كما دعا إلى مضاعفة الجهود للتوصل إلى حل يكفل إيصال المساعدات للسوريين عبر الحدود وعبر الخطوط، فما من أمر أهم من ذلك للسوريين، وفق رأيه.
وأشار المبعوث إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام لم تمول إلا بنسبة 13%، وأن الصندوق الإقليمي للاجئين لم يمول إلا بمقدار 6%.
وطالب المانحين بزيادة مساهماتهم والوقوف إلى جانب السوريين والبلدان المضيفة في المنطقة ممن يعتمدون على المساعدات المنقذة للأرواح.
وتطرق المبعوث الأممي إلى ضرورة العودة لاجتماعات اللجنة الدستورية، موضحًا أن توقفها مرتبط بمنازعات حول الموقع وقضايا لا علاقة لها بسوريا.

حمايتهم من “الإعادة”

“في حين أن القضايا كلها ليست في يد السوريين، فإن هناك مسألة يجب ألا تكون إلا بأيدي السوريين، وهي دستور البلاد في المستقبل، إنه العقد الاجتماعي الذي يجب أن تستند إليه مصالحة جميع السوريين في نهاية المطاف”.  
غير بيدرسون- المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا
وحول مسألة عودة اللاجئين والناحين داخليًا، شدد المبعوث الأممي على أن الظروف ليست مواتية لعودتهم بشكل آمن وكريم وطوعي، فهم بحاجة إلى حماية من “الإعادة”.
كما لفت إلى الوضع الاقتصادي وتراجع قيمة العملة المحلية بشدة في تموز الحالي، ما جعل بعض العاملين يحصلون على أقل من ثمانية دولارات شهريًا، بينما كانوا يحصلون على 18 دولارًا في حزيران، وهذا يعني أن العائلة لا تستطيع تحمل نفقة وجبة يوميًا، وفق بيدرسون.
من جهته شدد راميش راجاسينغهام، مدير التنسيق في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، على ضرورة مواصلة إدخال المساعدات إلى سوريا عبر الحدود، مع ضرورة تمديد فتح معبري “باب السلامة” و”الراعي” بموجب الاستثناء الإنساني بعد الزلزال، قبل انتهاء المهلة في 13 من آب المقبل.
المسؤول الأممي أعرب عن قلقه من القتال المتواصل في شمال غربي سوريا، عبر القصف والغارات الجوية التي توقع ضحايا بين المدنيين، بما قد يحدث المزيد من حركات النزوح، مناشدًا كل الأطراف احترام القانون الإنساني الدولي، وتلافي الضرر البشري.

“للنظام سجل حافل”

المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفليد، أوضحت أن الاحتياجات الإنسانية في سوريا كبيرة، محملة روسيا مسؤولية الانتكاسة في توصيل المساعدات عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، لأن موسكو رفضت التفاوض بنيات حسنة، وفق تعبيرها.
“هذا (الفيتو) كان تذكارًا آخر بأن روسيا ليس لها أي احترام لاحتياجات المستضعفين”، أضافت غرينفيلد.
واعتبرت المندوبة الأمريكية أن تقديم النظام السوري إعلانًا يتعلق بإدخال المساعدات عبر الحدود بتنسيق أممي، يشكّل اعترافًا بالحاجة لتوفير المساعدة عبر الحدود، لكنه يتضمن قيودًا مرفوضة، وستعرقل وصول المساعدة، وستضع العمل بالمجال الإنساني في محل الخطر، على اعتبار أن فتح معبر “باب السلامة” لم يتضمن مثل هذه الشروط، كما أن الأذون الصادرة عن النظام لا تتعدى ستة أشهر، وهي أقل من الفترة التي أوصى بها الأمين العام للأمم المتحدة.
“علينا ألا ننسى أن لهذا النظام سجلًا حافلًا في عرقلة المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة في سوريا”، أضافت المندوبة.

خمسة شروط أمريكية

أوضحت المندوبة الأمريكية خلال كلمتها أن الولايات المتحدة انضمت إلى هيئات مانحة كبرى في إصرارها على أن أي وصول عبر الحدود وترتيب لهذا الوصول يجب أن يشتمل على عناصر خمسة رئيسة هي:
  • صيانة استقلالية العملية والسماح للأمم المتحدة بالتفاعل مع جميع الأطراف الميدانية بما يتماشى مع طريقتها في إيصال المساعدة في كل أنحاء العالم.
  • الحفاظ على هيكلية الرد في كل أنحاء سوريا، على الأمم المتحدة أن تبقى قادرة على إدارة مراكز للاستجابة خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام، وعلى النظام ألا يتدخل بترتيبات الوصول القائمة بين الأمم المتحدة والسلطات المحلية في المناطق غير الخاضعة لسيطرته.
  • على الوصول أن يبقى مفتوحًا قدر الإمكان ولا ينقطع في منتصف فصل الشتاء، فاستمرار وصول المساعدة أساسي لتوفير قدرة على التنبؤ وتحقيق الكفاءة التي تحتاج إليها الهيئات المانحة، والشركاء والأمم المتحدة والشعب السوري.
  • الحفاظ على التوافق بين المساعدات الإنسانية والمبادئ الإنسانية، وعلى الأمم المتحدة تحديد إلى من تخصص المساعدة، وتحديد أهداف المساعدة بما يتماشى مع مبادئ الحياد وعدم الانحياز.
  • أي ترتيب يجب أن يحافظ على عملية رصد التعاون عبر الحدود، وتفادي أي شروط جديدة لتقديم التقارير للشركاء المنفذين.
“أي شيء يقل عما أوضحته اليوم سيدفع بهذا المجلس لطلب ولاية لإعادة تخويل آلية المساعدات عبر الحدود”، أضافت غرينفيلد. واعتبرت المندوبة أن روسيا والنظام وضعا اللجنة الدستورية في موضع جمود، وردعتا محاولة بيدرسون إطلاق عملية تدريجية مع قطع الطريق أمام أي جهود هدفت للنهوض بالقرار “2254”، بما فيها التصويت ضد قرار الجمعية العامة، إقامة آلية لا سياسية جديدة لمعالجة مصير الأسرى والمفقودين.
“في ضوء سجل سوريا الأسود، لا نثق بنظام الأسد ليقوم بما هو مطلوب بشأن المساعدة الإنسانية، وعلى المجلس التفاعل والحضور بعمق بالقضايا الإنسانية في سوريا، والولايات المتحدة ملتزمة بهذا”.  
ليندا توماس غرينفيلد- المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة

تشبث روسيا والنظام

المندوب الروسي أشار إلى التقارب العربي مع النظام، وإلى مسار التقارب التركي أيضًا، معتبرًا أن هذا “المسار الطبيعي” للعلاقات، متهمًا الدول الغربية بالتدخل في العلاقات بين الدول.
كما تناول مسألة العقوبات المفروضة على النظام، واعتبرها “عقوبة جماعية” على الشعب السوري، داعيًا إلى إدخال المساعدات بالتنسيق مع “الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا”، وفق تعبيره.
من جانبه، طالب بسام صباغ، مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة، بتوفير حلول مستدامة للارتقاء بالوضع الإنساني وتقليل الاعتماد على المساعدات، كما طالب بتوفير ظروف عودة اللاجئين، ورفع العقوبات التي وصفها بـ”الإجراءات الاقتصادية القسرية الغربية غير الشرعية”.
وتشبت مندوب النظام بالرواية التي طرحها مؤخرًا، نافيًا وضع أي شروط تتعلق بإدخال المساعدات عبر “باب الهوى”، واعتبر أن سوريا منفتحة للتعاون ثنائيًا مع الأمم المتحدة ومكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية، بشأن محددات العمل بموجب “الإذن الذي منحته”.
ووفق صباغ، فإن تكامل العمل بين المعابر الحدودية الثلاثة، التي منح النظام “الإذن” باستخدامها، والمعابر الداخلية (سرمدا وسراقب)، كفيل بتحقيق “وصول إنساني كافٍ يلبي الاحتياجات الإنسانية بالشكل المطوب”، لكنه يستلزم “ممارسة أقصى درجات الضغط على التنظيمات الإرهابية في شمال غربي سوريا ومشغليها للسماح بالوصول الإنساني”، على حد قوله.
وكانت عنب بلدي أعدت في وقت سابق ملفًا بعنوان “موسكو والنظام.. يلعبان بـ(شريان حياة) الشمال” ، ناقشت فيه محاولة النظام السوري انتزاع ملف المساعدات من مجلس الأمن، والتأثيرات المحتملة على المستوى لإغاثي والإنساني، جراء خطوة محتملة من هذا النوع.