روح الإسلام
لا يخفى على المتابع التغيير النوعي في سياسة المملكة العربية السعودية تجاه التطرف وخاصة بعد التجربة المريرة التي مرت بها المملكة في السنوات الماضية من تفجيرات وأعمال عدائية تجاه بعض المؤسسات والمنشآت الخاصة في المملكة السعودية، هذا عدا عن سمعة المملكة التي تأثرت كثيرا جراء أحداث سبتمبر الأمريكي الدامي والذي كان ابرز أبطاله من العرب والسعوديين، ونعتقد بأن رغبة القيادة السعودية جادة وصادقة في التغيير، وجميع المؤشرات تدل على ذلك، فهاهي التغييرات الاجتماعية الايجابية تطفو على السطح وها هو الحراك الثقافي يحرك الماء الآسن، فمن الدعوة إلى افتتاح دور للسينما إلى تنظيم المعارض الثقافية إلى الدعوة لتمكين المرأة بتوليها مناصب حساسة وحقائب وزارية في البلاد، وإلى احتمال السماح للمرأة بمزيد من الحريات الاجتماعية كقيادة السيارة، والى المزيد من الانفتاح على العالم، لكن مع الأسف لا تزال الصحف في كل يوم تطالعنا بأخبار غريبة عجيبة عن جماعة الأمر بالمعروف وانجازاتهم العظيمة في المملكة العربية السعودية، ولا يمكن للمرء إلا أن ينحني لا إكبارا بل خجلا من هذه الانجازات التي كلما يقرأها المرء يشعر بالمذلة والإهانة، ويشعر كم إننا كعرب ومسلمين بعيدين كل البعد في سلوكنا عن الإسلام الحقيقي وعن روح الإسلام العظيم، وكم إننا على هوة شاسعة عن الأمم الأخرى وكأننا نعيش على كوكب آخر.
إن هذه التصرفات بعيدة كل البعد هن روح الإسلام، وتنم عن العقلية التسلطية وكأن البشر عبيد، مع إن الإسلام جاء محررا الإنسانية من ظلم العبودية، فالمقولة الشهيرة لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" تؤكد هذه الروح، لكن يبدو أن مهمة هيئة الأمر بالمعروف تتلخص في مصادرة الروح والقلب والعقل والجسد.
قبل أيام قرأنا خبر إصدار جماعة الأمر بالمعروف أمراً بجلد امرأة عمرها سبعون عاما بتهمة إدخال صبي عمره عشرين إلى بيتها وعندما أصرت المرأة على إن هذا الولد ابنها من الرضاع تدخل بعض الرجال لينفوا هذا النسب! أصلا حتى لو لم يكن ابنها من الرضاع فهو في عمر ابنها أو حفيدها، ومن المشين أن تحاكم امرأة في هذا العمر بتهمة خلوتها مع رجل، وحتى ولو كانت هذه المرأة من أصحاب السوء فليس بهذه الطريقة تتخذ الأحكام، وحتى لو ثبت الجرم وشوهدت في أوضاع غير أخلاقية معه أو مع غيره، فإن الحكم في الإسلام واضح في مثل هذه الأمور، وأشدها الزنا الذي اشترط عليه شهود أربعة ولابد أن تكون شهادتهم واحدة لا لبس فيها ولا كذب أو جور، والحادثة البينة التي يُستند عليها هو موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ألغى حكما بالزنا على امرأة ورجل حينما أخل الشاهد الرابع بشهادته فلم يقل انه رآهما "كما المرود في المكحلة".
إن سياسة مداهمة البيوت ليست من الإسلام في شي، فالقران الكريم يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى يؤذن لكم"، كما يقول: "وأتوا البيوت من أبوابها" ، ولا أعرف ما هو المنكر في عرف الجماعة، أليس من المنكر جلد امرأة مسنة والقران الكريم أمرنا بالرحمة والرأفة بالمسنين؟ أليس من المنكر مداهمة البيوت والتدخل في شئون الآخرين؟ والقران يقول "يأيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ظل إذا اهتديتم" ونردد المثل العربي: من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه، لكن في الحقيقة إخواننا لا يفهمون معنى الأمر بالمعروف، فالأمر ليس بالقوة وليس قسرا أو تعنيفا، والرسول العظيم النبي محمد المصطفى كان خير مثال على الرقة واللين لنهتدي به، فالأمر يأتي باللطف والهون والنصيحة، والقران يقول: "ومن يضلل الله فما له من هاد"، و "لا إكراه في الدين"، و"انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء".
وها هو خبر جديد يقول بأن هيئة الأمر بالمعروف تصادر عباءات الكتف كلها من المتاجر! بحجة إنها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، فما كان من رد فعل النساء إلا أن هرعن لشراء ما تبقى من العباءات مما أدى إلى زيادة من سعرها! أليس هذه بمهزلة؟
ومن قبلها ظهرت فتوى للجماعة بعدم شرعية وجود امرأة مع رجال حتى ولو كانوا على الملأ وبين الناس ولا خلوة لهم، ففي معرض الرياض للكتاب منعت الشاعرة حليمة المظفر من التوقيع على كتابها مع إنها قد اتفقت مع إحدى دور النشر للتوقيع على الكتاب، فما كان من الهيئة إلا أن قبضت على الحضور بالجرم المشهود -امرأة يحيط بها الرجال- فاقتادت من كان يرغب باقتناء الكتاب- وكان صدفة منهم الأديب عبده خال والكاتب معجب الزهراني، فاقتادتهما إلى السجن ووضعتهما في الحجز الإجباري! أين نحن في القرن الواحد والعشرين من هذه الممارسات التي تهين كرامة الإنسان أي كان رجلا أو امرأة؟
إننا ننادي القيادة السعودية الرشيدة بالعمل على إيقاف المهازل التي يقوم بها أفرادا باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا من أجل سمعة المملكة فحسب والتي تمثل جزء كبير من نظرة العالم إلى العرب والمسلمين، بل من أجل سمعة المسلمين ولعلو ورفعة ديننا الإسلامي العظيم عن مثل هذه المهازل.
لا يخفى على المتابع التغيير النوعي في سياسة المملكة العربية السعودية تجاه التطرف وخاصة بعد التجربة المريرة التي مرت بها المملكة في السنوات الماضية من تفجيرات وأعمال عدائية تجاه بعض المؤسسات والمنشآت الخاصة في المملكة السعودية، هذا عدا عن سمعة المملكة التي تأثرت كثيرا جراء أحداث سبتمبر الأمريكي الدامي والذي كان ابرز أبطاله من العرب والسعوديين، ونعتقد بأن رغبة القيادة السعودية جادة وصادقة في التغيير، وجميع المؤشرات تدل على ذلك، فهاهي التغييرات الاجتماعية الايجابية تطفو على السطح وها هو الحراك الثقافي يحرك الماء الآسن، فمن الدعوة إلى افتتاح دور للسينما إلى تنظيم المعارض الثقافية إلى الدعوة لتمكين المرأة بتوليها مناصب حساسة وحقائب وزارية في البلاد، وإلى احتمال السماح للمرأة بمزيد من الحريات الاجتماعية كقيادة السيارة، والى المزيد من الانفتاح على العالم، لكن مع الأسف لا تزال الصحف في كل يوم تطالعنا بأخبار غريبة عجيبة عن جماعة الأمر بالمعروف وانجازاتهم العظيمة في المملكة العربية السعودية، ولا يمكن للمرء إلا أن ينحني لا إكبارا بل خجلا من هذه الانجازات التي كلما يقرأها المرء يشعر بالمذلة والإهانة، ويشعر كم إننا كعرب ومسلمين بعيدين كل البعد في سلوكنا عن الإسلام الحقيقي وعن روح الإسلام العظيم، وكم إننا على هوة شاسعة عن الأمم الأخرى وكأننا نعيش على كوكب آخر.
إن هذه التصرفات بعيدة كل البعد هن روح الإسلام، وتنم عن العقلية التسلطية وكأن البشر عبيد، مع إن الإسلام جاء محررا الإنسانية من ظلم العبودية، فالمقولة الشهيرة لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" تؤكد هذه الروح، لكن يبدو أن مهمة هيئة الأمر بالمعروف تتلخص في مصادرة الروح والقلب والعقل والجسد.
قبل أيام قرأنا خبر إصدار جماعة الأمر بالمعروف أمراً بجلد امرأة عمرها سبعون عاما بتهمة إدخال صبي عمره عشرين إلى بيتها وعندما أصرت المرأة على إن هذا الولد ابنها من الرضاع تدخل بعض الرجال لينفوا هذا النسب! أصلا حتى لو لم يكن ابنها من الرضاع فهو في عمر ابنها أو حفيدها، ومن المشين أن تحاكم امرأة في هذا العمر بتهمة خلوتها مع رجل، وحتى ولو كانت هذه المرأة من أصحاب السوء فليس بهذه الطريقة تتخذ الأحكام، وحتى لو ثبت الجرم وشوهدت في أوضاع غير أخلاقية معه أو مع غيره، فإن الحكم في الإسلام واضح في مثل هذه الأمور، وأشدها الزنا الذي اشترط عليه شهود أربعة ولابد أن تكون شهادتهم واحدة لا لبس فيها ولا كذب أو جور، والحادثة البينة التي يُستند عليها هو موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ألغى حكما بالزنا على امرأة ورجل حينما أخل الشاهد الرابع بشهادته فلم يقل انه رآهما "كما المرود في المكحلة".
إن سياسة مداهمة البيوت ليست من الإسلام في شي، فالقران الكريم يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى يؤذن لكم"، كما يقول: "وأتوا البيوت من أبوابها" ، ولا أعرف ما هو المنكر في عرف الجماعة، أليس من المنكر جلد امرأة مسنة والقران الكريم أمرنا بالرحمة والرأفة بالمسنين؟ أليس من المنكر مداهمة البيوت والتدخل في شئون الآخرين؟ والقران يقول "يأيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ظل إذا اهتديتم" ونردد المثل العربي: من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه، لكن في الحقيقة إخواننا لا يفهمون معنى الأمر بالمعروف، فالأمر ليس بالقوة وليس قسرا أو تعنيفا، والرسول العظيم النبي محمد المصطفى كان خير مثال على الرقة واللين لنهتدي به، فالأمر يأتي باللطف والهون والنصيحة، والقران يقول: "ومن يضلل الله فما له من هاد"، و "لا إكراه في الدين"، و"انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء".
وها هو خبر جديد يقول بأن هيئة الأمر بالمعروف تصادر عباءات الكتف كلها من المتاجر! بحجة إنها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، فما كان من رد فعل النساء إلا أن هرعن لشراء ما تبقى من العباءات مما أدى إلى زيادة من سعرها! أليس هذه بمهزلة؟
ومن قبلها ظهرت فتوى للجماعة بعدم شرعية وجود امرأة مع رجال حتى ولو كانوا على الملأ وبين الناس ولا خلوة لهم، ففي معرض الرياض للكتاب منعت الشاعرة حليمة المظفر من التوقيع على كتابها مع إنها قد اتفقت مع إحدى دور النشر للتوقيع على الكتاب، فما كان من الهيئة إلا أن قبضت على الحضور بالجرم المشهود -امرأة يحيط بها الرجال- فاقتادت من كان يرغب باقتناء الكتاب- وكان صدفة منهم الأديب عبده خال والكاتب معجب الزهراني، فاقتادتهما إلى السجن ووضعتهما في الحجز الإجباري! أين نحن في القرن الواحد والعشرين من هذه الممارسات التي تهين كرامة الإنسان أي كان رجلا أو امرأة؟
إننا ننادي القيادة السعودية الرشيدة بالعمل على إيقاف المهازل التي يقوم بها أفرادا باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا من أجل سمعة المملكة فحسب والتي تمثل جزء كبير من نظرة العالم إلى العرب والمسلمين، بل من أجل سمعة المسلمين ولعلو ورفعة ديننا الإسلامي العظيم عن مثل هذه المهازل.