مرخصة في تركيا كذلك، وعملت سابقاً في مجال الأمبيرات، لكنها تطورت لاحقاً إلى فكرة استجرار الكهرباء من تركيا، وتوزيعها في المنطقة.
وذكرت الورقة البحثية التي أعدها الباحث في “مركز عمران” مناف قومان، أن بداية العمل لمشروع التيار الكهربائي في شمال غربي سورية، كانت عبر توقيع مجلس اعزاز المحلي، أول اتفاق مع شركة اي كي انرجي لتوريد الكهرباء للمنطقة، وذلك في إبريل/ نيسان 2018، ومدة الاتفاق 10 سنوات، حيث تتعهد الشركة بموجبه بـ”تغذية اعزاز باستطاعة 30 ميغا واط، مقابل توفير الأرض والمواد الأولية اللازمة للمضي في المشروع، بتكلفة تقدر بـ7 ملايين دولار”.
وحسب الاتفاق “تتولى ولاية كلس فض أي خلاف بين المجلس المحلي والشركة في حال حدوثه، بينما يتولى المجلس حل الخلافات بين الشركة والمواطنين”.
في مارس/ آذار 2019، عقد المجلس المحلي في مدينة الباب اتفاق مع ذات الشركة، بهدف إيصال التيار الكهربائي إلى الباب وبزاعة وقبّاسين وكامل ريفها، ومن ثم تعاقدت كل من صوران وأخترين ومارع في إبريل/ نيسان 2019 مع الشركة السورية التركية للكهرباء اس تي اي انرجي
في يناير/ كانون الثاني 2020 تم التعاقد مع ذات الشركة في عفرين، حيث استهدفت المرحلة الأولى، إيصال الكهرباء إلى عفرين وجندريس، ثم بقية المناطق في المرحلة الثانية.
واعتمدت الشركتان في مبدأ التشغيل على عدادات إلكترونية مسبقة الدفع، تقتضي دفع المشترِك رسمَ اشتراك قيمته 200 ليرة تركية إضافة إلى ثمن العداد.
ومن جانب آخر، وقّعت “حكومة الإنقاذ” بإدلب، في مايو/ أيار 2021، عقد توريد الكهرباء مع شركة غرين انرجي ومهتمها تغذية محافظة إدلب بالكهرباء، وتتلخص أعمالها في: إنشاء وتنفيذ مشاريع الطاقة الكهربائية، وصيانة البنى التحتية للشبكات والمحطات الكهربائية، واستثمار وتوزيع الطاقة الكهربائية.
ماذا حصل..؟
وفق ورقة “مركز عمران”، فإنه “مع الوقت بدأت كلتا الشركتين، برفع سعر الكيلو واط بشكل تدريجي للخطين المنزلي والتجاري”، لتزيد أسعار الكيلو واط منذ إيصال الكهرباء في 2019 حتى 2022، بمقدار 188%، من 85 قرش إلى 2.45 ليرة تركية للمنزلي “ما أدى إلى تزايد الضعوط الشعبية ضد المجالس المحلية وشركتي الكهرباء”.
كرد فعل على هذه الزيادة، خرجت مظاهرات في مارع واعزاز والباب وصوران وجندريس، وأقام المتظاهرون اعتصامات، احتجاجاً على سياسة المجالس المحلية وطريقة تعاملها مع شركات الكهرباء، ورفضاً لرفع أسعار الكيلو واط
وأشارت ورقة “عمران” البحثية، إلى أن شركة“ اي كي انرجي في مدينة الباب، تذرّعت عبر بيان لها بأن “سبب الارتفاع في الكهرباء يعود مصدره إلى تركيا، وأن الارتفاع جرى بعد الاتفاق مع المجلس المحلي”.
لجأ الأهالي إلى تقديم شكاوى لدى المجلس المحلي، وصل عددها في عفرين إلى 1200 شكوى، ما دفع “اللجنة المشتركة لرد الحقوق” في عفرين، لتوجيه كتاب إلى مدير شركة اس تي اي انرجي لمتابعة هذه الشكاوى والاشكاليات.
ومع تصاعد الأزمة، بين الشركتين من جهة، وسكانٍ وجدوا أن مطالبهم واعتراضاتهم لم يُستجب لها، خرجت مظاهرات احتجاجية، في بعض المناطق، كرد فعل على فشل المجالس المحلية في تعديل بنود الاتفاق مع شركتي الكهرباء، وعدم الاستجابة لمطالب الأهالي.
إذ احتج مدنيون في مناطق الباب واعزاز وبزاعة بريف حلب الشمالي، خلال الأسبوعين الماضيين، على ارتفاع أسعار الكهرباء.
كما بدأت احتجاجات غاضبةفي مدينتي عفرين وجنديرس، تطورت لإشعال بعض المشاركين النار، وتخريب مقري المجلس المجلي وشركة الكهرباء.
حلول مطروحة
الحلول المطروحة وفق ما جاء في ورقة “مركز عمران”، تتمثل في مقترحات وتوصيات تدعو إلى تشكيل “مظلة إدارية واحدة تمثل كافة المجالس المحلية في المنطقة، تتمتع بإدارة تكنوقراط تضم أشخاصاً لديهم خلفية إدارية وقانونية واستثمارية، تشرف على إدارة الاستثمارات في المنطقة”.
ومن الطروحات أيضاَ، ابتعاد المجالس المحلية في المرحلة الحالية عن “خصخصة القطاعات، والتوجه إلى نموذج المشاركة بين القطاع العام والخاص”.
ودعت الطروحات، إلى تأسيس شركة محلية في قطاع الكهرباء باسم “شركة الكهرباء الوطنية”، من قبل المجالس المحلية وتسجيلها في تركيا “بعد جمع الأموال المطلوبة لتمويل هكذا مشروع، ومن ثم التفاوض مع كلتا الشركتين لشراء حصصهما أو تقليلهما للحد الأدنى”.
ورأت الورقة أنه “يمكن للشركة الوليدة استجرار الكهرباء من تركيا كمشغّل ثالث للكهرباء في المنطقة، ومنافسة الشركتين في الخدمة وإرغامهما على تعديل الأسعار”.
كما دعت إلى “إعادة التفاوض مع كلتا الشركتين، وكتابة عقود جديدة تضمن استحواذ المجالس على نسبة لا تقل عن 50%، تحافظ من خلالها على الكتلة المعطّلة في عملية اتخاذ أي قرار، لا يتصل بالمصلحة العامة”.
وأخيراً طالبت الطروحات، بتشجيع المجتمع المدني والقطاع الخاص وغرف التجارة والصناعة، على “تأسيس شركات في الطاقة البديلة وتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح وغاز الميثان، وتوفيرها للبلدات والمدن والمؤسسات العامة، ومنافسة الشركتين في تزويد المصانع والمعامل والمتاجر بالكهرباء بأسعار منافسة”.