نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


" الرجل الصاروخ" فيلم يسجل حياة الفنان البريطاني إلتون جون






برلين -اليكي ناسوفيس – يحظى المطرب والملحن الإنجليزي الشهير، سير إلتون جون بقائمة طويلة من الأعمال التي حققت نجاحا منقطع النظير على مدار مشواره الفني الممتد لنصف قرن، ويبرز من بينها "شمعة في مهب الريح" التي غناها في عزاء أميرة ويلز الراحلة ديانا، و" ما زلت صامدا" و"تمساح الروك" وبالتأكيد "روكيت مان" أو الرجل الصاروخ. ولم تكن حياة إلتون جون سلسلة من النجاحات فقط، بل تعرض لكثير من الإخفاقات والأزمات، كما أثار الجدل طويلا بسبب هيئته المبالغ فيها وأسلوب حياة البذخ التي يعيشها، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى حول حياته الخاصة.


 
كغيره من الكثير من الفنانين، عاني التون جون جحيم الإدمان، ومعاناة الإعلان عن توجهاته الجنسية، غير أزمات العمل التي تسببت في انفصاله عن رفيقه العاطفي ومدير أعماله السابق، وأخيرا ارتباطه بالزواج من شاب أصغر منه بكثير هو ديفيد فيرنش وكان أبا ولديه أسرة وطفلين. ومع كل هذه التجارب والخبرات الحياتية المثيرة التي تصل إلى حد الدراما، كان غريبا ألا تتحول حياة التون جون حتى الآن إلى فيلم سينمائي، وهو ما يحاول معالجته فيلم "روكيت مان" أو الرجل الصاروخ من إخراج دكستر فلتشر.
ومن المشهد الأول يتضح الإطار العام الذي ستدور فيه أحداث الفيلم. يظهر إلتون جون في المشهد الأول مرتديا حلة برتقالية وسط صحبة من فرق العلاج الجماعي حيث يعترف "أنا مدمن كحول، مدمن جنس، مدمن تسوق". ومع ذلك يعي المخرج فلتشر أنه ينبغي ألا يحول هذه المادة إلى مجرد دراما ثقيلة، بل يعالج مسار الأحداث من خلال إطار ساخر، للتخفيف من حدة التفاصيل، ومن ثم في ثوان معدودة، تسترجع مشاهد العمل السينمائي الغنائي تفاصيل أطرف بدءا من طفولة المطرب البريطاني.
يوضح الفيلم كيف أن الطفل الصغير ريجنالد "ريجي" دوايت، وهو الاسم الحقيقي للمطرب البريطاني، تميز منذ نعومة أظفاره بموهبته الموسيقية الفذة، إلا أنه لم يكن طفلا سعيدا، عاني كثيرا من فقدان حنان الأب المشغول دائما عنه والأم الغائبة دائما عن المنزل. وسط هذه الزيجة التعيسة بدأت معاناة الطفل والتي ستلازمه طيلة حياته. وهكذا عندما تتردد مقاطع أغنيته الكلاسيكية القديمة "أنا أريد الحب"، فإنها ستكتسب معنى وقيمة جديدة لدى الجمهور، لأنها تصف إلى حد كبير المشاعر التي عاشها وسط هذه الأسرة.
أما أكثر المشاهد تأثيرا، والتي نجح المخرج في توظيفها في سياق الأحداث، فكانت عندما جلس الصبي الصغير إلى البيانو في منزل أمه ليعزف المقاطع الأولى من أغنيته العاطفية الشهيرة "أنشودتك". ونجح المخرج أيضا في جعل المشاهد الغنائية أو التي تتخللها موسيقى أعمال إلتون جون تكسب العمل قوة وتثير حماس الجمهور، ومن ثم كان فلتشر موفقا في سرد تفاصيل مراحل حياة إلتون جون من خلال موسيقاه وأغانيه، لتكتسب معنى وتأثيرا مختلفا، ومن بينها حينما غنى لأول مرة في حانة أثناء مراهقته والخروج بالموسيقى إلى الشارع. في هذا المشهد يقدم أغنية "ليلة السبت الشجار مباح".
جدير بالذكر أن فلتشر قدم مؤخرا تحفته الغنائية "سحر بوهيمي" وهو أيضا من نوعية أفلام السيرة الذاتية، ويؤرخ لحياة المطرب الراحل، إيدي ميركوري، ولعب بطولته النجم الأمريكي المصري، رامي مالك، وفاز عنه بجائزة أوسكار أفضل ممثل.
يستعرض الفيلم أيضا مراحل مهمة في حياة إلتون جون، منها لقائه بكاتب الأغاني بيرني توبين، ويلعب دوره جيمي بيل، ومشوارهما الناجح معا وكان موضع ثقة كبيرة في محيط جون المضطرب، وكيف مكنهما ذلك من تحقيق النجاح في الولايات المتحدة، ولكن هذا النجاح صاحبته أيضا مشاكل، وحياة صاخبة مليئة بالمخدرات والحفلات الصاخبة، وغيرها من الأمور المبالغ فيها.
كما يتناول الفيلم موضوع الميول المثلية عند جون بصورة مباشرة، كما يظهر ذلك في كثير من المشاهد، سواء في علاقاته بأعضاء فرقته أو مدير أعماله جون ريد ورفيقه العاطفي لسنوات، ويلعب دوره ريتشارد مادن. وتحولت هذه العلاقة بمرور الوقت لمصدر إزعاج. يصور الفيلم ريد كرجل أعمال بلا قلب، بارد المشاعر، ويظهر في الأحداث وكأن جون مازال لديه مع ريد حسابات لم ينته من تصفيتها بعد.

أما الاكتشاف الحقيقي في "روكيت مان" فهو النجم تارون إيجرتون /29 عاما/ والذي يجسد دور الفنان البريطاني، ويقوم بأداء كل أغانيه بنفسه، بالإضافة إلى إلمامه بكل تفاصيل الشخصية ومفاتيحها بمنتهى السلاسة، بدءا من ظهوره كشخص خجول انطوائي إلى تحوله إلى أيقونة للموسيقى المعاصرة تزلزل أغانيه على المسرح الجماهير. نجح ايجرتون في أن يبرز بوضوح متناقضات شخصية جون وتقلباتها من الهدوء التام للتحول إلى بركان في ثوان معدودة.
في آخر مشهد من الفيلم يؤدي إيجرتون أغنية "ما زلت صامدا"، لتكون تعبيرا عن نجاح إلتون جون ومقاومته بالرغم من صعوبات الحياة وتحدياتها.

اليكي ناسوفيس
الجمعة 21 يونيو 2019