نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان

هل يشعل العراق حرباً إقليمية؟

09/11/2024 - عاصم عبد الرحمن


النيو- ممانعة».. أربع ملاحظات على هامش الحرب




على هامش الحرب المستعرة بين إسرائيل و«حزب الله»، هناك الكثير من الملاحظات. يمكن مقارنة هذه الحرب مع «حرب تموز» عام 2006، أو مع حرب «حزب الله» على الشعب السوري أو حرب إسرائيل على «حركة حماس» وقطاع غزة. أدوات المقارنة كثيرة، فهذه الأرض لا تنتج إلا الحروب والدمار والخيبات... ومن بعدها المقارنات.


 
على هامش الحرب المستعرة بين إسرائيل و«حزب الله»، هناك الكثير من الملاحظات. يمكن مقارنة هذه الحرب مع «حرب تموز» عام 2006، أو مع حرب «حزب الله» على الشعب السوري أو حرب إسرائيل على «حركة حماس» وقطاع غزة. أدوات المقارنة كثيرة، فهذه الأرض لا تنتج إلا الحروب والدمار والخيبات... ومن بعدها المقارنات.
 
الملاحظة الأولى حول الحرب هي غياب الحديث عن أي مبادرة أو وساطة جدية لوقفها أو على الأقل الحد منها. خذ الحرب بين إسرائيل و«حركة حماس» المستمرة منذ سنة بالتمام والكمال كمثال. حُكي كثيراً عن مبادرة أميركية، ووساطة مصرية-قطرية، ومبادرة تركية وأخرى أوروبية وغيرها إماراتية. هل أفلحت في وقف الحرب هناك؟ طبعاً لا، لكن الأكيد أنّها خففت من وطأتها وحدت من انتشارها، وسمحت بوصول المساعدات إلى الغزاويين. أما في لبنان، فلا يوجد حديث جاد عن أي مبادرة تُؤخذ على محمل الجد. ربما كان هناك بعض الحديث عن تهدئة بسيطة قبل أشهر، ومبادرة مؤخراً قادها موفد الرئيس الفرنسي، جان إيف لودريان، حملت بعض الإيجابيات، لكن سرعان ما نُسفت في مهدها، مع إصرار «حزب الله» ومن خلفه إيران على الاستمرار في «مساندة غزة»، وإصرار إسرائيل على إخراج الحزب من جنوب نهر الليطاني جنوب لبنان. إنّ غياب المبادرات والوساطات لا يشير، في النهاية، إلا إلى أنّ الحرب ستستمر وستتصاعد، ولن يلجمها، على المدى المنظور، أي عمل دبلوماسي غائب أصلاً.
 
الملاحظة الثانية هي دور الدولة شبه الغائب، وكذلك الدور «الاجتماعي» للأحزاب التي تدور في فلك «حزب الله». الدولة اللبنانية تعمل الآن على ثلاثة مسارات، وهي مسارات لا تُظهر إلا ضعفها: الأول هو الإغاثة، وقد بدت غير ناجحة فيه مع امتلاء الساحات العامة بالنازحين طوال الأسابيع الماضية. الثاني هو التسوّل على أبواب دول العالم، والذي لم يُسفر سوى عن بعض الأموال الزهيدة لـ«رفع الشقاء عن إخوتنا الشعب اللبناني». أما الثالث، فهو الطلب من أي طرف الوساطة لإنهاء الحرب، وهذا ما ظهر أكثر من مرة على لسان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ووزير خارجيته عبدالله بو حبيب، الباحثَين عن أي مبادرة، ولكن دون نتيجة.
 
أما الأحزاب التي تدور في فلك «حزب الله»، كالقومي السوري، والشيوعي، وحركة أمل، والمردة وغيرهم، فقد استعاضت عن عراضات الأسلحة في الشوارع والادعاءات السخيفة حول قتال إسرائيل وجهوزيتها التامة، وكل هذا الهراء الذي بثته عبر وسائلها الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي لسنوات طويلة، وأصبحت أقرب إلى أجهزة اجتماعية «تطارد» السكان، البلديات، والمدارس من أجل إيواء أبناء الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت. لقد أثبتت هذه الأحزاب أنّها أدوات في يد «حزب الله»، سواء في السلم أو في الحرب، وهي تستميت للدفاع عنه اليوم، سواء في الإعلام أو في تخفيف النقمة عليه، بعدما تحوّلت إلى أقرب ما يُشبه «جمعيات الإسكان» و«جمعيات الحد من التشرد في الشوارع». 
 
أما الملاحظة الثالثة، فهي زهو «بيئة الحزب» بأزمتها. لم تشهد الدنيا ربما نزوح جماعة من منطقتها بعد تدميرها، ودخولها إلى منطقة أخرى مرفوعة الرأس مزهوة «متفرعنة». فعادة، يمارس النازح نوعاً من التقية، فيخفف من حدّته وصوته ويهذب آراءه. قد لا يتخلى عنها أو يستحي بها، لكنه لا يأتي إلى منطقة جديدة وهو في حالة نشوة واعتزاز بالنفس. في اليوم الأول من النزوح الجماعي من الجنوب، كاد مشكل فردي في طرابلس أن يؤدي إلى أزمة كبيرة، بعد مرور أفراد من «بيئة الحزب» بصور قادتهم وأسلحتهم وأغانيهم الحزبية، وهي أعمال حصلت في مناطق أخرى في لبنان لم يذكرها الإعلام بشكل واضح أو مكثف. هذه المكابرة لا تدل إلا على فائض القوة الذي تشعر به بيئة الحزب، وهو الشعور ذاته الذي أودى بالحزب ذاته إلى التهلكة في مواجهة إسرائيل مؤخراً.
 
الملاحظة الرابعة تتعلق بظهور حفنة من الكُتّاب والناشطين الاجتماعيين والإلكترونيين الذين عارضوا، ولو موضوعياً، «حزب الله»في السنوات الماضية، لكنهم عادوا لموالاته بشكل راديكالي الآن. يُقال في الشارع اللبناني «كله برد شمص»، في إشارة إلى أن الأزمات تعيد كل شخص إلى مكانه وبيئته الطبيعية والأصلية. البعض الآخر أسمى هؤلاء «نيو-ممانعة» أو «التائبين».
 
و«النيو-ممانع» هو كائن غاضب كثير الكلام حالياً. في السنوات الماضية، وجد نفسه غريباً عن مجتمع بيروت الليبرالي، لذا هذب ذقنه، وتأنق في اللبس، وراح يبحث عن عمل في منظمات المجتمع المدني ووسائل إعلامية بديلة. غيّر بعض أفكاره كذلك، فبات مؤيداً للحريات وحماية البيئة وحقوق المرأة... وأصبح يرى أنّ «حزب الله» متطرف يقمع الحريات ويجر البلد إلى الهاوية. أعاد التفكير في واقعه وابتعد عن الممارسات الدينية لفترة، وأصبح يتسكع في مقاهي وحانات شوارع «الحمرا»، «بدارو» و«مار مخايل»، حيث ينظّر على العالم صباح مساء. يتغيّر موقفه حسب موقعه الجغرافي، فإن كان شرق أو شمال خط المتحف عادى الحزب ونادى بالعلمانية وحقوق الإنسان والجندرية والحريات المطلقة و«كلن يعني كلن»، أما وإن كان في غربه أو جنوبه، فنادى ببعض الإصلاحات وإسقاط المنظومة و«اليمين الرجعي» وإعادة التفكير في بنية المجتمع و«كلن إلا السيد». أما اليوم، فقد عاد إلى أصله، وانتابه الحنين إلى جذوره. باتت ذقنه أكثر سماكة، وعاد للدفاع عن الحزب كأنّه عنصر فيه، ويعمل حالياً على تأمين فرش وبطانيات للنازحين وتبرير كل أفعال الحزب، كوضع مخازن الأسلحة بين منازل الناس، أو أدائه التعيس في الميدان، أو خرقه الاستخباراتي المهول من قبل إسرائيل. تناسى أنّ الحزب ضربه في «17 تشرين»، وأنّ الحزب« رجعي متطرف مرتهن لإيران»، كما كان يقول في الماضي، وهو الآن يجهد في البحث عن تمويل من جمعية أجنبية ليساعد بعض الناس، وربما يسرق بقية الأموال.
 
يبدو المشهد اللبناني اليوم معقداً وخطيراً بشكل استثنائي وغير مسبوق. هذه المرحلة الحرجة تتطلب رؤية جديدة وقراءة موضوعية لواقع لبنان وواقع الحرب وما أدخِلت بلادنا فيه دون أن تُسأل، وبعيداً عن الخطابات المكررة والمواقف الراديكالية ومشاعر فائض القوة.
----------
بيروت تايم
 

جو جقورة
الجمعة 18 أكتوبر 2024