على الحزب محاربة “الشيطان الاكبر وربيبته اسرائيل”، بينما رئيسها يصرّح، ان اميركا دولة صديقة ويتمنى علاقات اخوة معها.
تتذاكى ايران على غرار الراعي، الذي خدع أهل القرية، وادعى هجوم الذئب مرتين، وفي المرة الثالثة، وعندما هجم الذئب فعلاً، لم يجد آذاناً صاغية بسبب خداعه السابق.
لم تعد الاعيب ايران تنطوي على احد
وربما هذا حال ايران حالياً، مع اللبنانيين ومع المجتمع الدولي. لم تعد الاعيب ايران تنطوي على احد.
إن للحرب النفسية والخداع قوانينهما: يساعدان مستخدمهما على المدى القصير، لكن على المدى المتوسط والطويل ينقلبان ضده.
نجحت إيران طويلا، في استغلال الأذرع المسلحة المنتشرة في 4 بلدان عربية، يتقدمها “حزب الله”، في صراعاتها؛ مستخدمة الحروب النفسية والبروباغندا، لحفظ نظامها الديني – المذهبي – العنصري، وكاره النساء.
الجميع صار ملزم أخلاقيا بالدفاع عن إيران، لأنها تدافع عن نفسها
ساعدتها في البداية حربها مع صدام حسين، الحرب التي وصفها الخميني بالهبة الإلهية. لأنها لجمت الصراعات الدموية الداخلية، وساعدت النظام الديني الجديد على تدعيم سلطته، بتقديم نفسه كضحية حرب غاشمة. فقمع المعارضات، من علمانية وشيوعية ونسائية وطلابية… الجميع صار ملزم أخلاقيا بالدفاع عن إيران، لأنها تدافع عن نفسها.
لكن ما برع الإيرانيون في استغلاله الى اقصى حد، حتى السابع من اكتوبر 2023، كان وجع القضية الفلسطينية. جعلوا منها محور شعاراتهم؛ بالرغم من صفقة الأسلحة مع إسرائيل أثناء حربهم مع صدام.
ساعدهم في ذلك، ضعف النظام العربي وتشتته. فمضوا قدما في بروباغندا، جعلتهم ينجحون في جعل القضية كأنها أولى أولوياتهم. وزايدوا، مع ازلامهم الممانعين على العالم أجمع.
برعوا في استخدام الإعلام. يعتبرون أن للإعلام بنادق كثيرة، ورشقاتها تفوق حتى الرصاص؛ لأن الرصاصة تصيب فردا واحدا فقط، بينما تستهدف الصورة مجتمعا بأكمله. ولهذا احصى البعض أكثر من 100 قناة تلفزيونية ممولة منهم.
الصراع العراقي ـ الإيراني وما نتج عنه، من اجتياح صدام حسين للكويت ومن ثم حرب الخليج، أدخل الشعوب العربية في فترة من الجمود، دامت مع كل ما رافقها، حتى مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة، مع اندلاع الثورات العربية والسورية خصوصا.
استغلت إيران كل هذا الوقت في هجومها المبطن، فزعزعت استقرار الدول، وزرعت الخوف والابتزاز
في بحثها عن السلطة، استغلت إيران كل هذا الوقت في هجومها المبطن، فزعزعت استقرار الدول، وزرعت الخوف والابتزاز، عبر اللعب على مكوناتها الداخلية، واستقطاب بعضها ضد بعض.
نجح هتلر، في تعطيل ردود فعل الدول التي استهدفها بطريقة شديدة البراعة، عبر كسبه أصدقاء يساعدونه في قلب تلك البلدان. فأنشأ ما عرف بالطابور الخامس. ايران كانت أبرع منه إذ أنشأت طابورها من “الأصدقاء، والأصح العملاء”، تحت عنوان تحرير الأرض، والدفاع عن المقدسات الاسلامية وعن فلسطين!
من هنا ارتباك المشاعر والنزاعات الأخلاقية أو المعنوية، وانعدام القدرة على اتخاذ موقف مما كان يحدث في الجنوب، خصوصا بعد حرب 2006. ما جعل الدولة اللبنانية تبدو عاجزة ومتواطئة، وجعل الجماهير تلتف حول “المقاومة الإسلامية”، التي قضت على كل مكون وطني ولا ديني واحتكرت القضية.
لكنها انكشفت في الحرب السورية، ومعها “حزب الله”، كمعتدين على الشعب السوري.
الحرب الدائرة الآن عرّت إيران تماماً، وكشفتها كمحتل يستغل لبنان وشعبه وبقايا “حزب الله”، لإبرام الصفقات مع أميركا، التي انقلبت من ” شيطان وعدو أكبر”، الى اخ وصديق.
الآن وصلت اللعبة الى نهايتها. فقدت ادوات التمويه، وانكشفت الدعايات الكاذبة. لا صلاة في القدس، ولا حتى حماية من العدوان الاسرائيلي ولا من يحزنون.
يظل حفاظها على النووي بيت القصيد.
وعلى أمل أن نحتفل في العام القادم بعيد استقلال ناجز فعلا.
--------------
غلوبال جستيس