نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


هل اللليبراليون العرب مجرد سماسرة ...؟ دعوة لتعلم الليبرالية في ثلاثة أيام دون معلم




لن تتجذر الليبرالية ويترسخ وجودها في العالم العربي قبل وقف (النهيق والجعير والقضاء على التياسة والحمرنة ) في الممارسة السياسية والثقافية ..،هذا ما يعتقده نادر قريط على الأفل الذي ينطلق - في مقاله - رغم قسوته على الليبراليين العرب من رؤية ليبرالية - علمانية متنورة قادته الى الاعتقاد ان الليبراليين العرب مجرد سماسرة وان التفكير الليبرالي الاصيل ضاع في المتاهات التي خلقتها الانظمة المتخلفة لنفسها ولشعوبها لتحافظ على المناخ القبلي - الطائفي الذي يسمح لها بالاستمرار دون اي حاجة للتفكير بالاستقرار والهدوء الذي تحتاجه الليبرالية لتنمو وتترسخ وتعطي ثمارها في المنطقة العربية كما اعطتها منا وسلوى في مناطق اخرى من العالم قطعت صلتها بالتفكيرالقروسطي ولم تعد تربط حياة البشر بتشريعات سماوية بل بقوانين ارضية يمكن فهمها وتعديلها والتعامل معها بعيدا عن مناطق المحرم والملغوم والمقدس


هل اللليبراليون العرب مجرد سماسرة ...؟ دعوة لتعلم الليبرالية في ثلاثة أيام دون معلم
تعلم الليبرالية في ثلاثة ايام بدون معلم
لعلكم تذكرون كتب "تعلّم الفرنسية في ثلاثة أيام أو الإسبانية وغيرها"، تلك الكتب شاعت في السبعينيات؟ وألهمت أحد معارفي الظرفاء لكتابة نص عنوانه" تحرير فلسطين في ثلاثة أيام بدون حرب"؟ تذكرت هذه القصة الطريفة ورأيت أن أنسج على منوالها طريقة لتعلم الليبرالية العربية بثلاثة أيام وبدون معلم .. طبعا لا أقصد ليبرالية آدم سمث وغيره ممن نظّروا لفكر الإقتصاد السياسي، ولحرية السوق، وحرية رأسمال المال في الإستثمار والنشاط ولا أقصد ليبرالية الفكر السياسي، التي ترتبط بنيويا بصيرورة نظام الحكم الديمقراطي وسلطاته الثلاث، فهذه أمور معقدة تدخلنا في القال والقيل وجدل (البيضة والدجاجة) فالفكر الليبرالي يحتاج نظام حكم ديمقراطي وهذا الأخير (مضاد للإستبداد الشرقي الذي يتغذى من شرايين قانون الدم وشبكة الولاءات العائلية والقبلية والدينية والمذهبية) الديمقراطية تلزمها علمانية: وتعني ضمنا إنزال المرجعيات التشريعية من السماء إلى الأرض، وهذه قضية ترتبط بمفهوم التنوير الكانتي وبلوغ العقل سن الرشد وإنعتاقه من هيمنة التصور الديني
لكن كل ذلك يشترط وجود ثروة، وهي قدرة المجتمع على توفير العيش الكريم للشرائح الدنيا وتحقيق الضمان الإجتماعي للسواد الأعظم، لأن الديمقراطية تقوم أساسا على إستخدام الحد الأدنى من عنف الدولة وعرض عضلاتها (البوليسية) وعندما يتفشى الفقر والتهميش، يتهدد السلم الإجتماعي، لهذا فإن الحزب المسيحي الألماني يعتبر الديمقراطية والثروة صنوين لاينفصمان.
وبما أن الثروة تنجم عن الإنتاج وتراكم رأس المال (تحقق في اوروبا خلال قرنين عبر الثورة الصناعية والنهب الإستعماري) فلا أدري كيف ستحققه دول العطش؟ بصلوات الإستسقاء؟!) قلت لكم إن الموضوع بالغ التركيب والتعقيد ويرتبط بصيرورات (تاريخية دينية إقتصادية ونمو إنساني ووفرة وثروة وتعليم) الليبرالية إذن فكر سيا ـ إقتصادي داخل مبنى الديمقراطية، وهذه الأخيرة تحتاج لأرض علمانية تقف عليها، والعلمانية تحتاج هدوووووء!! والهدوء لن يتأتى إلا بمنع الجعير والنهيق ؟! ووقف ذلك يتطلب القضاء على الحمرنة والتياسة. وهذا يحتاج بدوره إلى تنوير وتعليم، والتنوير يحتاج بطارية؟ والبطارية فارغة، لأن النخب (الحاكمة والمثقفة) تحب العتمة، فهي تساعد على ممارسة شهوة السلطة ونهب الثروة (قلت لكم إنها أشبه بقصة البيضة والدجاجة، وقد تسبب لكم دوارا وصداعا؟!) لذا وبعيدا عن كل هذه التجشؤات الكلامية واللت والعجن الذي لا يقدم ولا يؤخر تعالوا أصحبكم في رحلة نافعة شعارها: تعلم من أين تؤكل الكتف

1ـ من يريد أن يتعرف على الليبرالية العربية وعلى أساطينها (ومساطيلها) من ناطقي لغة الضاد عليه أن يعرف أن لفظ "ليبرالية" يعني "حرية" وأولى دلالاتها بحبوحة في الفكر، تصل بمعتنقها إلى رفض هستيري لكل أشكال الفكر المتزمت والأيديولوجيا وصولا إلى حالة من الإسترخاء الذهني واللا فكر. لهذا لاتكترث الليبرالية العربية للجانب الإقتصادي (المفترض أنه محورها الأساسي) وتلتقي بذلك مع الإسلام السياسي، فكلاهما يقدّس حرية السوق ويبرر (النهب) ويعتبر الملكية ورأس المال (قضاء وقدرا) أما الفرق بينهما فيقوم على بعض الشكليات الطفيفة.. إذ يحبذ الإسلاميون وضع الأموال الحلال في بنوك (يديرها أولاد حرام) ويحبذون تجارة الظل الإتكالية على مبدأ (يا فتاح يا رزاق يا كريم) بينما يفضل الليبراليون تسليم الجمل بما حمل للبنوك الأمريكية، وفتح سيقان البلاد (لفحول المستثمرين) لكنهما من حيث الجوهر متفقان ومتعايشان بوئام ومحبة، والدليل وجود دول عربية تحكمها أنظمة قروسطية دينية (تقام فيها كرنفالات قطع الرؤوس) أو تحكمها عائلات اوليغارشية مستبدة وبنفس الوقت تتمتع بنظام إقتصادي ليبرالي حُر، من أحلى ما يكون.وهكذا نكون قد أرتحنا من تكبد مشقة الإقتصاد وغمّه وهمّه فالقاعدة الذهبية لليبرالية العربية تقوم على مبدأ: أعط ما لله لله ومالقيصر لقيصر ودع الشعب يأكل الزلط [الحصى] ( وبالمناسبة يُحكى أن أحد الزعماء العرب أوصى بوكالة الزلط لأحد أبنائه؟)

2ـ ألف باء الليبرالية العربية:هنا لابد للقارئ أن يلاحظ وجود مدارس مختلفة وهي ترتبط بمنشأ الليبرالي العربي وتكوينه العقائدي والمذهبي، والثقافي لكن ما يجمع هؤلاء هو الذود عن حقوق إسرائيل (التي إغتصبها أجلاف العرب والفلسطينين)، بناء عليه فمن ينكر حق إسرائيل في (التغوط) على العرب ينكر معلوما من الليبرالية بالضرورة. ولا غرابة حينئذ أن تميل كتاباتهم لمقت كل من يُضمر الشر لإسرائيل (ياليد أو اللسان وحتى بالقلب) من هنا تنصب لعناتهم على حماس وحزب الله ونظامي سوريا وإيران وقد أضيف لهم القذافي والبشير وقطر (عاصمة قناة الجزيرة) إذن فالقاعدة الأولى تلزم الليبرالي بكراهية بني جلدته حتى الثمالة وتطالبه بهدر دمهم ولو كانوا إخوته ومن بطن أمه .. وغير تلك القائمة فقد أتيح له أيضا شتم الوهابية ما إستطاع سبيلا؟ لأن نظام آل سعود سمح بذلك بعد 11 سبتمبر، لينأى بنفسه من تبعات تلك الحادثة، حيث أوعز لوسائل إعلامه بإستئجار الأقلام المناسبة للمشاركة في تصيّد الفكاهات الفقهية كتحريم ميكي ماوس وإرضاع الكبير .. إلخ ( إضافة إلى مزيد من الإستثمارات في ميدان الفن وشراء الجواري وتوظيف القوادين)

3ـ تلك الألف باء المشار إليها قد لا تشرح الأمور بما يكفي ولغرض التعمق أقترح على المبتدئ بسلوك طريق المدرسة الليبرالية السهلة خصوصا إذا كان يعيش في أقاصي الأرض وتفصله عن أرضه المحيطات ويمكننا إختصارا أن نسميها:

ـ المدرسة الساذجة
وهي تقوم على شتم الإسلام بكرة وأصيلا وتحميله وزر البلاء والبؤس الذي وصلته المنطقة.. هنا لا يحتاج المرء (ـة) لكثير من العناء خصوصا مع توفر عدد من الآيات القرآنية التي تدعو للعنف (من قبيل وقاتلوهم ..) وحشود غفيرة من الأحاديث والقصص االتي يغصّ بها الموروث الإسلامي من بول البعير وإستخدامه في الطب النووي إلى قتل يهود بني قريضة أو ربط أم قرفة بجملين وشقها نصفين ..إلخ..وينصح بهذه الحالة إضافة ألقاب إستهزاء للرموز الدينية وإعادة تذكير القارئ بقصة الكشح ومقتل عدد من أبرياء الأقباط على يد بعض المتوحشين المسلمين، وعقد مقارنات بليدة تثبت أن سويسرا (المسيحية) أفضل من الصومال (المسلم) ومرد ذلك يعود طبعا إلى غلظة الإسلام وتخلفه، لكن حذار من عقد مقارنات بين أثيوبيا (أقدم مسيحية في التاريخ) وبين ماليزيا المزدهرة (المسلمة) عندذاك فقد يخسر المرء رصيده الليبرالي وتهتف الحناجر بسقوطه. ويُشترط لكتابة هذه الأمور سلاسة اللغة (وزفرة اللسان، وأن لاتزيد الأخطاء الإملائية والنحوية عدد كلمات النص) وميزة هذه الطريقة أنها تؤتي أكلها بسرعة خصوصا بوجود قراء ينتمون لأقليات مسكونة بهاجس ثأر قديم مع عمر بن العاص وغيره من عربان العصور القديمة.

ـ المدرسة السمجة:
هنا على المرء أن يبتعد عن المواجهة الإستفزازية والمنفرة مع الدين و عليه أن يُظهر توقيرا للرموز الدينية إذا كان قد إستخار لنفسه مستقبلا سياسيا باهرا، ويُستحسن إضافة ملحقات تبجيلية مثل (عليه السلام، رضي الله عنه، عج.. إلخ) وأخذ بحبوحة في إنتقاء المفردات التي تصب جام غضبها على " القاعدة والصداميين والفاشية البعثية والوهابية وحزب الله وحماس والجزيرة" فالقاموس متاح للجميع بكل نعوته. ولابد والحالة كذلك من تحميلهم مصائب الزمن ونوائبه وأنفاله، حتى لو كانت عمليات الموت والإبادة والتفجير قد تمت بطائرات الإف 16 أو بأيدي خفية تمولها وتفبركها قوى الإحتلال وأذنابه.. فالديمقراطية تشترط بصيغتها الجديدة وجود أسلحة دمار شامل وعلاقة مع القاعدة وبالتالي دبابة وإحتلال.. وليس مهما موت مئات آلاف الضحايا وتطهير المدن مذهبيا وعرقيا وتهجير الملايين وليس مهما أن تحكم البلاد ميليشات دينية قروسطية وولي فقيه يأمر وينهي، وليس مهما لو نهبت الثروة. فهذه أمور سخيفة مادمنا نملك صحفا حرة وإنترنيت.. وبكلمات أخرى فليذهب الوطن للجحيم، المهم أن نعلق صدام على المشنقة ونرقص على جثته.
لكن هذه الطريقة المباشرة قد تلتبس لوعورة دروبها، عليه يتوجب على الليبرالي أن يصرخ بملئ فيه بأنه ليبرالي، ويعشق الغرب ويذوب بعيون جورج بوش قائد فيالق التنوير (كما أسماه كمال غابريل) أو يملك الحجة والمنطق كعبدالقادر حسين ليقول: إذا كان أغنياء العرب يذهبون للعلاج في الغرب، فلما لا يذهب الغرب ليعالج مجتمعاتنا ؟؟ إنما عليه أيضا مداهنة قوى السلطة وتملقها حتى وإن إرتدت أكفان الموروث، وحكمت بتراث السقيفة..وعلى العموم . فإن هذا النوع من الليبرالية يحتاج شيئا من التلوين والتزويق ومناصرة قضايا المرأة والأقليات والمطالعة ومتابعة الأحداث وبعض الحنكة (وضبط قواعد الإملاء والنحو )

مدرسة الدعاة:
هذه المرحلة من الليبرالية العربية لايصلها إلا المريدون من أولي العزم والشكيمة الذين تضلعوا في العلوم والمعارف. وتبحروا في الماركسية، وتاريخ الفكر السياسي، والأدب ومعرفة أشياء عن الأنتربولوجيا وعلم الأديان المقارن.. فمرحلة الدعاة هذه تتطلب الكثير من الفهلوة والذكاء (الثقافة في هذه المرحلة ليست إنتاجا للمعرفة بل إسئجارا لها وممارسة للدهاء لبلوغ الغاية التي تبرر الوسيلة) .. لكن الغاية يجب أن تبلغ إربها بطريق سهل ممتنع من خلال إقناع القارئ بأنه قزم تافه أمام قامة سامقة.وتتجلى حرفية إتقان المعرفة في تمويه القصد وإستخدام صيغ الفعل المبني للمجهول والإنتقال بسلاسة بين الأفكار المتسامية وخطاب السياسة الفج، وتتلخص إحدى القواعد، بمبدأ ورد في رسالة السهندريم للمشنا (التلموذ) تقول: من يقتل إنسانا واحدا كمن يُدمّر العالم ( وردت في القرآن بصيغة مشابهة) لكن بنفس الوقت يجب أن يؤخذ التصور الميتافيزيقي لبورخيس الذي يستنتج من الجملة: إن من يقتل الناس جميعا كمن يقتل نفسا واحدة ؟ وهذه اللياقة المعرفية تتيح لليبرالي أن يجعل من مقتل الحريري مثلا مأساة تعادل قتل الناس جميعا، فيمكنه إستثمارها، وشحذ السكاكين لذبح من يريد قبل أن تنطق المحكمة الدولية بحكمها. وإذا صدف وكان الليبرالي من منشأ يساري ومن لاعنيّ التصحر والبداوة الوهابية؟ فعليه في هذه الحالة أن ينسى أن الحريري كان ذراعا لتلك السعو ـ وهابية والبترودولار وأن ثورة الأرز يقودها بارونات الحرب الأهلية وقادة الميليشيات والخطف ومذابح الجبل. عليه أن ينسى ذلك فالليبرالية تغفر لمن تشاء بإستثناء حسن نصرالله فهو شر مطلق دمر لبنان بطائراته وقنابله العنقودية ؟! لهذا فإن القاعدة الذهبية وإتقان اللعبة الليبرالية تأمر بتملق أنظمة اللصوصية والاستبداد وغض الطرف عما يعانيه ملايين البؤساء والجوعى ومشردي الأرصفة وآلاف ضحايا العدوان والقصف الجوي البربري والمذابح الكبرى (إذا يمكن تبريرها حسب قاعدة بورخيس: من يقتل الناس جميعا كمن يقتل نفسا واحدة). فالمجتهد الليبرالي هو من يُحرك أشرعته كما تشتهي الرياح، عندها فقط يكون قد أتقن الحرفة بمهارة، واستحق شرف زيارة كردستان وإنشاد قصائده في مربد ديمقراطية (القبائل) وربك الوهاب!!
خلاصة: إن الليبرالية العربية في تجلياتها الأخيرة بعيدة عن روح التنوير وتشبه إلى حد بعيد"نكاح الإستبضاع" ويعني بلغة الموروث العربي: أن يُرسل الرجل العنين زوجته إلى رجل آخر تستبضع منه؟ حتى هذه العبارة تبدو فضفاضة؟ فكل الأمم إستقت حضارتها ومعارفها من أمم أخرى! ولم يخطئ مؤرخ الفكر عندما سمّى العملية "تلاقح حضارات". الصين واليابان وغيرها إستبضعت وحافظت على ملامحها وعاداتها وثقافاتها (وحصّنت فرجها)؟ الشيوعيون فعلوا نفس الشيئ وإحتفظوا بروح وطنية وأممية وأنتجوا شعرا وأدبا وفنا رائعا؟ الإسلاميون مازالوا يستبضعون الجاهلية من ثقافة" حدثنا أعمى عن أبكم أنه قال" فحوّلوا البلاد إلى تكية للدروشة والخرافة.. أما ما يفعله الليبراليون العرب فهو سمسرة ثقافية لا أكثر؟
--------------------------------------------------------
الصورة : آدم سميث

نادر قريط
السبت 11 أبريل 2009