كان الشافعي قد وقّع عقد نشر الكتاب في أثناء مشاركته في "مهرجان بريدج ووتر الدولي للشعر" (BIPF)، الذي انعقد في يناير 2017 بمقر جامعة بريدج ووتر في ولاية فيرجينيا الأمريكية، بحضور حوالي 80 شاعرًا من الولايات المتحدة ودول متعددة، من بينها مصر. وقد وقعت العقد عن دار "أنباوند كونتنت"، مؤسستها الشاعرة والناشرة الأمريكية أنماري لوكهارت.
عن صدور "إنسان آلي" بالإنجليزية في يناير 2019، وإتاحته عبر موقع "أمازون" العالمي لتسويق الكتب، قالت الناشرة أنماري لوكهارت: "تحمسنا للكتاب كونه غير تقليدي في فكرته وإخراجه، يسعى إلى استكشاف الإنسانية من خلال التكنولوجيا والغوص في تأملات البشر والروبوتات على السواء". وأشارت أنماري إلى حفاظ دار النشر على التنسيق غير المألوف الذي ظهر به الكتاب في طبعته العربية، وذلك "احترامًا لرؤية المؤلف، وحرصًا على إتاحة جدلية بصرية لثيمة العمل: العلاقة بين الحقيقة والعوالم الافتراضية".
وذكرت صفحة موقع "أمازون" العالمي لتسويق الكتب انفتاح النص الشعري "إنسان آلي" على تصورات متداخلة تتعلق بالإنسان والآلة والحب والحياة من أجل طرح القضايا القديمة والمعاصرة بأسلوب مبتكر. وكانت تجربة "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" قد اختيرت في وقت سابق للتدريس في جامعة "آيوا" الأمريكية، ضمن منهج قسم الكتابة الإبداعية، ووصفتها إدارة الجامعة بـ"إضافة حيوية إلى قصيدة النثر العربية"، و"نقطة التقاء حميمة بين الإبداع الورقي، والإبداع الإلكتروني".
يُذكر أن "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" مجموعة مؤلفات شعرية مكتوبة كلها بلسان "الروبوت" الثائر، الذي يشذّ عن قوانين رفقائه من الحواسيب المبرمجة، فاضحًا سوءات عصره الغارق في التسليع والميكنة والتقنية، وباحثًا عن ذاته الإنسانية المفقودة، النابضة بحرارة، رغم كل شيء، تحت جليد الحياة الرقمية. وعلى الرغم من ضعفها وتلاشيها، لا تزال هذه الذات تحلم بإمكانية استردادها فردانيتها وخصوصيتها، وتمردها على آليات السوق وإيديولوجيا التنميط وتوحيد حركة الروبوتات (البشر) وفقًا لقواعد صارمة، وبرمجيات لا يديرها إلا الريموت كونترول في يد القوة المهيمنة.
كان الجزء الأول من "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" قد صدر بالعربية في ثلاث طبعات ورقية: كإصدار خاص (القاهرة 2008)، وعن دار تالة السورية (دمشق، 2009)، وعن دار سندباد للنشر (القاهرة، 2010)، كما صدر في طبعة إلكترونية عن مجلة "الكلمة" اللندنية (2011). وصدر الجزء الثاني من المتتالية الشعرية بعنوان "غازات ضاحكة" عن دار "الغاوون" اللبنانية (بيروت، 2012).
شريف الشافعي، من مواليد مدينة منوف في عام 1972، وقد صدرت له ثمانية دواوين، منها: "بينهما يصدأ الوقت" (القاهرة، 1994)، "الألوان ترتعد بشراهة" (القاهرة، 1999)، "كأنه قمري يحاصرني" (بيروت، 2013، دار الغاوون)، بالإضافة إلى ديواني: "هواء جدير بالقراءة"، و"رسائل يحملها الدخان" (باللغتين: العربية والفرنسية) عن دار "لارماتان" الفرنسية (باريس، 2014، 2016، ترجمة منى لطيف).
أصدر الشافعي كتابًا بحثيًّا بعنوان "نجيب محفوظ.. المكان الشعبيّ في رواياته بين الواقع والإبداع"، عن "الدار المصرية اللبنانية" بالقاهرة في عام 2006، وقد شارك في ملتقيات ومهرجانات شعرية دولية عدة، منها: مهرجان "لوديف" الدولي للشعر بفرنسا في 2014، مهرجان الشعر العالمي في جامعة "بريدج ووتر" بالولايات المتحدة الأمريكية في 2015 و2017، مهرجان "آسفي" الدولي للشعر بالمغرب في 2013، مهرجان الشعر العربي في صور بجنوب لبنان في 2016، مهرجان الجنادرية بالسعودية في 2017، وغيرها.
من أجواء (الأعمال الكاملة لإنسان آلي1) نقرأ هذه المقاطع المتفرقة (على لسان "الروبوت")، وهي تمثل محاولات متكررة لإجراء بحث إلكتروني (سيرش) عن "نيرمانا"، وحصيلة البحث دائمًا "صفر":
أقودُ سيارتي منذ عشر سنواتٍ
ببراعةٍ حَسَدَتْنِي عليها الطُّرقُ
المفاجأةُ التي عانَقَتْنِي
أنني فشلْتُ في اختبار القيادةِ،
الذي خَضعْتُ له خارج الوطنِ
الضابطُ أخبرني
أنني أطلْتُ النظرَ إلى المرآة
صَارحْتُهُ بأنني معذورٌ في الحقيقةِ
كانت نيرمانا جالسةً في المقعدِ الخلفيِّ!
رغم عدم حصولي على الرُّخْصَةِ
شَعرْتُ بسعادةٍ لا تُوصَفُ
لأنني تَمَرَّنْتُ على قيادة ذاتي
في المشاوير الاستثنائيّةِ
* * *
تتمنّى ساعةُ القلبِ
لو تُخْطِئُ التوقيتَ مرةً واحدةً
فتدقّ دقّتينِ مثلاً
في تمامِ الواحدة!
هذا ليس معناهُ أنني أرغبُ في امرأتينِ
- حاشا -
الله يشهدُ أنني مصابٌ بالتُّخمَةِ من النّسَاءِ
كلّ ما في الأمر،
أنني أودُّ طَمْأَنَةَ نيرمانا
أن كواكبَ المجرّةِ، وإلكتروناتِ الذّرّةِ
من الممكنِ ألا تنتظمَ في دورانِها
* * *
يَعرفُ الهاتفُ أنها هِيَ
فيخجل من حرارتهِ المرفوعةِ مؤقَّتًا
وينبض بحياةٍ
لا تتحمَّلُها أسلاكُ أعصابي
نيرفانا
"صباح الخير" من شَفَتَيْها كافيةٌ جدًّا لأتساءلَ:
"كيف سأتحمَّلُ رائحةَ البشرِ أمثالي
بعد أن غمرني عِطْرُ الملائكةِ؟!"
"تصبح على خيْرٍ" من عينَيْها صالحةٌ جدًّا
لزرع الفيروس اللذيذِ في عقلي الإلكترونيِّ الْمُنْهَكِ
وَمَحْوِ خلايايَ السليمةِ والتالفةِ
لماذا لَمْ تظهرْ نيرفانا
في الصورةِ الديجيتال التي الْتَقَطتُها لها؟
وهل حقًّا أنا عندي هاتفٌ؟!
* * *
الجلبابُ الأخيرُ،
الذي نَزَعْتُهُ عن حبيبتي الْمُسَمّاةِ "نتيجة الحائطِ"
أصابَنِي بِأُمِّ الْهزائمِ
حيثُ ذَكّرنِي بـ365 يومًا من الفشلِ
حاوَلْتُ خلالها اصطيادَ نيرمانا العاريةِ
------