وضع الخليجيات في يوم المرأة العالمي – الدكتورة هدى النعيمي
النظر من الطابق العلوي الى وضع المرأة في الخليج يعطي الإنطباع المبهر بالتقدم في الاعتراف بالمرأة ككائن مشارك في عملية التنمية الشاملة ، فهي هنا – المرأة تتقلد حتى المناصب الوزارية .. فهل يكفي هذا للقول ان المرأة في الخليج قد حصلت على حقوقها الإجتماعية و الدستورية ؟
على مدى سنوات طوال ، تابعنا معركة ساخنة بين النساء في الكويت و جبهات اجتماعية اخرى لا ترضي بالمرأة شريكاً في الحياة السياسية ، تلك المعركة التى لم يفلح قرار أمير الكويت الراحل بمنح الكويتيات هذا الحق الذي رأينه ضمن صلب حقوق المرأة الدستورية و التي لا يمكن التنازل عنها ، فإذا حسمت المعركة لصالح النساء بحكمٍ قضائي ، حاولت بعضهن دخول المجلس النيابي – فالقانون لا يمنع ذلك – و هنا وقفت الديمقراطية ضد حق الترشح باستخدام حق التصويت ، فتدثرت السيدات المترشحات بعباءة من شرف المحاولة قي انتظار جولة نيابية اخرى .
تلك المعركة الدافئة ليست الوحيدة في منطقة الخليج و جبهات اجتماعية ما تزال ترى في المرأة قاصرا لاتقوى على صنع القرار أو رسم الطريق ، صحيفة الهدهد الدولية عمدت على استقراء وضع المراة الخليجية محاولة منها في المساهمة في تأسيس دارسة شامله حول هذا الشأن ونتمنى أن تواصل تعميقه جهات اختصاصية اخرى .
تكاد تتشابه دول الخليج من حيث فتح المجال للفتيات للدارسة و التعليم في المراحل الدراسة الاساسية و حتى الثانوية العامة ، و حين بدأت دول الخليج في انشاء الجامعات الوطنية مثل جامعة الكويت و جامعة قطر و العين و ذلك منذ أواخر الستينيات و على امتداد السبعينات و الثمانيات ، كان للبنات نصيب من التعليم الجامعي مع الحفاظ على مبدأ "عدم الاختلاط" بين الجنسين في الجامعة – في ما عدا الكويت في بداية انشاء الجامعة – كما ان اعطاء الفرصة للفتيات بتلقى التعليم الجامعي ، خلق مبرراً كافياً لفتح مجالات العمل للفتيات للاستفادة من طاقات بشرية مؤهلة ، جاء هذا بشكل سلس لم يسمح للجهات الاخرى التي ترفض خروج المراة بالاعتراض ، فهي – السيدة الخليجية – حتى الان لا تتعرض للاحتكاك بشكل مباشر مع الغرباء /الرجال ، و في ذات الوقت تساهم في رفع المستوى المادي للاسرة بمصدر دخل قد يزيد على مستوى دخل الرجل من وظيفتة ، كما ان عدم اخلالها بواجبات المنزل ، شكُل شرطاً اساس لتبقى المرأة / الجامعية الموظفة محافظة على عملها اووظيفتها ، الى هنا و المرأة في الخليج سعيدة بتحقيق ما لم يتسن للامهات و الجدات تحقيقه و هو الخروج من المنزل الى الحياة العملية ، هذا الحديث ينطبق على المرأة في الخليج منذ عشرين أو ثلاثين عاماً ، بمعنى ان المرأة التي بدأت العمل في السبعينات أو الثمانينات هي الان ترعي أحفاداً لامهات عاملات أيضا ما زلن يقمن بنفس الدور و يؤدين واجبات أكثر ، فهل يرتاح الجيل الجديد من النساء الى حقوقهن الممنوحة اليوم دون مطالبة بالمزيد ؟
ان تعيش على أرض خليجية _ في أي من مدن الخليج باستثناء السعودية – يتيح لك المراقبة عن قرب مساهمة المرأة في خدمة المجتمع و مشاركتها اليومية في في نشاطاته ، هنا لا نقصد فقط مجال العمل و مشاركة المرأة في تكوين ما يقترب من نصف العدد الكلي للقوى العاملة و لكن المقصود هنا ، تواجد المرأة في الشارع و المؤسسات الحكومية و محال البيع و الشراء ، فالمشهد العادي و المتكرر هو رؤية المرأة الخليجية في عبائتها السوادء بصحبة أطفالها – و الخادمة طبعا- في مراكز الترفية و اللعب التي يهواها الاطفال ، و ذلك في غياب الرجل / الاب / الزوج في احيان كثيرة لتقوم المرأة / الام / الزوجة بهذة المهمة التى يتبعها التسوق لشراء حاجات البيت و العيال ، ثم الانتقال الى أحد محالات الطعام السريع التي يفضلها الصغار للعشاء او الغداء و في نهاية ساعات المتعة الطفولية تحمل المرأة / الام / الزوجة/ السائقة أطفالها – و الخادمة - بسيارتها الى البيت أو الى بيت الجد أو الجدة للزيارة ، في إطار صلة ذوى الرحم التي يشدد عليها الرجل / الاب / الزوج / المنشغل بامور دنيوية اخرى ، تلك المشاغل التي تلزم المرأة أيضا بمتابعة بعض المراجعات الحكومية في الدوائر الرسمية ، كالاسكان او الكهرباء و الماء او الصيانة أو استخراج الرخص المطلوبة للبناء مثلا او رخص استقدام العمالة و اختيار المناسب من مكاتب التخديم ، تلك المشاهد لم تكن ترصد في المدن الخليجية الا نادراً ، اما اليوم المرأة التى تعتقد انها حصلت على الحق في الخروج من البيت الى الشارع ، صارت تمارس الحق إلزاماً بمتابعة حاجات الاسرة الاجتماعية و اللوجستية حتى تنازل الرجل / الزوج / الاب عن تلك المهام بعد ان اضيفت الى قائمة مهامها المستوجبة ، حتى لو أدى ذلك الى التخلى عن المهام المنزلية جزئياً أو كلياً الى الخادمة / المربية ، في سبيل القيام بتأدية واجبات الوظيفة الصباحية و المنافسة على المناصب الادارية و المناصب العليا ، ثم رعاية امور الاسرة السابق الحديث حولها ، و التى – للحق – لم تكن الامهات / الموظفات / المشاركات في عملية التنمية يقمن بها ، حيث لم يكن الرجل الزوج قد تخلى عنها بعد و لم تكن المرة الزوجة قد اسلمتها منه دون دراية بما تستلم في خلفية اعتقادها انها تحصل على حق المشاركة ، فاستمرت الى اليوم في اضافة اعباء الى حياتها الوظيفية و الاسرية دون ان تطالب – الا بصوت هامس – بحقوق اخرى لم تكفلها لها الدساتير الخليجية بعد .
فعلى الرغم من دخول المرأة الى مجال الوظيفة الحكومية منذ أربيعين عام ، و خروج الكثيرات من الوظيفة بنظام التقاعد المبكر ، الا ان من يسن القوانين و الأنظمة و الاحوال الشخصية في الخليج لا يزال مترددا في اعطاء المرأةالمزيد من الحقوق التي تساوى مقدار المساهمة التى تقوم بها في بناء المجتمع ، فهى المدرسة و الطبيبة و الممرضة و الاستاذة الجامعية و الادارية و الاعلامية ، و هي ايضا الكاتبة و الروائية و المثقفة ولكن .... ، بالنسبة للدولة هي المرأة الزوجة والتي يُكفل لها الحق بالاسكان الحكومي بناء على مستوى عمل الزوج الذي يحصل بشكل تلقائي على هذا الحق مع اختلاف شكله في كل بلد خليجي ، باعتباره رب الاسرة و حاميها ، و في حالة الطلاق او الترمل ، فان تلك المرأة الطبية / المدرسة / الاستاذة الجامعية /الادارية / الاعلامية .... تدخل في بند المطلقة / الأرملة ، لتطبق عليها شروط نارية ، قد وقد لا تؤدي بها الى الحصول على منزل مستقل لكونها امراة بلا رجل ، أما اذا خان المراة / العاملة ما يسمي بقطار الزواج و تعمدت وهب الوظيفة ذاك الوقت و الجهد الذى كان مرهوناً للاطفال و الاسرة ، فستبقي في رعاية اقرب ذو قربى ، اب او اخ او عم او خال ، و كأنها الضيفة الثقيلة التي طالت استضافتها حتى تضع حدا لهذا فتختار من يملك ان يمنحها حق الاقامة كربة بيت لا كضيفة فيه ، الشيئ الذى لم تنظر فية الحكومات الخليجية بعد و ان كانت وعدت بالنظر في تلك الفئات الانثوية التي تعطي لتأخذ القليل ، فإذا اعطاها القانون حقاً ما و تصدرت عناوين الصحف منح النساء حقاً – رغم ان الحقوق لا توهب – أخفت تلك الصحف بين ثنايا صفحاتها ان المنح مشروط بشروط من تعسف قد لا تنطبق الا على اليسير اليسير من المستحقات لتلك الحقوق ، كما ان تلك القوانين دائما ما تعود الى تكوين لجان خاصة للنظر في الطلبات المقدمة من حيث انطباق الشروط و بالتالي فاللجان تواصل الرفض ، فالشروط لا تنطبق و على المرأة / العاملة / الزوجة / الارملة أن تواصل حياتها بقبول ما هو مقبول اجتماعيا و عليها ايضا عدم التذمر و المطالبة بالمزيد .
و من ناحية اخرى فالمجتمع الخليجي المحافظ ، ما يزال يحدد بالنيابة عن الانثى/ الفتاة صورة الرجل الذى يجب ان ترتبط به ، باعتبارات اجتماعية و قبليية و طائفية و لكن على رأس تلك الاعتبارات ، الجنسية ، فهي – المرأة / الفتاة _ لا يجب ان تخرج عن دائرة المواطنين لاختيار الزوج المناسب ، حتى و ان سُمح لها العمل مع مختلف الجنسيات من الرجال ، فحق الاختيار هنا يصير لا حق و الاعراف تحاصر الفتاة بكل الاتجاهات مهددة برفض عامر من الاسرة و المحيط ، فاما الحكومات في دول الخليج فانها تركت الباب مفتوحا للموافقة إذا انطبقت الشروط التي يتصدرها موافقة الاسرة و ارتفاع سن المرشحة للزواج من الاجنبي أو ورقة الطلاق او وفاة زوج ، و ثم يتم البت في امر هذا الطلب إما بالمرافقة او بالرفض ، فللدولة ان لا تزوج مواطناتها ممن يرغبن إذا لم تنطبق الشروط ! و ان ساهمت في عملية التنمية لسنوات طوال و لم تحصل على زوج ترضاه الدوله و المجتمع لها ، فإذا كان و انطبقت الشروط ووافقت الدولة و صار الزواج و أثمر اطفالا ، فهؤلاء لا يعنون للدولة الخليجية شيئا سوى الام المواطنة ، فالحق في التعليم و الخدمات الصحية مكفول لكل المقيمين بما فيهم أبناء المواطنات من "غرباء" فلا حق في التعليم الجامعي أو التوظيف الا حسب ما تملية القوانين الخاصة بجنسية الأب ، و لا حق في الحصول على الجنسية إلا بحسب ما تمليه قوانين منظمة اخرى و لجان اخرى من حقها ان ترفض و تكرر الرفض لان الشروط لا تنطيق رغم ان "حق التجنس" قد اعلن و افردت له الصحف صفحات و صفحات و تركت الشروط ضبابية لتنظر فيها "اللجنة المختصة" و تقول قولها بالقبول أو الرفض ، و كأن المرأة الخليجية المتزوجة من غير المواطن تعاقب لاختيارها القديم بالزواج من غير مواطن حتى ولو وافقت "اللجنة المختصة" وقتها بذلك .
كل ذلك و الشكل العام لوضع المرأة و القوانين لا تظهر قراءتها الاولى حرمانا للمرأة لاي من الحقوق ، فبالنسبة للمنظمات النسائية الدولية ، فالخليج لم يهمل حق المرأة و لكنة وضع فقط معايير منظمة كما لكل دولة ان تضع الخاص من المعايير ، و كم من المرات التي عًلقت الاسباب على شماعة الاعراف و التقاليد و شماعة المنهيات و المحرمات الدينية ، و كأن التقاليد هي المقدسات و كأن الدولة و القوانين إنما اوجدت لحماية الاعراف و التقاليد و ليس للنهوض بها الى الذي يصلح للتشارك مع العالم في قضايا التنمية البشرية العامة ، و كأنما النصوص المقدسة أنما لتفسر فقط بالشكل الذى يخدم هذا التصور و تلك الاعراف و التقاليد .
و بعد ... ففي دول الخليج كافة ، نجد أسماء النساء في مناصب عليا تصل الى الحقائب الوزارية و الحقائب الدبلوماسية ، و هي اسماء معدوده على امتداد دول الخليج كله ، و تجد المرأة في عملها امامك منذ الدخول الى أرض المطار – بخلاف السعودية – و لكن هل يمكن القول ان وجود المرأة الوزيرة أو النائبة البرلمانية – كما في عمان – هل يمكن القول ان منح الحقيبة الوزارية او تعين السفيرة أو الممثلة للدولة في المنظمات الدولية ، هل تلك الاسماء القلائل تغني المرأة الخليجية عن المطالبة بحقوق لهن تتداخل شؤون الحياة و تفاصيلها اليومية ؟ هل الاكتفاء بامرأة على رأس المؤسسة يعني حصول المنتميات للمؤسسة على حقوقهن كموظفات و نساء عاملات ؟ أم ان افراد العناوين الصاخبة التى تحمل الاسماء النسائية و صورهن و المقابلات التلفزيونية مع المواطنات و حتى السعوديات تعطي الارتياح الكافي بان المرأة في الخليج قد حصلت على حقوقها الانسانية المشروعة ؟
في كل من الامارات و قطر و البحرين و الكويت و عمان ستجد تلك الاسئلة قائمة و ستجد المرأة تلهث و تجاهد ما تزال لتثبت انها قادرة على تحمل كافة اعباء الاسرة و العمل حتى لا تتهم بعدم الكفاءة ، و ستجد اسماء نسائية و وجوه نسائية في مناصب قيادية ، و ستجد قوانين ما تزال في مراحل الدراسة او التطبيق الجزئ لمنح المرأة التي تقود السيارة الان شيئا من حقوق و شيئا من حرية الاختيار ، و في السعودية تجد اليوم شجاعة صغيرة لأسماء نسائية ووجوة لأميرات على صفحات الجرائد و تجد – مؤخراً فقط – اسم انثوي في تشكيل حكومي ليحتل مهام تعليم البنات ، و لا تزال المرأة تحتاج سائقاً للخروج بها الى العمل أو لإصطحابها و طفلها المريض الى المشفى ، و ما تزال تحتاج الى "محرم" للسفر بها الى مؤتمر علمي تُمثل فية بلدها أو لإلقاء بحث يُشكل خلاصة تجارب سنوات طويلة من الاشتغال و البحث ، و ما تزال تعتبر كل رجل لا يتنتمي للاسرة غريبا لا يجب الاقتراب منة حتى في العمل او الوظيفة الحكومية التي لا تعرف الاختلاط المحرم .
و للامانه المهنية نقول ... ان صحيفة الهدهد الدولية و من خلال بحثها و سؤالها العديد من السيدات الخليجية ، قد وجدت نسبة كبيرة من النساء في الخليج و حتى السعودية متصالحات مع الحالة و مع ما وهبته لهن الدولة من حقوق و مع ما وهبه الرجل من حقوق ، و لا يجدن غضاضة من استمرار الوضع الراهن و خاصة اؤلئك اللواتي لا تلمسهن مشاكل الفئات الخاصة ، فالكثيرات يعتبرن ان تعين الوزيرة او السفيرة في المؤسسة الحكومية فيه اعتراف محمود من القيادة السياسية بكفاءة المرأة و هذا يكفي ؟
---------------------------------------------------------------------
صحيفة الهدهد الدولية و ان استشفت هذا الرضا الانثوى عن أوضاع المرأة في الخليج إلا انها ترى أن أول الخطوات نحو ايجاد الحلول هو الاعتراف بالمشكلة و هذا لا يكون لا بطرح الاسئلة .. و السؤال الأساسي هو: هل تكفل القوانين الخليجية و قوانين الاحوال الشخصية للمرأة ما يكفى ويلبي طموح الخليجيات وهل يساوي ما حصلت عليه النساء حجم ما تبذله المرأة الخليجية في خدمة المجتمع ...؟
النظر من الطابق العلوي الى وضع المرأة في الخليج يعطي الإنطباع المبهر بالتقدم في الاعتراف بالمرأة ككائن مشارك في عملية التنمية الشاملة ، فهي هنا – المرأة تتقلد حتى المناصب الوزارية .. فهل يكفي هذا للقول ان المرأة في الخليج قد حصلت على حقوقها الإجتماعية و الدستورية ؟
على مدى سنوات طوال ، تابعنا معركة ساخنة بين النساء في الكويت و جبهات اجتماعية اخرى لا ترضي بالمرأة شريكاً في الحياة السياسية ، تلك المعركة التى لم يفلح قرار أمير الكويت الراحل بمنح الكويتيات هذا الحق الذي رأينه ضمن صلب حقوق المرأة الدستورية و التي لا يمكن التنازل عنها ، فإذا حسمت المعركة لصالح النساء بحكمٍ قضائي ، حاولت بعضهن دخول المجلس النيابي – فالقانون لا يمنع ذلك – و هنا وقفت الديمقراطية ضد حق الترشح باستخدام حق التصويت ، فتدثرت السيدات المترشحات بعباءة من شرف المحاولة قي انتظار جولة نيابية اخرى .
تلك المعركة الدافئة ليست الوحيدة في منطقة الخليج و جبهات اجتماعية ما تزال ترى في المرأة قاصرا لاتقوى على صنع القرار أو رسم الطريق ، صحيفة الهدهد الدولية عمدت على استقراء وضع المراة الخليجية محاولة منها في المساهمة في تأسيس دارسة شامله حول هذا الشأن ونتمنى أن تواصل تعميقه جهات اختصاصية اخرى .
تكاد تتشابه دول الخليج من حيث فتح المجال للفتيات للدارسة و التعليم في المراحل الدراسة الاساسية و حتى الثانوية العامة ، و حين بدأت دول الخليج في انشاء الجامعات الوطنية مثل جامعة الكويت و جامعة قطر و العين و ذلك منذ أواخر الستينيات و على امتداد السبعينات و الثمانيات ، كان للبنات نصيب من التعليم الجامعي مع الحفاظ على مبدأ "عدم الاختلاط" بين الجنسين في الجامعة – في ما عدا الكويت في بداية انشاء الجامعة – كما ان اعطاء الفرصة للفتيات بتلقى التعليم الجامعي ، خلق مبرراً كافياً لفتح مجالات العمل للفتيات للاستفادة من طاقات بشرية مؤهلة ، جاء هذا بشكل سلس لم يسمح للجهات الاخرى التي ترفض خروج المراة بالاعتراض ، فهي – السيدة الخليجية – حتى الان لا تتعرض للاحتكاك بشكل مباشر مع الغرباء /الرجال ، و في ذات الوقت تساهم في رفع المستوى المادي للاسرة بمصدر دخل قد يزيد على مستوى دخل الرجل من وظيفتة ، كما ان عدم اخلالها بواجبات المنزل ، شكُل شرطاً اساس لتبقى المرأة / الجامعية الموظفة محافظة على عملها اووظيفتها ، الى هنا و المرأة في الخليج سعيدة بتحقيق ما لم يتسن للامهات و الجدات تحقيقه و هو الخروج من المنزل الى الحياة العملية ، هذا الحديث ينطبق على المرأة في الخليج منذ عشرين أو ثلاثين عاماً ، بمعنى ان المرأة التي بدأت العمل في السبعينات أو الثمانينات هي الان ترعي أحفاداً لامهات عاملات أيضا ما زلن يقمن بنفس الدور و يؤدين واجبات أكثر ، فهل يرتاح الجيل الجديد من النساء الى حقوقهن الممنوحة اليوم دون مطالبة بالمزيد ؟
ان تعيش على أرض خليجية _ في أي من مدن الخليج باستثناء السعودية – يتيح لك المراقبة عن قرب مساهمة المرأة في خدمة المجتمع و مشاركتها اليومية في في نشاطاته ، هنا لا نقصد فقط مجال العمل و مشاركة المرأة في تكوين ما يقترب من نصف العدد الكلي للقوى العاملة و لكن المقصود هنا ، تواجد المرأة في الشارع و المؤسسات الحكومية و محال البيع و الشراء ، فالمشهد العادي و المتكرر هو رؤية المرأة الخليجية في عبائتها السوادء بصحبة أطفالها – و الخادمة طبعا- في مراكز الترفية و اللعب التي يهواها الاطفال ، و ذلك في غياب الرجل / الاب / الزوج في احيان كثيرة لتقوم المرأة / الام / الزوجة بهذة المهمة التى يتبعها التسوق لشراء حاجات البيت و العيال ، ثم الانتقال الى أحد محالات الطعام السريع التي يفضلها الصغار للعشاء او الغداء و في نهاية ساعات المتعة الطفولية تحمل المرأة / الام / الزوجة/ السائقة أطفالها – و الخادمة - بسيارتها الى البيت أو الى بيت الجد أو الجدة للزيارة ، في إطار صلة ذوى الرحم التي يشدد عليها الرجل / الاب / الزوج / المنشغل بامور دنيوية اخرى ، تلك المشاغل التي تلزم المرأة أيضا بمتابعة بعض المراجعات الحكومية في الدوائر الرسمية ، كالاسكان او الكهرباء و الماء او الصيانة أو استخراج الرخص المطلوبة للبناء مثلا او رخص استقدام العمالة و اختيار المناسب من مكاتب التخديم ، تلك المشاهد لم تكن ترصد في المدن الخليجية الا نادراً ، اما اليوم المرأة التى تعتقد انها حصلت على الحق في الخروج من البيت الى الشارع ، صارت تمارس الحق إلزاماً بمتابعة حاجات الاسرة الاجتماعية و اللوجستية حتى تنازل الرجل / الزوج / الاب عن تلك المهام بعد ان اضيفت الى قائمة مهامها المستوجبة ، حتى لو أدى ذلك الى التخلى عن المهام المنزلية جزئياً أو كلياً الى الخادمة / المربية ، في سبيل القيام بتأدية واجبات الوظيفة الصباحية و المنافسة على المناصب الادارية و المناصب العليا ، ثم رعاية امور الاسرة السابق الحديث حولها ، و التى – للحق – لم تكن الامهات / الموظفات / المشاركات في عملية التنمية يقمن بها ، حيث لم يكن الرجل الزوج قد تخلى عنها بعد و لم تكن المرة الزوجة قد اسلمتها منه دون دراية بما تستلم في خلفية اعتقادها انها تحصل على حق المشاركة ، فاستمرت الى اليوم في اضافة اعباء الى حياتها الوظيفية و الاسرية دون ان تطالب – الا بصوت هامس – بحقوق اخرى لم تكفلها لها الدساتير الخليجية بعد .
فعلى الرغم من دخول المرأة الى مجال الوظيفة الحكومية منذ أربيعين عام ، و خروج الكثيرات من الوظيفة بنظام التقاعد المبكر ، الا ان من يسن القوانين و الأنظمة و الاحوال الشخصية في الخليج لا يزال مترددا في اعطاء المرأةالمزيد من الحقوق التي تساوى مقدار المساهمة التى تقوم بها في بناء المجتمع ، فهى المدرسة و الطبيبة و الممرضة و الاستاذة الجامعية و الادارية و الاعلامية ، و هي ايضا الكاتبة و الروائية و المثقفة ولكن .... ، بالنسبة للدولة هي المرأة الزوجة والتي يُكفل لها الحق بالاسكان الحكومي بناء على مستوى عمل الزوج الذي يحصل بشكل تلقائي على هذا الحق مع اختلاف شكله في كل بلد خليجي ، باعتباره رب الاسرة و حاميها ، و في حالة الطلاق او الترمل ، فان تلك المرأة الطبية / المدرسة / الاستاذة الجامعية /الادارية / الاعلامية .... تدخل في بند المطلقة / الأرملة ، لتطبق عليها شروط نارية ، قد وقد لا تؤدي بها الى الحصول على منزل مستقل لكونها امراة بلا رجل ، أما اذا خان المراة / العاملة ما يسمي بقطار الزواج و تعمدت وهب الوظيفة ذاك الوقت و الجهد الذى كان مرهوناً للاطفال و الاسرة ، فستبقي في رعاية اقرب ذو قربى ، اب او اخ او عم او خال ، و كأنها الضيفة الثقيلة التي طالت استضافتها حتى تضع حدا لهذا فتختار من يملك ان يمنحها حق الاقامة كربة بيت لا كضيفة فيه ، الشيئ الذى لم تنظر فية الحكومات الخليجية بعد و ان كانت وعدت بالنظر في تلك الفئات الانثوية التي تعطي لتأخذ القليل ، فإذا اعطاها القانون حقاً ما و تصدرت عناوين الصحف منح النساء حقاً – رغم ان الحقوق لا توهب – أخفت تلك الصحف بين ثنايا صفحاتها ان المنح مشروط بشروط من تعسف قد لا تنطبق الا على اليسير اليسير من المستحقات لتلك الحقوق ، كما ان تلك القوانين دائما ما تعود الى تكوين لجان خاصة للنظر في الطلبات المقدمة من حيث انطباق الشروط و بالتالي فاللجان تواصل الرفض ، فالشروط لا تنطبق و على المرأة / العاملة / الزوجة / الارملة أن تواصل حياتها بقبول ما هو مقبول اجتماعيا و عليها ايضا عدم التذمر و المطالبة بالمزيد .
و من ناحية اخرى فالمجتمع الخليجي المحافظ ، ما يزال يحدد بالنيابة عن الانثى/ الفتاة صورة الرجل الذى يجب ان ترتبط به ، باعتبارات اجتماعية و قبليية و طائفية و لكن على رأس تلك الاعتبارات ، الجنسية ، فهي – المرأة / الفتاة _ لا يجب ان تخرج عن دائرة المواطنين لاختيار الزوج المناسب ، حتى و ان سُمح لها العمل مع مختلف الجنسيات من الرجال ، فحق الاختيار هنا يصير لا حق و الاعراف تحاصر الفتاة بكل الاتجاهات مهددة برفض عامر من الاسرة و المحيط ، فاما الحكومات في دول الخليج فانها تركت الباب مفتوحا للموافقة إذا انطبقت الشروط التي يتصدرها موافقة الاسرة و ارتفاع سن المرشحة للزواج من الاجنبي أو ورقة الطلاق او وفاة زوج ، و ثم يتم البت في امر هذا الطلب إما بالمرافقة او بالرفض ، فللدولة ان لا تزوج مواطناتها ممن يرغبن إذا لم تنطبق الشروط ! و ان ساهمت في عملية التنمية لسنوات طوال و لم تحصل على زوج ترضاه الدوله و المجتمع لها ، فإذا كان و انطبقت الشروط ووافقت الدولة و صار الزواج و أثمر اطفالا ، فهؤلاء لا يعنون للدولة الخليجية شيئا سوى الام المواطنة ، فالحق في التعليم و الخدمات الصحية مكفول لكل المقيمين بما فيهم أبناء المواطنات من "غرباء" فلا حق في التعليم الجامعي أو التوظيف الا حسب ما تملية القوانين الخاصة بجنسية الأب ، و لا حق في الحصول على الجنسية إلا بحسب ما تمليه قوانين منظمة اخرى و لجان اخرى من حقها ان ترفض و تكرر الرفض لان الشروط لا تنطيق رغم ان "حق التجنس" قد اعلن و افردت له الصحف صفحات و صفحات و تركت الشروط ضبابية لتنظر فيها "اللجنة المختصة" و تقول قولها بالقبول أو الرفض ، و كأن المرأة الخليجية المتزوجة من غير المواطن تعاقب لاختيارها القديم بالزواج من غير مواطن حتى ولو وافقت "اللجنة المختصة" وقتها بذلك .
كل ذلك و الشكل العام لوضع المرأة و القوانين لا تظهر قراءتها الاولى حرمانا للمرأة لاي من الحقوق ، فبالنسبة للمنظمات النسائية الدولية ، فالخليج لم يهمل حق المرأة و لكنة وضع فقط معايير منظمة كما لكل دولة ان تضع الخاص من المعايير ، و كم من المرات التي عًلقت الاسباب على شماعة الاعراف و التقاليد و شماعة المنهيات و المحرمات الدينية ، و كأن التقاليد هي المقدسات و كأن الدولة و القوانين إنما اوجدت لحماية الاعراف و التقاليد و ليس للنهوض بها الى الذي يصلح للتشارك مع العالم في قضايا التنمية البشرية العامة ، و كأنما النصوص المقدسة أنما لتفسر فقط بالشكل الذى يخدم هذا التصور و تلك الاعراف و التقاليد .
و بعد ... ففي دول الخليج كافة ، نجد أسماء النساء في مناصب عليا تصل الى الحقائب الوزارية و الحقائب الدبلوماسية ، و هي اسماء معدوده على امتداد دول الخليج كله ، و تجد المرأة في عملها امامك منذ الدخول الى أرض المطار – بخلاف السعودية – و لكن هل يمكن القول ان وجود المرأة الوزيرة أو النائبة البرلمانية – كما في عمان – هل يمكن القول ان منح الحقيبة الوزارية او تعين السفيرة أو الممثلة للدولة في المنظمات الدولية ، هل تلك الاسماء القلائل تغني المرأة الخليجية عن المطالبة بحقوق لهن تتداخل شؤون الحياة و تفاصيلها اليومية ؟ هل الاكتفاء بامرأة على رأس المؤسسة يعني حصول المنتميات للمؤسسة على حقوقهن كموظفات و نساء عاملات ؟ أم ان افراد العناوين الصاخبة التى تحمل الاسماء النسائية و صورهن و المقابلات التلفزيونية مع المواطنات و حتى السعوديات تعطي الارتياح الكافي بان المرأة في الخليج قد حصلت على حقوقها الانسانية المشروعة ؟
في كل من الامارات و قطر و البحرين و الكويت و عمان ستجد تلك الاسئلة قائمة و ستجد المرأة تلهث و تجاهد ما تزال لتثبت انها قادرة على تحمل كافة اعباء الاسرة و العمل حتى لا تتهم بعدم الكفاءة ، و ستجد اسماء نسائية و وجوه نسائية في مناصب قيادية ، و ستجد قوانين ما تزال في مراحل الدراسة او التطبيق الجزئ لمنح المرأة التي تقود السيارة الان شيئا من حقوق و شيئا من حرية الاختيار ، و في السعودية تجد اليوم شجاعة صغيرة لأسماء نسائية ووجوة لأميرات على صفحات الجرائد و تجد – مؤخراً فقط – اسم انثوي في تشكيل حكومي ليحتل مهام تعليم البنات ، و لا تزال المرأة تحتاج سائقاً للخروج بها الى العمل أو لإصطحابها و طفلها المريض الى المشفى ، و ما تزال تحتاج الى "محرم" للسفر بها الى مؤتمر علمي تُمثل فية بلدها أو لإلقاء بحث يُشكل خلاصة تجارب سنوات طويلة من الاشتغال و البحث ، و ما تزال تعتبر كل رجل لا يتنتمي للاسرة غريبا لا يجب الاقتراب منة حتى في العمل او الوظيفة الحكومية التي لا تعرف الاختلاط المحرم .
و للامانه المهنية نقول ... ان صحيفة الهدهد الدولية و من خلال بحثها و سؤالها العديد من السيدات الخليجية ، قد وجدت نسبة كبيرة من النساء في الخليج و حتى السعودية متصالحات مع الحالة و مع ما وهبته لهن الدولة من حقوق و مع ما وهبه الرجل من حقوق ، و لا يجدن غضاضة من استمرار الوضع الراهن و خاصة اؤلئك اللواتي لا تلمسهن مشاكل الفئات الخاصة ، فالكثيرات يعتبرن ان تعين الوزيرة او السفيرة في المؤسسة الحكومية فيه اعتراف محمود من القيادة السياسية بكفاءة المرأة و هذا يكفي ؟
---------------------------------------------------------------------
صحيفة الهدهد الدولية و ان استشفت هذا الرضا الانثوى عن أوضاع المرأة في الخليج إلا انها ترى أن أول الخطوات نحو ايجاد الحلول هو الاعتراف بالمشكلة و هذا لا يكون لا بطرح الاسئلة .. و السؤال الأساسي هو: هل تكفل القوانين الخليجية و قوانين الاحوال الشخصية للمرأة ما يكفى ويلبي طموح الخليجيات وهل يساوي ما حصلت عليه النساء حجم ما تبذله المرأة الخليجية في خدمة المجتمع ...؟