وقد أشار بيان الجماعة الى ان اجتماع الجبهة بتاريخ السادس من شباط- فبراير الماضي كان مفصليا وكشف عن عدم تفهم خدام وحلفائه الصغار لما قام به الاخوان من تجميد للنشاط المعارض الامر الذي جعلهم يقررون عدم الحاجة للاستمرار في جبهة انفرط عقدها ( في ضوء هذه المتغيّرات، كان لا بدّ من إعادة النظرِ في الموقف من جبهة الخلاص الوطني، فقامَتْ جماعتُنا من خلالِ مؤسّساتها المعنيّة، بتقويم هذه التطوّرات، وانعكاساتها على الموقف العام، في إطاره الوطنيّ والعربيّ والإسلاميّ، ومراجعةِ موقفها من الجبهة، في إطارِ الثوابتِ الوطنيةِ والموقفِ السياسيّ المعتمَد، وقرّرتْ بعد التداولِ والتشاور، وبأغلبيةٍ كبيرة، الانسحابَ من جبهةِ الخلاص الوطنيّ، بعد أن انفرطَ عقدُ الجبهة عملياً، وأصبحَتْ - بوضعها الحاليّ - عاجزةً عن النهوضِ بمتطلّباتِ المشروعِ الوطنيّ، والوفاءِ بمستلزماته.)
وتكمن في خلفية هذ ا القرار قضيتان لم يناقشهما الاخوان صراحة حتى هذه اللحظة لكنهم سيضطرون لذلك بعد حين والقضيتان هما قيام التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بالتوسط بينهم وبين النظام والوعد بموقف ايجابي من تلك الوساطة والتغييرات الدراماتيكية في العلاقات العربية وخصوصا ما يتعلق بالعلاقات بين سورية والسعودية التي كانت تدعم خدام والاخوان معا وكان من شروط النظام السوري للصلح معها ايقاف ذلك الدعم وعندما اكتملت شروط المصالحة أوقفت السعودية دعمها المباشر فتعثر الدعم غير المباشر وهذا ما بدا جليا أثناء اطلاق خدام لفناة تلفزيونية متعثرة بمساعدة تيار المستقبل الذي يتزعمه اللبناني المتسعود سعد الحريري
وعلى صعيد قضية الوساطة يبدو ان النظام لم يكتف بقرار تعليق المعارضة الذي اتخذه الاخوان انما طالب الوسطاء بان ينسحب الاخوان من جبهة الخلاص لاذلال الطرفين معا وترك عبد الحليم خدام وحده في العراء بعد فقد آخر حليف ، ومع قرار الاخوان الجديد يتوقع المراقبون قيام النظام السوري بخطوة رمزية اتجاه تصفية الارث الدموي مع الاخوان ربما في عيد تأسيس البعث بعد ايام أو في ذكرى عيد الجلاء في السابع عشر من بريل - نيسان ومهما كان حجم تلك الخطوة فسوف تظل في اطارها الرمزي أما المصالحة الوطنية الحقيقية في سورية فلم تنضج ظروفها الداخلية المرتبطة بمواقف عدة أجهزة أمنية تتضارب مواقفها من قضية المصالحة الشاملة
وفي ما يلي البيان الكامل لجماعة الاخوان المسلمين السورية
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان من جماعة الإخوان المسلمين في سورية
حول الموقف من جبهة الخلاص الوطني
أيها الإخوةُ المواطنون أبناءَ سوريةَ الحرّةِ الأبيّة.. يا أبناءَ أمتنا العربية والإسلامية..
لقد مثّلَتْ جماعةُ الإخوان المسلمين في سورية، منذُ نشأتها، مكوّناً حيويّاً في نسيجِ مجتمعنا السوريّ بتجسّداته الفكرية والسياسية والاجتماعية، كما مثّلَتْ رافعاً واضحَ الهوية، ثابتَ السّمات، من روافع مشروع الأمة العربية المسلمة في أفقه العام.
ومنذُ سنواتِ النشأةِ الأولى، كان لجماعتنا تحالفاتُها الوطنيةُ الملتزمةُ بالمحدّداتِ والثوابتِ التي تخدمُ مشروعَ التحرير والإصلاح، على المستوى الوطنيّ والقوميّ والإسلاميّ، لاسيّما دورَها المميّز في الدفاع عن فلسطين، ومقاومة المشروع الصهيونيّ بأبعاده المتعدّدة، أو في دعم مشروع الوحدة العربية والدفاع عنه، أو في التصدّي لمشاريع الأحلاف المعادية لأمتنا في ظروف الحرب الباردة.
ولقد ظلّتْ جماعتُنا في سنواتِ محنتها الطويلة، وفيةً للساحةِ الوطنية، بكلّ مكوّناتها وتشكّلاتها. فشاركَتْ في أكثرَ من تحالفٍ وطنيّ، وعلى مستوياتٍ متعدّدةٍ من مشروعات التغيير الوطنيّ المنشود؛ فكما أسّسَتْ في العهود الديمقراطية (الجبهةَ الاشتراكيةَ الإسلامية) و(الجبهةَ الإسلاميةَ التعاونية) بقيادة الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله تعالى، فقد شاركَتْ بعدَ ذلك في تأسيس (الجبهة الإسلامية) عام 1980، و(التحالف الوطني لتحرير سورية) عام 1982، و(الجبهة الوطنية لإنقاذ سورية) عام 1990، و(التحالف الوطني لإنقاذ سورية) عام 1995، و(مؤتمر الميثاق الوطني) عام 2002، و(إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي) عام 2005، و(جبهة الخلاص الوطني) عام 2006
وفي كلّ هذه التحالفات، كانتْ جماعتُنا مكوّناً فاعلاً ومنجِزاً ووفياً للمشروع المشترَك، ومحافظاً على حسن العلاقة مع أطرافه جميعا، وكانتْ في كلّ مرحلةٍ تنظرُ إلى المصلحةِ الوطنيةِ العليا - كما تتجسّدُ في لحظتها التاريخية - على أنها المناطُ الأول للحركة، في إطارِ مشروعٍ وطنيّ قوميّ إسلاميّ، حيث لا يمكنُ - في تصوّرنا - أن ينفصلَ القطريّ الوطنيّ عن القوميّ والإسلاميّ.
ومن البديهيّ أنّ التحالفَ على الأهداف المشتركة، لا يَعني - بأيّ حالٍ من الأحوال - التطابقَ التامّ في جميع عناصر الرؤية، بخلفيّاتها أو تطلّعاتها، فالتحالفُ إنما يكون على هدفٍ محدّد، دونَ أن يستلزمَ ذلك الاندماجَ الكاملَ بين أطرافِ التحالف. ومن البديهيّ أيضاً أنّ هذه التحالفاتِ لا تُلغي أيّ خصوصيةٍ برامجيةٍ، لأيّ طرفٍ من أطرافِ التحالف، لكنها تستلزمُ في الوقتِ نفسِه، التوقّفَ عن طرحِ الخصوصيّات التي تضرّ بمشروعِ التحالف، في آفاقه العامة الوطنية والقومية على السواء.
يا جماهيرَ شعبنا الحرّةَ الأبيّة.. يا أبناءَ أمتنا العربيةِ والإسلامية..
على أساس هذه الرؤية الإستراتيجية، كانتْ مشاركتُنا في تأسيسِ (جبهة الخلاص الوطنيّ) بتاريخ 17 آذار 2006، رافعةً وطنيةً لخدمةِ المشروعِ الوطنيّ السوريّ، في آفاقه القوميّةِ والإسلاميّةِ والحضاريّة، وحاولنا - بالتعاونِ مع كلّ أطرافِ الجبهة - النهوضَ بمتطلّبات هذا المشروعِ المشترك، متجاوزين كلّ الصعوباتِ والعقبات، متحمّلين الكثيرَ من الانتقادات، حريصينَ على أن يسودَ الاحترامُ المتبادَلُ أجواءَ العلاقةِ بين مختلف الأطراف. ونعتقدُ أنه رغمَ كلّ الصعوباتِ والمعوّقات، فقد حقّقت الجبهةُ بعضَ الإنجازات، على طريق العمل الوطنيّ المشترك.
وعلى الرغم من تجاوزاتِ بعضِ أطراف الجبهة، ومواقفِها العدائيةِ المعلنةِ تجاه الحركةِ الإسلامية، وتجاه مشروعِ المقاومة.. فقد كنا نتجاوزُ هذه المواقف، ونعتبرُها بعضَ الخصوصيّات، ما دامتْ لا تعبّرُ عن مواقفِ الجبهة، ولا تُلزمُ أطرافَها بشيء، حرصاً منا على استمرارِ الجبهة، والمضيّ في حملِ أعباءِ المشروعِ الوطنيّ المشترك.
ثم جاءَ العدوانُ الصهيونيّ على غزّة، بكلّ وحشيّته وقسوته، ليضعَ جماهيرَ شعبنا وأمتنا أمامَ مسئوليةٍ تاريخية، ما كانَ لنا أن نتخلّفَ عنها، وكانت البوصلةُ الجماهيريةُ الإسلاميةُ والعربيةُ والوطنية، تؤشّرُ باتجاهٍ واحد، انتصاراً لمشروعِ المقاومة، ووفاءً للمقاومين الأبطال، ودعماً لروح الإباءِ والصمودِ في هذه الأمة..
واستشعاراً لهذه المسئوليةِ التاريخية، وقياماً بحقّها، أعلنَتْ جماعتُنا بتاريخ 7/1/2009، وضْعَ جميعِ إمكاناتها في خدمةِ مشروعِ المقاومة، وتعليقَ أنشطتِها المعارضة، توفيراً لجهودِها للمعركة الأساسيةِ ومواجهةِ العدوان، وطالبت النظامَ في سورية - انسجاماً مع شعار الممانعة ودعم المقاومة- أن يبادرَ إلى المصالحةِ الوطنيةِ مع شعبه، وإلى إزالةِ كلّ العوائقِ التي تحولُ دونَ قيامِ سوريةَ بدورها المطلوبِ للدفاعِ عن مكانتها، وتحريرِ أراضيها، ودعمِ صمودِ أشقّائنا الفلسطينيين.
وإزالةً للالتباسِ الذي أثارته بعضُ الأطراف، حولَ تعارضِ موقفنا مع ميثاق جبهة الخلاص الوطنيّ، تقدّمْنا إلى اجتماعِ الأمانة العامة للجبهة المنعقدِ بتاريخ 6/2/2009، بمذكّرةٍ توضيحية، شرحْنا فيها موقفَ الجماعةِ وحيثيّاته وأبعادَه، مؤكّدينَ حرصَنا على الجبهة وتمسّكَنا بها، في إطارِ مرجعيتنا الإسلامية، وخصوصيّتنا التنظيمية، وفي إطارِ الثوابتِ العامةِ للأمة، والإقرارِ بأهميّة القضيةِ الفلسطينية ومركزيّتها.. معتبرينَ أنّ المشروعَ الوطنيّ في سورية، إنما هو جزءٌ من مشروعِ الأمةِ في آفاقه العامة، لا يمكنُ أن ينفصلَ عنه.
لقد كشفَ هذا الاجتماعُ الأخيرُ للأمانة العامة للجبهة، عن تبايناتٍ في وجهات النظر، حولَ القضيةِ الفلسطينية، والموقفِ من المقاومة، ومن العدوانِ الصهيونيّ الأخيرِ على غزة، وكذلك حولَ تقويمِ موقفنا بتعليقِ الأنشطةِ المعارضة. وتبعَ ذلكَ وسبقَهُ من بعض الأطراف، بياناتٌ وتصريحاتٌ ومقالات.. تندّدُ بالحركةِ الإسلاميةِ عامةً، وبجماعتنا بشكلٍ خاص، وتشنّ عليها حملةً من الافتراءاتِ والاتهامات، كنا نتحمّلُها ونُغْضي عنها، حرصاً منّا على المضيّ في مشروعنا التحالفيّ المشترَك. هذا مع الإشارة إلى أنّّ موقفَنا الذي لم يلقَ - مع الأسف - تفهّماً من بعضِ شركائنا في جبهة الخلاص، قد استُقبِلَ بترحيبٍ كبيرٍ في الأوساطِ الوطنية والعربية والإسلامية.
بناءً على ما تقدّم، وفي ضوء هذه المتغيّرات، كان لا بدّ من إعادة النظرِ في الموقف من جبهة الخلاص الوطني، فقامَتْ جماعتُنا من خلالِ مؤسّساتها المعنيّة، بتقويم هذه التطوّرات، وانعكاساتها على الموقف العام، في إطاره الوطنيّ والعربيّ والإسلاميّ، ومراجعةِ موقفها من الجبهة، في إطارِ الثوابتِ الوطنيةِ والموقفِ السياسيّ المعتمَد، وقرّرتْ بعد التداولِ والتشاور، وبأغلبيةٍ كبيرة، الانسحابَ من جبهةِ الخلاص الوطنيّ، بعد أن انفرطَ عقدُ الجبهة عملياً، وأصبحَتْ - بوضعها الحاليّ - عاجزةً عن النهوضِ بمتطلّباتِ المشروعِ الوطنيّ، والوفاءِ بمستلزماته.
لقد تريّثْنا طويلاً قبلَ اتخاذِ قرارنا الصعب، ولم يكنْ ذلكَ عن تردّدٍ في شأن خياراتنا الإستراتيجيّة، أو في التحامِ مشروعنا الوطنيّ بأفقه العربيّ والإسلاميّ، إنما كان ذلكَ حرصاً منّا على الجبهةِ واستمرارها، ورغبةً في إفساحِ المجالِ أمامَ جميعِ الفرقاء، لمراجعةِ مواقفهم، وحسابِ النتائج التي ستترتّبُ عليها.
مؤكّدينَ من جديدٍ على حقوقِ شعبنا التي كفلتها شرائعُ الأرضِ والسماء، في الحريةِ والكرامةِ والعدلِ والمساواة.. متمنّينَ لجميع العاملين في الحقلِ الوطنيّ التوفيقَ والنجاح، من أجلِ بناءِ سوريةَ وطناً قوياً منيعاً لجميعِ أبنائه. وستبقى أيدينا ممدودةً دائماً للتعاونِ مع سائرِ القوى الوطنية، في كلّ ما يخدمُ قضايا شعبنا، ويحقّقُ أهدافَه وتطلّعاتِه في الحريةِ والتقدّمِ والمنَعَةِ والازدهار..
4 نيسان (أبريل) 2009 جماعة الإخوان المسلمين في سورية
وتكمن في خلفية هذ ا القرار قضيتان لم يناقشهما الاخوان صراحة حتى هذه اللحظة لكنهم سيضطرون لذلك بعد حين والقضيتان هما قيام التنظيم العالمي للاخوان المسلمين بالتوسط بينهم وبين النظام والوعد بموقف ايجابي من تلك الوساطة والتغييرات الدراماتيكية في العلاقات العربية وخصوصا ما يتعلق بالعلاقات بين سورية والسعودية التي كانت تدعم خدام والاخوان معا وكان من شروط النظام السوري للصلح معها ايقاف ذلك الدعم وعندما اكتملت شروط المصالحة أوقفت السعودية دعمها المباشر فتعثر الدعم غير المباشر وهذا ما بدا جليا أثناء اطلاق خدام لفناة تلفزيونية متعثرة بمساعدة تيار المستقبل الذي يتزعمه اللبناني المتسعود سعد الحريري
وعلى صعيد قضية الوساطة يبدو ان النظام لم يكتف بقرار تعليق المعارضة الذي اتخذه الاخوان انما طالب الوسطاء بان ينسحب الاخوان من جبهة الخلاص لاذلال الطرفين معا وترك عبد الحليم خدام وحده في العراء بعد فقد آخر حليف ، ومع قرار الاخوان الجديد يتوقع المراقبون قيام النظام السوري بخطوة رمزية اتجاه تصفية الارث الدموي مع الاخوان ربما في عيد تأسيس البعث بعد ايام أو في ذكرى عيد الجلاء في السابع عشر من بريل - نيسان ومهما كان حجم تلك الخطوة فسوف تظل في اطارها الرمزي أما المصالحة الوطنية الحقيقية في سورية فلم تنضج ظروفها الداخلية المرتبطة بمواقف عدة أجهزة أمنية تتضارب مواقفها من قضية المصالحة الشاملة
وفي ما يلي البيان الكامل لجماعة الاخوان المسلمين السورية
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان من جماعة الإخوان المسلمين في سورية
حول الموقف من جبهة الخلاص الوطني
أيها الإخوةُ المواطنون أبناءَ سوريةَ الحرّةِ الأبيّة.. يا أبناءَ أمتنا العربية والإسلامية..
لقد مثّلَتْ جماعةُ الإخوان المسلمين في سورية، منذُ نشأتها، مكوّناً حيويّاً في نسيجِ مجتمعنا السوريّ بتجسّداته الفكرية والسياسية والاجتماعية، كما مثّلَتْ رافعاً واضحَ الهوية، ثابتَ السّمات، من روافع مشروع الأمة العربية المسلمة في أفقه العام.
ومنذُ سنواتِ النشأةِ الأولى، كان لجماعتنا تحالفاتُها الوطنيةُ الملتزمةُ بالمحدّداتِ والثوابتِ التي تخدمُ مشروعَ التحرير والإصلاح، على المستوى الوطنيّ والقوميّ والإسلاميّ، لاسيّما دورَها المميّز في الدفاع عن فلسطين، ومقاومة المشروع الصهيونيّ بأبعاده المتعدّدة، أو في دعم مشروع الوحدة العربية والدفاع عنه، أو في التصدّي لمشاريع الأحلاف المعادية لأمتنا في ظروف الحرب الباردة.
ولقد ظلّتْ جماعتُنا في سنواتِ محنتها الطويلة، وفيةً للساحةِ الوطنية، بكلّ مكوّناتها وتشكّلاتها. فشاركَتْ في أكثرَ من تحالفٍ وطنيّ، وعلى مستوياتٍ متعدّدةٍ من مشروعات التغيير الوطنيّ المنشود؛ فكما أسّسَتْ في العهود الديمقراطية (الجبهةَ الاشتراكيةَ الإسلامية) و(الجبهةَ الإسلاميةَ التعاونية) بقيادة الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله تعالى، فقد شاركَتْ بعدَ ذلك في تأسيس (الجبهة الإسلامية) عام 1980، و(التحالف الوطني لتحرير سورية) عام 1982، و(الجبهة الوطنية لإنقاذ سورية) عام 1990، و(التحالف الوطني لإنقاذ سورية) عام 1995، و(مؤتمر الميثاق الوطني) عام 2002، و(إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي) عام 2005، و(جبهة الخلاص الوطني) عام 2006
وفي كلّ هذه التحالفات، كانتْ جماعتُنا مكوّناً فاعلاً ومنجِزاً ووفياً للمشروع المشترَك، ومحافظاً على حسن العلاقة مع أطرافه جميعا، وكانتْ في كلّ مرحلةٍ تنظرُ إلى المصلحةِ الوطنيةِ العليا - كما تتجسّدُ في لحظتها التاريخية - على أنها المناطُ الأول للحركة، في إطارِ مشروعٍ وطنيّ قوميّ إسلاميّ، حيث لا يمكنُ - في تصوّرنا - أن ينفصلَ القطريّ الوطنيّ عن القوميّ والإسلاميّ.
ومن البديهيّ أنّ التحالفَ على الأهداف المشتركة، لا يَعني - بأيّ حالٍ من الأحوال - التطابقَ التامّ في جميع عناصر الرؤية، بخلفيّاتها أو تطلّعاتها، فالتحالفُ إنما يكون على هدفٍ محدّد، دونَ أن يستلزمَ ذلك الاندماجَ الكاملَ بين أطرافِ التحالف. ومن البديهيّ أيضاً أنّ هذه التحالفاتِ لا تُلغي أيّ خصوصيةٍ برامجيةٍ، لأيّ طرفٍ من أطرافِ التحالف، لكنها تستلزمُ في الوقتِ نفسِه، التوقّفَ عن طرحِ الخصوصيّات التي تضرّ بمشروعِ التحالف، في آفاقه العامة الوطنية والقومية على السواء.
يا جماهيرَ شعبنا الحرّةَ الأبيّة.. يا أبناءَ أمتنا العربيةِ والإسلامية..
على أساس هذه الرؤية الإستراتيجية، كانتْ مشاركتُنا في تأسيسِ (جبهة الخلاص الوطنيّ) بتاريخ 17 آذار 2006، رافعةً وطنيةً لخدمةِ المشروعِ الوطنيّ السوريّ، في آفاقه القوميّةِ والإسلاميّةِ والحضاريّة، وحاولنا - بالتعاونِ مع كلّ أطرافِ الجبهة - النهوضَ بمتطلّبات هذا المشروعِ المشترك، متجاوزين كلّ الصعوباتِ والعقبات، متحمّلين الكثيرَ من الانتقادات، حريصينَ على أن يسودَ الاحترامُ المتبادَلُ أجواءَ العلاقةِ بين مختلف الأطراف. ونعتقدُ أنه رغمَ كلّ الصعوباتِ والمعوّقات، فقد حقّقت الجبهةُ بعضَ الإنجازات، على طريق العمل الوطنيّ المشترك.
وعلى الرغم من تجاوزاتِ بعضِ أطراف الجبهة، ومواقفِها العدائيةِ المعلنةِ تجاه الحركةِ الإسلامية، وتجاه مشروعِ المقاومة.. فقد كنا نتجاوزُ هذه المواقف، ونعتبرُها بعضَ الخصوصيّات، ما دامتْ لا تعبّرُ عن مواقفِ الجبهة، ولا تُلزمُ أطرافَها بشيء، حرصاً منا على استمرارِ الجبهة، والمضيّ في حملِ أعباءِ المشروعِ الوطنيّ المشترك.
ثم جاءَ العدوانُ الصهيونيّ على غزّة، بكلّ وحشيّته وقسوته، ليضعَ جماهيرَ شعبنا وأمتنا أمامَ مسئوليةٍ تاريخية، ما كانَ لنا أن نتخلّفَ عنها، وكانت البوصلةُ الجماهيريةُ الإسلاميةُ والعربيةُ والوطنية، تؤشّرُ باتجاهٍ واحد، انتصاراً لمشروعِ المقاومة، ووفاءً للمقاومين الأبطال، ودعماً لروح الإباءِ والصمودِ في هذه الأمة..
واستشعاراً لهذه المسئوليةِ التاريخية، وقياماً بحقّها، أعلنَتْ جماعتُنا بتاريخ 7/1/2009، وضْعَ جميعِ إمكاناتها في خدمةِ مشروعِ المقاومة، وتعليقَ أنشطتِها المعارضة، توفيراً لجهودِها للمعركة الأساسيةِ ومواجهةِ العدوان، وطالبت النظامَ في سورية - انسجاماً مع شعار الممانعة ودعم المقاومة- أن يبادرَ إلى المصالحةِ الوطنيةِ مع شعبه، وإلى إزالةِ كلّ العوائقِ التي تحولُ دونَ قيامِ سوريةَ بدورها المطلوبِ للدفاعِ عن مكانتها، وتحريرِ أراضيها، ودعمِ صمودِ أشقّائنا الفلسطينيين.
وإزالةً للالتباسِ الذي أثارته بعضُ الأطراف، حولَ تعارضِ موقفنا مع ميثاق جبهة الخلاص الوطنيّ، تقدّمْنا إلى اجتماعِ الأمانة العامة للجبهة المنعقدِ بتاريخ 6/2/2009، بمذكّرةٍ توضيحية، شرحْنا فيها موقفَ الجماعةِ وحيثيّاته وأبعادَه، مؤكّدينَ حرصَنا على الجبهة وتمسّكَنا بها، في إطارِ مرجعيتنا الإسلامية، وخصوصيّتنا التنظيمية، وفي إطارِ الثوابتِ العامةِ للأمة، والإقرارِ بأهميّة القضيةِ الفلسطينية ومركزيّتها.. معتبرينَ أنّ المشروعَ الوطنيّ في سورية، إنما هو جزءٌ من مشروعِ الأمةِ في آفاقه العامة، لا يمكنُ أن ينفصلَ عنه.
لقد كشفَ هذا الاجتماعُ الأخيرُ للأمانة العامة للجبهة، عن تبايناتٍ في وجهات النظر، حولَ القضيةِ الفلسطينية، والموقفِ من المقاومة، ومن العدوانِ الصهيونيّ الأخيرِ على غزة، وكذلك حولَ تقويمِ موقفنا بتعليقِ الأنشطةِ المعارضة. وتبعَ ذلكَ وسبقَهُ من بعض الأطراف، بياناتٌ وتصريحاتٌ ومقالات.. تندّدُ بالحركةِ الإسلاميةِ عامةً، وبجماعتنا بشكلٍ خاص، وتشنّ عليها حملةً من الافتراءاتِ والاتهامات، كنا نتحمّلُها ونُغْضي عنها، حرصاً منّا على المضيّ في مشروعنا التحالفيّ المشترَك. هذا مع الإشارة إلى أنّّ موقفَنا الذي لم يلقَ - مع الأسف - تفهّماً من بعضِ شركائنا في جبهة الخلاص، قد استُقبِلَ بترحيبٍ كبيرٍ في الأوساطِ الوطنية والعربية والإسلامية.
بناءً على ما تقدّم، وفي ضوء هذه المتغيّرات، كان لا بدّ من إعادة النظرِ في الموقف من جبهة الخلاص الوطني، فقامَتْ جماعتُنا من خلالِ مؤسّساتها المعنيّة، بتقويم هذه التطوّرات، وانعكاساتها على الموقف العام، في إطاره الوطنيّ والعربيّ والإسلاميّ، ومراجعةِ موقفها من الجبهة، في إطارِ الثوابتِ الوطنيةِ والموقفِ السياسيّ المعتمَد، وقرّرتْ بعد التداولِ والتشاور، وبأغلبيةٍ كبيرة، الانسحابَ من جبهةِ الخلاص الوطنيّ، بعد أن انفرطَ عقدُ الجبهة عملياً، وأصبحَتْ - بوضعها الحاليّ - عاجزةً عن النهوضِ بمتطلّباتِ المشروعِ الوطنيّ، والوفاءِ بمستلزماته.
لقد تريّثْنا طويلاً قبلَ اتخاذِ قرارنا الصعب، ولم يكنْ ذلكَ عن تردّدٍ في شأن خياراتنا الإستراتيجيّة، أو في التحامِ مشروعنا الوطنيّ بأفقه العربيّ والإسلاميّ، إنما كان ذلكَ حرصاً منّا على الجبهةِ واستمرارها، ورغبةً في إفساحِ المجالِ أمامَ جميعِ الفرقاء، لمراجعةِ مواقفهم، وحسابِ النتائج التي ستترتّبُ عليها.
مؤكّدينَ من جديدٍ على حقوقِ شعبنا التي كفلتها شرائعُ الأرضِ والسماء، في الحريةِ والكرامةِ والعدلِ والمساواة.. متمنّينَ لجميع العاملين في الحقلِ الوطنيّ التوفيقَ والنجاح، من أجلِ بناءِ سوريةَ وطناً قوياً منيعاً لجميعِ أبنائه. وستبقى أيدينا ممدودةً دائماً للتعاونِ مع سائرِ القوى الوطنية، في كلّ ما يخدمُ قضايا شعبنا، ويحقّقُ أهدافَه وتطلّعاتِه في الحريةِ والتقدّمِ والمنَعَةِ والازدهار..
4 نيسان (أبريل) 2009 جماعة الإخوان المسلمين في سورية