كانت الزيارة تحمل طابع الأمل، لكنها أيضا حطمت قلب السيد حمرا. فقد دمّرت أربع عشرة سنة من الحرب الأهلية، إلى جانب شبكة من القيود المالية التي فرضتها الحكومة الأميركية وغيرها، سوريا من الناحية المادية والاقتصادية. فالمواقع التي كان يتوق لرؤيتها أصبحت مدمّرة أو في حالة يرثى لها، بما في ذلك كنيس جوبر القديم ومقبرة في دمشق تضم رفات صوفي بارز من القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وقال السيد حمرا خلال اجتماع مع النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا، جيمي بانيتا: "هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به، وأعتقد أن الشيء الوحيد الذي يعيق كل هذا هو العقوبات".
وقد انضم آل حمرا إلى جماعات الضغط الأميركية-السورية، التي تشكلت أصلا لمعارضة نظام بشار الأسد، للمطالبة برفع العقوبات عن الحكومة الجديدة.
وتواصلت العائلة، التي تُعد من أبرز العائلات في الجالية اليهودية السورية الكبيرة في بروكلين، مع هذه الجماعات للمساعدة في ترتيب زيارتهم إلى سوريا، ومن ثم طُلب منهم بدورهم المساعدة في الترويج لرفع العقوبات، في خطوة محسوبة لإثارة اهتمام المسؤولين الأميركيين.
لكن مارشال ويتمان المتحدث باسم لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) قال: "أي تغيير في السياسة يجب أن يستند إلى إظهار مستدام لسلوك إيجابي من قبل الحكومة السورية الجديدة".
ولا تزال إسرائيل متوجسة بشدة من السيد الشرع، الذي كان في السابق عضوا في تنظيم القاعدة. فمنذ سقوط نظام الأسد، نشرت إسرائيل قوات في جنوب سوريا ونفذت مئات الغارات الجوية. وقد دافعت إسرائيل عن هذه التحركات باعتبارها ضرورية لأمنها، بينما تتهمها سوريا بمحاولة زعزعة استقرار البلاد، ويشعر كثير من السوريين بالقلق من احتمال حدوث احتلال طويل الأمد.
معاذ مصطفى، الذي يرأس فريق الطوارئ السوري، وهي منظمة غير ربحية أمريكية سهّلت زيارة الوفد اليهودي إلى سوريا، قال إنه كان يتوقع أن تثير الرحلة اهتماما، تحديدا لأن اليهود ليسوا عادة من أنصار الحكومة الجديدة.
وقال السيد حمرا إنه يخشى أنه من دون رفع العقوبات، فإن سوريا لن تتعافى – ولن يتمكن من تحقيق حلم آخر كان يبدو مستحيلا: ترميم ما تبقى من تاريخ اليهود السوريين.
وبحسب أبراهام ماركوس، أستاذ التاريخ في جامعة تكساس في أوستن، والمتخصص في تاريخ اليهود السوريين، فإن عدد اليهود المقيمين في سوريا حالياً لا يتجاوز العشرة.
قبل قرن من الزمن، كان هناك عشرات الآلاف. وعلى مدى أكثر من ألفي عام تحت حكم الفرس، والرومان، والبيزنطيين، والعرب، والعثمانيين، تفاوتت أعدادهم، لكن ماركوس قال: "هناك تاريخ لجاليات كانت ناجحة ومزدهرة، وفي معظم الحالات لم تتعرض للتمييز".
في أعقاب تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، واجه اليهود السوريون العداء، وفرّ كثير منهم حتى فرضت الحكومة قيودا على الهجرة والسفر. وفي عام 1992، خفف الرئيس حافظ الأسد – والد بشار الأسد الذي أُطيح به العام الماضي – من هذه القيود. لكن القليل فقط من اليهود بقوا.
وقال الحاخام الأكبر السوري، إبراهيم الحمرا – شقيق الحاخام يوسف حمرا – في عام 1994 قبل أن يهاجر هو الآخر: “لم يتبقَ شيء تقريبا الآن”. وقد تُوفي في إسرائيل عام 2021.
حاليا، يتنقل أقرباؤه في واشنطن برفقة السيد مصطفى، الذي قال إنهم التقوا بمسؤولين في مجلس الأمن القومي، ووزارة الخارجية، والكونغرس. وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية أن الاجتماع قد تم، بينما لم تردّ البيت الأبيض على طلب للتعليق.
وانضمت ميساء قباني، وهي مسلمة سورية طلبت اللجوء في الولايات المتحدة منذ عقود، إلى الوفد اليهودي المتوجه إلى سوريا. وقد عبّر مسؤولون غربيون عن قلقهم من أن حكام سوريا الجدد لا يلتزمون بالتعددية وحماية الأقليات رغم وعودهم، لذا قالت إنها رأت في الزيارة فرصة لإثبات العكس.
كما لم يغب البعد الرمزي للزيارة عن وزارة الخارجية السورية، التي رحّبت بالوفد وقدّمت له الإرشاد والسائقين والحماية، على حد قولها.
ورغم أن رفع العقوبات عن سوريا لن يحدث بسرعة - إن حدث أصلا - فإن بعض النواب من الحزبين باتوا يدفعون باتجاهه لدى إدارة ترامب. فقد كتب النائب جو ويلسون، الجمهوري من ولاية ساوث كارولاينا وعضو لجنة الشؤون الخارجية، والسيناتور إليزابيث وارن من ماساتشوستس، كبيرة الديمقراطيين في لجنة البنوك، إلى وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت الشهر الماضي، مؤكدين أن “القيود الواسعة” المفروضة على نظام لم يعد قائما “تُهدد الآن بتقويض أهداف الأمن القومي الأمريكي وإعاقة إعادة إعمار سوريا”.
وقد التقى السيد ويلسون بعائلة حمرا يوم الثلاثاء، وقال إنه “شعر بالتشجيع” من رواياتهم عن تواصلهم مع الحكومة السورية الجديدة. وأضاف: “من الواضح أن هناك صلات بالإرهاب، ويجب أن نكون قلقين حيال ذلك. لكن الناس يتغيرون، حسنا؟ وكما نرى، فإن دولا بأكملها تتغير”.
وفي وقت لاحق، نشر ويلسون منشورا على وسائل التواصل الاجتماعي عن “اللقاء المهم” مع اليهود السوريين، وقال: “أنا أتفق معهم. يجب أن نُخفف العقوبات عن الشعب السوري لنمنحه فرصة للعيش”.
-------------------
ترجمة آلية مدققة *