تنديد ووقفة احتجاجية وطعن أمام الشورى
وندد حزب “القوات اللبنانية” بالقرار الصادر عن المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، ودعا المجلس التربوي داخل الحزب “جميع المناصرين ولا سيما المعنيون بالملف التربوي من أساتذة وطلاب، إلى التجمع يوم الثلاثاء الساعة ١٢ ظهراً أمام مبنى المديرية العامة للتعليم المهني والتقني في الدكوانة احتجاجاً على القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة التربية”.واعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أن “التعميم مخالف للقوانين اللبنانية كلها وحتى للاتفاقية المعقودة بين لبنان والمفوضية السامية اللاجئين في العام 2003، وهذا التعميم يعني عمليّاً دعوة السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية بشكل غير شرعي إلى البقاء في لبنان، والأخطر من ذلك أنّه يدعو السوريين الذين ما زالوا في سوريا الى إرسال أبنائهم الى المعاهد والمدارس الخاصة والرسمية اللبنانية، وهذا كله على حساب الوطن وعلى حساب المكلّف اللبناني”.
وأضاف: ” إذا كان البعض يعتبر أنّ لا حدود بين لبنان وسوريا، وأنّ لا لزوم للبنان الوطن، فنحن سنقاوم حتى النهاية للحفاظ على حدود لبنان الدولية والحفاظ على لبنان الوطن. ان البعض بتصرفاته المختلفة، ولو حاول إلباسها لبوساً مغايراً في الشكل، يتصرّف خارج الدستور اللبناني تماماً، ومن دون الأخذ في الاعتبار أنّ في هذه البقعة من الأرض وطناً اسمه لبنان”.
ودعا جعجع “رئيس الحكومة ووزير التربية الى التدخل فوراً وإبطال تعميم المديرة العامة بالتكليف للتعليم التقني والمهني، واتخاذ التدابير اللازمة بحقها تمهيداً لمعالجة بقية الأمور بدءاً من موضوع رئاسة الجمهىورية تبعاً لما يقتضيه الدستور”.
“القوات” لم تقف عند حدود التنديد والوقفة الاحتجاجية، إذ كشفت مصادر عن نيتها التقدّم “بطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار مجلس الوزراء رقم 63/2024 الذي يخالف القوانين اللبنانية بتشريعه أبواب المدارس اللبنانية لجميع السوريين غير الشرعيين في لبنان، ودعوته السوريين الذين ما زالوا في سوريا الى إرسال أبنائهم الى المعاهد والمدارس الخاصة والرسمية اللبنانية، ويشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة وخطراً على الهوية وسعياً إلى تثبيت السوريين في لبنان خلافاً للدستور وبما يؤدي إلى التوطين”.
ولم يشفع لوزارة التربية بيانها التوضيحي الذي أعلنت فيه أنها “تتّبع سياسة الحكومة اللبنانية في ما يتعلّق بملف النازحين وبالتالي تعليم الأولاد النازحين في المدارس في لبنان”، مشيرة إلى أنها “تُسلّم إلى المديرية العامة للأمن العام عبر وزارة الداخلية الاسم الثلاثي والوثائق المتوافرة عن كل مرشح نازح نجح في الامتحانات الرسمية للشهادات الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، لكي يقوم الأمن العام بمهامه لجهة متابعة حصولهم على الإقامة”.
وذكر البيان بأن “دور وزارة التربية محصور بتقديم التعليم بحسب القوانين والأنظمة ، وأن قرار مجلس الوزراء الذي سمح بتسليم الشهادات للنازحين من التلامذة في التعليم المهني والتقني، منع تسجيل أي تلميذ نازح للعام الدراسي 2025/2026 إذا لم تكن لديه وثيقة إقامة صالحة، ما يعني السماح للتلامذة الذين يتابعون الدراسة راهناً بإنهاء دراستهم في العام الدراسي الذي سيبدأ نهاية هذا الشهر”، موضحاً أن “مسار تعليم النازحين منفصل عن التلامذة اللبنانيين، وبالتالي لا يتأثر اللبنانيون بذلك بأي شكل من الأشكال، وأنّ تسليم الشهادة للتلامذة النازحين لا يعني مطلقاً تسهيل إقامتهم، لأن على الأمن العام اللبناني أن يقوم بالاجراء القانوني اللازم”.
تعميم مخالف للدستور
المحامية ملاك حمية أشارت في حديث لموقع “لبنان الكبير” إلى أن قرار مجلس الوزراء والتعميم المذكوريْن، يُخالفان الدستور والقوانين المرعية الإجراء، لعدة أسباب منها:أولاً: إنّ الفقرة (ب) من مُقدمة الدستور تنص على التزام لبنان بمواثيق الأمم المتحدة.
ثانياً: إنّ الاتفاقية الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم التي صادق عليها لبنان قد نصّت في المادة الثالثة فقرة (هـ) على أن الدول الأطراف تتعهد بأن تتيح للأجانب المقيمين في أراضيها فرص الإلتحاق بالتعليم نفسها التي تتيحها لمواطنيها.
ثالثاً: إنّ المُشرّع اللبناني وفي معرض تنفيذه التدريجي للإتفاقيات الدولية المُتعلقة بحق التعليم المجاني قد أصدر القانون رقم 150/2011 الذي نصّ على أنّ التعليم هو حق لكل لبناني، وهو إلزامي ومتاح مجاناً في المدارس الرسمية، وقد نصّت المادة الثانية من المرسوم التطبيقي رقم 9706/2022 على شروط إستفادة التلميذ الأجنبي من التعليم في لبنان، واشترط أن يكون من المقيمين بصورة مشروعة فيه، وبأن يكون حاملاً لبطاقة إقامة سنوية، أو دائمة فيه.
لذا، فإنّ قرار مجلس الوزراء كما تعميم المديرة العامة للتعليم المهني والتقني، مُخالفان للدستور وللقوانين المرعية الاجراء بهذا الخصوص.
قرار الوزارة ليس بشيء جديد
واعتبرت الكاتبة الصحافية عالية منصور في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن من الغريب أن أحزاباً شاركت في السلطة خلال السنوات العشر الأخيرة تستهجن هذا التعميم وتستغربه، علماً أنه معمول به منذ سنوات يوم قرر الوزير الياس بو صعب أن يكون تعليم السوريين داخل المدارس الرسمية ليأتي الدعم لتعليمهم من خلال الوزارة.اذاً، لا جديد، والاقامة لم تكن شرطاً للتسجيل سابقاً، وأشك في أن القائمين على الحملة لا يعلمون ذلك، ولكن من ضمن الشعبوية والتحريض يتصرفون أمام جمهورهم كأن التعميم أمر لم يحصل سابقاً وفق كلام منصور.
وحول ربط تعميم الوزارة بمحاولات “توطين” للاجئين، قالت منصور: “حقيقة هذا سؤال المليون، إذا استطاعوا أن يشرحوا لنا الرابط بين التعليم والتوطين. لم يسبق لأحد أن كان مطلبه عدم تعليم أطفال بسبب جنسيتهم، فقط في أفغانستان طالبان ترفض تعليم الفتيات بسبب جنسهم، واليوم في لبنان هناك من يرفض تعليم أطفال بسبب جنسيتهم. مؤسف أن يكون مطلب البعض هو عدم التعليم، ومؤسف أكثر أن يكون خصمهم طفلاً لا علاقة له بأي مما يحصل. إقحام الأطفال في الصراعات الطائفية والسياسية أمر لاإنساني”.
وأكدت أن من حق الجميع المطالبة بتنظيم ملف اللجوء السوري، علماً أن لبنان شريك من خلال “حزب الله” في جريمة تهجيرهم، ولكن التعليم والأطفال يجب أن يكونوا خارج هذه المعركة.
وأعادت منصور التذكير بأن تعليم السوريين لا يتم على حساب الحكومة اللبنانية، بل “اليونيسف” دفعت لسنوات طويلة بدل تعليم سوريين ولبنانيين إضافة إلى فرص العمل لأكثر من 13 ألف أستاذ في العام الماضي من اللبنانيين لتعليم السوريين ويتلقون رواتبهم من الدول المانحة.
ولا ترى منصورعلاقة للوضع الاقتصادي أو للتوطين بالحملة على قرار الحكومة ووزارة التربية، بل هي معركة سياسية ذات بعد طائفي.
الجدير بالذكر أن “اليونيسف” كانت تدفع في السابق لوزارة التربية عن كل طالب سوري، 600 دولار أميركي سنوياً، إن كان مسجلاً في دوام بعد الظهر، أو 363 دولاراً إن كان مسجلاً في الدوام الصباحي، (عدا عن دفع 160 دولاراً مقابل كل طالب لبناني في المدرسة اللبنانية)، وكانت هذه المبالغ تصرف على التكاليف التشغيلية من دون احتساب رواتب الأساتذة، وكلفة المباني المدرسية وصيانتها، واستخدام التجهيزات والمفروشات. وهنا لا بد من ذكر أن “اليونيسف” والدول المانحة أعادوا ترميم مئات المدارس الرسمية اللبنانية، كلياً أو جزئياً، مقابل السماح للطلاب السوريين بالتعلم، وأن أكثر من 13 ألف مدرس لبناني تم التعاقد معهم لتعليم السوريين في دوام بعد الظهر. مع العلم، وبحسب أرقام وزارة التربية، أن عدد الطلاب اللبنانيين في المدارس الرسمية الذين يتعلمون في فترة قبل الظهر يبلغ 263 ألفاً، فيما يبلغ عدد الطلاب السوريين الذين يتعلمون في فترة بعد الظهر 160 ألفاً، علماً أن الوزير الحلبي كان قد تحدث عن 700 ألف نازح سوري بعمر الدراسة موجودين في لبنان.
------------
غراند ليبانون