نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


متحف البرتينا بفيينا يقيم معرضا ضخما للفنان الألماني البرت دوريفر




فيينا – يبدو "الأرنب" في اللوحة التي رسمها فنان عصر النهضة الألماني البرت دوريفر (نورمبرج 1471 – 1528)، وكأنها صورة حقيقية للغاية التقطت بواسطة كاميرا وليس عملا من إبداع ريشة فنان، فقد نجح في تصوير الأرنب بمنتهى الدقة لدرجة أن من يشاهد اللوحة يتصور أنه بوسعه أن يمد يده ويداعب فرو الحيوان الأليف الناعم، بحسب وصف كريستوف متسجر للوحة التي حققت شهرة عالمية.


يشغل متسجر منصب مدير قسم فن التصوير ومنسق المعارض بمتحف البرتينا بالعاصمة النمساوية فيينا، ويعد من أبرز خبراء أعمال دوريفر الفنية في الوقت الحالي. نظم مع فريق من مساعديه معرضا فنيا، يعد الأضخم والأكثر حصرية لأعمال الفنان ابن مدينة نورمبرج، وأحد أبرز أعلام التصوير الزيتي في عصر النهضة، وقد افتتح المعرض في 20 من الشهر الجاري. ويضم المعرض بالإضافة إلى لوحة الأرنب الشهيرة، أعمالا أخرى مميزة مثل "الأعشاب البرية" وهي تصوير بألوان مائية وجواش، وتبدو فيها أعشاب الهندباء البرية ولسان الجمل وكأنها حقيقية بصورة مدهشة، و"جناح الشقراق الأوروبي" وهو نوع من الطيور المهاجرة ويعرف بالخضيري لأنه يبدو في السماء باللون الأخضر الفيروزي. وتبدو دقة التفاصيل والعناية بالألوان الزاهية الغنية. المشاهدة شيء ونقل ما نشاهده ونراه بأعيننا على الورق شيء آخر: على ما يبدو كان بوسع دوريفر القيام بالأمرين بمنتهى البراعة والجدارة بصورة مذهلة، وبالرغم من ذلك فإن المعرض الذي يضم 200 لوحة للفنان الألماني الكبير لا تقتصر على الأعمال التي تبرز دراسته واهتماماته بالطبيعة فحسب، بل يبرز أيضا بعض الأعمال التي تصور دراساته واسكتشاته التجريبية للعديد من اللوحات قبل الوصول إلى الصيغة النهائية للوحة. يوضح متسجر أن "في الحقيقة كان التصوير يبدو عملا مضجرا بالنسبة لدوريفر بصورة كبيرة، لأنه كان يجعله رهينة لذوق الزبائن وكذلك قدرته على الإبداع، وهكذا نجد أن لوحاته الأخرى لا تقل روعة عن تلك الأعمال التي تبدو زاهية الألوان وغنية بالتفاصيل، بل ربما تفوقها روعة وبهاء، ومنها على سبيل المثال لوحته الشهيرة المتعلقة بموضوع ميلاد السيد المسيح "تبجيل الملوك المجوس"، حيث يروى في الأثر المسيحي أن ثلاثة ملوك من الشرق رأوا نجمة تبشر بمولد المخلص، فتبعوها إلى بيت لحم حتى عثروا على مكان ميلاد المسيح ليعربوا لهم عن تبجيلهم له، وتصور اللوحات المتعلقة بالموضوع ثلاثة ملوك أحدهم أسمر وآخر أبيض وثالث أشقر وهم وفقا للمسميات جاسبار وبالتسار وملتشور، ويقدمون له في المزود حيث ولد وكما تصور اللوحات اللبان والمر والبخور للتبرك والذهب. يذكر أنه بمناسبة المعرض، قامت قاعة أوفيشي بمدينة فلورنسا الإيطالية، بإعارة متحف ألبرتينا لوحة "تبجيل الملوك المجوس" للفنان الألماني. يظهر في اللوحة مدى براعة دوريفر حيث تبدو بشرة الأشخاص وكأنها جلد حي والذهب كأنها عيار 24 قيراط، بحسب وصف متسجر، والأحجار كأنها قدت من الجبل. يؤكد متسجر أن خصوصية اسكتشات دوريفر السابقة على لوحاته تكمن في أنها أحيانا تعكس تفاصيلا أكثر بكثير من اللوحة النهائية. كما يشير إلى أن دوريفر لم يقم بهذه الدراسات فقط لإعداد أعماله، ولكن أيضًا لعرضها في مرسمه. وبهذه الطريقة يستطيع أن يظهر فنه ويأمل في المقابل أن يحصل على أجر سخي. يضيف متسجر أن دوريفر يعد نموذجا للإخلاص للتفاصيل الدقيقة وأن ريشته كانت حريصة على الإغراق فيها لحد الهوس ببلوغ الكمال، مذكرا أنه على سبيل المثال في لوحة "جناح الشقراق الأوروبي"، استطاع دوريفر تصوير حتى أدق تفاصيل زغب ريش جناح الطائر الأكثر دقة ومتناهي الصغر. أما في لوحة "الأعشاب البرية" فيستدل من مستوى دقة وروعة التفاصيل أنه التقط فكرة اللوحة في وقت اكتمال نمو هذه النباتات والأعشاب البرية، وبداية مرحلة ذبولها، ومن ثم يرجح أن وقت إنجاز العمل قد يكون نهاية شهر نيسان/ أبريل أو بداية شهر أيار/ مايو. ويكمن إبداع لوحة "الأرنب" في أن الفنان نجح في أن يصور في حدقة عين الحيوان الأليف انعكاس صورة نافذة كان يتطلع إليها، لتصبح هذه اللوحة أشهر أعماله في القرن السادس عشر، أوج عصر النهضة. أثبت دوريفر جدارته منذ نعومة أظفاره كفنان فريد من نوعه، من خلال لوحة بورتريه شخصي للفنان، وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتعتبر أقدم لوحاته على الإطلاق، ومازالت محفوظة إلى الآن، في تلك الفترة كان مازال يتلقى تعليمه لفن التصوير في ورشة والده صياغة الحلي، وأنجز اللوحة بقلم بسن من فضة، وهي نوعية من الأدوات لا تسمح بإجراء تعديلات إلا فيما ندر. توقف بعد ذلك عن ممارسة مهنة صياغة الحلي، وقرر دراسة فن التصوير ليصبح رساما، ولهذا قام بالعديد من الرحلات حيث تردد كثيرا على إيطاليا، أيقونة عصر النهضة، وتعد أعماله في تلك الفترة خير شاهد على ثورة الفنون في ذلك العصر. بدوره يشيد مدير متحف البرتينا، كلاوس البريخت شرويدر بموضوعية ودقة أعمال دوريفر، قائلا "تعكس أعماله طزاجة النظرة الأولى، وهي سمة استطاع الحفاظ عليها في معظم أعماله". المدهش في الجولة بين أعمال دوريفر بالمعرض الذي يحتضنه متحف البرتينا في فيينا أن الكثير من الأعمال التي يرجع معظمها لأكثر من 500 عام، ماتزال بحالة ممتازة ومحفوظة بعناية شديدة. ويرجع هذا وفقا لوجهة نظر متسجر إلى أن اللوحات لم تقطع رحلات سفر كثيرة، مقارنة بغيرها من أعمال فنانين آخرين. فقد ظل كثير من أعماله معا منذ وفاته، وتم التنازل عن بعضها في أحوال نادرة للغاية. ويمتلك متحف البرتينا بالفعل أكبر مجموعة مقتنيات لأعمال دوريفر في العالم كله. ويعتبر القائمون على المتحف أن هذا من حسن حظ هذه المؤسسة الفنية العريقة، ويتوقعون أن يحقق هذا المعرض المقام بعد مرور ستة عشر عاما على آخر معرض لأعمال الفنان، نجاحا منقطع النظير.

فابيان نيخمان
الجمعة 18 أكتوبر 2019