قد يشكك البعض في أمر النجاح المذهل الذي حققه التحليل النفسي على المستوى العالمي. فقد كان المحللون النفسيون في أميركا روادا في مهنة الطب النفسي، وكانوا يفرضون رسوما باهظة مما يساعدهم على استقطاب المعالجين النفسيين الأكثر طموحًا لمعسكرهم , . غير أن الرجال والنساء الشغوفين بالحياة الخاصة وربما الباطنية للمحللين النفسيين ولا يشبعهم الظفر بانتصاراته في مجالي الثقافة الشعبة والفلكلور و, ولا يكتفون بكونه الممثل الأبرز للطب النفسي، حينها قد يكون هؤلاء هم أكثر من عرفوا خيبات الأمل المتنوعة.
أنخرط العديد من المبدعين في التحليل النفسي في بداياته وكأنه حركة فكرية بأهداف طموحة غير أن بعضهم كان مصيره محاولة التحرر والإنعتاق مما أعتبر وه وهما وكان أمرا مقضيا.(3)
انطلق التحليل النفسي بأمل جريء في تحريرنا من الاضطرابات النفسية. إلا أن تاريخه، رغم ذلك شهد سلسلة من الاخفاقات في ادِّعاءاته فيما يتعلق بجدوى العلاج. سعى فرويد في تنظيره الأصلي إلى تطبيق مبادئ علم النفس على العلوم الإنسانية كافة. بيد أن المحللين النفسيين اليوم تقيدوا بمجال تخصصهم الطبي حصرا. وإذا كانت توقعات فرويد وأتباعه الأوائل ووعودهم راديكالية، إذ اعتبروا أنفسهم مختلفين عن غيرهم من عامة الناس، فإن النجاح حالف جماعات شديدة التباين من المحللين النفسيين.
وللمفارقة ففي موطن التحليل النفسي الأصلي ” فيينا القديمة” لم يمتع المحللين النفسين بمداخيل مرضية ولا بمنزلة اجتماعية مرموقة. وفي الواقع، دفع البعض من تلاميذ فرويد ثمنًا باهظا في سبيل مسيرتهم الأكاديمية الطبية النفسية ومن أجل معتقداتهم الجديدة. ومنبع فخرهم تقييمهم الجريء لأهمية تعاليم أستاذهم. وفي أمريكا حيث يعيش غالبية المحللين النفسيين، تصنف مهنة التحليل النفسي وممارسيها ماليًّا واجتماعيًّا في أعلى الطبقات المتوسطة.. لذلك قد لايكون مفاجئا أن نجد المنخرطين في التحليل النفسي في أميركا محافظين نسبيا في تفكيرهم المهني، وربما افتقروأ إلى روح المغامرة التي ألهمت أجدادهم المؤسسين في فينا,(4) من المغري أن تستحضر بدايات التحليل النفسي التي كانت بمثابة العصر الذهبي الذي شهد ملحمة هذا الكشف العظيم. وبقطع النظر عما كان عليه التحليل النفسي فيما مضى من رومنسية، بوصفه ميدانا قائما بذاته لم يعد قادرا اليوم على استقطاب الناس كما كان عليه الحال في بداياته، فإنه ينبغي القول، لم يعد منتسبي هذا الميدان منضبطين كما كان أسلافهم منذ أكثر من نصف قرن. ويكفي أن نلقي نظرة على تركيبات أعضاء جمعيات التحليل النفسي في فيينا وبرلين في بداياته حتى نتبيّن ما حظي به التحليل النفسي آنذاك من مكانة متميزة *. وعندما وصل هتلر إلى السلطة، بادر المحللون النفسيون القاريون بالفرار طلبا للأمان حتى استقر المقام بمعظمهم في نهاية المطاف في أميركا. ومن بقي منهم في أوروبا ظلوا ينشطون في إطار حركة سرية، منبوذين من الطب النفسي الأكاديمي وكذلك محرومين من تقلد المناصب الجامعية، في حين حظي غيرهم في أميركا بمكانة علية في ميدان الطب النفسي وكانت أفكارهم محل حفاوة واحترام.
لقد كانت الولايات المتحدة وجهة مفضلة لهجرة المحللين النفسيين الأوروبيين. وقد وجدت أفكار فرويد صدى كبيرا في أوساط الطب النفسي ولدى عامة الناس. وقد تبوأ الأوروبيون مكانة متقدمة في الطب النفسي في أمريكا بفضل تفوق مهاراتهم النظرية وخبراتهم العلاجية الخارقة، فضلا عن ارتباط كل ذلك بإحساسهم العميق بضرورة تكريس جهودهم في سبيل قضية مشتركة. إن الأمر في عالم الطب النفسي أشبه بإرسال ضباط نابليون إلى الحكم في مختلف المواقع عبر أنحاء البلاد كافة. ولقد أصبح من كان من المحللين النفسيين في فيينا أو برلين من المغمورين روادا في أقسام الطب النفسي في المستشفيات الأميركية. وذاع صيت مؤلفين ممن كانوا مهمشين في ميدان الطب النفسي لدى الأمريكيين الذين أشادوا بأعمالهم وأقبلوا عليها. ففي مراكز التكوين في التحليل النفسي ذاتها وجد الأمريكيون ضالتهم في الجماعة الأوروبية من حلقة فرويد الضيقة والمقربة حيث أغناهم ذلك عن مشقة السفر لأوروبا للتكوين هناك. وقد ساعدت كل هذه العوامل على نجاح التحليل النفسي في أميركا. فمن المعروف عن ميزات الشخصية الأميركية على سبيل المثال التفاؤل والاعتقاد في الفردانية، وهذا من شأنه أن يساهم في قبول العلاج النفسي المبني على أساس الأمل الذي يكون للناس في تغيير أنفسهم اعتمادا على مجهوداتهم الذاتية. تمركزت ثقافة الأطفال على الاستجابة بحماسة لفكرة النماذج الطفلية التي تؤثر في سلوك البالغين والميل إلى جعل كل الأمور الطفلية مثالية تلقائيا في مواجهة إكراهات الحضارة. ولقد ساعدت رفاهية العيش وأسباب الترفيه في أميركا فضلا عن انعدام تجانس الثقافة القومية على انتشار التحليل النفسي، لأن مجتمعا فقيرا أو مجتمعا تسود في مؤسسات تعليمية صارمة، لا يكون منفتحا بشكل كبير على الأفكار الجديدة على غرار ما جاء به فرويد. وبقدر ما اعتبرت أميركا أمة المهاجرين، بقدر ما كان على أي أمريكي أن يقطع مع جذوره الأجنبية حتى يتسنى له بناء تاريخه الفردي من أجل تخطي عدم يقينه إزاء تاريخي الجماعي. وفي النهاية لم يعرف الأميركيون، خلافا للفرنسيين والسويسريين، تقليدا مزدهرا خاصا بهم في الطب النفسي. ولا يعني ذلك أبدا التغاضي عن القدرات الفعلية لأتباع فرويد التي ساعدهم في تأمين نجاحهم الباهر.
وبفضل جهود تلاميذ فرويد ممن ساعدوا على نشر تعاليمه التي ساهمت في تنوُّع الأفكار عن سيكولوجية الإنسان والتي كان لها أثر بالغ على الحياة الثقافية في القرن العشرين وعلى علم الطب النفسي الحديث، أصبح الأمر الأكثر تشويقًا محاولة فهم يعني أن تكون من المقربين من المعلم بالنسبة إليهم. وبالنظر إلى ما تقدم من الأمثلة التاريخية في شأن العلاقات بين المعلم والتلميذ، يبدو من الصعب العثور على نموذج يمكن تعميمه على جميع الحالات، ففي السنوات القريبة، كان لدى لودفيج فيتنجنشتين مجموعة من التابعين المخلصين. وفيما مضى كان لدى كارل ماركس وجيرمي بنثام حلقاتهم الخاصة من التلاميذ، وقبلهم كان أفلاطون وأرسطو محاطين بأتباعهم**. وحتى في الحياة الأكاديمية اليوم نجد أن المعلم المؤسس يميل غالبا إلى جذب الأتباع. واللتحمس لتعليمهم، وفالعلاقة بين المعلم والتلميذ، والطرق التي من خلالها يتعلم هذا الأخير وينمو معروفة تقليديا ، في المقابل قد لايبرأ هذا التقليد من إحباط وخنق النوابغ ، يبقي أن علاقة فرويد بتلاميذه أصعب من أن ييتفق بيسر علي أي النموذجين كانت .
كان فرويد معلمًا ملهمًا، على غرار نموذج الفيلسوف الإغريقي أو الحاخام اليهودي العظيم. فقد جذبت إليه كتاباته ومحاضراته وطريقته العلاجية بالإضافة إلى سحره وقوة شخصيته تابعين مخلصين لا إبان فترة حياته فحسب بل وأيضا لأكثر من ثلاثين عامًا بعد وفاته. وعلى الرغم من أوجه الشبه بين علاقة فرويد وتلاميذه تاريخيا مع نماذج أخرى من العلاقات بين المعلم وتلاميذه رغم أن تبيّن حقيقتها على وجه الدقة يظل عصيّا في نهاية المطاف لما يكتنفها من غموض من حيث هي تعكس تجربة فريدة، فإنها تذكرنا بأن التلمذة تظل جزءا من عملية التعلم ضمن شروطها العادية وهي لا تنفك تتكرر كلما كان هناك إبداع.
وقد استفاد فرويد كثيرا من علاقته بتلاميذه ومن تجربته كتلميذ في نقاشاته المتكررة معهم. وقد ورد في مقالاته وكتبه عن تطور التحليل النفسي، أن دور معلميه كان حاسما في اكتشافاته وأعماله. وقد أخبر مرارا وتكرار عن قصة تلاميذه المنشقين الذين أثبتوا أنهم لا يستحقون أن يكونوا حلفاء ومؤيدون. لقد كان لفرويد روايته الخاصة التي سطرها للتاريخ عن أشكال النضال المختلفة التي عايشها في حركة التحليل النفسي , دونها بعناية قبل أن يتبيّن أهميتها أحد. فقد أدرك ما للأسطورة من سلطة. ولأجل ذلك كان يروي ملحمات بدايات حركته التحليلية ونضالاته إبان نشوء أفكاره حتى لمرضاه الذين جاؤوا إليه بغرض العلاج، وليس فقط لأولئك التلاميذ الذين يتعهدهم بالتكوين والتحليل والتدريس . (3) وم ن بين الأسباب التي حولت فرويد إلى أسطورة حيّة في حياته مساهمته شخصيا فيما حيك حوله من قصص.
وقد عمل فرويد جاهدا، في الوقت نفسه، من أجل التمييز بين شخصيته والعلم الذي اكتشفه. فقد كتب وتحدَّث عن بداية مسيرته لا من أجل مجد ذاتي عابر، ولكن من أجل هدف أعظم هو أن ابتكار طريقة في التحليل النفسي قادرة على الانتشار عبر العالم. وقد اعتقد فرويد بحق بأنه يتعين علينا استيعاب مفاهيم التحليل النفسي في سياق تطورها التاريخي. ولأجل ذلك أراد أن يتذكر الناس أغلاط «تلاميذه المنشقين» خشية أن تتكرر أخطاؤهم. ولكن حياكة الأساطير والخرافات قد تكون غير منصفة ومضللة سيما وأن مشاكل فرويد لم تكن علمية فقط، بل كانت مزاجية أيضًا. ورغم أن فرويد قدم مسيرته على أنّها علمية خالصة إلا أن تاريخ أفكاره ظل في الواقع مصبوغا بعوامل شخصية إلى أبعد حد.
وفي هذا الاتجاه كان فرويد صريحا فيما يتعلق بمفاهيمه وتجربته الشخصية. ويعد كتابه تفسير الأحلام واحدا من أعظم السير الذاتية في تاريخ البشرية إذ أنه رسم فيه بكل حرية تجربة لحياته الداخلية وبذل في ذلك جهدا من أجل إنشاء النظام السيكولوجي المناسب لنا جميعًا. ومع ذلك ما فتئ في الوقت نفسه يحاول رسم خط واضح بين عمله وشخصيته. فالتحليل النفسي كان إبداعًا ذاتيًّا. لقد حرص على أن يبلّغنا أن نضالاته التي تزامنت مع ظهور التحليل النفسي لم تكن تتعلق بسيرة ذاتية، بقدر ما كانت تتعلق بكتابة تاريخ لعلم جديد واستحداث له. ولأجل ذلك سخر جهودا كبيرة لوضع حدود التأمل المتعلق بالسيرة الذاتية حول مسيرته الشخصية. وكما جاء في رسالة له عام 1923 «يبدو بأن الرأي العام لا يعبأ بشخصيتي، ولا يستطيع أن يعلم شيئًا عنها» (4) وفي عام 1935، قبل أربعة أعوام من وفاته، عبر عن امتعاضه الشديد من الاعتداءات على حياته الشخصية: يكتب : ” ليس للرأي العام أن يزعم بأن لديه الحق في أن يعلم الكثير عن شؤوني الخاصة. فقد كنت منفتحا وصريحا إلى أبعد حد في بعض كتاباتي …وأحيانا أكثر من أولئك الذين تعوّدوا أن يبالغوا في التحدث عن حياتهم لمعاصريهم أو لمن جاء بعدهم. ولعله لأجل ذلك انحسر ثناء الناس عليّ. ومن خلال تجربتي لا أستطيع أن أوصي أي شخص بأن يحذو حذوي.” (5)
وتوجد بعض المجالات التي تظل غامضة جدا بالنسبة للعقل الإنساني ليس أقلها ما يمكن للميزات الشخصية لمؤسس جماعة ما أن تلعبه من دور حاسم. وليس استثناء أن يُعنى أحد أتباع فرويد رسميا بكتابة سيرة هذا الأخير الذاتية. وهو ما أقدم عليه أرنست جونز الذي بذل في سبيل ذلك سنوات عديدة من عمره. (6) وقد اضطرت عائلة فرويد في النهاية إلى القبول بتدوين سيرته الذاتية على مضض بسبب تراكم الدراسات غير المصرح بها التي قدمته في صورة اعترض عليها أتباعه واعتبروها مضللة ومجانبة للصواب. (7) ورغم احترازات فرويد ضد كتابة سيرته الذاتية، فقد علّمنا أن نحترم الماضي لأنه كلما تحكمنا فيه أكثر تحكمنا أكثر في المستقبل. إن الثقافات تتغذى من خلال الأساطير التي تحاك حول مآثرها التاريخية، وقد فهم فرويد حاجة الإنسان للاستجابة للتجربة بما تقتضيه الرموز المنشأة. وقد استخدم جونز ببراعة سلطته لإعادة بناء تاريخ فرويد مستفيدا في ذلك من التعاون الكبير الذي حظي به من عائلة فرويد.
لا أحد من المهتمين بحياة فرويد أو تاريخ التحليل النفسي ينكر نجاح جونز في مهمته على الرغم من أن جزءا مما أنجزه تنقصه الدقة والمتانة. لقد نجح جونز في كتبه في تقديم صورة ساحرة على الدوام عن حياة فرويد ونضالاته، وما أنجزه يمكن أن يدَّرس في كتابة التاريخ بوجه عام. ومثل آخرين من كتّاب السيرة الذاتية الرسمية، رأى جونز أن أجزاء من مراسلات فرويد لن يُتحقق منها لعقود قادمة (لأسباب يتعلق بعضها باللباقة وبعضها الآخر بالرقابة). وقد ضمّن جونز سيرة فرويد الذاتية عديد التفاصيل الدقيقة والقيّمة. لقد كان دقيقا وأمينا في عمله بحيث أصبح من المستحيل على غيره أن يكتب في سيرة فرويد ما كتبه. فأحد معايير جنس كتابة السيرة الذاتية المدة الزمنية التي تستغرقها في البحث أو حجم المجهود المبذول في سبيل تخطي ما تفترضه من تأويلات.
ورغم ذلك فلعمل جونز حدوده ونقائصه. وخلافا لما قد يذهب في ظن قارئ سيرة فرويد لم تكن علاقة هذا الأخير بجونز حميمية. ولعل أهم أسباب ذلك على الإطلاق أن جونز لم يكن يهوديا بينما كان فرويد شديد الارتياب إزاء غير اليهود. (كان يغالي في تأييدهم وذلك ليس إلا الوجه الآخر للعملة)، وعلاوة على ذلك كان جونز يقيم في لندن وبالتالي فإنه لم يشهد حقبة فيينا. ولكن جونز قريبًا من فرويد فيما يتعلق بسياسات حركة التحليل النفسي دون أن يكون مميزا في موهبته الحدسية السيكولوجية مقارنة مع أولئك الذين أحبَّهم وأعزّهم فرويد من أجل مستقبل التحليل النفسي. ومن بين مجموعة تضمّ ستة من المنتخبين من قبل فرويد خلال الحرب العالمية الأولى من أجل النهوض بقضية التحليل النفسي (جونز، ساندور فرانشيزي، أوتو رانك، كارل أبراهام، هانز ساكس، وماكس إتينغتون ) لم يكن جونز يحظى بمنزلة متقدمة ومتميزة من حيث أصالة إسهاماته في التحليل النفسي. فموهبته الخاصة تقتصر على تبسيط أفكار فرويد وجعلها في متناول الجميع وفي مساعدة حركة التحليل النفسي في عملها التنظيمي والمؤسسي.
وقد لعبت الصدفة دورها في كتابة هذا التاريخ ذلك أن جونز كان الأطول عمرا من بين هؤلاء الستة ولأنه آخر من تبقى منهم فقد كانت له الكلمة الأخيرة. وكان قلمه لا يكل، كما كان يمتع بقدرته عجيبة على الكراهية. ولقد كان جونز وثوقيا في مقاربته لحياة فرويد إذ أراد أن يقنعنا بأنه أحاط بجميع التعقيدات المتعلقة بشخص مثل فرويد وإن بدا موضوعيا إلى حد ما أحيانا «حاولت أن أعرض بحيادية قدر الإمكان مواطن القوة والضعف في شخصية فرويد وكذلك في الأشخاص الذين تعامل معهم. وأيّا كانت الانتقادات التي وجهت لعلاقة فرويد بالآخرين فلا يتعلق الأمر هنا سوى بالحقيقة كاملة، ضارها ونافعها، وتلك كانت مهمتي». (8) إلا أن تلك المهمة في الحقيقة أغوت جونز فظن أن ما من أحد بعده بقادر على أن يكتب سيرة نهائية حول حياة فرويد. ولأنه نشر مقتطفات كثيرة من رسائل فرويد، فقد آمل جونز أن يمنع أيّ محاولات لنشر تلك الرسائل كاملة. (9) ومن الغريب في الأمر أن سيرة فرويد الذاتية التي كتبها جونز لم تكن ثاقبة ومتطورة من زاوية نظر علم النفس وقد يصعب تصديديق أن كاتبها محلل نفسي تربع علي كرسي رئاسة الرابطة العالمية للتحليل النفسي . يتماهي جونز إلي درجة انعدام الشكية في كل مرويات فرويد مع شلل لأي طاقة تحليلية ، قــّــــبل جونز بصدر رحب أفكار فرويد الشخصية عن طفولته وعلاقته بأبويه. وقدر جونز دائمًا نضال فرويد مع تلاميذه من وجهة نظر الأستاذ حتى أنه تجاهل في موضع آخر وجهة نظر التلاميذ الذين كانوا يحاولون تحقيق ذواتهم. وكتب جونز سيرة فرويد في ظل مجموعة من المحرمات اللاموعوية , ويقينا أن جونز لو كتب عن حياة شخص آخر ربما كان أكثر حرية في التعامل مع وجهات النظر التي أورثنا إياها فرويد. (فعن أيّ كائن بشري آخر سيعلن جونز بأنه في الخامسة والأربعين من عمره بلغ “مرحلة النضج الكاملة” بما تحمله الكلمة من معنى؟).
أشار جونز إلى أن حياة فرويد تخللتها نزعات عصبية متنوعة كثير منها لم يكن معروفًا قبل كتابه . أما الآن فتتوفر معطيات كثيفة وبيانات دقيقة عن فرويد لم يسبق أن جمّعت حول غيره من قبل ويمكن النفاذ إليها. (11) ولكن رغم ما عثر عليه جونز حول العصاب فقد نأى بنفسه عن علاقات فرويد مع غيره من الناس. فعلى سبيل المثال لم يعتبر جونز نقاط ضعف فرويد البشرية كهشاشته مع بعض تلاميذه وصلاباته مع آخرين ذات شأن، بالمقابل ركز وبإسهاب علي مشاكل تلاميذه العاطفية المستعصية. وقد أصابت آخرون في حلقة فرويد نفس الغمامات التي أبتلي بها جونزظنا منهم أن فرويد هو الأستاذ الذي سينقذونهم من الصراعات التي قد تعكر صفو حياتهم الشخصية. قد يذهب في ظن البعض أنه كان ينبغي على تلاميذ فرويد أن يدونوا كل شيء تقريبا مما قيل حول التحليل النفسي في بداياته. وأنه فعلا كان هناك كمّا هائلا من المعطيات عن تاريخ التحليل النفسي يتدفق، في حين أن نفر قليل فقط من تلاميذ فرويد كتبوا عن علاقاتهم به. وتقتضي الحكمة عند دراسة هذا التاريخ التذكير بأن منهم مَنْ كتب ومنهم مَنْ آثر الصمت. أما الذين كتبوا فكانوا إما من المهمَّشين أو مِمّنْ هم من غير المقربين من أستاذهم شخصيا. ويبدو أن البعد عن فرويد بحسب الزمان أو المكان من العوامل المساعدة على ذلك، على غرار «الانشقاق» من صفوف التحليل النفسي الفرويدي. وأما الذين لزموا الصمت فهم في أغلب الأحيان ممن كانوا مقرّبين من فرويد. وعليه ليس غريبا أن يجدوا هؤلاء بصفة خاصة صعوبة بالغة في أن يكتبوا عن تجاربهم الشعورية العميقة التي عاشوها خلال حياتهم. فقد أصبح فرويد يمثل جزء هاما من حياتهم، بل إنه الجزء الأكثر قداسة، وأن أيّ محاولة تحويل العلاقة المشحونة عاطفيًّا إلى مجرد موضوع يدون دراسات قد يؤدي إلى تحنيط الحياة خارج الذكريات نفسها.
وهناك عوائق أخرى منعت تلاميذه من الكتابة عنه كشخص من قبيل التعبير عن وفاءهم واحترامهم لرغبته الخاصة. ثم إنه من باب احترام وتقدير زملائهم كان لزاما على المحللين مزيد التحوط كلما عنّ لهم الكتابة في شأن علاقتهم مع فرويد. ولا غرابة أن يحجم بعض تلاميذ فرويد عن كتابة أيّ تأويلات يعتبرونها بغيضة. وأكثر من ذلك، ربما يكمن العمل الأساسي في أن البعض من المؤلفين المحتملين إنما أحجموا عن الكتابة عن قصد لعلمهم بأن تدوين تلك الحقبة سيمتد بالضرورة إلى حياتهم الخاصة فتكشف على الملأ وتصبح أسرارها متاحة للجميع. وبحسب تاريخ التحليل النفسي فإنه يبدو، من الناحيتين العلمية والشخصية وما بينهما من تداخل صارخ، من الصعب الحديث عن شخص دون الدخول في جدل حول شخص آخر. ولعل أهم ما يلاحظ في هذا الصدد هو أن كل من كتب عن فرويد منذ وفاته ممن كان في موقف جيد مع حركة التحليل النفسي، كان مضطرًّا إلى أن ينسجم مع ابنته الأصغر «آنا» في التفكير. لقد تفحصت آنا كتابات جونز عن والدها سطرا تلو الآخر، لأنه بدون مساعدتها وتعاونها ما كان ليتقدم في مهمته خطوة واحدة إلى الأمام. ولكن عائلات العظماء كثيرا ما تطلعت إلى أن يُهتم بهم وفق طريقتين متلازمتين: أن بطلهم يستحق مكانته في التاريخ وأن يحافظ على خصوصيته ضمن حدود عائلته غير أن أمرا كهذا يكاد يكون مستحيلا. ولم يكن فرويد يعبأ بمثل هذه الأوهام. فعندما اقترح أرنولد زويج أن يكتب سيرة فرويد الذاتية (وهو ما اقتضي ضرورة فتح المناقشة من جديد حول الخلافات العامة المشهورة حول مسيرة فرويد)، الأمر الذي أثار حفيظة فرويد فرد فزعا:
“يا من تدعي أنه بإمكانك فعل أمور عديدة هامة وجذابة، يا من تنصّب نفسك وصيا على تعيين الملوك ومسح الحماقة المتوحشة للجنس البشري من أعلى برج الساعة، اعلم أني أبعد ما يكون عن الولع بك حتى أسمح لمثل هذا الأمر أن يحدث. إن كل من تسول له نفسه كتابة السيرة الذاتية سيضطر إلى الكذب والإخفاء والتمويه والنفاق والتملق، بل سيضطر علاوة على إلى التستر عن عجزه عن الفهم، فبالنسبة للسيرة الذاتية لا يمكن الحصول على الحقيقة وحتى إن حصلنا عليها فيصعب الاستفادة منها أو تطويعها. ألا إن الحقيقة صعبة المنال وأن الإنسانية ليست أهلا لها ولا تستحقها، وبين قوسين ألم يكن الأمير هاملت على صواب عندما تساءل عما إذا كان لأي شخص أن ينجو من الجلد بمجرد أن ينال ما يستحقه؟” (12)
قد لا يمكن لفرويد أن يتوقع البتة ما قد تؤول إليه الدراسات حول سيرته الذاتية، ولكنه كان يدرك تماما ما معنى أن يكتب التاريخ أحد مناصريه. وكما كتب ذات مرة عن بدايات تشكل وعي الجماعة: “لا مفر من الاعتقاد بأن هذا التاريخ في الأصل ليس سوى تعبير عن اعتقادانا الحالية وتطلعاتنا المستقبلية أكثر منه صورة حقيقة عن الماضي. فثمة أشياء كثيرة تسقط…من الذاكرة، وأخرى تشوّه، وبعض ما تبقى من الماضي يحرّف عن مواضعه حتى يتناسب مع الأفكار المعاصرة. وبالإضافة إلى ذلك فإن ما يحفز الناس على كتابة التاريخ ليس حب اطلاع موضوعي ولكنها الرغبة في التأثير على أفكار معاصريهم لتشجيعهم وإلهامهم، أو ليجعلوا منه مرآة عاكسة لمن سبقهم”. (13)
وعند تفسير الروايات المكتوبة حول فرويد، لا بد من الأخذ في عين الاعتبار تأثير تبعية واعتمادية الشهود ومواقفهم والموانع اللاشعورية التي تسيطر على تفكيرهم فضلا عن إمكانية تحيّز مقاصدهم. وبالإضافة إلى ذلك، فقد استفادت آنا (لأسباب مفهومة) من حماية والدها، ويعكس تشبثها بالاحتفاظ بمخطوطاته تخوفها من استغلالها، فضلا عن الرغبة في تكريس وقتها للمستقبل العلمي للتحليل النفسي. وقد شارك جيمس ستراتشي تقديس آنا فرويد لمذكرات والدها حتى أنه لم يطلع على المخطوطات التي كانت بحوزتها إلا في بعض الاستثناءات المحدودة جدا لما استند في نشر كتاباته على طبعته الأصلية المتينة لأعمال فرويد. وقد كان تلاميذ آخرين لأبيها يقدمون لها بشكل روتيني نسخ من مخطوطاتهم الخاصة قبل نشرها. وقد سُحبت بعض الدارسات حول والدها وفقا لرغباتها. (15) لقد ترسخت مكانة آنا فرويد في الطب النفسي الحديث، سواء كمنظرة أو كطبيبة، مع مرور الوقت حتى أصبحت تقريبا رائدة الطب النفسي للأطفال في العالم اليوم. لكنها رغم كرمها ولباقتها تظل ذات حساسية مفرطة إزاء سوء استغلال تاريخ أبيها وإمكانية تحريفه وتزييفه.
وما إن تبيّن لآنا أن رسالة فرويد التي كتبها بالإنجليزية إلى جونز رديئة إذ تضمنت عديد الأخطاء النحوية، ارتأت أنه من المناسب تصويب أكثر الأخطاء إرباكا. (16) ورغم أن آنا هي من اقترحت ذلك إلا أن ستراشي صب جام غضبه على جونز لأنه متى شرع هذا الباب فإن لديه الكثير ليقترح تعديله. (17) ولا يذكر أن آنا وضعت معايير خاصة لحماية رسائل والدها إلا في مناسبات قليلة. فعلى سبيل المثال، من أجل حركة التحليل النفسي اتفقت آنا مع جونز على عدم نشر ملاحظات والدها المناوئة لأميركا. (18) بيد أن هذا ليس إلا دجلا إذ من الصعب عدم التشكيك في زعم جونز بأنه يهدف إلى الحصول على الحقيقة كاملة. ومع أن جونز كان قادرا على أن يكون وفيًّا بشكل استثنائي في كتابة سيرة فرويد الذاتية إلا أنه في النهاية لم يستطع أن يفلت من الوقوع في مطبات التضليل والمغالطة التي توقّعها فرويد نفسه.
ومن ناحية أخرى كانت أسرة فرويد، وعلى رأسها آنا، جريئة في تشجيعها، بعيد وفاته بقليل، لما ظهر منها الآن. ولكن ما من شك أن فرويد نفسه، على سبيل المثال، لم يرِد لرسائله الحميمية مع صديقه فيلهالم فليس أن تظهر . ومع هذا فإن العائلة تعاونت في نشرها. بل أكثر من ذلك ساعدت حتى على نشر رسائل الحب لشريكة حياته قبل الزواج في السيرة الذاتية رغم تبرمه الذي عبر عنه في مناسبات عديدة من مثل هذه السير. ولكن إذا كان في الأمر تحدّ لرغبات فرويد فمعنى ذلك أن عائلته فقدت صوابها. لقد تم تهذيب رسائل فرويد إلى فيلهالم فليس عبر حذف بعض النوادر ذلك أنه لم يكن مسموحًا له حتى بالتندر على شخصه. (19) وخلال رسائل فرويد المنشورة*** ليست مواضع النقص واضحة دائما، ولا توجد علامات تدل على الحذف، ولكن بإمكان المر ء أن يتبيّن من حيث المبدأ ما في الأمر من عدم الانسجام كما هو الشأن بالنسبة للسلطة التقديرية في المجال الطبي.
وفي أواخر عام 1920 اتفق فرويد مع السفير ويليام بوليت على تأليف كتاب جدالي صريح عن الرئيس وودرو ويلسون. وعندما ظهرت المخطوطة في النهاية في عام 1965م، كان الهم الأول لعائلة فرويد الحصول على نسخة من كتاب قبل أن ينشر وحتى قبل أن يدرك صيغته النهائية حتى الآن. وإذ كان السفير بوليت على صواب عندما رفض أي عبث بالنص أو التلاعب به، لأنه يتعلق بشخص متوفى، رأى أتباع فرويد المخلصين أن أفضل طريقة للتعبير عن إخلاصهم لأستاذهم تتمثل في فصله من الجزء الخاص به في الكتاب. وقد كان فرويد مثالا للأمانة والصدق. فالتحليل النفسي بمثابة علاج يقوم على الاقتناع بأن معرفة الحقيقة من شأنها تحرير البشر. ووحده الموقف الذي يدافع عن فرويد وأعماله يكشف عن نقص في الثقة في قدرته على مقاومة التدقيق التاريخي.
وإذا كان قصدنا أن نبرهن على جدارة فرويد في أن يكون أسطورة زماننا هذا، لابد أن نتخلى عن فكرة اعتباره قدوة. وكما عبر فرويد ذات مرة عن أسفه على أنه «بفضل سلطة كتاب السيرة الذاتية التقديرية وعدم مصداقيتهم، أمكن لنا أن نتعلم قليلا عن الحياة الحميمية للعظماء الذين نعتبرهم قدوة لنا(21) «ولسوء الحظ أن النسخة التي قدمها لنا جونز عن نضالات فرويد غاية رسمها بعقنة مفرطة جعلت من النادر أن نعثر على جوانب العمق في تفاصيل حياة فرويد نفسه. ومع ذلك فإن الاكتفاء بما استطاع فرويد التغلب عليه فقط يحد من قيمة إنجازاته. ثم أن نجعل من فرويد أسطوريًّا بوصفه شخصا قادر على التحكم بشكل تام في عواطفه من شأنه أن يحرمنا فرصة الاقتداء به كمناضل مبدع.
ولعل ما يثير الدهشة ليس استحضار فرويد في الطب النفسي المعاصر وإنما الطريقة التي استحضر بها لتبرير ما يجري راهنا. فلا أحد فيما يبدو يتلهف شوقا إلى التماهي مع فرويد الذي تجاهل كل ما قيل أو كُتب من ذي قبل، وتجرأ على محاولة فهم ما اعتبر سابقا لا معنى له إطلاقا. لقد فكر فرويد وكتب عن أشياء صادمة. إن فرويد التاريخي، رغم كثرة أخطائه وكذلك انتصاراته الفكرية العظيمة، شخصية أكثر أهمية من فرويد الأسطوري ذلك أن مذكراته ركزت على ما يتمتع به من شجاعة وعبقرية أكثر من أيّ شيء آخر عن حياته التي سٌكت عن كثير من تفاصليها حتى لا يقل شأنه في أعيننا.
2 ـ اكتشاف فرويد الإنسان
عندما يسعى أيّ مؤرخ إلى فهم فرويد الإنسان لا بد أن يبدأ بحقيقة أن فرويد أدرك الأربعينات من عمره قبل أن يقدم على اكتشافاته العظيمة التي سبقتها سنوات طويلة من البحث والاجتهاد. وإذا كان أول من قابلت من مرضى فرويد تلقى العلاج عنده عام 1908 حيث كانت أفكاره عندها قد تطورت على نحو جيّد كان معنى ذلك أن فرويد الذي ولد عام 1856 قد بلغ الخمسين من عمره تقريبا، وهو عمر كان ينظر إليه قبل نصف قرن من الآن على أنه متقدم جدا قياسا لما هو عليه الحال على أيامنا هذه، قبل أن يتعرف عليه أيّْ من أتباعه. وما كان عليه في فترة إبداعه العريق مثلا يمكن استنتاجه من مصادر غير مباشرة.
يحتاج فهم ما كان عليه فرويد حتى ستين سنة خلت ضرورة إلى طفرة خيالية. لقد تطلب ما شهده العالم الغربي من تغيّر جذري مجهودا خاصا من أجل استعادة ذلك المناخ الذي نشط فيه فرويد في فترة مـتأخرة نسبيا من مسيرته. ورغم أن فرويد كتب بشكل بلا تحفظ عن دور الجنسانية في الصراعات الفكرية، إلا أنه ظل وفيا لعديد المواقف التي تعود إلى العصر الفيكتوري. من ذلك مثلا أنه لما اشتكى إليه أحد أبنائه المراهقين من الاستمناء، حذر فرويد ابنه من مثل هذا الصنيع. وقد أزعج ذلك الأمر الابن ومنعه رغم أنه كما قال أسرّه إلى أبيه على انفراد كما فعل أخوه الأكبر. (1) ويُفترض أن فرويد قد اعتبر الاستمناء عرضا مرضيا ونتاجا للصراعات اللاموعوية ، حتى لو لم يكن سلوكا معيبا. ولما واجه فرويد نفس المشكلة بحيادية كبيرة بدا فرويد متحررا من مظاهر التقوى التقليدية: مشكلة الاستمناء، كما صرح بذلك تكمن في الكيفية التي ينبغي أن يتّم وفقها. (2) كان بإمكان فرويد، يقينا، التندر، لأن الطرافة انعكاس لتمتُّعه بالحياة. فقد قضى وقتا كبيرا من مسيرته وهو يكافح من أجل دفع الناس إلى القبول بأفكاره حتى أفقده ذلك الرغبة في الدعابة. فقد شارك السخرية اللاذعة مع أفضل الكتاب التهكميين في فيينا. فعلى سبيل المثال، طلب منه النازيون قبل أن يسمحوا له بمغادرة فيينا عام 1938 أن يكتب بيانا يوقع عليه يفيد بأنه عومل معاملة حسنة وهو ما أقدم عليه فعلا، ولكنه ذيّله بحاشية لا تخلو من نبرة التحدي والتهكم جاء فيها «أتمنى من كل قلبي لكل شخص أن ينزل ضيفا على الغستابو (البوليس السري النازي)». (3) وبالنسبة لكل القواعد التقنية الجافة المعتمدة في سبر أغوار المريض التي وضعها مسبقا للآخرين، كانت ممارسة فرويد للتحليل النفسي مفعمة بكثير من التوضيحات الساخرة الرائعة. وتقدم الأمثلة التي استخدمها في كتابة النوادر وعلاقتها باللاوعي لمحة عن هذا الوجه في تفكيره. يورد : (لقد عبر المحلل اليهودي الفييني، هانز ساكس أثناء رحلته إلى أميركا عند علاجه لكثير من المرضى غير اليهود الذين كان عددهم يفوق من عالجهم في أوروبا عن قلقه بشأن استمراره في تحليل المرضى نفسيا دون استحضار القصص اليهودية. فوجد الحلّ في الاستعاضة بالقس عن الحاخام في تلك القصص: «قصص معمدة ») فمازال المرضى يستعيدون بشراهة كيف استطاع فرويد توضيح معضلات الجنس البشري بواسطة النوادر اليهودية.
وعلى أن قلة من المقربين من فرويد تجرؤوا على النظر إليه بموضوعية وحيادية. إلا أن جل أتباعه والمقربين إليه وأجيالا من المحللين النفسيين المخلصين لحركة التحليل النفسي ، إنما أرادوا تقديمة لا عبقرية غاصت في دهايز العقل البشري بل كشخص يخلو من كل الشوائب وكأنه من غير المنتمين لهذا الجنس البشري (4) وأصر البعض كما جونز وبعض مقربيه على التستر ما لاحظوه عليه من علامات العصاب. ومع أن نٌشر الكثير من رسائل فرويد في السنوات الأخيرة تنبّه إلى أنه كان يعاني من بعض الصراعات الداخلية، مثل القلق إزاء الموت، والحاجة إلى الاعتقاد في شخصية يعلم كل الإجابات عن مختلف الأسئلة الممكنة. وأي ملاحظ غير متحيز ينبغي أن يوافق على أن الهدف المحوري من البحث في حياة فرويد يتعلق بتحديد إلى أي مدى أو بأي طرق أٌستبغت تعاليم التحليل النفسي بمشاكل فرويد الشخصية. وعلى الرغم من ذلك فإن العديد ممن قابلتهم أعلنوا أنهم يعتقدون جازمين بأن لا أثر لشخصية فرويد في نظرياته السيكولوجية.
وكان فرويد يعرف طوال حياته في حلقته على أنه «البروفيسور » واليوم بعد أكثر من ثلاثين عامًا على وفاته، مازال المقربين منه فضلا عن بعض أقاربه، يتحدثون عنه بوصفه «البروفيسور » ويعتقدون في ذلك (وزيادة على ذلك لا يستحضر هذه الكلمة إلا من كان على علاقة حميمة نسبيا مع فرويد). ولا أحد غريب يمكن أن يخمن مدى وقع تلك الكلمة على المسامع قياسا لغيرها من الكلمات لما لها من فخامة وسلطة مهيبة. وكما تحدث عن ذلك تيودور رايك «بشكل مستبطن قد تتخذ الكلمات التي يجري تداولها في الحوارات اليومية أهمية غير متوقعة. وبعض الملاحظات التي تكون عرضية أول أمرها قد تظل تتردد في أذهاننا لسنوات عديدة بعد ذلك». (5) وممّا لا شك فيه أن فرويد غيَّر نمط حياة هؤلاء الناس.
وفي أيامنا هذه حظيت آنا فرويد باحترام كبير. وأن سلسة الأحداث المتعلقة بفرويد كافة هي التي أدت بتلاميذه إلى تنزيه أو قذف بعضهم البعض. وفي النهاية أصبحت ابنته الصغرى أعظم من وطد قواعد التحليل النفسي للمستقبل. فقد كان فرويد ا”لبروفيسور” بما له من عبقرية هو الذي سهر على تنشئتها كطفلة حتى استطاعت أن تكون على رأس الحركة التي ورثتها عن أبيها. فآنا فرويد هي الآن «الآنسة فرويد». وقد استطاعت أن تملأ الفراغ الذي تركه أبوها بكل قوة وحذقت التواصل بنفس الكيفية التي نهج وفقها الأستاذ تماما.
وقد تعرف آخرون على متن طائفة التحليل النفسي. ولكن الكتّاب المهتمين بفرويد سواء كانوا من مؤيديه أو معارضيه واجهوا صعوبة في تحقيق التوازن بين إعجابهم به ووجهة النظر النقدية التي لن تتوفر لهم إلا بقدر بعدهم عنه. وقد يكون هؤلاء الذين انخرطوا في التحليل النفسي خضعوا إلى توجيه نفس الولائية للطائفة والتي توجه مختلف المسالك الأخرى في كثير من الطرق التقليدية، ولكن هذا كله لاينفي اسهامات علمية حقيقية للأجيال اللاحقة من المنشغلين بالتحليل النفسي, وسواء ذهبنا إلى عيادة آنا فرويد في لندن أو إلى مراكز علاج الأطفال في نيويورك أو كليفلاند، لن نشعر البتة بأيّ تغيير يذكر. فالاتجاه التحليلي النفسي للأطفال هو نفسه بل وحافظ على تماسكه ووحدته دائماـ وهذا يحسب لآنا فرويد ولا يفسر هذا فيما تمنحه لتلاميذها من معاني التشارك في العواطف فقط , بل وفوق هذا ألي فهمها العميق والجوهري للصراعات العاطفية في فترة الطفولة. ومنذ البداية كان لدى التحليل النفسي هذا الوجه المزدوج من التحريف الذاتي والاكتشاف الموضوعي. وعليه ينبغي علينا أن نتعامل مع إنجاز فرويد بعناية كبيرة إذا أردنا اقتراح صيغ بديلة.
وحتى يرتقي العلاج النفسي إلى مرتبة التجربتين التعلمية والتربوية، يتعيّن علينا أن نطور فهمنا لنظرية العلاج النفسي آخذين في الاعتبار ما جاء في بحوث فرويد وتلاميذه. فقد لجأ فرويد نفسه إلى المماثلات التعليمية لشرح تقنياته العلاجية الجديدة. وكما قال في أكثر من مرة، إن التحليل النفسي «بمثابة معلم ثانٍ للبالغ، وبمثابة مصحح لتربية الطفل». (6) وكلما تعرفنا على فرويد كمعلم أكثر، كلما فهمنا نواياه كمعالج نفسي أفضل. فالمرضى بالنسبة إلى فرويد “تلاميذ”، والمحلل بالنسبة إليهم “مرشد”. حتى لكأن العملية التحليلية النفسية في حدّ ذاتها نشاطا تربويا، ألا إن التحليل النفسي يسعى إلى تربية الأنا. (7). وخير دليل على ذلك أن بعض المرضى غير المتعلمين كانوا قليلا ما يتوافقون مع اهتمام المحلل. ويعتقد فرويد بأن المرضى يراودهم الإحساس بأن المحلل النفسي هو بمثابة قدوة لهم في كافة محطات التحليل النفسي في حين لا يعدو أن يكون إلا معلما إلا في بعض المناسبات القليلة ويكون ذلك عادة بشكل مباشر. ولكنه حذر من التعليمات التمييزية وفي ذلك يقول: «ينبغي على المريض أن يكون متعلما لكي يتحرر ويحقق طبيعته الخاصة، وليس ليشبهنا». (8) كلما تعمقنا في البحث في نظرية التحليل النفسي، تبيّن لنا أنه ليس ثمة ما يبرر المبالغة في أهمية تفسير شخصية فرويد. وقد قام فرويد بعملية فرز ما قبل شعورية في أعماله واجتبى إليه من كان يحق لهم الاتصال به شخصيا. وعند قراءتهم كتابات فرويد أو مناقشة مفاهيمه، كانوا يأخذون في الاعتبار الفصل بين ما يستحق أن نتحدث عنه بوصفه ينتمي للعلم وبين ما جادت به قريحته وما كان ثمرة لجهوده الخاصة. ولكن لما بدأ الجيل الأول من المحللين النفسيين يختفي تدريجيا، فقد أصبح من الصعب علينا أن نطعن فيما هو ذاتي في منظومة فرويد. فلقد آوى إليه تحت عباءته كل أتباعه من المحللين النفسيين الذين وجدوا أنفسهم متماهين معه عن وعي أو عن غير وعي. ومن أجل المرضى والأطباء النفسيين على حد السواء، ينبغي أن نتخلى عن أوهامنا قدر الإمكان.
ونستطيع أن نفترض بكل ثقة بأن فهم فرويد شخصيا سيكون له حتما تبعاته على نظرية علم النفس التحليلي والعلاج النفسي. وقد يبدو غريبًا، خلافا لذلك، أن يكون اهتمامنا مركزا في معظمه على شخصية فرويد. وبعد هذا ودونه، ألا ينبغي للعلم أن يكون مستقلا عن شخصية منشئه؟ أليس في وصف رجل العلم ب «العبقري «مصادرة على المطلوب؟ فالإبداع العلمي، خلافا للأدب، يفترض أن اكتشافا معيّنا سيحدث إن عاجلا أم آجلا، إما على يد هذا العالم أو ذاك. والثابت أن أعمال فرويد صنفت منذ البداية، في جزء منها، طبعا، كإنجاز أدبي، لا سيما ذاك الذي يخص حياته الشخصية الحميمية. وأن نقول بأن تفكيره كان إلهاما ذاتيا وثمرة فهمه الخاص لا ينتقص من قيمة إنجازه، وأن نقول بأن نظريته ذات أصول ذاتية لن ينال من قيمتها الموضوعية في شيء. وتكمن قوة فرويد كمحلل نفسي في قدرته على استخدام وتوظيف معرفته الذاتية في كتاباته. فقد كتب بإحساس، من أجل علم لا شخصي (محايد)، عن بعض تجاربه الحميمية. وكما هو الشأن بالنسبة إلى غيره من الكتاب العظماء، يتطلب ذلك ذاتا سخية بما يمكنه من إبداع نظريته عن التجربة الإنسانية من جديد بمنأى عن سيرته الذاتية. لأنه ليس في مقدور أيّ شخص غيره البتة أن يأتي باكتشافات كتلك التي توصل إليها هو.
وإذا سلمنا جدلا بأنّ أعمال فرويد كانت في أسوأ حالاتها جزءا من سيرته الذاتية، وبحثا حول تاريخ التحليل النفسي فإن ذلك يتطلب مقاربتها من زاوية نظر خاصة. ولا بد أن نعترف، مثلا، بالدور الذي لعبه تاريخ فرويد الشخصي في تطور التحليل لما كان لا يزال على قيد الحياة حيث جاهد نفسه كثيرا حتى يفصل شخصيته عمّا توصل إليه من كشف. وأثناء سرد أحد تلاميذه لأحدى الحكايات الطريفة، لاحظ أنه عندما اعتبر أن فرويد في فترة الثلاثينات كان شخصا عظيما، ردّ عليه فرويد قائلا: «لا أدّعي أني شخص عظيم، ولكن ما توصلت إليه كشف عظيم». (9) ولم يكن فرويد منافقا في تواضعه لأن النأي بنفسه عن علمه مكنه من أن يجعل من حياته الخاصة مصفوفة نظريته في علم النفس. وغني عن القول إن فرويد يتعامل مع مرضى. وعليه فمن البديهي أن ينطلق من مشكالهم من أجل فهم حالاتهم والتخفيف من حدتها. ومن ثمة فإنه استطاع، من خلال مرضاه، أن يتحكم في نفسه بشكل أفضل حتى استطاع أن يتغلب على يعض من مقاومته الداخلية لمعرفته الذاتية عبر تحييد ما هو ذاتي وإضفاء صبغة موضوعية عليه.
وما فتئ فرويد يلح على ضرورة التمييز بين شخصيته وأعماله، فهو لم يكن يريد في أن يُنظر إليه كشخصية أدبية منذ البداية. وإلاّ ما كانت أعماله لتستمر بعد وفاته. وبالتالي، كما رأينا فقد آمن بأن كتابة سيرته الذاتية لا طائل من ورائها. لقد أراد أن يثبت بأن شخصيته لم يكن لها أيّ تأثير على التحليل النفسي كعلم. وفي خطاب لها في جمعية فيينا للتحليل النفسي في عام 1936، وبمناسبة عيد ميلاد فرويد الثمانين، أحضرت آنا فرويد رسالة لأبيها يوصي فيها تلاميذه بأن لا يفكروا في التحليل كما فكر فيه هو وإنما يتعيّن عليهم اعتباره ككيان مستقل من المعرفة. (10) ولقد تبيّن أن خشية فرويد من أن يرتبط التحليل النفسي بحياته الخاصة ارتباطا وثيقا لا أساس لها في الواقع، إضافة إلى أن التدابير التي اتخذها لنفسه في تأسيس علم التحليل النفسي كانت في كثير منها مثيرة للجدل وغير مرغوب فيها وقد لامه كثيرون عليها. لقد كان هناك دائما اهتمام مبالغ فيه بحياة فرويد حتى وإن لم توظف المعلومات حول سيرته الذاتية بعد بشكل منظم في تبصير نظامه السيكولوجي. وهما كان شأن أعمال أيّ مفكر عظيما، فإن ما يعنينا هو المفكر نفسه وليس فقط مجموعة المجلدات التي كتبها. فنحن نتحدث عن أفلاطون وأرسطو، ومفكرين آخرين أقل شأنا، عندما نشير إلى كتاباتهم. وبغض النظر عن مدى صعوبة العثور على شخصية فرويد في أعماله من عدمها، فإن المرء يشعر دائما بالطابع المميز لتفكيره. ويعود ذلك، تخصيصا، إلى أن نظام تفكيره يطغى عليه الجانب الشخصي كثيرا، ورغم أن مثل هذا الأمر يشترك فيه مع غيره في الآن ذاته، إلا أنه استطاع أن يجذب إليه الكثير من الأتباع.
وقد كان ذلك عبئا ثقيلا على تلاميذه، فبقدر إغراءاته باعتبار خلود اكتشافات فرويد، بقدر ما يثير من إحساس بالاغتراب باعتبار أن صاحبه ليس معصوما من الخطأ. فبالنسبة للجيل الأول من المحللين النفسيين، فرويد يعني التحليل النفسي بحيث يستحيل استحضار هذا أو التفكير فيه دون ذاك. ويدور جدالنا هنا حول ما إذا كان فرويد محللا نفسيا أم لا، إذ المسألة بالنسبة إلينا مسألة تعريف التحليل النفسي وليست مسألة معرفة كيفية ممارسة العلاج النفسي. فمن السهل جدا بالنسبة إليه الاعتقاد بأن الخلاف الشخصي يمثل اختلافا علميا، بل وبأن الخلاف العلمي خيانة شخصية. فليس أشق على فرويد وعلى تلاميذه أيضا من أن يحافظوا تواليا على مفهوم العلم ومفهوم الإنسان.
وتكمن قوة فرويد ككاتب وعالم نفس في قدرته على أن يدعو قلوب الناس كافة إلى روح واحدة. يقول فرويد، إذا أردت أن تمتحن ذاتك فانظر في أعماقك، وستكتشف ما إذا كان ذلك صحيحا سواء بالنسبة إليّ أو بالنسبة إليك أيضا. وقد تفاعل العالم بأسره مع طريقة فرويد الشخصية في بث دعوته هذه. فقد أخبرني طبيب نفسي ممن قابلتهم أنه التقى فرويد لأول مرة في أوائل العشرينيات، وكان يقصد بذلك أنه قرأ لأول مرة كتابا من تأليف فرويد. (وهذا أمر لافت جدا لأنه لم يقابل فرويد فعليا قبل عام 1936)، وحين يتحدث الناس عن خصوم فرويد إنما يقصدون أولئك الذين يختلفون معه علميا، وليس أعداءه بصفته الشخصية. ويُعتبر فرويد بالنسبة لتلاميذه شخصية ذات دلالة عميقة جدا ولها وقعها الكبير في نفوسهم حتى أنهم كثيرا ما يحتفظون في ذاكرتهم بتواريخ مهمة في حياته أفضل مما يفعل الأبناء مع آبائهم.
ولكن في نهاية المطاف أصبح التحليل النفسي شيئا مختلفا تماما عن شخصية فرويد. فكلما زادت حركة التحليل النفسي في الانتشار، شهد التفكير التحليلي النفسي تغيرات جذرية حتى أصبح يبدو غريبا تماما عن فرويد نفسه. وعملا بالطريقة التي علمهم إيّاها فرويد نفسه، راجع الباحثون مؤخرا معظم مواقفه الأعز على قلبه. لقد حال الإعلاء من شأن قيمة وجهات نظر فرويد الشخصية إلى حد التماهي معها وجملة الأحكام المسبقة بشأنها دون إمكانية مراجعة نظرياته وهي إمكانية في الحقيقة متأصلة في أفكاره.
هوامش المترجم:
1- د سبوك هو طبيب أطفال ثم محللا نفسيا، أصدر كتابه عام 1945 الذي أحدث ثورة في طريقة تربية الأطفال في أمريكا , معتمدا علي الكثير من أفكار فرويد , باع بنهاية القرن العشرين مائة الف نسخة.
2- طبيعة العلاقة بين المعالج والمريض.
3- يورد اريك كاندل الفائز بجائزة نوبل في الطب النفسي والأعصاب عام 2000 , يورد أنه سبب توجهه للطب كأن لدراسة الذاكرة من من منظور فرويدي عبر صلته بـ آنا كريس والتي كان أبواها محللين نفسيين، كما يذكر أن العشرين الأوائل من رفاقه خريجي الطب 1956 قد توجهوا للطب النفسي الذي كان بالجملة تحليلا رغم محاولات ب ف سكينر (1904- 1990)في المدرسة السلوكية – الراديكالية , ورغم دخول علاج الكلوروبرومازين 1952
4- قد يختلف البعض حول هذا الوصف ويري أن ثمة اسهامات مهمة نشأت في الشمال الأمريكي مثل سيكولوجية الذات لـ هنز كوهت Self Psychology
5- راجع Animal Brother للمؤلف.
6- ارنست جونز 1879-1958 : طبيب ومحلل نفسي بريطاني , لعب الدور الأهم في اقناع فرويد للهروب من فينا ابان المد النازي وترتيب اقامته في لندن ,أوكلت إليه كتابة سيرة فرويد الرسمية من قبل عائلته.
7- في الأجزاء القادمة من الكتاب تعرف مفصل عن هؤلاء الستة وكذلك تلميذاته.
8- سيرة جونز التي كتبها عن نفسه ولم يطبع المجلد الأخير إلا بعد وفاته كانت أكثر أريحية مما كتبه في سيرة فرويد التبجيلية.
9- أجادت اليزابيث يونج –كعادتها- كتابه سيرة آنا فرويد الرسمية بعيد كتابتها لسيرة حنة آرندت. لكن ادارة آنا لأرشيف أبيها نتج عنه مآسي وتسريبات كما في حالة جيف ميسون وآخرين ليسوا هم هذه الترجمة.
10- محلل نفسي بريطاني عني بترجمة أعمال فرويد إلي الإنجليزية حتى قيل لربما هي أفضل ما نقل إلي الإنجليزية.
11- ظهرت عام 1987 جيفري ميسون: الرسائل الكاملة بين فرويد وفليس.
12- يتطرق بالتفصيل لهذا الكتاب في فصل فرويد والنساء في هذا الكتاب.
13- أنظر كتاب “فرويد والتراث الصوفي ” ديفيد بكان.
14- قارن الفكر السياسي والثقافي في عصر فرويد الفصل الأول، بول روزان: ترجمة سارة العبدالله ويوسف الصمعان.
15- يختلف تقييم المؤلف ل آنا فرويد في هذا الكتاب عن ما لمزها به في أكثر من موضع في كتبه الأخرى , قارن : The Animal Brother وهو كتاب تقصى فيه ظروف انتحار فيكتور توسك , وكتابه Meeting Freud Family وفي تعليقه علي سيرة آنا فرويد الرسمية التي حررتها إليزابيث يونج , أما جفري ميسون الذي ترأس أرشيف فرويد ثم سرب منه رسائل فرويد وفليس وتغير موقف فرويد من الذاكرة المكبوتة عند الأطفال Repressed Memory , أنظر جيفري ميسون The Assult on Trtuth وانظر فريدريك كروز The Memory War :Freud’s Legacy in Dispute
هوامش أخرى:
* • ويمكن أن نذكر على سبيل المثال، قائمة أعضاء جمعية فيينا في بدايات الثلاثينات حيث ضمت: أوغست أيشهورن، لاو اندرياس-سالومي، ادوارد ببرنغ، هيلين دويتش، اريك اريكسون، بول فيديرن، هاينس هرتمان، ارنست كريس، هارمن نونبرغ، ويلهالم رايش، تيودور رايك، وبول شيلدر. وضمت جمعية برلين حولي عام 1930: فرانس ألكسندر، أوتو فينشال، ايريك فروم، فريدة فروم-رايشمان، جورج جروداك، كارن هورني، ميلاني كلاين، ساندور رادو، هانس ساكس، وروني سبيتز.
**• وفي سياق حديثه عن مؤلفات فرويد، كتب فريتز فيتال: “ندرك جميعا أهيمتهم، ونحن فخورين بأننا تلاميذ أرسطو في هذه الأيام قبل أن تشتهر أعمال هذا الفيلسوف على نطاق واسع” (2)
***• في هذا المجلد حول مراسلات فرويد-يونغ، عرضت رسائل فرويد على ما هي عليه لأول مرة.
--------------
موقع حكمة