يوسف القعيد
وقف الشاب، على الرصيف الأيمن لشارع المواكب والاستعراضات، والزفات والأفراح الهمسية. كان يخفي تحت ملابسه مسدساً كاتماً للصوت. سريع الطلقات وصغير الحجم. وتحت ملابسه أيضاً كانت قنبلة دخان. على الرصيف الأيمن والرصيف الأيسر. كانت قوات الأمن تعسكر بكثافة لم تحدث من قبل. قوات أمن محلية وقوات أمن من دولة صديقة، وقوات أمن من دولة كبرى. قال الشاب في نفسه: بين المخبر والمبخر مخبر. وتساءل: هل يعتمد الرجل الكبير في أمنه على قوات أجنبية. كأن الأمر اكتشافاً بالنسبة له. قال في نفسه: وكم من الاكتشافات في زماننا.
اقترب موكب الرجل الكبير. حدث هرج ومرج. مرت أولاً قوات الأمن السرية. ثم قوات الأمن العلنية. وأخيراً الحرس الخاص بالرجل الكبير. وكان مكوناً من ثلاثة أنواع.
سمع الشاب أصواتاً كثيرة. تعود على سماعها. في مثل هذه المواكب: صفارات، آلات إنذار، أقدام، جري، لهاث. تحذيرات. إلقاء قبض على عنصر مندس. وشاهد على الوجوه: دهشة، تغطية، حزم، خوف على الرجل الكبير، توتر يصل إلى مداه، قبل وصول الموكب بجزء من الدقيقة. أمامه كان يقف صف متماسك من أجساد الجنود ليمنعوا العامة من الناس. من الاقتراب من موكب الرجل الكبير. أما قوات الأمن الأجنبية. فكانت تشرف على قوات الأمن الوطنية وتقودها، وتصدر لها الأوامر والتعليمات.
العامة من الناس. الذين سمحوا لهم بالدخول في نطاق الموكب. استخف بهم الفرح. وبدأوا يستعدون لتحية الرجل الكبير. وانطلق هدير الهتافات المتفق عليها. أخرج قائد الجماهير ورقة، نظر فيها وهتف. رد عليه الآخرون من حناجرهم. واشتعلت الهتافات من بعضها. وازدحم كرّدون الموكب المسلح بكلمات عن الحب والفداء. والروح والدم المشوار الذي لا بد وأن يكتمل. مهما كانت الظروف.
في اللحظة التي أصبح الرجل الكبير فيها.
في مواجهة الشاب تماماً، وكان الرجل الكبير يحاول إخراج يده من نافذة السيارة. لكي يحيي الجماهير. وكان يبتسم ابتسامته البلهاء. حاول الرجل الكبير أن يخرج يديه معا. وأن يصفق محييا الجماهير. ولكن مستشاره الأمني الأجنبي. والذي كان يجلس في المقعد الأمامي. أدخل يد الرجل الكبير.
في هذه اللحظة. أخرج الشاب مسدس. وأطلقه. كان قريباً من الرجل الكبير. فمات على الفور. رمى الشاب المسدس على الأرض. والدخان يخرج من فوهته ببطء. فتذكر الشاب أفلام رعاة البقر التي كان يشاهدها في صباه. وتمنى لو نفخ الدخان بفمه. قبل أن يرمي المسدس على الأرض. كما كان يفعل أبطال هذه الأفلام. فكر في العودة إلى المسدس لكي يفعل هذا. ولكنه عندما تذكر أن الدخان الخارجي من المسدس قد انتهى الآن. فقد رغبته في العودة إلى المسدس. قال لنفسه: إن الحياة تخرج الآن من جسد الرجل الكبير. رغم نقله فوراً إلى سيارة إسعاف كانت تسير وراء سيارته مباشرة. قيل إنها مستشفى كامل متحرك. وأنها هدية من الدولة الكبرى التي تحمي الرجل الكبير.
أخرج الشاب القنبلة بهدوء. عليه أن يفجرها الآن. وتحت ستار الدخان الذي سيخرج منها يمكنه الهروب. نزع فتيل الأمان. ورمى القنبلة. لم تنفجر. وفتت الأنظار إليه. فألقوا القبض عليه ببساطة.
جلس الشاب أمام محقق. ينتمي للدولة الكبرى. التي كانت تحمي الرجل الكبير. ابتسم المحقق الغامض. والذي كان يخفي عينيه تحت نظارة شديدة السواد. وكان بين الشاب والمحقق مترجم. ينقل كلمات الحديث بينهما. ألقص المحقق الأجنبي ابتسامة على وجهه. طلب منه أن يستريح في جلسته، ومنديلاً من الورق مغموساً في الكولونيا. وقال للشاب بهدوء عبر المترجمٍ:
ـ حسناً. هل قتلت إذن رجلنا الكبير هنا.
قال الشاب باندفاع. وهو يتذوق الحماسة من فمه:
ـ نعم.
قال المحقق الغريب، من خلال المترجم:
ـ ما دمت قد قتلت رجلنا، تعال إذن نتكلم ونتناقش. ونجري حوار حول هذا الأمر.
تساءل الشاب:
ـ هذا الأمر فقط..؟
قال الرجل الأجنبي:
ـ أوه لا.. كل الأمور. من المؤكد أن كل الأمور يمكن أن نتحاور بشأنها.
وقف الشاب غاضباً وتساءل:
ـ أي كلام وأي نقاش وأي حوار.
قبل أن يكمل الشاب جملته، دخل شخص وهمس في أذن المحقق بكلمات. لم يقلها من خلال المترجم لسريتها التامة، ولأنه أجنبي أيضاً. تساءل المحقق الأجنبي بعدها:
ـ شاب آخر يقول أنه قاتل الرجل الكبير؟ دعنه ينتظر..
بدت الدهشة على وجه المحقق مندوب الدولة الكبرى الأمني. ونظر نحو الشاب. وقبل أن يخبره بأمر الشاب الآخر. قال الشاب الأول:
ـ كان المخرج الوحيد لكي أسمعه صوتي. هو استعمال المسدس. ولهذا قتلته.
تساءل المحقق الأجنبي:
ـ ولكن رجلنا الكبير كان يقول لنا صباح مساء. إنه لا عمل له سوى المحاورة معكم لدرجة أننا أسميناه المحور الأكبر.
ودخل شخص آخر. وهمس في أذن المحقق الأجنبي. فتساءل المحقق:
ـ أكثر من شاب وشيخ وطفل وأكثر من.
قال الشخص الذي يهمس:
ـ كلهم يقولون أنهم الذين قتلوا رجلنا الكبير..
تساءل المحقق:
ـ هل هذا معقول..
أكمل الشخص الذي يهمس:
ـ هذا غير الذين رفضوا الاعتراف لنا. وقرروا الاعتراف للسلطات الوطنية.
عاد المحقق إلى الشاب، نظر إلى المترجم. وسأله أن يشرح له الأمر. تكلم المترجم كثيراً. عن كل الأبواب التي سدت. والنوافذ التي أغلقت. والطرق التي حرست. الجسور التي نسفت. وعن الأخطاء التي وقعت.
لم يفهم المحقق الأجنبي، الكثير من هذه الكلمات. كان ما يشغله. هو ادعاء كلّ سكان البلد. أنهم الذي قتلوا الرجل الكبير. وأنه من الصعب في هذه الحالة، معرفة القاتل. ولا معرفة دوافع القتل. فكر في التقرير الذي سيرفعه لدولته عن هذا الحادث المؤسف ، الذي وقع في فترة عمله هو بالذات. دارت الكلمات في ذهنه. ولكنه لم يستقر على صياغة معينة. فكر في مقابلة كل الذين قتلوا الرجل الكبير. وسماعهم ولكن تزايد من يدعون ذلك. أكد له استحالة مقابلة أي عدد منهم.
قرر أن يكتب بصرة عامة. أنه وقع في البلد حادث مؤسف. من تلك الحوادث التي تحدث كثيراً لسكان هذا العالم الثالث. لا، توقّف أمام كلمة سكان. سيقول كائنات العالم الثالث. فذلك أفضل وأقرب إلى الصواب.
فجأة أنهى المقابلات. أوقف التحقيق مع الشاب. وقال إنه يريد أن يخلو إلى نفسه، ليكتب تقريراً هاماً. وبعد أن خرج الجميع. بدأ يكتب.
اقترب موكب الرجل الكبير. حدث هرج ومرج. مرت أولاً قوات الأمن السرية. ثم قوات الأمن العلنية. وأخيراً الحرس الخاص بالرجل الكبير. وكان مكوناً من ثلاثة أنواع.
سمع الشاب أصواتاً كثيرة. تعود على سماعها. في مثل هذه المواكب: صفارات، آلات إنذار، أقدام، جري، لهاث. تحذيرات. إلقاء قبض على عنصر مندس. وشاهد على الوجوه: دهشة، تغطية، حزم، خوف على الرجل الكبير، توتر يصل إلى مداه، قبل وصول الموكب بجزء من الدقيقة. أمامه كان يقف صف متماسك من أجساد الجنود ليمنعوا العامة من الناس. من الاقتراب من موكب الرجل الكبير. أما قوات الأمن الأجنبية. فكانت تشرف على قوات الأمن الوطنية وتقودها، وتصدر لها الأوامر والتعليمات.
العامة من الناس. الذين سمحوا لهم بالدخول في نطاق الموكب. استخف بهم الفرح. وبدأوا يستعدون لتحية الرجل الكبير. وانطلق هدير الهتافات المتفق عليها. أخرج قائد الجماهير ورقة، نظر فيها وهتف. رد عليه الآخرون من حناجرهم. واشتعلت الهتافات من بعضها. وازدحم كرّدون الموكب المسلح بكلمات عن الحب والفداء. والروح والدم المشوار الذي لا بد وأن يكتمل. مهما كانت الظروف.
في اللحظة التي أصبح الرجل الكبير فيها.
في مواجهة الشاب تماماً، وكان الرجل الكبير يحاول إخراج يده من نافذة السيارة. لكي يحيي الجماهير. وكان يبتسم ابتسامته البلهاء. حاول الرجل الكبير أن يخرج يديه معا. وأن يصفق محييا الجماهير. ولكن مستشاره الأمني الأجنبي. والذي كان يجلس في المقعد الأمامي. أدخل يد الرجل الكبير.
في هذه اللحظة. أخرج الشاب مسدس. وأطلقه. كان قريباً من الرجل الكبير. فمات على الفور. رمى الشاب المسدس على الأرض. والدخان يخرج من فوهته ببطء. فتذكر الشاب أفلام رعاة البقر التي كان يشاهدها في صباه. وتمنى لو نفخ الدخان بفمه. قبل أن يرمي المسدس على الأرض. كما كان يفعل أبطال هذه الأفلام. فكر في العودة إلى المسدس لكي يفعل هذا. ولكنه عندما تذكر أن الدخان الخارجي من المسدس قد انتهى الآن. فقد رغبته في العودة إلى المسدس. قال لنفسه: إن الحياة تخرج الآن من جسد الرجل الكبير. رغم نقله فوراً إلى سيارة إسعاف كانت تسير وراء سيارته مباشرة. قيل إنها مستشفى كامل متحرك. وأنها هدية من الدولة الكبرى التي تحمي الرجل الكبير.
أخرج الشاب القنبلة بهدوء. عليه أن يفجرها الآن. وتحت ستار الدخان الذي سيخرج منها يمكنه الهروب. نزع فتيل الأمان. ورمى القنبلة. لم تنفجر. وفتت الأنظار إليه. فألقوا القبض عليه ببساطة.
جلس الشاب أمام محقق. ينتمي للدولة الكبرى. التي كانت تحمي الرجل الكبير. ابتسم المحقق الغامض. والذي كان يخفي عينيه تحت نظارة شديدة السواد. وكان بين الشاب والمحقق مترجم. ينقل كلمات الحديث بينهما. ألقص المحقق الأجنبي ابتسامة على وجهه. طلب منه أن يستريح في جلسته، ومنديلاً من الورق مغموساً في الكولونيا. وقال للشاب بهدوء عبر المترجمٍ:
ـ حسناً. هل قتلت إذن رجلنا الكبير هنا.
قال الشاب باندفاع. وهو يتذوق الحماسة من فمه:
ـ نعم.
قال المحقق الغريب، من خلال المترجم:
ـ ما دمت قد قتلت رجلنا، تعال إذن نتكلم ونتناقش. ونجري حوار حول هذا الأمر.
تساءل الشاب:
ـ هذا الأمر فقط..؟
قال الرجل الأجنبي:
ـ أوه لا.. كل الأمور. من المؤكد أن كل الأمور يمكن أن نتحاور بشأنها.
وقف الشاب غاضباً وتساءل:
ـ أي كلام وأي نقاش وأي حوار.
قبل أن يكمل الشاب جملته، دخل شخص وهمس في أذن المحقق بكلمات. لم يقلها من خلال المترجم لسريتها التامة، ولأنه أجنبي أيضاً. تساءل المحقق الأجنبي بعدها:
ـ شاب آخر يقول أنه قاتل الرجل الكبير؟ دعنه ينتظر..
بدت الدهشة على وجه المحقق مندوب الدولة الكبرى الأمني. ونظر نحو الشاب. وقبل أن يخبره بأمر الشاب الآخر. قال الشاب الأول:
ـ كان المخرج الوحيد لكي أسمعه صوتي. هو استعمال المسدس. ولهذا قتلته.
تساءل المحقق الأجنبي:
ـ ولكن رجلنا الكبير كان يقول لنا صباح مساء. إنه لا عمل له سوى المحاورة معكم لدرجة أننا أسميناه المحور الأكبر.
ودخل شخص آخر. وهمس في أذن المحقق الأجنبي. فتساءل المحقق:
ـ أكثر من شاب وشيخ وطفل وأكثر من.
قال الشخص الذي يهمس:
ـ كلهم يقولون أنهم الذين قتلوا رجلنا الكبير..
تساءل المحقق:
ـ هل هذا معقول..
أكمل الشخص الذي يهمس:
ـ هذا غير الذين رفضوا الاعتراف لنا. وقرروا الاعتراف للسلطات الوطنية.
عاد المحقق إلى الشاب، نظر إلى المترجم. وسأله أن يشرح له الأمر. تكلم المترجم كثيراً. عن كل الأبواب التي سدت. والنوافذ التي أغلقت. والطرق التي حرست. الجسور التي نسفت. وعن الأخطاء التي وقعت.
لم يفهم المحقق الأجنبي، الكثير من هذه الكلمات. كان ما يشغله. هو ادعاء كلّ سكان البلد. أنهم الذي قتلوا الرجل الكبير. وأنه من الصعب في هذه الحالة، معرفة القاتل. ولا معرفة دوافع القتل. فكر في التقرير الذي سيرفعه لدولته عن هذا الحادث المؤسف ، الذي وقع في فترة عمله هو بالذات. دارت الكلمات في ذهنه. ولكنه لم يستقر على صياغة معينة. فكر في مقابلة كل الذين قتلوا الرجل الكبير. وسماعهم ولكن تزايد من يدعون ذلك. أكد له استحالة مقابلة أي عدد منهم.
قرر أن يكتب بصرة عامة. أنه وقع في البلد حادث مؤسف. من تلك الحوادث التي تحدث كثيراً لسكان هذا العالم الثالث. لا، توقّف أمام كلمة سكان. سيقول كائنات العالم الثالث. فذلك أفضل وأقرب إلى الصواب.
فجأة أنهى المقابلات. أوقف التحقيق مع الشاب. وقال إنه يريد أن يخلو إلى نفسه، ليكتب تقريراً هاماً. وبعد أن خرج الجميع. بدأ يكتب.