والآن يتشوَّق السُّوريُّون لمتابعة إعلامهم الحرِّ غير المؤدلج وغير المملوك لهذا أو ذاك؛ ولم نعد بحاجة لمساعدة عزمي بشارة أو غيره؛ فهل سيتوقَّف بثُّ تلفزيون سوريا المعارض المملوك لعزمي بشارة في إسطنبول؟ هل سيترك للسُّوريِّين مساحة الفرجة على تلفزيونهم الرَّسميِّ بعد التَّحرير والاستقلال، أو سيبقى في مجال المنافسة وصناعة الأيدولوجيا الَّتي يريدها عزمي بشارة؟ وربَّما يسعى مالك التِّلفزيون وبعض موظَّفيه إلى استثمار تمويلهم السَّابق وتحويله إلى نفوذ ثقافيٍّ وسياسيٍّ داخل الإعلام السُّوريِّ بعد التَّحرير!
لماذا يمدح عزمي بشارة أنظمة المقاومة ويعادي الأنظمة العربيَّة الرَّسميَّة؟
عرف المجتمعُ العربيُّ المواطنَ وعضوَ الكينيست الإسرائيليّ عزمي بشارة عندما قدَّمه إعلام المجرم بشَّار الأسد بصفته مقاومًا ومفكِّرًا عربيًّا، ثمَّ انتقل عزمي بشارة إلى قطر، وأسَّس فيها جزءًا كبيرًا من إمبراطوريَّته الإعلاميَّة، الَّتي تحتاج ملايين الدُّولارات لتمويلها والإنفاق عليها؛ فإن كان عزمي بشارة معارضًا إسرائيليًّا لنتنياهو وغيره-كما يزعم-فمن يموِّل عزمي؟ ومن أين يأتي بملايين الدُّولارات شهريًا؟ ولخاطر مَن يُنفقها؟ وما هدفه من إنفاقها؟ والسُّؤال الأهمُّ: لماذا يمدح دائمًا أنظمة المقاومة البائدة؟ لماذا يشيد بحركاتها الَّتي تسبَّبت بمقتل الملايين في فلسطين وسوريا ولبنان واليمن والعراق ولم تحرِّر شبرًا واحدًا، ولم تحقِّق مكسبًا سياسيًّا واحداً؟ لماذا يشيد عزمي بشارة بأنظمة المقاومة البائدة والحركات (العروبيَّة القوميَّة الشُّوفينيَّة)؟ فهل تكشَّفت ملامح (حزب البعث جناح عزمي بشارة) بعد خلاصنا من جناحي صدَّام حسين وحافظ الأسد وابنه المجرم بشَّار؟ لماذا يتَّهم عزمي بشارة الأنظمة العربيَّة الرَّسميَّة بالتَّخاذل دائمًا، ويستثني أنظمة المقاومة البائدة؟ ولمصلحة مَن يُعادي عزمي بشارة هذه الأنظمة؟ ولمصلحة مَن يسير جنوده خلفه في بثِّ هذا العداء وصناعة هذه الأيديولوجيا ونشرها على مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ مقابل حفنة من الدُّولارات أو رغبة بالظُّهور الإعلاميِّ والمنفخة والهوبرة على مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ؟ لماذا يزرع عزمي وجنوده الحقد في نفوس الشُّعوب العربيَّة المستضعفة في (سوريا ولبنان وفلسطين واليمن والعراق) تجاه الأنظمة العربيَّة الرَّسميَّة الأخرى؟ لماذا يترك السَّاسةُ العربُ هذا الفضاءَ العربيُّ مفتوحًا أو مستباحًا لعزمي بشارة وزبانيته؟ وإن كان عزمي بشارة معارضًا إسرائيليًّا كما يزعم: لماذا لا يحلُّ عنَّا؟ لماذا لا يتوجَّه للنَّاخب الإسرائيليِّ؟ لماذا لا يخاطبه باللُّغة العبريَّة؟ لماذا لا يدعم عرب 48 بنصف إمبراطوريَّته الإعلاميَّة والاقتصاديَّة الَّتي ينفقها على (مثقَّفيه وإعلاميِّيه العرب)؟
هكذا علَّمتنا الثَّورة السُّوريَّة المباركة
كانت المملكة العربيَّة السُّعوديَّة أوَّل دولة ذات ثقل إقليميٍّ وعالميٍّ باركت لأحرار سوريا نجاح ثورتهم والخلاص من ظالمهم، برغم فزلكة نظام العائلة المخلوعة حول أهلما في السُّعوديَّة دائمًا، وكان شعب المملكة الأكثر فرحًا بخلاصنا من ظالمنا المجرم، ولنا أخوة مثقَّفون من أصحاب اليراعات الشَّامخة في جمهوريَّة مصر الحبيبة أو (أمِّ الدُّنيا) كما يحلو لهم أن يسمُّوها شاركونا فرحتنا، ونشروا على صفحاتهم يباركون لنا خلاصنا، وهم يعملون في مواقع رسميَّة مهمَّة في مصر الحبيبة، وكذلك شاركنا فرحتَنا أهلنا الأحرار في لبنان، لا سيَّما أهالي مدينة طرابلس، وكانت مباركات أخوتنا الكويتيِّين ذات مذاق خاصٍّ؛ كشفت عن نخوة أهلنا ومحبَّتهم الكبيرة، بالإضافة إلى مواقف نوَّابهم الشُّجاعة ومساندتهم لثوَّار سوريا وزياراتهم المتكرِّرة إلى الشِّمال السُّوريِّ، ومن نشامى الأردن التقطنا مباركات وتهنئات غالية على قلوبنا، وكذلك فعل أشقُّاء لنا في الإمارات وقطر والبحرين والعراق والمغرب والجزائر وتونس وليبيا وفلسطين، وكثير منهم في مواقع رسميَّة أو شبه رسميَّة في بلدانهم؛ فلماذا يبثُّ عزمي بشارة وزبانيته سموم العداء الدَّائم والنَّقد الدَّائم للأنظمة العربيَّة؟ ولو أراد أن يكمل طريقه في النِّضال ضدَّ الأنظمة العربيَّة فليذهب هو وزبانيته فليقاتلوأ أينما شاؤوا؛ وليتركونا نحن وأخوتنا العرب! إنَّا ههنا قاعدون!
كنَّا نشعر بالحزن والأسى عندما يبكي لنا أخٌ لبنانيٌّ بعد تضرُّره من جيش المجرم حافظ الأسد في لبنان؛ ونزلت أخبار جرائم حافظ الأسد وابنه بشَّار في لبنان كالصَّواعق على أحرار سوريا منذا اغتيال المعلِّم كمال جنبلاط والإساءات لكلٍّ من الرَّئيس رينيه معوَّض والسِّيدة نائلة معوَّض والأستاذ ميشال رينيه معوَّض وآل الجميِّل الكرام والدُّكتور سمير جعجع والأستاذ وليد جنبلاط وغيرهم من أخوتنا الأحرار في لبنان، وبلغت المأساة قمَّتها باغتيال الرَّئيس الشَّهيد رفيق الحريريِّ، ولم يكن بوسعنا أن نفعل شيئًا غير الاستماع لهراء بشَّار الأسد مرَّة، ولهراء عزمي عزمي بشارة مرَّة أخرى، وهو ينتقد الأنظمة الرَّسميَّة العربيَّة، ويمدح القتلة من أنظمة المقاومة والممانعة، الَّتي يقف خلفها كلٌّ من إيران وحافظ وبشَّار الأسد وزبانيتهم. وشعرنا بمرارة المأساة حين كنَّا نناضل ضدَّ أقذر عائلة مجرمة في التَّاريخ؛ أقصد عائلة الأسد، ونضحِّي للخلاص منها؛ فيصدَّى لنا الإعلاميُّ الطَّائفيُّ الشَّبِّيح حسين مرتضى، ويصوِّر مع إعلاميَّات إيران وحزب الله مقاطع الفديو الطَّائفيَّة القذرة ضدَّنا؛ فما لم نرضَه لأنفسنا بتدخُّل جيش المجرم بشَّار الأسد في لبنان لا يرضينا نقيضه بتدخُّل إعلاميِّي إيران وحزب الله بقضيَّة ثورتنا العادلة ضدَّ عائلة الأسد المجرمة في سوريا. وكذلك لم نكن نستسيغ كلَّ تدخُّل داعم للمجرم بشَّار الأسد من هذا أو من ذاك، ولا نرضى على أنفسنا أن نتدخَّل في شأن أردنيٍّ أو مصريٍّ أو خليجيٍّ أو غيره، بل نحترم حقَّ هذه الشُّعوب الكريمة من أخوتنا في اختيار قياداتها أو معارضتها، ونتمنَّى لهم كلَّ خير وسعادة وسرور؛ لذلك نقول: إلى متى سوف يستمرُّ عزمي بشارة في خطابه الخنفشاريُّ المقاوم؟ هل سوف يتسلَّل جنوده وزبانيته إلى الإعلام السُّوريِّ الحرِّ الجديد؟ وماذا نفع الأمَّة العربيَّةَ نضاله مع عائلة الأسد المجرمة مع مراكز أبحاثه وتلفزته خلال ربع قرن على أقلِّ تقدير؟ بالتَّأكيد سوف تكشف الأيَّام القادمة الإجابة على بعض هذه الأسئلة أو على كثير منها!
------------
تفاصيل برس