نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

نظرة في الإعلان الدستوري

26/03/2025 - لمى قنوت

رياح الشام

25/03/2025 - مصطفى الفقي

في الردّة الأسدية الإيرانية

22/03/2025 - عبد الجبار عكيدي

لن تحكموا سورية هكذا

20/03/2025 - مروان قبلان

حكّام دمشق وأقليّات باحثة عن "حماية"

13/03/2025 - عبدالوهاب بدرخان

بَين ثورتَي 1925 و2011: كم تساوي سوريا؟

12/03/2025 - إبراهيم الجبين

التطييف وبناء الوطنية السورية

11/03/2025 - رانيا مصطفى

فلول الأسد: التجربة المرة

11/03/2025 - فايز سارة

خالد الأحمد: المستشار المنفي

10/03/2025 - عروة خليفة


هل من مستقبل لـ"الشرع" في بلد منهار؟




استطاع خلال قيادته فصائل المعارضة إسقاط نظام الأسد، وهو استحقاق تاريخي يحفظه له السوريون، لكن في المقابل يواجه سقف توقعات عالياً من الشارع السوري، وشرخاً مجتمعياً وعقوبات دولية، وهكذا ترتبط فرصه في الاستمرار بالحكم بمدى قدرته على قيادة السفينة السورية إلى بر الأمان


الرئيس السوري احمد الشرع-سانا
الرئيس السوري احمد الشرع-سانا
 
 
 
 
 
مراقبون يجمعون على أن استمراره في الحكم مرتبط بالقدرة على قيادة المرحلة الانتقالية وتلبية متطلبات الشارع
   .
قبل أشهر قليلة جداً لم يكن اسم الرئيس السوري أحمد الشرع متداولاً على الصعيد السوري ولا الإقليمي ولا الدولي، بل كان شخصاً يقود جماعة مصنفة على قائمة الإرهاب، ومعروفاً لدى الجميع باسم أبو محمد الجولاني، وقد بقي أعواماً عدة يقود "هيئة تحرير الشام" في محافظة إدلب شمال سوريا، واتسمت مناطق سيطرته بالانضباط الأمني الشديد مقارنة بباقي المناطق التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، بل حتى مقارنة بمناطق سيطرة النظام السابق الذي كان يمثل الدولة الرسمية لدى المجتمع الدولي.
وما بين يوم وليلة قاد الجولاني معركة "ردع العدوان" لينتصر فيها باسم أحمد الشرع، وهو نصر قال الشرع عنه إن جميع السوريين شاركوا فيه، سواء المهجرين أو النازحين أو المقاتلين.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية تنصيبه رئيساً للبلاد خلال المرحلة الانتقالية، لينطلق بعد حصوله على صفة رسمية في إجراء زيارات دبلوماسية يلتقي بها نظراءه من زعماء العالم.
لكن الشرع الذي يقود سوريا اليوم يحكم بلداً منهكاً وعلى حافة الانهيار في ظل فقر بنسبة تزيد على 80 في المئة من الشعب السوري، وعقوبات خانقة، وفصائل ليست كلها على قلب رجل واحد.
مع بداية المرحلة الانتقالية، واجه الرئيس السوري تحديين كبيرين، عسكرياً وسياسياً، تمثل الأول في الأحداث التي جرت في الساحل السوري وأسفرت عن مقتل المئات من عناصر الجيش، وسط تقارير حقوقية وثقت مقتل عشرات المدنيين على أساس طائفي، وأما التحدي السياسي فتمثل بالإعلان الدستوري، إذ وصفه مراقبون بأنه شمولي منح رئيس البلاد صلاحيات وسلطات واسعة النطاق، فما فرص الشرع في الاستمرار بحكم البلاد في ظل كل هذه التحديات؟
وسام إسقاط الأسد
الباحث السياسي ورجل الأعمال السوري محمود الدرعاوي يقول لـ"اندبندنت عربية" إن "هناك فرصة قوية للشرع للاستمرار بحكم سوريا لأسباب عدة، مع ذلك لا يمكن نكران أن الأحداث التي جرت في الساحل السوري سيكون لها أثر سلبي، لكن ليس لدرجة رفض القبول الدولي بالشرع، بمعنى آخر فإن استمرار الشرع بالحكم يتعلق بالقبول سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وبطبيعة الحال سينظر المجتمع الدولي خلال تقييمه إدارة الرجل إلى تاريخ (هيئة تحرير الشام) والتنظيمات المصنفة راديكالية، وقبول الهيئة يتطلب إثبات العكس، وذلك يحتاج إلى بعض الوقت".
ويضيف الدرعاوي "من جانب آخر فإن غالب الشعب السوري والمحيط العربي وجزءاً غير صغير من العالم استطاع الشرع أن يحظى بالقبول لديه، ولمعرفة سبب ذلك علينا العودة إلى عام 2011 عندما انطلقت الثورة السورية، فلم يكن لدى السوريين قناعة كبيرة بأنه يمكن إسقاط نظام الأسد الذي يجثم على صدر البلاد منذ خمسة عقود بالطرق السلمية أو بالتظاهرات، لذلك في بداية التظاهرات لم يكن هناك احتضان دولي جاد لها، واليوم بعد كل الذي حصل في سوريا يرى بعض الشارع السوري أن الشرع كان بمثابة المخلص من هذا النظام، لكن هذه النظرة للشرع، كمخلص، ستتلاشى تدريجاً في حال تأخرت مسألة تطوير البلاد وإعادة الإعمار. بمعنى آخر فإن بقاء سوريا تحت الضغوط الحالية وتردي الوضع المعيشي ستكون لهما آثار سلبية على الشرع نفسه، وبطبيعة الحال من حق الشارع أن يطالب بتحسين وضعه، إذ إن لدى السوريين طموحات بأن تصبح بلادهم في الأقل مثل دول الجوار، الأردن أو لبنان أو تركيا".
ويتابع رجل الأعمال السوري "الشرع قدم نفسه قبطاناً للسفينة السورية، وهو بشكل أو بآخر مقبول لدى الغالبية، في حين توجد عليه تحفظات لدى بعض السوريين وعدم قبول لدى آخرين، لكن القبول النهائي وفرصة الاستمرار بالحكم مرجعها قيادته المرحلة الانتقالية، فإذا استطاع الشرع أن يقود السفينة إلى بر الأمان، وأن يتجاوز هذه المرحلة، مع تقديم تطمينات للدول المتحفظة بأن سوريا ليست بلداً يصدر الثورة ولا أي فكرة راديكالية، ربما بعد ذلك يلقى القبول الدولي".
ويستطرد "من أهم القضايا التي يسأل عنها المجتمع الدولي اليوم: هل لدى الشرع سيطرة على كل الفصائل العسكرية المختلفة، خصوصاً تلك التي تنادي بأشياء لا ينادي بها السوريون، وأيضاً عليه معالجة قضية المقاتلين الأجانب، فعلى رغم أنهم قلة قليلة ولا يشكلون أي خطر فإن المجتمع الدولي أعطى هذه القضية أكبر من حجمها الحقيقي، بهدف اتخاذها ورقة ضغط أو تأخير بعض الأمور كالانفتاح على سوريا".
يرى الدرعاوي أن "أحداث الساحل السوري لها جوانب سلبية وأخرى إيجابية، الأولى تتعلق بالانتهاكات التي حصلت والمرفوضة سورياً وإنسانياً وإسلامياً، ولا يخفى أن هناك انتقاماً حصل نفذه بعض الأشخاص نظراً إلى القتل الذي تعرضت له عائلاتهم أو أسرهم أو ذووهم على أيدي النظام السابق، ذلك النظام الذي كان يستخدم جزءاً من الطائفة العلوية لقمع الشعب السوري، لذا فإن نظام الأسد يتحمل جزءاً كبيراً من الانتهاكات التي حصلت في الساحل السوري.
أما الجانب الإيجابي للقضية، بحسب الدرعاوي، فهو "قدرة الحكومة في فترة وجيزة جداً على أن تسيطر على الوضع، وكما نعلم فإنه بعد هجوم الجماعات الموالية للنظام السابق على الأمن العام، كان هناك نحو 300 ألف شخص من مختلف الأراضي السورية تطوعوا على الفور بهدف الحفاظ على مكتسبات الثورة، وعلى رغم ذلك استطاعت الحكومة السيطرة على الوضع وإعادة الاستقرار إلى الساحل".
ويختم المحلل السياسي حديثه "بالمختصر أعتقد أن هناك فرصة عالية للشرع للاستمرار بالحكم، لكن بسبب اسمه شخصياً قد يتأخر الاعتراف من بعض الدول، وأيضاً قد يتسبب في تأخير رفع كامل العقوبات، لكن المسألة لا تعدو مسألة وقت، ويمكن أيضاً الاعتماد على الحضن العربي، خصوصاً الدول ذات الثقل الكبير مثل السعودية وباقي دول الخليج ومصر، إذ إن اكتساب الدعم العربي سيكون له أثر إيجابي كبير".
مأزق "رجل المرحلة"
خلافاً لما يقوله الدرعاوي، يرى الصحافي السوري ج ب، أن "أحمد الشرع لم تكن لديه الفرصة لحكم سوريا حتى قبل أحداث الساحل، فكيف بعد المجازر التي حصلت"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية"، "هناك حالات سابقة في التاريخ، فبعد الثورات أو تغيير نظام الحكم في أي بلد غالباً تكون أول قيادة بعد التغيير فاشلة، والشرع يسيطر على بلد منهار كلياً، اقتصاد تحت الصفر، فقر مدقع، عقوبات قاسية، شرخ مجتمعي كبير للغاية، لذلك كل ما يمكن له فعله هو تسيير المرحلة الانتقالية فقط لا أكثر، واليوم فإن كل سوري يؤمن بالوطن، أو كل شخص يريد استقرار سوريا يجب عليه دعم الشرع كونه صمام الأمان ضد نشوب حرب أهلية، لكن كما أسلفت فهذا الأمر لن يتجاوز المرحلة الانتقالية، وليس هناك أمل كبير بأن تتحسن الأوضاع أو يبدأ الإعمار في المستقبل القريب والمتوسط، لذلك أعتقد أن مهمة الشرع تقتصر على تسيير أمور البلاد خلال هذه الفترة قبل حصول التغيير الذي قد تستقر به سوريا إن أراد السوريون والمجتمع الدولي لهذه البلاد أن تستقر".
الضابط السابق في الجيش السوري العقيد علي ناصيف، يرى أن "الشرع يعتبر رجل المرحلة، وهو استحق هذه المكانة لأن الجهد الأكبر في عملية إسقاط النظام كان لـ(هيئة تحرير الشام) التي يقودها، وإجماع كل الفصائل المقاتلة وغالبية القوى الفاعلة في سوريا على أن يكون هو رئيس المرحلة الانتقالية، وهذا مؤشر توافق داخلي حيث يلقى الشرع قبولاً واسعاً من غالبية الشعب السوري مع بعض التحفظات من بعض المكونات، أما بالنسبة إلى التوافق والقبول الدولي فهو متفاوت، فهناك دول إقليمية ترحب بالسياسات التي يتبعها، وبالانفتاح على الدول المحيطة والمجتمع السوري، وأخرى ترى أن لديه انفتاحاً على المجتمع الداخلي والعلاقات الخارجية، وتصريحاته في كل مناسبة توحي بأنه يعمل لتعزيز العلاقات السورية مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، وهناك بعض الدول من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لديها تحفظات على بعض السياسات الداخلية، وبصورة خاصة على تعيين بعض الأجانب في مراكز قيادية بالدولة".
ويضيف ناصيف لـ"اندبندنت عربية"، أن "هناك أيضاً بعض الملاحظات داخلياً وخارجياً على عدم الإسراع بتفعيل وزارتي الدفاع والخارجية وتعزيزهما بالضباط المنشقين من الجيش والشرطة، والاستفادة أيضاً من المنشقين السياسيين والقانونيين والحكوميين، أما في ما يتعلق بأحداث الساحل فمن المعروف أنها تمت بدعم من أياد خارجية لضرب الاستقرار الداخلي، والتعامل معها أكد أنه لا بد من الاستفادة من المنشقين العسكريين من الجيش والشرطة، وفي شأن الإعلان الدستوري من المؤكد أنه غير ممكن حالياً، ففي هذه الظروف لا يمكن إجراء أي انتخابات أو استفتاء، لذلك وُضع إعلان دستوري ريثما تتهيأ الظروف الداخلية لإجراء انتخابات برلمانية وبعدها يُكتب ويُعلن الدستور وتناقش كل فقراته من قبل لجان متخصصة منبثقة من مجلس الشعب".
والنتيجة التي توصل إليها المراقبون هي أن فرصة الشرع للاستمرار بالحكم مرتبطة بمدى قدرته على قيادة المرحلة الانتقالية، وتلبية الحد الأدنى من متطلبات الشارع السوري، خصوصاً أن سقف التوقعات لدى المواطن أعلى بكثير من قدرة الحكومة بسبب التقييدات الكبيرة المتعلقة بالعقوبات وعدم وضوح الموقف الأميركي حتى الآن، فإذا ما رفعت واشنطن العقوبات واعترفت بالشرع ستستكمل حكومته شرعيتها الدولية وتبدأ خطوات إعادة الإعمار بجدية أكبر، مما يعني تدفق مليارات الدولار للبلد المنهك، وهو مقدمة تمهد لاستمرار الشرع في حكم سوريا كرئيس شرعي محلياً وإقليمياً ودولياً.
 

اسماعيل درويش -اندبندنت عربية
الاثنين 7 أبريل 2025