تحوّل لافت بعد سقوط النظام
أثار هذا التحوّل المفاجئ لدى بعض الشخصيات العامة ومؤثري الرأي تساؤلات عديدة، إذ لم تكن المجازر والانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد ولا الفساد ولا القمع تثير فيهم شيئاً من الغضب أو النقد، لكن بعد سقوط النظام وفرار رأسه إلى موسكو، بدا وكأن هؤلاء استيقظوا فجأة ليملأوا الفضاء العام بانتقادات سطحية وتهكم دائم على الحكومة الانتقالية والثوار.
من التصريحات المجتزأة إلى التضخيم الإعلامي
لم يتوقف هؤلاء عند تلك الواقعة، بل بدؤوا بمتابعة كل التصريحات الإعلامية الصادرة عن المسؤولين، ويجتزئون العبارات بما يثير الجدل أو يُخرجها من سياقها الحقيقي، ثم يشنون هجمات على الشخصيات العامة استناداً إلى تلك الاقتطاعات غير الدقيقة.
كما سعوا لتضخيم أي حادث بسيط، ومنها مقطع فيديو لرجل من دمشق يتحدث بحدة إلى عنصر أمن عام قائلاً: "مو أنت اللي حررتنا، الله اللي حررنا"، بينما كان العنصر يطالبه بالهدوء. الفيديو استُخدم كذريعة لمهاجمة الأمن العام رغم أن التعامل كان هادئاً ولم يتضمن أي اعتداء.
واقعة "الصورة" مع الشرع: عنوان لحملة مُجتزأة
من أبرز الأمثلة على هذا النهج، الحملة التي استهدفت الرئيس السوري أحمد الشرع بعد واقعة طلبه من فتاة تغطية شعرها قبل التقاط صورة معه، حيث اتُهم بالإساءة للمرأة رغم أن تصرفه كان يعبر عن قناعته الشخصية، ولم يُجبر أحدًا على التقاط صورة معه.
وقد ضخّمت وسائل إعلام هذه الحادثة وأثارت جدلاً مفتعلاً، رغم أن الفتاة لم تتعرض لأي إساءة، بل إن الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات ناقشت الموضوع بتوسع على خلفية التضخيم الإعلامي الذي رافقه، مؤخراً قصيدة وزير الثقافة التي لاقت رواجاً واسعاً عالمياً، وبدأ المتصيدون بتحليلها ومهاجمة الوزير وعروبيته، وأمثلة كثيرة تهمل الحدث وتركز على الجزئيات فيه.
تجاهل الإنجازات وتضخيم الهفوات
وفي الوقت الذي تنفذ فيه الحكومة الجديدة إصلاحات ملموسة، وتقوم أجهزة الأمن العام بإحباط جرائم، واستعادة ممتلكات مسروقة، وتحرير مخطوفين، يتجاهل "الشمامون" تلك الجهود، ويركزون على كل ما يمكن تأويله وتضخيمه لصناعة حالة من السخط.
كما تجاهل هؤلاء الثمن الذي يدفعه عناصر الأمن العام من دمائهم، خاصة بعد الانقلاب الذي نفذته فلول الأسد في الساحل، والكمائن التي أودت بحياة العشرات، في سبيل حماية المدنيين، ويتتبعون بعض الأحداث هنا وهناك لتصيد أي خلل أو خطأ أو تصرف لايمت عن توجه عام أو سياسية مقصودة.
نقد انتقائي ومنحاز
ما يثير الريبة أكثر هو أن هؤلاء لا يُظهرون إلا طرفاً واحداً من القصة، في حالات التوتر بين المواطنين وقوى الأمن. فبدلاً من محاولة فهم الملابسات أو التحقق من الوقائع، يكتفون بنقل رواية تُغذّي الشكوك وتخدم رواية العداء مع مؤسسات الدولة الجديدة.
لقب "الشمامون": توصيف لنهج لا يهدف للإصلاح
ارتأى النشطاء أن يصفوا هؤلاء بـ"الشمامون"، في إشارة إلى الذين يبحثون عن رائحة الخطأ مهما كانت خفيفة، ليتلقفوا منها مادة للهجوم والشماتة. وكتب على صفحته: "يمكنك تمييز الشمام من أول منشور، حيث لا حديث إلا عن اجتزاءات وسخرية، ونقد لما لا يُنتقد".
لكن رغم ضجيجهم، فإن تأثيرهم محدود، وأكبر دليل على ذلك فشل شخصيات مثل عمر رحمون، الذي حاول مراراً إثارة الفتنة الطائفية، لكنه سرعان ما استسلم للواقع الجديد وأعلن خضوعه للحكومة الشرعية عبر منشور علني.
الفرق بين النقد البنّاء والتصيد المرضي
ليس المقصود من هذا الانتقاد مصادرة حق الناس في إبداء الرأي أو تصويب الأخطاء، بل التفريق بين من ينطلق في نقده من غيرة حقيقية على البلد، ومن يريد البناء والتصحيح، وبين من يتّخذ النقد ذريعة لتقويض المؤسسات الناشئة واستهداف رموز التغيير.
فمن الطبيعي أن تستمر الرقابة الشعبية، ويظل الشعب مصدر السلطات، لكن ما يُرفض هو أن يتحول النقد إلى أداة للهدم، بيد أولئك الذين صمتوا دهراً عن الطغيان، ولا يرون اليوم إلا عيوب من جاء لإصلاح الخراب.
أثار هذا التحوّل المفاجئ لدى بعض الشخصيات العامة ومؤثري الرأي تساؤلات عديدة، إذ لم تكن المجازر والانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد ولا الفساد ولا القمع تثير فيهم شيئاً من الغضب أو النقد، لكن بعد سقوط النظام وفرار رأسه إلى موسكو، بدا وكأن هؤلاء استيقظوا فجأة ليملأوا الفضاء العام بانتقادات سطحية وتهكم دائم على الحكومة الانتقالية والثوار.
من التصريحات المجتزأة إلى التضخيم الإعلامي
لم يتوقف هؤلاء عند تلك الواقعة، بل بدؤوا بمتابعة كل التصريحات الإعلامية الصادرة عن المسؤولين، ويجتزئون العبارات بما يثير الجدل أو يُخرجها من سياقها الحقيقي، ثم يشنون هجمات على الشخصيات العامة استناداً إلى تلك الاقتطاعات غير الدقيقة.
كما سعوا لتضخيم أي حادث بسيط، ومنها مقطع فيديو لرجل من دمشق يتحدث بحدة إلى عنصر أمن عام قائلاً: "مو أنت اللي حررتنا، الله اللي حررنا"، بينما كان العنصر يطالبه بالهدوء. الفيديو استُخدم كذريعة لمهاجمة الأمن العام رغم أن التعامل كان هادئاً ولم يتضمن أي اعتداء.
واقعة "الصورة" مع الشرع: عنوان لحملة مُجتزأة
من أبرز الأمثلة على هذا النهج، الحملة التي استهدفت الرئيس السوري أحمد الشرع بعد واقعة طلبه من فتاة تغطية شعرها قبل التقاط صورة معه، حيث اتُهم بالإساءة للمرأة رغم أن تصرفه كان يعبر عن قناعته الشخصية، ولم يُجبر أحدًا على التقاط صورة معه.
وقد ضخّمت وسائل إعلام هذه الحادثة وأثارت جدلاً مفتعلاً، رغم أن الفتاة لم تتعرض لأي إساءة، بل إن الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات ناقشت الموضوع بتوسع على خلفية التضخيم الإعلامي الذي رافقه، مؤخراً قصيدة وزير الثقافة التي لاقت رواجاً واسعاً عالمياً، وبدأ المتصيدون بتحليلها ومهاجمة الوزير وعروبيته، وأمثلة كثيرة تهمل الحدث وتركز على الجزئيات فيه.
تجاهل الإنجازات وتضخيم الهفوات
وفي الوقت الذي تنفذ فيه الحكومة الجديدة إصلاحات ملموسة، وتقوم أجهزة الأمن العام بإحباط جرائم، واستعادة ممتلكات مسروقة، وتحرير مخطوفين، يتجاهل "الشمامون" تلك الجهود، ويركزون على كل ما يمكن تأويله وتضخيمه لصناعة حالة من السخط.
كما تجاهل هؤلاء الثمن الذي يدفعه عناصر الأمن العام من دمائهم، خاصة بعد الانقلاب الذي نفذته فلول الأسد في الساحل، والكمائن التي أودت بحياة العشرات، في سبيل حماية المدنيين، ويتتبعون بعض الأحداث هنا وهناك لتصيد أي خلل أو خطأ أو تصرف لايمت عن توجه عام أو سياسية مقصودة.
نقد انتقائي ومنحاز
ما يثير الريبة أكثر هو أن هؤلاء لا يُظهرون إلا طرفاً واحداً من القصة، في حالات التوتر بين المواطنين وقوى الأمن. فبدلاً من محاولة فهم الملابسات أو التحقق من الوقائع، يكتفون بنقل رواية تُغذّي الشكوك وتخدم رواية العداء مع مؤسسات الدولة الجديدة.
لقب "الشمامون": توصيف لنهج لا يهدف للإصلاح
ارتأى النشطاء أن يصفوا هؤلاء بـ"الشمامون"، في إشارة إلى الذين يبحثون عن رائحة الخطأ مهما كانت خفيفة، ليتلقفوا منها مادة للهجوم والشماتة. وكتب على صفحته: "يمكنك تمييز الشمام من أول منشور، حيث لا حديث إلا عن اجتزاءات وسخرية، ونقد لما لا يُنتقد".
لكن رغم ضجيجهم، فإن تأثيرهم محدود، وأكبر دليل على ذلك فشل شخصيات مثل عمر رحمون، الذي حاول مراراً إثارة الفتنة الطائفية، لكنه سرعان ما استسلم للواقع الجديد وأعلن خضوعه للحكومة الشرعية عبر منشور علني.
الفرق بين النقد البنّاء والتصيد المرضي
ليس المقصود من هذا الانتقاد مصادرة حق الناس في إبداء الرأي أو تصويب الأخطاء، بل التفريق بين من ينطلق في نقده من غيرة حقيقية على البلد، ومن يريد البناء والتصحيح، وبين من يتّخذ النقد ذريعة لتقويض المؤسسات الناشئة واستهداف رموز التغيير.
فمن الطبيعي أن تستمر الرقابة الشعبية، ويظل الشعب مصدر السلطات، لكن ما يُرفض هو أن يتحول النقد إلى أداة للهدم، بيد أولئك الذين صمتوا دهراً عن الطغيان، ولا يرون اليوم إلا عيوب من جاء لإصلاح الخراب.