الصفحات
سياسة
وتتيح الكرة الزجاجية للزوار منظرا شاملا فريدا لا مثيل له من عل لمعالم العاصمة بكل تجلياتها.
وأول نظرة للزائر تقع من فوق البرج ستنجذب تلقائيا تجاه مياه البحر، ثم تلتقي النظرة مع ممشى يؤدي بالسائر إلى المدينة القديمة التاريخية التي تحفل بالأزقة المألوفة المزدحمة بالمارة ذهابا وإيابا، وبعدها ينتقل البصر إلى البوابات المزدانة بالنقوش ثم إلى الواجهات الباهتة للمباني التي يرجع تاريخها إلى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
وتبدو المباني من هذا الارتفاع كما لو أنها جاءت إلى هذا المكان من عصر آخر، ويعد هذا المنظر في الحقيقة مكونا أصيلا من مشروع "مدينة الثقافة".
وطرح مشروع إنشاء "مدينة الثقافة" في عهد ديكتاتور تونس السابق زين العابدين بن علي، وهي عبارة عن مجمع للأنشطة الثقافية تتجمع تحت سقف واحد يضم دارا للسينما وآخر للأوبرا ومسرحا وقاعة للحفلات الموسيقية.
وتم وضع حجر الأساس للمشروع عام 2003، ولكن عملية التنفيذ تأخرت وتم افتتاحه في آذار/مارس 2018، بعد مرور 16 عاما من التخطيط والتشييد.
ولم تكن أحداث الربيع العربي فقط والتي بدأت في تونس في نهاية عام 2010 هي التي أخرت تنفيذ المشروع، ولكن تضافرت معها المشكلات الاقتصادية، على الرغم من عدم التطرق إلى هذه المشكلات خلال حفل الافتتاح.
وفي حفل الافتتاح ألقى وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين – الذي كان من الأعضاء النشطين في اللجنة التي خططت للمجمع أثناء حكم الرئيس الأسبق بن علي - كلمة قال فيها "إن هذا المشروع لهو فخر لجميع التونسيين، وهذه هي لحظة تاريخية".
وأضاف "إننا نرى إنشاء مشروع طموح من أجل أجيال المستقبل".
ويعد هذا المشروع الذي تكلف 130 مليون دينار تونسي (54 مليون دولار)، طموحا بالفعل في دولة مثل تونس حيث لا يوجد في جميع أنحائها سوى نحو 12 دارا للسينما.
ويوجد بمدينة الثقافة داران للسينما وثلاثة مسارح وقاعة للحفلات الموسيقية يمكنها استيعاب 1800 من الجمهور، إلى جانب متحف للفن المعاصر وورش لتدريب الفنانين واستوديوهات لإنتاج الأعمال الموسيقية والغنائية والسينمائية.
وتوجد على الموقع الإليكتروني للمدينة كلمة ترحيب بالزائرين سجلها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ويقول فيها إن افتتاح المجمع الثقافي يعد علامة على أن تونس على الرغم من جميع المشكلات التي تواجهها تسير على الطريق الصحيح.
ويضيف الرئيس السبسي في كلمته إن "الثقافة ليست ترفا، بل هي جوهر الحياة لكل مجتمع حر وطموح".
ولكن المنتقدين ليسوا راضين عن هذا المبنى الذي يرون أنه يتسم بالبذخ، حيث اكتست أرضياته بالرخام وأقيمت قاعات عديدة فيه على عمد مهيبة، في وقت تواجه تونس فيه مشكلات اقتصادية هائلة منذ عام 2011، وتم دعهما بقروض خارجية بلغت مئات الملايين من الدولارات.
كما يحفل الشارع التونسي باحتجاجات متكررة ضد الحكومة تتحول غالبا إلى أعمال عنف.
ويهدف المشروع إلى إعطاء قوة دفع للعاصمة التونسية، التي عادة ما تنام مبكرا، وبعد أن أضننتها المكائد السياسية خلال الأعوام الأخيرة.
ويدافع كمال الرياحي مدير القطاع الأدبي بمدينة الثقافة عن فكرة إنشاء المدينة فيقول "لقد حان الوقت بالنسبة لتونس لتشهد تحولا ثقافيا"، ويأمل الرياحي أن يسهم التقاء الفنون والأدب والموسيقى والأفلام السينمائية في مكان واحد في خلق مناخ جديد من الحركة والنشاط والإبداع.
ويضيف "إننا بحاجة إلى ثورة ثقافية في تونس، وبحاجة إلى تقديم فنون السينما والمسرح والأدب في سياق مناسب".
غير أنه ثمة تباين في وجهات النظر.
فبينما يتفق البعض على أن إقامة هذا المجمع الجديد هو أمر واجب وضروري، ينظر إليه البعض الآخر فقط من زواية ارتفاع تكلفة بنائه، ويخشون أن يكون اتجاها على استمرار توجهات النظام القديم، ويخشى الفنانون والمثقفون أن يصبح المجمع مبنى للأشباح لا يرتاده أحد، وذلك بعد أن يتلاشى الحماس والاهتمام الأولي للمشروع، ويقولون إنه في المقام الأول لا يكاد أحد يذهب إلى دور السينما القليلة التي تعمل حاليا.
غير أن جوديث ميرشبرجر مديرة معهد جوته في تونس تعرب عن اعتقادها بأن هناك بابا للأمل، وتقول إن المشهد الثقافي في تونس خامد في الوقت الحالي، خاصة في الأماكن الكائنة خارج العاصمة، ولكن يلاحظ أن هناك تزايدا في عدد الرعاة للفنون والآداب، كما أن صناعة السينما في البلاد شهدت أيضا تطورات إيجابية مؤخرا.
وتضيف "إن التحدي يتمثل ليس في مجرد اجتذاب الجمهور الأكبر سنا، ولكن أيضا إدخال المشهد الثقافي الشبابي إلى المجمع والسماح بممارسة التجريب في أشكال الفنون".
وتتابع قائلة إنه إذا تم السماح للفنانين الشباب باستخدام غرف واستوديوهات التدريب بالمدينة الثقافية بدون صعوبات تذكر، فسيكون ذلك مكسبا عظيما.
وعلى الرغم من أن تونس تفخر كثيرا بتاريخها الثري وآثارها العريقة وتقيم عروضها الفنية في المدن القديمة، فإنه توجد علامات على أن الأمور في طريقها للتغيير في اتجاه الاعتزاز والزهو بدرجة أكبر بالمشهد الثقافي الحالي.
وتمنح أفلام مثل "رياح الشمال" على سبيل المثال والذي لقي إشادة في مهرجانات السينما الدولية مؤخرا الأمل لمؤيدي "مدينة الثقافة"، بأن تونس توشك على الدخول في مرحلة مهمة ورائعة.
وأول نظرة للزائر تقع من فوق البرج ستنجذب تلقائيا تجاه مياه البحر، ثم تلتقي النظرة مع ممشى يؤدي بالسائر إلى المدينة القديمة التاريخية التي تحفل بالأزقة المألوفة المزدحمة بالمارة ذهابا وإيابا، وبعدها ينتقل البصر إلى البوابات المزدانة بالنقوش ثم إلى الواجهات الباهتة للمباني التي يرجع تاريخها إلى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
وتبدو المباني من هذا الارتفاع كما لو أنها جاءت إلى هذا المكان من عصر آخر، ويعد هذا المنظر في الحقيقة مكونا أصيلا من مشروع "مدينة الثقافة".
وطرح مشروع إنشاء "مدينة الثقافة" في عهد ديكتاتور تونس السابق زين العابدين بن علي، وهي عبارة عن مجمع للأنشطة الثقافية تتجمع تحت سقف واحد يضم دارا للسينما وآخر للأوبرا ومسرحا وقاعة للحفلات الموسيقية.
وتم وضع حجر الأساس للمشروع عام 2003، ولكن عملية التنفيذ تأخرت وتم افتتاحه في آذار/مارس 2018، بعد مرور 16 عاما من التخطيط والتشييد.
ولم تكن أحداث الربيع العربي فقط والتي بدأت في تونس في نهاية عام 2010 هي التي أخرت تنفيذ المشروع، ولكن تضافرت معها المشكلات الاقتصادية، على الرغم من عدم التطرق إلى هذه المشكلات خلال حفل الافتتاح.
وفي حفل الافتتاح ألقى وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين – الذي كان من الأعضاء النشطين في اللجنة التي خططت للمجمع أثناء حكم الرئيس الأسبق بن علي - كلمة قال فيها "إن هذا المشروع لهو فخر لجميع التونسيين، وهذه هي لحظة تاريخية".
وأضاف "إننا نرى إنشاء مشروع طموح من أجل أجيال المستقبل".
ويعد هذا المشروع الذي تكلف 130 مليون دينار تونسي (54 مليون دولار)، طموحا بالفعل في دولة مثل تونس حيث لا يوجد في جميع أنحائها سوى نحو 12 دارا للسينما.
ويوجد بمدينة الثقافة داران للسينما وثلاثة مسارح وقاعة للحفلات الموسيقية يمكنها استيعاب 1800 من الجمهور، إلى جانب متحف للفن المعاصر وورش لتدريب الفنانين واستوديوهات لإنتاج الأعمال الموسيقية والغنائية والسينمائية.
وتوجد على الموقع الإليكتروني للمدينة كلمة ترحيب بالزائرين سجلها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ويقول فيها إن افتتاح المجمع الثقافي يعد علامة على أن تونس على الرغم من جميع المشكلات التي تواجهها تسير على الطريق الصحيح.
ويضيف الرئيس السبسي في كلمته إن "الثقافة ليست ترفا، بل هي جوهر الحياة لكل مجتمع حر وطموح".
ولكن المنتقدين ليسوا راضين عن هذا المبنى الذي يرون أنه يتسم بالبذخ، حيث اكتست أرضياته بالرخام وأقيمت قاعات عديدة فيه على عمد مهيبة، في وقت تواجه تونس فيه مشكلات اقتصادية هائلة منذ عام 2011، وتم دعهما بقروض خارجية بلغت مئات الملايين من الدولارات.
كما يحفل الشارع التونسي باحتجاجات متكررة ضد الحكومة تتحول غالبا إلى أعمال عنف.
ويهدف المشروع إلى إعطاء قوة دفع للعاصمة التونسية، التي عادة ما تنام مبكرا، وبعد أن أضننتها المكائد السياسية خلال الأعوام الأخيرة.
ويدافع كمال الرياحي مدير القطاع الأدبي بمدينة الثقافة عن فكرة إنشاء المدينة فيقول "لقد حان الوقت بالنسبة لتونس لتشهد تحولا ثقافيا"، ويأمل الرياحي أن يسهم التقاء الفنون والأدب والموسيقى والأفلام السينمائية في مكان واحد في خلق مناخ جديد من الحركة والنشاط والإبداع.
ويضيف "إننا بحاجة إلى ثورة ثقافية في تونس، وبحاجة إلى تقديم فنون السينما والمسرح والأدب في سياق مناسب".
غير أنه ثمة تباين في وجهات النظر.
فبينما يتفق البعض على أن إقامة هذا المجمع الجديد هو أمر واجب وضروري، ينظر إليه البعض الآخر فقط من زواية ارتفاع تكلفة بنائه، ويخشون أن يكون اتجاها على استمرار توجهات النظام القديم، ويخشى الفنانون والمثقفون أن يصبح المجمع مبنى للأشباح لا يرتاده أحد، وذلك بعد أن يتلاشى الحماس والاهتمام الأولي للمشروع، ويقولون إنه في المقام الأول لا يكاد أحد يذهب إلى دور السينما القليلة التي تعمل حاليا.
غير أن جوديث ميرشبرجر مديرة معهد جوته في تونس تعرب عن اعتقادها بأن هناك بابا للأمل، وتقول إن المشهد الثقافي في تونس خامد في الوقت الحالي، خاصة في الأماكن الكائنة خارج العاصمة، ولكن يلاحظ أن هناك تزايدا في عدد الرعاة للفنون والآداب، كما أن صناعة السينما في البلاد شهدت أيضا تطورات إيجابية مؤخرا.
وتضيف "إن التحدي يتمثل ليس في مجرد اجتذاب الجمهور الأكبر سنا، ولكن أيضا إدخال المشهد الثقافي الشبابي إلى المجمع والسماح بممارسة التجريب في أشكال الفنون".
وتتابع قائلة إنه إذا تم السماح للفنانين الشباب باستخدام غرف واستوديوهات التدريب بالمدينة الثقافية بدون صعوبات تذكر، فسيكون ذلك مكسبا عظيما.
وعلى الرغم من أن تونس تفخر كثيرا بتاريخها الثري وآثارها العريقة وتقيم عروضها الفنية في المدن القديمة، فإنه توجد علامات على أن الأمور في طريقها للتغيير في اتجاه الاعتزاز والزهو بدرجة أكبر بالمشهد الثقافي الحالي.
وتمنح أفلام مثل "رياح الشمال" على سبيل المثال والذي لقي إشادة في مهرجانات السينما الدولية مؤخرا الأمل لمؤيدي "مدينة الثقافة"، بأن تونس توشك على الدخول في مرحلة مهمة ورائعة.
