ودلف الكاتب الذي يبلغ من العمر 39 عاما إلى عالم الكتب السيئة عن عصابات المافيا بروايته الرائعة "جومورا" التي صدرت في عام 2006، كشف النقاب عن الأسرار و الأعمال الداخلية لعصابة نابولي، والتي تحولت إلى فيلم، ثم مسلسل تليفزيوني لاحقا.
وصنعت "جومورا" من سافيانو واحدا من أكثر الشخصيات المناوئة للمافيا في العالم، وهو يعلم علم اليقين أنه يخوض حربا لن يكتب له النصر فيها أبدا.
وقال سافيانو في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): " لا اعتقد أنه يمكن القضاء على المافيا: إنها واحدة من أكثر المنظمات كفاءة في أوروبا." ويصر الكاتب على أن عصابات المافيا الإيطالية قد توسعت إلى ما وراء الحدود الوطنية.
إذا، لماذا يواصل سافيانو طريقه؟
قال سافيانو: " الغضب والطموح... الطموح أن تقول: لم تكسرونني. ولذلك، فالأمر أيضا شخصي. ثمة رغبة في أن أنقل هذه القصص إلى العالم."
وتحدث سافيانو وهو جالس داخل أحد الفنادق بوسط العاصمة الألمانية برلين قبيل العرض الأول في ألمانيا لفيلم : "لا بارانزا يد بامبيني" "(أسماك بيرانا المفترسة" أو "أطفال أسماك بيرانا"، بحسب التسمية الإيطالية(، يوم 22 آب/أغسطس الجاري. ويستند إلى كتاب أصدره في عام 2016، عن عصابات "كامورا" من المراهقين.
وعرض الفيلم، الذي يشارك فيه مجموعة من الفنانين الهواة، لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي (برليناله) في دورته للعام الحالي، حيث فاز بجائزة "الدب الفضي" لأفضل سيناريو.
ويقول سافيانو، الذي يخضع لحماية الشرطة منذ 13 عاما: "هناك رجلان الآن بالخارج ونحن نجري حديثنا، ولكني أحاول ألا أفكر في ذلك," مضيفا أن الحياة تحت رقابة دائمة "مأساة وليست ميزة."
وقبل سنوات، شرح فيلم تسجيلي عن سافيانو أنه يجب التخطيط مسبقا لجميع تحركاته قبل يومين على الأقل، لإعطاء حرسه الشخصي الوقت لفحص الأماكن التي من المقرر أن يتوجه إليها.
ويعني هذا الوضع الخطير أيضا أن سافيانو لا يستطيع أن يركب دراجة، أو أن يقود سيارة أو دراجة نارية، ولا يمكنه أن تكون له ارتباطات منتظمة، مثل إعطاء دروس أو دورات أسبوعية، أو حتى الذهاب إلى السينما إذا لم تحجز كاملة له وحده.
كما جرى رفض صعوده على إحدى الطائرات، حيث إن شركة الطيران "خشيت أن يقضي الركاب رحلة مرهقة للأعصاب إذا ما تعرفوا عليه."
وقال سافيانو: "هذه المواقف تؤلمني بشدة."
وأضاف: "لا أخشى الموت، ولكني أخشى أن أواصل حياتي على هذا المنوال. ليس لأنني لا أعرف الخوف، ولكن بعدما سمع المرء الكثير عن الموت، يرى الأمر لا يقلقه."
والمافيا عبارة عن مصطلح شامل ينضوي تحته ثلاث جماعات للجريمة المنظمة في إيطاليا، هي: كامورا في نابولي، وكوزا نوسترا في صقلية, و ندرانجيتا في كالابريا.
ويحرص سافيانو على تأكيد أن هذه العصابات "ليست فقط ظاهرة إيطالية،" فهناك أيضا مافيا "ألمانية وفرنسية وإسبانية," ويأسى الرجل لغياب الوعي في أوروبا بشأن هذه النقطة.
وفي ألمانيا، على سبيل المثال، يقول الكاتب في أسى: "إنس هذا الأمر: لا أحد يتحدث عن المافيا... فقط عندما تقع مذبحة كبرى. وفي أعقاب ديوسبرج، اختفت مسألة المافيا."
ويشير سافيانو هنا إلى جريمة قتل ذهب ضحيتها ستة رجال في عام 2007 في "عملية انتقامية نفذتها عصابة ندرانجيتا بمدينة ديوسبرج، شمال غربي ألمانيا، وهي جريمة أصابت الألمان بصدمة.
ومنذ ذلك الحين، تعلم "مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية في ألمانيا" أن "ندرانجيتا هي عصابة الجريمة المهيمنة في ألمانيا، ولكن هذا ليس كافيا، وفقا لخبراء إيطاليين مثل سافيانو."
ويرى سافيانو أن ألمانيا، وغيرها من دول أوروبا، في حالة "إنكار كبير" بشأن إلى أي مدى تغلغلت عصابات المافيا الإيطالية في هذه البلاد، ودائما "ما تعتقد (هذه البلاد) أنها مشكلة جاءت من الخارج."
وفي إيطاليا، يعد سافيانو شخصية مثيرة للاستقطاب: فاليساريون يوقرونه كمثقف شجاع، أما أنصار اليمين فيمقتونه ويرون فيه استنزافا لموارد الشرطة، والكاهن الأعلى للكياسة السياسية.
وهناك عداء طويل بين سافيانو ونائب رئيس الوزراء ووزير خارجية إيطاليا المتشدد ماتيو سالفيني، زعيم حزب "رابطة الشمال" اليميني المتطرف.
وقال سافيانو: "لم يكن لدينا أبدا حكومة أقل مناوئة للمافيا من هذه الحكومة," وقد استنكر تعهدات سالفيني بـ "عدم التسامح مطلقا" مع عصابات المافيا ويراها "عملا تمثيليا."
ووفقا لسافيانو، فإن سياسات سالفيني المتشددة بشأن الهجرة "ستدفع كثيرا من المهاجرين" صوب الاقتصاد الأعمى (السوق السوداء), "ليتحولوا إلى أدوات في يد عصابات المافيا."
كما يزعم روائي الجريمة الإيطالية أن "زملاء" سالفيني في كلابريا قريبون من (مافيا) ندرانجيتا، " وأوردت مجلة "لا سيبرسو" اليسارية مزاعم عن هذه العلاقة. وسافيانو صاحب عمود في هذه المجلة.
وفي شهر آيار/مايو الماضي، نشر الوزير سالفيني مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" هدد فيه سافيانو بسحب الحراسة والحماية التي توفرها الشرطة له. ورأى سافيانو في ذلك تهديدا من زعيم "الرابطة" مفاده: "إذا ما واصلت الهجوم علي، سأتركك وحيدا."
وكان رد فعل سافيانو: "لن ترهبني."
عيون المقالات
حلقة برباغندا إيران انتهت مدة صلاحيتها
26/11/2024
- د. منى فياض
الفرصة التي صنعناها في بروكسل
26/11/2024
- موفق نيربية
(هواجس إيران في سوريا: زحمة موفدين…)
24/11/2024
- محمد قواص
مستقبل لبنان بعهدة شيعته!
23/11/2024
- فارس خشان
هل تخشى إيران من الأسد أم عليه؟
23/11/2024
- ضياء عودة
المهمة الفاشلة لهوكستين
23/11/2024
- حازم الأمين
نظام الأسد وحرب النأي بالنفس عن الحرب
21/11/2024
- بكر صدقي
الأسد الحائر أمام الخيارات المُرّة
17/11/2024
- مالك داغستاني
العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب
17/11/2024
- العميد الركن مصطفى الشيخ
إنّه سلام ما بعده سلام!
17/11/2024
- سمير التقي
تعيينات ترامب تزلزل إيران ورسالة خامنئي للأسد تتعلق بالحرب التي لم تأتِ بعد
17/11/2024
- عقيل حسين
هذا التوجس التركي من اجتياح إسرائيلي لدمشق
16/11/2024
- عبد الجبار عكيدي
السوريات في الحياة الأوروبية والتجارب السياسية
15/11/2024
- ملك توما
هل دقّت ساعة النّوويّ الإيرانيّ؟
13/11/2024
- أمين قمورية
بشـار الأسـد بين علي عبدالله صـالـح وحسـن نصر الله
13/11/2024
- فراس علاوي
“وقف الحروب” اختبارٌ لترامب “المختلف”
13/11/2024
- عبد الوهاب بدرخان
( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )
13/11/2024
- عبد الباسط سيدا*
قنبلة “بهتشلي”.. ماذا يحدث مع الأكراد في تركيا؟
13/11/2024
- كمال أوزتورك
طرابلس "المضطهدة" بين زمنين
13/11/2024
- د.محيي الدين اللاذقاني
حين تمتحن سورية تلك النبوءات كلّّها
12/11/2024
- ايمن الشوفي
|
روبرتو سافيانو... كاتب في مهمة انتحارية ضد المافيا الإيطاليةبرلين/روما – روبرتو سافيانو واحد من أكثر الرجال المطلوبين من قبل عصابات الجريمة المنظمة (المافيا) المعروفة باسم "كامورا" في مدينة نابولي الإيطالية.آلفيز أرمليني ودانيال راديماشير
الاحد 4 غشت 2019
|
|
|