نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إلى حرب على لبنان ولو صارت إقليمية

20/09/2024 - عبد الوهاب بدرخان

هجمات "البيجر" مُؤشّر حرب أوسع

20/09/2024 - عبدالجبار عكيدي

عامٌ من الألم

19/09/2024 - الياس خوري

الصراع على دمشق.. إلى متى؟

13/09/2024 - جمال الشوفي

( ماذا نفعل بالعلويين؟ )

12/09/2024 - حاتم علي


معلمات مغربيات مضربات عن الطعام "دخلن دائرة الموت" ووزارة التربية لا تستجيب




الرباط - بوشعيب الضبار - تواصل أستاذات مغربيات إضرابا عن الطعام في مدينة الرباط،وذلك للفت انتباه المسؤولين من أجل الالتحاق بأزواجهن، بعد أن تحملن البعد عن شركاء حياتهن سنين عديدة بسبب تعيينهن من طرف وزارة التربية المغربية في مدارس نائية عنهم، وبعضها وسط القرى أوفي الجبال.


الصورة:الأستاذات المضربات عن الطعام في الرباط
الصورة:الأستاذات المضربات عن الطعام في الرباط
إضرابهن عن الطعام بدأ منذ يوم 15مارس(أذار) الماضي، بعد إحساسهن بأنهن استنفذن كل الوسائل الممكنة لإقناع الوزارة الوصية بشرعية مطالبهن،"لكن دون جدوى" تقول إحداهن بغصة في الحلق، لصحيفة" الهدهد" الدولية، التي زارتهن مساء الأربعاء 28أبريل الجاري،في مكان اعتصامهن بالرباط، بمقر الجامعة الحرة للتعليم (تنظيم نقابي)،واطلعت على سوء أوضاعهن الناتجة عن الإضراب عن الطعام.

لقد تسرب الشحوب إلى ملامحهن، وغدون غير قادرات على الكلام الذي سرعان مايحتبسن في صدورهن،ولا تسعفهن التعبيرات إلا بصعوبة.
ثمة صمت غريب يغمر المكان،لاتقطعه سوى بعض تأوهات الألم الذي يعتصر الجميع.

البيان الذي صدر عنهن،في بداية شن الإضراب، أكد تشبثهن بحقهن في التجمع الأسري ولم شتات أسرهن، وعزمهن المضي قدما في معركتهن النضالية المفتوحة حتى تحقيق مطلبهن.

وقلن في بيانهن إنهن مستعدات للتضحية حتى وإن كان الثمن حياتهن. "معنا أطفال صغار، و رضع، و نساء حوامل، ومرضى وأستاذات مهددات بالإجهاض والطلاق، فالقضية إنسانية محضة وخارج منطق المزايدات أو الغالب و المغلوب. فإما الالتحاق بالأزواج أو الالتحاق بالرفيق الأعلى،" حسب تعبيرهن.

وكانت إحدى الأستاذات المضربات عن الطعام، قد وضعت أخيرا مولودا،بعملية قيصرية،بعد أن تم نقلها إلى إحدى المصحات،حيث أكدت لها الطبيبة أن السائل السلوي للرحم تناقص بسبب تأخر الوضع الناتج عن الضغط النفسي، بفعل الإضراب عن الطعام،ولازالت حالات أخرى لحوامل تنتظرن الوضع.

البيان الأخير الصادر عنهن، وصف حالتهن بكثير من التفاصيل، وقال "إن المضربات دخلن دائرة الموت،"وأصبح الخطر يتهدد ويطارد كل الأطر المضربة عن الطعام، وانتشرت بين المضربات أمراض مثل التهاب الجهاز الهضمي، تقيؤات الدم،ارتفاع وانخفاض ضغط الدم، إسهالات حادة،الحساسية، نزيف الدم من الأمعاء والمعدة،ألام المفاصل والروماتيزم،نقص الوزن بين 12 و22كيلوغرام،انخفاض نسبة السكر في الدم مما ينذر بالغيبوبة،أزمات قلبية وانهيارات عصبية،اجتفاف بالكلي، حوامل مهددات بالإجهاض،أطفال معرضون لسوء التغذية، العياء العام."

" وبالرغم من دقات ناقوس الخطر، يضيف البيان، فإن وزارة التربية الوطنية في شخص السيد الوزير، والسيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي،لم تتحرك في اتجاه دفع الكارثة الإنسانية المتوقعة،بل التزمت الصمت وسياسة المماطلة المعهودة،وكأن الأمر لايعنيها."

عدد الأستاذات المضربات عن الطعام، هو 21ويوجد بينهن في مقر الاعتصام رجل واحد فقط، هو يونس الراوي، أستاذ في مدرسة بضواحي الصويرة، جنوب المغرب، وهو مضرب عن الطعام بدوره طلبا للالتحاق بزوجته الأستاذة في مدرسة بمدينة مديونة، بضواحي مدينة الدار البيضاء.سنتان زواج، بدون أطفال،و8سنوات أقدمية في التعليم.

وقال يونس الراوي، الذي يقوم بدور "المنسق الوطني للأسر المضربة عن الطعام"،لصحيفة " الهدهد" الدولية،"إن طلبات الالتحاق بالأزواج قدمت لسنوات متتالية بدون استجابة،لكن هذه السنة كانت استثنائية بكل المقاييس، وعرفت خروقات كثيرة، تجلت أساسا في استغلال نفوذ مسؤولين في مديرية الموارد البشرية التابعة للوزارة لتنقيل أقارب لهم، لاتتوفر فيهم شروط الاستحقاق، وبعض المستفيدين لم يلتحق إلا منذ ستة أشهر بالتعليم، وتضم لائحة الخروقات 60 حالة."
في مقر الاعتصام،تتمدد الأستاذات المضربات عن الطعام،في مشهد مؤلم.

إيمان جندير،واحدة منهن. إنها أستاذة عينت منذ 10سنين في منطقة وسط الجبل، تبعد عن مدينة ورزازات، جنوب المغرب،ب150كيلومتر،كانت تعيش قبل الإضراب عن الطعام في بيت ،عند أحد السكان ب"الدوار"(تجمع سكني قروي)لايتوفر، حسب قولها ل"الهدهد"، على أي مرفق صحي.

وإيمان متزوجة منذ 11سنة بزوج يسكن في مدينة سلا المجاورة للرباط،وتفصلها مسافة شاسعة وبعيدة جدا عنه،تعد بمئات الكيلومترات،علما أن ابنها الصغير، وعمره ثمان سنوات يوجد عند والديها في مدينة أخرى..
تختنق نبرات صوت إيمان بالدموع، وهي تتحدث بصعوبة شديدة عن معاناتها جراء هذا التمزق العائلي:" زوجي لاألتقي به إلا نادرا، وعلى فترات متباعدة، وإبني لايعرفني جيدا.إنه يهرب مني،كلما ذهبت لزيارته مرة واحدة في العام خلال عطلة الصيف، وهذا مايزيد من إحساسي بالعذاب."

الوزيرة لطيفة العابدة، كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي، وكانت قد بدأت مسارها المهني كمعلمة،قالت إنه لايمكن الضغط على الوزارة من خلال الإضراب عن الطعام.
وأضافت العابدة في حديث صحافي أدلت به أخيرا ليومية" المساء"،إن هناك جهودا تبذلها الوزارة لحل المشاكل المرتبطة بمشكل الالتحاق بالأزواج،"وهناك عدد كبير من الأزواج الذين يلتحقون بزوجاتهم، والعكس صحيح."

وأكدت الوزيرة في نفس الحديث، أن وزارتها لايمكن لها الاستجابة لكل الطلبات،" وإذا حاولت ذلك سيتم إفراغ العديد من المؤسسات التعليمية وزيادة الفائض في مؤسسات أخرى، ونحن في تدبيرنا لهذه المعادلة نحاول الحرص على مصلحة الجميع."

وحين سئلت العابدة من طرف صحافيي نفس اليومية:" البعض يحتج على وجود التدخلات الشخصية لتجاوز القانون في مسألة الانتقالات، وهناك حالات كثيرة لذلك،منها حالة شقيقتين لرئيسي قسمين بالوزارة تدخلا لتنتقل واحدة منهما إلى مدينة تمارة، والأخرى إلى مدينة سلا ." أجابت "أعطونا الأسماء، ونحن نعدكم بالبحث والتحقيق في الموضوع."

بيد أن المضربات كان ردهن على الوزيرة،من خلال بيان في الموضوع، هو أن خوضهن لإضراب لامحدود عن الطعام هو للاحتجاج، وليس للضغط، "كمحاولة لاسترجاع حق مغتصب منح لأقارب مسؤولين عن طريق الزبونية والمحسوبية، واستغلال النفوذ والسلطة لأغراض شخصية، متناسين المصلحة العامة التي تقتضي ضمان تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن."

وعلقت الأستاذات المضربات عن الطعام على طلب الوزيرة تمكينها من أسماء المسؤولين الذين تورطوا في استغلال النفوذ،بأنه "تهرب من المسؤولية التي تستوجب الوقوف على الخروقات، واتخاذ إجراءات تأديبية في حق المتلاعبين بالمرفق العام، وتقديمهم للمحاكمة."

وتساءلت الأستاذات في ختام نفس البيان:"هل ستنزل السيدة الوزيرة، والسيد وزير التربية الوطنية من مكتبيهما لزيارة المضربات وسماع شكواهن، وهل ستفتح الوزارة باب الحوار لإيجاد حل للأسر المضربة؟أم أن الوزارة ستستمر في بناء جدار الصمم والتلاعب بحياة أطرها التربوية، وتنتظر وقوع الكارثة.؟"

إلى ذلك، وفي تطور جديد للملف،تم الإعلان عن اعتصام أزواج وأبناء وأمهات وأسر المضربات عن الطعام أمام مقر وزارة التربية الوطنية بالرباط،يوم الجمعة 30أبريل الجاري، على الساعة العاشرة صباحا،في وقفة تضامنية معهن، " تزامنا مع إعلان المضربات تصعيدهن في إضرابهن عن الطعام بالتوقف الكلي عن تناول الماء والسكر، وعدم استدعاء سيارات الإسعاف"،حسب ماجاء في بيان تم توزيعه أخيرا.



بوشعيب الضبار
الخميس 29 أبريل 2010