( الجلاد ) هو الاسم المستعار لأحد الهاكرز الإسلاميين ( قراصنة الانترنت ) والذي أنشأ مدونة اسمها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) يتبنى من خلالها عمليات اختراق إيميلات العديد من الكتّاب العلمانيين وتدمير مدوناتهم مثل وفاء سلطان ، ماجد فرج ، محمد البدري ، موريس صادق ، أمينة طلعت وغيرهم .. هذا ( الجلاد ) يبدو أنه لم تكن لديه أي مشكلة وهو يعد هذه المدونة التي يدافع من خلالها عن الإسلام ويهاجم أعداءه العلمانيين بحسب ما يعتقد لم تكن لديه أي مشكلة في استخدام لغة متخمة بكافة ما يمكن تصوره من أنواع الشتائم والصفات والألفاظ التي يعتبرها بديهيا أي مسلم عادي منافية لآداب الدين الإسلامي وضد أخلاقياته !! .. هذه الشتائم لم يكتف ( الجلاد ) بتوجيهها إلى الكتّاب العلمانيين فحسب وإنما امتد بها نحو أفراد أسرهم وعائلاتهم الذين لا يعرف بالطبع هذا المجاهد الإلكتروني عنهم شيئا وإنما كان مجرد انتمائهم لهؤلاء العلمانيون بأي صلة كافيا جدا بالنسبة له كي يستحقوا عقابه بإهانتهم وتجريحهم والاعتداء اللفظي على كرامتهم .. أما الرسائل الشخصية للكتّاب العلمانيين ـ إن كانت صحيحة بالفعل ـ الذين تم اختراق إيميلاتهم وتم نشرها بالمدونة في صيغ ( الكشف عن الفضائح ) و ( تعرية القبح ) و ( إظهار الوجه الحقيقي البشع ) ... إلخ هذه الرسائل لم تكشف عن أي فضيحة أو تعري أي قبح ولم تظهر أي وجه بشع بل لم تخرج إطلاقا عن المنجز المعلن لهؤلاء الكتّاب من مقالات وأحاديث تليفزيونية وحوارات ولم يكن فيها أي إشارة من قريب أو من بعيد على عمالة لجهات أجنبية أو فساد أخلاقي أو ما شابه من الاتهامات التقليدية الجاهزة التي يوجهها خصوم العلمانية دائما إلى كتابها ومفكريها بل أن هناك رسائل أكدت جهود هؤلاء الكتّاب في تقديم كل أنواع المساعدة والدعم والدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في مصر كالمدون ( كريم عامر ) مثلا الذي يقضي عقوبة الحبس بتهمة إهانة رئيس الجمهورية وازدراء الأديان .. هناك أيضا رسائل تعبر عن مدى المعاناة الشرسة التي يعيشها العلمانيون في مواجهة كافة أشكال التحريض والحروب المستمرة ضدهم على يد التكفيريين والمتعصبين .. حتى اللغة البذيئة التي وضح من خلال الرسائل استخدام هؤلاء الكتّاب لها أحيانا في إيميلاتهم وحواراتهم على مواقع ( الشات ) المتبادلة مع الآخرين والتي تركز معظمها على تناولهم لحكم البراءة الذي فاز به ( ممدوح اسماعيل ) صاحب العبّارة الشهيرة .. حتى هذه اللغة فهي لم تتجاوز بأي حال من الأحوال مستوى البذاءة الذي وصلت إليه لغة ( الجلاد ) نفسه عبر صفحات المدونة بل ويبقى الفرق الواضح والأكيد بين اللغتين أن العلمانيين قاموا باستخدامها في كتابة بريد شخصي خاص لن يطّلع عليه أحد سوى الراسل والمرسل إليه فقط أما لغة ( الجلاد ) فقد قام باستخدامها في مدونة متاحة على الإنترنت لكل من يفهم العربية !! .
هل غياب الدليل على صحة الاتهامات المعتادة في رسائل العلمانيين دفع ( الجلاد ) لاستخدام هذه اللغة التي لم يكتف بها وإنما قام بإضافة قرون لرؤوس هؤلاء الكتّاب ورؤوس ذويهم وأقاربهم في الصور الفوتوغرافية المسروقة من الإيميلات والمنشورة بالمدونة كنوع من الدعم الفني يساند هذه اللغة التي يستخدمها في وصفهم ؟ .. هل الألفاظ البذيئة والقرون المرسومة تمثل رد فعل أو تعويض عن إخفاق ( الجلاد ) في العثور على ما يدين العلمانيين رغم استيلاءه على ما كان يظنه كنزا ثمينا وهو صندوق أسرارهم ؟ ـ لاحظ أنه كهاكر متحمس وثائر وغيور على العقيدة محتجز في ورطة لأنه أولا وضع نفسه في التزام بخوض معركة وتحقيق مكاسب ملموسة فيها وثانيا لأنه طالما أعلن نجاحه في سرقة إيميل أحد ما فينبغي عليه عرض رسائله حتى لو لم تحقق هذه الرسائل الهدف الذي تمناه منها ولكن هذه ليست الزاوية الوحيدة .. ثمة زاوية أخرى يمكن من خلالها تصور أن ( الجلاد ) لم يكن في حاجة لاختراق إيميلات الكتّاب العلمانيين وعرض رسائلهم وصورهم الشخصية في مدونة حتى يتمكن من توجيه الإساءة لهم .. كان يمكنه ببساطة أن يتناول ما شاء من إنتاجهم المتداول في مدونته باستخدام لغته البذيئة التي يجيدها بكفاءة ولكنه قام بسرقة الإيميلات من أجل توجيه الأذى فحسب للعلمانيين بصرف النظر عن محتواها وهذا ربما يكشف عن أن ( الجلاد ) تعامل مع المسألة بطريقة أن أي شيء يخص هؤلاء العلمانيون مهما كان فهو يدينهم ويفضحهم ويثبت فسادهم حتى ولو كان المخبوء لديهم يتطابق كليا مع ما هو معلن وهذا يفسر بالتالي عدم لجوءه إلى تزييف رسائل تدينهم بحق رغم قدرته على ذلك كهاكر وكمجاهد يمتلك هذه الحصيلة الهائلة من البذاءة ولكنه لم يفعل ليس بسبب أمانته ورفضه لتلفيق الأكاذيب وإنما لإيمانه بأنه في مقاومته للعلمانيين ليس في حاجة للتزوير وإلصاق جرائم متخيلة بهم فالعلماني لديه ـ من وجهة نظره ـ جرائمه الكافية بامتياز وأن كل ما يمت له بصلة كحياة وفكر هو فاسد بالضرورة أيا يكن وأن أي مسلم عاقل وطبيعي يكفيه الاطلاع على رسائل هؤلاء ( الأشرار ) كي يستوعب ذلك بسهولة !! .. أما السؤال الذي أتصوره أكثر أهمية فهو حينما يطلق إنسان ما على نفسه انتصارا لدين أو عقيدة ما اسم ( الجلاد ) ثم يتخذ إنطلاقا منه دورا في الحياة يناسب معناه ـ بصرف النظر عن قيمته .. هذا الاسم مهمته الحقيقية أن يتولى إشباع من ؟ .. الدين أم صاحب الاسم نفسه ؟ .
يروج كثير من العلمانيين هذه الأيام على شبكة الإنترنت لمقطع فيديو من أحد برامج قناة الرحمة يوجه فيه أحد الذين يطلقون على أنفسهم ( داعية إسلامي ) ويدعى ( حازم شومان ) يوجه فيه السباب واللعنات للعلمانيين .. وبالرغم من أن ما جاء في هذا المقطع يعد تقليديا ومعتادا جدا ومكررا للغاية إلا أن العلمانيين الظرفاء أعادوا إخراج هذا الفيديو فحولوه إلى ما يشبه قصف إسرائيلي لغزة أو تفجير انتحاري يقتل العشرات في بغداد أو مصرع مواطن مصري على يد ضابط شرطة مثلا وذلك بإضافة موسيقى كالتي يمكنك أن تسمعها في أفلام الرعب مع عبارات ضخمة كـ ( سقط القناع عن القنوات والفضائيات الدينية ) و ( ظهر الغرض والهدف الحقيقي ) و ( نشر الوهابية وإقامة دولة الإسلام السياسي ) و ( بفضل هؤلاء المشايخ انتشرت الثقافة الوهابية ) و ( انهارت البنية الأخلاقية التقليدية للمجتمع المصري وأصبحت مصر أشبه بإمارة إسلامية تدور في الفلك الوهابي ) ...
ورغم الجهد الذي بذله العلمانيون في إعادة إخراج هذا المقطع والترويج له بهذا الشكل إلا أنه لا توجد لديهم أي مشكلة في التأكيد على أن القنوات والفضائيات الدينية لم يكن لديها أي قناع من الأساس كي تخلعه الآن وأن أهدافها كانت واضحة وصريحة ومعلنة منذ البداية ولا يعنيها أصلا أن تخفي حقيقة أغراضها وراء أي قناع !! .. إذن .. هل يتمسك العلمانيون بفكرة أن أزمة الإنسان المرتبطة بحقوقه المدنية وحريته في مواجهة القمع الذي توجهه ضده الأشكال المختلفة للسلطة خاصة الدينية والعلاقة التي تربط بين قيمه الأخلاقية وبين الظلم الاجتماعي الذي يلتهمه .. أن هذه القضايا لا يمكن مقاربتها بأي حال من الأحوال إلا من خلال تأثير الثقافة التي ينشرها شيوخ السلفية عليها ؟ أم أن العلمانيين يستوعبون جيدا أن هذه الثقافة أصبحت بالنسبة لهم من البديهيات المعروفة وأهميتها تنحصر في ضرورة تجاوزها إلى ما هو أهم وأكثر جدية كرسالة الإرهاب الحقيقية التي تكمن في الموروث وطبيعة الأديان والمتغيرات المحمومة والمتلاحقة للعالم وأيضا تكمن بدرجة أكبر في الروح التي تجعل الإنسان يستجيب ويخضع لقاتله ؟ .. ربما كانت الإجابة يتضمنها بالفعل سؤال ثالث : هل لا يقدر العلمانيون على حرمان أنفسهم ـ لكونهم بشرا ـ من متعة تقدير الذات التي لا يمكن أن تحصل عليها في بعض الأحيان إلا لو كنت مضطهدا ؟!! .
العداء هو العنوان الكبير الذي يمكن أن تندرج تحته كل مايمكن تصوره من العناوين الفرعية التي تعبر عن الصدام والصراع والسعي لنفي وإقصاء وإلغاء الآخر .. بالنسبة للإسلامي فالعلماني هو الفاسق الفاجر الكافر الذي يريد أن يهدم الدين ويحطم أسسه وثوابته ويقضي على أحكامه وأوامره التي يلتزم بها المتدينون لذا فمن البديهي أن يكون عدوا .. بالنسبة للعلماني فالإسلامي هو الظلامي الرجعي المتزمت الذي يقمع الحريات ويمارس الإرهاب والقهر واستخدام كافة أشكال الاستبداد الديني في قتل حقوق الإنسان وأهمها حق التفكير لذا فمن البديهي أن يكون عدوا .
العداء هو العنوان الكبير الحتمي الذي كان لابد أن يكون بالفعل هو العنوان الكبير .. بصرف النظر عن أي شيء آخر .. بصرف النظر من هما طرفا العداء ولماذا وكيف وأين ومتى ؟ .. هذه التساؤلات قد لا تبدو مهمة إذا ما توفر لدينا اقتناع ما بأن العداء هو الذي كان لابد أن يكون حقا العنوان الكبير .. قد يكون ثمة من ينشغل برؤية ما تفترض أن الإسلامي لا يجب أن يسأل نفسه مثلا : لماذا يعتبر حق الإنسان في التفكير والاختلاف واعتناق آراء مغايرة يمثل اعتداء عليه وعلى دينه ؟ .. وعلى جانب آخر لا يجب أن يسأل العلماني نفسه مثلا : هل رفض الإنسان للتفكير المضاد وخوضه باستماتة للحروب ضد الاختلاف والعقيدة المغايرة هل يتم بناء على اختيار عادل حقا أم بفعل سلطة أزلية عمياء تمثل طبيعة وجود عامة لا تكمن في الموروث والثقافة بقدر ما تكمن بشكل أكثر دقة وتحديدا في الغريزة بمعناها الكلي المرتبط بالبقاء على قيد الحياة أطول فترة ممكنة وتأجيل الموت بقدر الاستطاعة ؟ .. لكن عموما وربما تماشيا مع الغرائب والطرائف السابقة فمن الوارد بالطبع أن يسأل كلا من الإسلامي والعلماني نفسه حقا أسئلة كهذه ومن الوارد أيضا أن تبقى الإجابة الصحيحة بالنسبة لهما هي الإجابة التي تحافظ وتضمن للعداء أن يظل دائما هو العنوان الكبير
----------------------------
الصورة (1) : وفاء سلطان
الصورة (2) : حازم شومان
هل غياب الدليل على صحة الاتهامات المعتادة في رسائل العلمانيين دفع ( الجلاد ) لاستخدام هذه اللغة التي لم يكتف بها وإنما قام بإضافة قرون لرؤوس هؤلاء الكتّاب ورؤوس ذويهم وأقاربهم في الصور الفوتوغرافية المسروقة من الإيميلات والمنشورة بالمدونة كنوع من الدعم الفني يساند هذه اللغة التي يستخدمها في وصفهم ؟ .. هل الألفاظ البذيئة والقرون المرسومة تمثل رد فعل أو تعويض عن إخفاق ( الجلاد ) في العثور على ما يدين العلمانيين رغم استيلاءه على ما كان يظنه كنزا ثمينا وهو صندوق أسرارهم ؟ ـ لاحظ أنه كهاكر متحمس وثائر وغيور على العقيدة محتجز في ورطة لأنه أولا وضع نفسه في التزام بخوض معركة وتحقيق مكاسب ملموسة فيها وثانيا لأنه طالما أعلن نجاحه في سرقة إيميل أحد ما فينبغي عليه عرض رسائله حتى لو لم تحقق هذه الرسائل الهدف الذي تمناه منها ولكن هذه ليست الزاوية الوحيدة .. ثمة زاوية أخرى يمكن من خلالها تصور أن ( الجلاد ) لم يكن في حاجة لاختراق إيميلات الكتّاب العلمانيين وعرض رسائلهم وصورهم الشخصية في مدونة حتى يتمكن من توجيه الإساءة لهم .. كان يمكنه ببساطة أن يتناول ما شاء من إنتاجهم المتداول في مدونته باستخدام لغته البذيئة التي يجيدها بكفاءة ولكنه قام بسرقة الإيميلات من أجل توجيه الأذى فحسب للعلمانيين بصرف النظر عن محتواها وهذا ربما يكشف عن أن ( الجلاد ) تعامل مع المسألة بطريقة أن أي شيء يخص هؤلاء العلمانيون مهما كان فهو يدينهم ويفضحهم ويثبت فسادهم حتى ولو كان المخبوء لديهم يتطابق كليا مع ما هو معلن وهذا يفسر بالتالي عدم لجوءه إلى تزييف رسائل تدينهم بحق رغم قدرته على ذلك كهاكر وكمجاهد يمتلك هذه الحصيلة الهائلة من البذاءة ولكنه لم يفعل ليس بسبب أمانته ورفضه لتلفيق الأكاذيب وإنما لإيمانه بأنه في مقاومته للعلمانيين ليس في حاجة للتزوير وإلصاق جرائم متخيلة بهم فالعلماني لديه ـ من وجهة نظره ـ جرائمه الكافية بامتياز وأن كل ما يمت له بصلة كحياة وفكر هو فاسد بالضرورة أيا يكن وأن أي مسلم عاقل وطبيعي يكفيه الاطلاع على رسائل هؤلاء ( الأشرار ) كي يستوعب ذلك بسهولة !! .. أما السؤال الذي أتصوره أكثر أهمية فهو حينما يطلق إنسان ما على نفسه انتصارا لدين أو عقيدة ما اسم ( الجلاد ) ثم يتخذ إنطلاقا منه دورا في الحياة يناسب معناه ـ بصرف النظر عن قيمته .. هذا الاسم مهمته الحقيقية أن يتولى إشباع من ؟ .. الدين أم صاحب الاسم نفسه ؟ .
يروج كثير من العلمانيين هذه الأيام على شبكة الإنترنت لمقطع فيديو من أحد برامج قناة الرحمة يوجه فيه أحد الذين يطلقون على أنفسهم ( داعية إسلامي ) ويدعى ( حازم شومان ) يوجه فيه السباب واللعنات للعلمانيين .. وبالرغم من أن ما جاء في هذا المقطع يعد تقليديا ومعتادا جدا ومكررا للغاية إلا أن العلمانيين الظرفاء أعادوا إخراج هذا الفيديو فحولوه إلى ما يشبه قصف إسرائيلي لغزة أو تفجير انتحاري يقتل العشرات في بغداد أو مصرع مواطن مصري على يد ضابط شرطة مثلا وذلك بإضافة موسيقى كالتي يمكنك أن تسمعها في أفلام الرعب مع عبارات ضخمة كـ ( سقط القناع عن القنوات والفضائيات الدينية ) و ( ظهر الغرض والهدف الحقيقي ) و ( نشر الوهابية وإقامة دولة الإسلام السياسي ) و ( بفضل هؤلاء المشايخ انتشرت الثقافة الوهابية ) و ( انهارت البنية الأخلاقية التقليدية للمجتمع المصري وأصبحت مصر أشبه بإمارة إسلامية تدور في الفلك الوهابي ) ...
ورغم الجهد الذي بذله العلمانيون في إعادة إخراج هذا المقطع والترويج له بهذا الشكل إلا أنه لا توجد لديهم أي مشكلة في التأكيد على أن القنوات والفضائيات الدينية لم يكن لديها أي قناع من الأساس كي تخلعه الآن وأن أهدافها كانت واضحة وصريحة ومعلنة منذ البداية ولا يعنيها أصلا أن تخفي حقيقة أغراضها وراء أي قناع !! .. إذن .. هل يتمسك العلمانيون بفكرة أن أزمة الإنسان المرتبطة بحقوقه المدنية وحريته في مواجهة القمع الذي توجهه ضده الأشكال المختلفة للسلطة خاصة الدينية والعلاقة التي تربط بين قيمه الأخلاقية وبين الظلم الاجتماعي الذي يلتهمه .. أن هذه القضايا لا يمكن مقاربتها بأي حال من الأحوال إلا من خلال تأثير الثقافة التي ينشرها شيوخ السلفية عليها ؟ أم أن العلمانيين يستوعبون جيدا أن هذه الثقافة أصبحت بالنسبة لهم من البديهيات المعروفة وأهميتها تنحصر في ضرورة تجاوزها إلى ما هو أهم وأكثر جدية كرسالة الإرهاب الحقيقية التي تكمن في الموروث وطبيعة الأديان والمتغيرات المحمومة والمتلاحقة للعالم وأيضا تكمن بدرجة أكبر في الروح التي تجعل الإنسان يستجيب ويخضع لقاتله ؟ .. ربما كانت الإجابة يتضمنها بالفعل سؤال ثالث : هل لا يقدر العلمانيون على حرمان أنفسهم ـ لكونهم بشرا ـ من متعة تقدير الذات التي لا يمكن أن تحصل عليها في بعض الأحيان إلا لو كنت مضطهدا ؟!! .
العداء هو العنوان الكبير الذي يمكن أن تندرج تحته كل مايمكن تصوره من العناوين الفرعية التي تعبر عن الصدام والصراع والسعي لنفي وإقصاء وإلغاء الآخر .. بالنسبة للإسلامي فالعلماني هو الفاسق الفاجر الكافر الذي يريد أن يهدم الدين ويحطم أسسه وثوابته ويقضي على أحكامه وأوامره التي يلتزم بها المتدينون لذا فمن البديهي أن يكون عدوا .. بالنسبة للعلماني فالإسلامي هو الظلامي الرجعي المتزمت الذي يقمع الحريات ويمارس الإرهاب والقهر واستخدام كافة أشكال الاستبداد الديني في قتل حقوق الإنسان وأهمها حق التفكير لذا فمن البديهي أن يكون عدوا .
العداء هو العنوان الكبير الحتمي الذي كان لابد أن يكون بالفعل هو العنوان الكبير .. بصرف النظر عن أي شيء آخر .. بصرف النظر من هما طرفا العداء ولماذا وكيف وأين ومتى ؟ .. هذه التساؤلات قد لا تبدو مهمة إذا ما توفر لدينا اقتناع ما بأن العداء هو الذي كان لابد أن يكون حقا العنوان الكبير .. قد يكون ثمة من ينشغل برؤية ما تفترض أن الإسلامي لا يجب أن يسأل نفسه مثلا : لماذا يعتبر حق الإنسان في التفكير والاختلاف واعتناق آراء مغايرة يمثل اعتداء عليه وعلى دينه ؟ .. وعلى جانب آخر لا يجب أن يسأل العلماني نفسه مثلا : هل رفض الإنسان للتفكير المضاد وخوضه باستماتة للحروب ضد الاختلاف والعقيدة المغايرة هل يتم بناء على اختيار عادل حقا أم بفعل سلطة أزلية عمياء تمثل طبيعة وجود عامة لا تكمن في الموروث والثقافة بقدر ما تكمن بشكل أكثر دقة وتحديدا في الغريزة بمعناها الكلي المرتبط بالبقاء على قيد الحياة أطول فترة ممكنة وتأجيل الموت بقدر الاستطاعة ؟ .. لكن عموما وربما تماشيا مع الغرائب والطرائف السابقة فمن الوارد بالطبع أن يسأل كلا من الإسلامي والعلماني نفسه حقا أسئلة كهذه ومن الوارد أيضا أن تبقى الإجابة الصحيحة بالنسبة لهما هي الإجابة التي تحافظ وتضمن للعداء أن يظل دائما هو العنوان الكبير
----------------------------
الصورة (1) : وفاء سلطان
الصورة (2) : حازم شومان