نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

من دمشق... سقط المشروع الإيراني

08/01/2025 - عالية منصور

من بطاركة العرب إلى بطرك كرسي الأسد!

06/01/2025 - المحامي أدوار حشوة

جماعة ماذا لو ...؟ وجماعة وماذا عن ....؟

01/01/2025 - د.محيي الدين اللاذقاني

الشعب السوري يصنع مستقبله

28/12/2024 - أحمد العربي

‏ أسلمة سوريا..وتركة الأسد

26/12/2024 - ساطع نورالدين

عن الطغيان الذي زال وسوريا التي نريد

23/12/2024 - العقيد عبد الجبار العكيدي


من هم المدعوون إلى مؤتمر الحوار السوري؟




بإمكان هذه الهيئة بعد استكمال حواراتها، أن تصل إلى مخرجات تضعها بين يدي السلطات الرسمية للتنفيذ، فنضمن فعلاً أن المستقبل السوري كان نتيجة حوارات شارك فيها أوسع طيف من السوريات والسوريين، على امتداد الوطن وخارجه.


 بعدما توج سقوط نظام الأسد مسيرة درب الآلام الطويل للسوريين نحو الحرية، يحتل ضمان الأمن والاستقرار والهموم المعيشية وطريق الانتقال نحو المستقبل المنشود، سلم الأولويات لدى عمومهم. إلا أن السوريين اليوم وفي مقدمهم السلطة الحاكمة، لا يمتلكون تصوراً مشتركاً ومعلناً حول أهداف الانتقال السياسي ومراحله وجدوله الزمني، واكتفت الإدارة الحالية بتسلّم السلطة، بما في ذلك تشكيل المؤسسات العسكرية والأمنية الجديدة، والإعلان على لسان قائدها السيد أحمد الشرع، أن مؤتمراً وطنياً جامعاً سيُعقد، وحلاً للفصائل ضمن مؤسسة عسكرية جديدة.
قال الشرع أيضاً إننا نحتاج إلى ثلاث سنوات لكتابة الدستور، وأربع سنوات لإجراء انتخابات عامة، وإن الأولوية اليوم لتأمين احتياجات الناس وضمان الأمن والاستقرار، في غياب الآن لأي شكل دستوري يحدد مسؤولية السلطات العامة، وينظم عملها ويقر بالحقوق والحريات الأساسية، وأسس النظام العام في البلد، إلى حين الوصول إلى إقرار الدستور الدائم للبلاد وإجراء الانتخابات العامة. 
يغيب كذلك تصور مشترك عن مهمات مرحلة الانتقال السياسي، والكيفية اللازمة لإجراء الحوار الوطني، كي يؤمن الوفاق الوطني المطلوب للانتقال نحو الوضع الدائم للبلاد.
وإذا اتفقنا مع الإدارة على أن إقرار دستور دائم للبلاد، وإجراء انتخابات عامة يحتاجان إلى فترة زمنية مريحة، وأن ضمان الأمن للناس وتلبية احتياجاتهم المعيشية ودوران عجلات الدولة، أمور لا تحتمل التأخير، فإن ما ينقصنا هو خطة واضحة مطمئنة لعموم السوريين على تنوعهم، للكيفية التي ستدار البلاد بها خلال هذه الفترة وبأي اتجاه، وهو ما يحتاج إلى مقالات كثيرة للخوض فيه وتفصيله، لكن بتخصيص الحديث هنا عن المؤتمر الوطني، فإننا وفقاً لما يرشح من أخبار بصدد دعوة ألف شخصية سورية من خلفيات متنوعة للاجتماع أياماً عدة، والخروج بحكومة كفاءات يُفترض أن تعكس تنوع المجتمع السوري، وإعلان حل “هيئة تحرير الشام” والفصائل المسلحة، وتشكيل لجنة استشارية للحكم، وأخرى لصياغة الدستور. 
وباستثناء النقطة الأخيرة، لا تحتاج الإدارة التي استلمت السلطة بحكم قيادتها إلى الجولة الأخيرة في معركة إسقاط النظام، وقامت بترفيعات وتعيينات عسكرية وفق ما ارتأت، وتتولى مهمة تمثيل الدولة السورية إلى مؤتمر كهذا للقيام بهذه الخطوات، ولا يعالج مؤتمر كهذا القضايا الوطنية المطروحة على الشعب السوري. وبإمكان الإدارة الاكتفاء بعقد مؤتمر للقوى الثورية، التي تحالفت معها لإسقاط النظام، والاتفاق على هذه الإجراءات وإعلانها، وتشكيل مجلس تشريعي وإعلان دستوري مؤقتين بالاستفادة من مبادئ أساسية في دستور 1950. 
ما هو مطلوب من الإدارة التي تولت سلطات الدولة على مستوى الحوار الوطني أمر مختلف تماماً، وبآلية مختلفة تماماً، بخاصة ألا أحد ينازعها على قيادة المرحلة، إنما تتم مطالبتها بالمشاركة مع شرائح وطنية أخرى في هذه المهمة.  يقترح هذا المقال أن تبادر الإدارة إلى التشاور مع شخصيات سورية تتمتع بالتأهيل المعرفي اللازم والسمعة الحسنة، ومن منابت متنوعة فكرياً وسياسياً ومنطاقياً ودينياً وقومياً، لها حضور اجتماعي، يراعى فيه حضور وازن للنساء والشباب، لتشكيل هيئة وطنية رسمية مستقلة للحوار الوطني السوري، تدار بشكل تشاركي، وأن تُرصد لهذه الهيئة الإمكانات المادية اللازمة لإدارة سلسلة من الحوارات في جميع المحافظات السورية، وأماكن وجود السوريين في الخارج، ضمن إطار زمني مدته سنة إلى 18 شهراً، وبإمكان جامعة الدول العربية والمبعوث الأممي لسوريا تقديم الدعم والمشورة في تشكيل هذه الهيئة وخلال عملها. 
ولكي ينجح هذا الحوار الوطني لا بد من توافر أربعة  شروط أساسية، أولها استقلالية هذه الهيئة عن الإدارة الحالية، وثانيها أن تكون مخرجات سلسلة الحوارات الوطنية هذه ملزمة للسلطات الرسمية، وثالثها أن تراعي التشميل والتضمين في عملها، بأن تعقد الحوارات مع مختلف شرائح المجتمع السوري وفاعلياته في كل المحافظات، بما يشمل الشخصيات الثقافية والفكرية والاجتماعية والتجمعات المهنية كغرف الصناعة والتجارة والنقابات المهنية، والأجسام الأكاديمية، وتعبيرات المجتمع المدني المختلفة، والحرص على الحضور العادل والوازن للنساء والشباب فيها، وأن تتعاون في عملها مع وسائل الإعلام، ومراكز الأبحاث والدراسات، ومؤسسات استطلاع الرأي العام السورية، ورابع هذه الشروط أن يكون لهذه الهيئة برنامج عمل واضح ومحدد المواضيع، بما يشمل أسس العقد الاجتماعي الجديد، ولائحة الحقوق والحريات التي يجب ضمانها في سوريا، وشكل النظام السياسي المستقبلي المطلوب بما في ذلك قضية اللامركزية، والطريقة الأمثل واقعياً لصياغة وإقرار الدستور الدائم في البلاد، والعناصر الأساسية للبرنامج الوطني للعدالة الانتقالية، والنمط الاقتصادي الأفضل لسوريا المستقبل، بما يضمن التنمية ومكافحة الفقر والتوزيع العادل للثروة، وطريقة تشكيل المؤتمر السوري العام. 
بإمكان هذه الهيئة بعد استكمال حواراتها، أن تصل إلى مخرجات تضعها بين يدي السلطات الرسمية للتنفيذ، فنضمن فعلاً أن المستقبل السوري كان نتيجة حوارات شارك فيها أوسع طيف من السوريات والسوريين، على امتداد الوطن وخارجه.
شاءت الأقدار أن تتولى الإدارة الحالية مقاليد السلطة في سوريا، وأن تواجه مهمة نقل البلاد إلى مرحلة تضمن وحدتها واستقرارها وكرامة أبنائها وبناتها، وتساويهم في الحقوق والواجبات، وتمتعهم بالحقوق والحريات التي ينعم بها الناس في البلاد المتقدمة، وبناء نظام سياسي لا ينتج الاستبداد من جديد، وتلك هي المفردات والعناصر الأساسية لأي نظام ديمقراطي. 
ليس بإمكان جهة واحدة أن تتصدى لهذه المهمات بشكل منفرد، ولا بديل من الشراكة الوطنية والانفتاح على عموم الشعب والشفافية والعلنية. مرحلة الانتقال من نظام استبدادي قتل وهجر الملايين ودمر أجزاء واسعة من البلاد، وأفقر الدولة والشعب، وأحدث شروخاً عميقة في النسيج الوطني، صعبة وبالغة التعقيد، وتحتاج إلى تضافر جهود جميع أبناء الوطن على قاعدة الشراكة والمساواة. بهذه الروحية يجب أن يصمّم الحوار الوطني السوري ويدار.
---------
درج
----------------------------
المدير التنفيذي لمؤسسة اليوم التالي

 


معتصم السيوفي
الاربعاء 8 يناير 2025