نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

لا منجا ولا ملجأ لمجرم الحرب بشار أسد

18/12/2024 - عبد الناصر حوشان

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي


بودكاست يارا صبري:الحياة بين تناقضات الاستبداد والاختيارات الصعبة





في خضم يوم مليء بالصخب المعتاد، حيث تنهال علينا الأخبار من كل اتجاه، عن القصف في الشرق والمعارك في الغرب، ومن ارض الشمال السوري الذي بات مصنعًا لصناعة الترندات، لفتتني فجأة أنباء مختلفة. اسم يارا صبري، الفنانة السورية التي خرجت عن السرب منذ سنوات، يتصدر الحديث على وسائل التواصل الاجتماعي. فضول عارم دفعني لمتابعة حلقتها مع محمد قيس على قناة “المشهد” الإماراتية المتأرجحة بين الاحتفاء بالشبيحة والالتفات لفناني الثورة أو من يحسبون عليها أحيانا


 .

ثائرة بحدود

يارا ليست مثلنا، ولم تدّعِ ذلك يوماً. إنها ليست من المعارضة الثورية التي تكره النظام بكل ما فيه، ولا هي من جماعته. لنقل إنها تنتمي إلى منطقة وسطى، صوت العقل في زمن غابت فيه الحكمة، أو ثائرة بحدود لا تتجاوز خطوطها الخاصة. هي ابنة الوسط الفني السوري الذي لطالما ارتبط بالنظام وأعوانه، ومن السهل علينا أن نكره سماعهم أو مشاهدتهم. ولكن ما أثار إعجابي هو وعيها الواضح بموقعها، كيف اختارت بصدق أن تعارض وتتحمل نتائج قرارها بالكامل. تحدثت عن خروجها في الأيام الأولى للثورة، تلك الأيام التي كانت تحمل أملًا نقيًا، وكيف واجهت تهديدات النظام، سواء المباشرة أو عبر الرسائل الخبيثة التي كانت تحاول زعزعة يقينها بأن الشعب معها.
لكن ما جعل حديثها أكثر واقعية هو تساؤلها عن البدائل لو بقيت في سوريا. كانت واعية تمامًا بأنها لا تستطيع أن تكون محرضة للناس على أفعال هي نفسها عاجزة عن تنفيذها. رفضت أن تكون من أولئك الذين يعيشون في رفاهية ويطلبون من الناس التضحية بكل شيء. هنا، قارنت حديثها بمن يواصلون الدعوة للعنف والثورة من أفخم المنازل في الخارج، تاركين أبناء وطنهم يعيشون في الخيام. كان موقفها نقدًا غير مباشر، ولكنه عميق ومؤثر.
ناقشت يارا أيضًا قضية حرمانها من جواز السفر، وهي مأساة سورية يومية. جواز السفر الذي كان يفترض أن يكون حقًا أساسيًا لكل مواطن، بات أداة انتقامية بيد النظام. حرمانها من العمل في مجالها كان خطوة ممنهجة لمحاصرتها. ومع ذلك، تحدثت بامتنان عن كندا، التي منحتها الجنسية واحتضنتها، لكنها لم تنكر يومًا انتماءها لسوريا.

شتيمة أيمن زيدان

من المواقف الطريفة في الحلقة كان ذكاؤها في الرد على سؤال عن دورها “ميادة” في مشهدها الشهير ضد أيمن زيدان ضمن مسلسل “العميل” ، حيث صرّحت بأنه مجرد عمل تمثيلي ولا يعبر عن شخصيتها. ولكن من وجهة نظري، كان المشهد معبراً أكثر مما قد تعترف به هي. فأيمن زيدان كما يعرف الجميع رمز من رموز الفساد الفني والسلطوي، وهو وغيره من رموز النظام، ربما يستحقون أكثر من ذلك التوبيخ الذي قدّمته ميادة، حين بصقت في وجهه وقالت بحرقة قلب: “يلعن أبو أصلك كلب”! فكأنها نطقت بلسان أهالي آلاف شهداء الكيماوي حين سخر منهم أيمن زيدان في مقولته الشامتة والفاجرة: “كيماوي الوطن ولا بارافان الغربة”!
يارا صبري، بصدقها وتناقضاتها، لم تقدّم صورة بطولية خالية من العيوب، بل عكست إنسانيتها ببساطة. كانت الحلقة فرصة للتفكير في واقع الفن والسياسة والمنفى، وفي الخيارات التي لم تكن أبدًا سهلة. هذه ليست مجرد قصة يارا، بل قصة جيل كامل وجد نفسه أمام أسئلة أكبر من قدرته على الإجابة عنها.

بلال الخلف – العربي القديم
الخميس 21 نونبر 2024