ومع انخفاض قيمة الليرة بلغ معدل الرواتب والأجور أقل من 35 دولارا، كما أن توقف عجلة الاقتصاد وغياب الاستثمارات وتراجع الصناعات قلصت فرص العمل بشكل كبير.
في المقابل، لم يقدم النظام السوري أية حلول عملية أو علمية لدفع الاقتصاد للتعافي، وحاول طيلة السنوات الماضية وقف تدهور قيمة العملة عبر تشديد القبضة الأمنية والحصول على النقد الأجنبي بطرق غير مشروعة.
الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، قال في تصريح للأناضول، إن انخفاض قيمة الليرة جعل معدل الرواتب يتراوح بين 20 إلى 35 دولار، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يحتاجه المواطن لتوفير احتياجاته اليومية البالغ 600 دولار.
وأوضح الكريم أن الفجوة الكبيرة بين متوسط الأجور الفعلي والمبلغ المذكور لا يمكن تغطيتها بالمساعدات الإنسانية، كما أن تعثر عجلة الاقتصاد في البلاد لا تتيح للمواطن الانخراط في عمل ثان، والحصول على دخل إضافي لرأب تلك الفجوة ولو جزئياً.
وتابع: "جميع الأرقام والبيانات الصادرة من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني، تشير أن الوضع في البلاد بات كارثيا".
وتتجه البلاد نحو المجاعة، في وقت تسير مؤسسات الدولة للانهيار بسبب العزوف عن العمل الناجم عن قلة الرواتب، وفق الخبير الاقتصادي السوري.
وأدى افتقار النظام إلى حلول اقتصادية ولجوئه إلى تشديد القوانين الناظمة للحوالات المالية بالنقد الأجنبي، زاد الضغط على المواطنين.
ودفع ذلك بالبعض للتوجه للانضمام إلى الميليشيات العسكرية التي تذهب إلى روسيا للمشاركة في حرب أوكرانيا، أو دفعهم للسفر خارج البلد بعد بيع بيوتهم.
وبحسب الكريم، "النظام يعتزم تنفيذ موازنته للعام القادم البالغ قيمته 16 تريليون ليرة (3.2 مليارات دولار) من خلال استخدام القبضة الأمنية، والمزيد من التشديد على التجار، وتقييد الطلب على الدولار".
كما يأمل النظام أن يؤدي الفيتو الروسي إلى توقف آلية المساعدات الأممية عبر معبر باب الهوى الخارج عن سيطرته شمالي سوريا، وتحويل تلك المساعدات للدخول من مناطق سيطرته لتسهم في تحسن قيمة الليرة.
وبين الكريم، أن النظام بات يجبر موظفي مؤسساته على العمل تحت طائلة المحاسبة، لذلك فإن الموظفين في الدوائر الحكومية يعملون دون رغبة وتحت إجبار السلطات الأمنية، وهذا يعني أن الأعمال في تلك المؤسسات لن تتم.
وقال: "في ظل غياب الحلول المناسبة لدى النظام، فإنه يلجأ إلى حلول ملتوية وغير شرعية".
ولجأ النظام السوري إلى السماح بضخ دولارات مزورة بدقة، يمكنها أن تمر من آلات عد النقود وذلك لزيادة المعروض من الدولار في السوق، وبالتالي محاولة خفض قيمتها، وفق الكريم.
وزاد: "كما يعتمد النظام على تجارة مادة الكبتاغون المخدرة كأحد الموارد للنقد الأجنبي".
وتابع: "إضافة إلى الطرق غير المشروعة يلجأ النظام للترويج لمشاريع يطلق عليها مشاريع التعافي المبكر، واستقبال مشاهير من المطربين وصناع المحتوى والاستعانة بأثرياء وتجار من أجل جذب الاستثمارات لمناطق سيطرته في سوريا".
وأفاد أنه لا يمكن التنبؤ على وجه الدقة بمصير قيمة الليرة إلا بعد مراقبة كيفية تعامل النظام مع موازنته للعام المقبل، إضافة إلى ما سيؤول إليه وضع المعابر والتجارة بينها وبين المناطق الخارجة عن سيطرته في البلاد.
ولم يستبعد الكريم أن يقف النظام في نهاية المطاف بين خيارين وهما السماح بتداول الدولار بحرية أو مواجهة انهيار اقتصادي كبير يؤدي إلى وقوع مجاعة.