الروائي بهاء طاهر
@ حين تماهى السلفيون مع الانظمة أختفى المثقف الحقيقي
@الجوائز عندنا تأتي دائما متاخرة مثل عربة المطافي
@النكسة أتاحت الفرصة لأول مرة لجيلنا أن يسمع صوته
@الرواية ليست ديوان العرب وافضل المبدعين هم الشعراء
@أصحاب التيارات السلفية ينصبون انفسهم حكاما على الثقافة والمثقفين
@عملي في الأمم المتحدة أتاح لي فرصة أختبار العلاقة بالآخر
عمل بهاء طاهر كمترجم بالامم المتحده فترة منفاه الاختياري اومكنه عمله ذاك ن يطلع علي عدد كبير من الآداب الاجنبية منها الادب الاسباني الذي يعشقه لتشابهه مع الادب العربي فعشق دون كيخوته لثرفانتس ولوركا الذي حضر في روايته "حب في المنفي" فضلا عن ترجمته لعدد من قصائده..
ورغم حيادية اعمال طاهر والتي يظهر فيها التواضع كشخصه العصي على الفهم احيانا لكنها مغرقة في الانسانية واقل ما توصف به السهل الممتنع شأنه شأن اهل الجنوب الرافضين دائما أن يسمع صوت المساومة علي مبادئهم ورغم ذلك لا يفقدون الرغبة في الحلم بغد افضل.. ويبدو أن بهاء طاهر لا يزال يحمل نفس الأحلام الكبيرة الي جانب مشاعر اليأس التي تكتنفه من وقت لاخر فمازالت له قناعاته الخاصة بقدرة الفكر والثقافة على إحداث تغيير حقيقي يرتقي بمجتمعاتنا , و كما كان دائماً يعمل بعزم ويأمل بصدق , ويحب البشر جميعاً ..تظهر تلك الملامح عبر اعماله الروائية والقصصيه مثل( بالامس حلمت بك وخالتي صفية والدير وواحة الغروب ) واخر اعماله القصصية " لم اعرف ان الطواويس تطير" التي جاءت متأخرة منذ ان استهل طريقه الأدبي بمجموعته القصصية "بالأمس حلمت بك" –أشهر مجموعاته- بعدما قطع خطوات عملاقة في الرواية التي نال بسببها جائزة البوكر العالمية للرواية العربية.لذا لم تكن هناك مفاجأة في فوز بهاء طاهر بجائزة مبارك للآداب مؤخر ا والتي تعد أرفع جائزة يمكن أن تمنح للأدباء في مصركما سبق وان حصل علي تقديرية الدولة في الاداب عام 1998 وفي العام التالي كان موعده مع جائزة الزياتوري الايطالية عن روايته الشهيرة حب في المنفي .وفي بداية هذا الحوار ل ( صحيفة الهدهد الدولية ) و الذي لم نرده تقليديا سألنا بهاء طاهر كيف يرى شخصيا نصه الأدبي الذي حظي بهذه الجوائز كلها فقال :
أنسنة النص
الانسان هو النص الاساسي لكتاباتي بكل ثرائه وتعاسته ومرحه وسعيه نحو عوالم افضل وفضاءات ارحب ..بدات الكتابة في اواخر الخمسينيات مع جيل قدر اهمية الكلمة وقدسيتها التي تقترب كثيرا من انفاس البشر ومنابع الحياة في اضطرابها وجريانها بما عرضنا لمحنة تحولت معها الثقافة من موجه لحركة المجتمع الي حركة موجهه ..
@بدءا من "الخطوبة"عام 1972. ومروراب "الامس حلمت بك" و"انا الملك جئت" و"شرق النخيل "و.خالتي صفية والديرثم "حب في المنفي" وواحة الغروب .. يلحظ المتابع لادبك تنوعا في بيئات القصص ما يمكن تسميته بالبيئة العالمية الانسانية التي تجتمع فيها شخصياتك من ثقافات وبلدان العالم في دولة جديدة.. بامضاء بهاء طاهر.. ما العوامل التي اثرت في تجربتك ؟
*عملت بجنيف في الامم المتحدة في الفترة من عام 1981 الي عام 1995 وكان لاقامتي هناك اكبر الاثر في معرفتي بالاخر الغربي من خلال رصدي للعلاقة بين الشرق والغرب بكل ملامح الاختلاف والصراع والتوافق وربما تعد رواية واحة الغروب نموذجا لتلك العلاقة ،وقبل تلك الفترة بدأت الكتابة في أواخر الخمسينات وأول الستينات مع جيل تأثر بتراث عريق يعي جيدا دور الكلمة وهذا تعلمناه من اسلافنا العظام الذين لعبوا أهم دور في تطور المجتمع المصري حتي منتصف القرن العشرين منهم البارودي وشوقي وطه حسين وقاسم أمين فضلا عن تكويني كمصري قادم من الجنوب البسيط الي المجتمع المدني المفتوح .. جميعها اسباب غمست في تجاربها ريشتي و شكلت مناخ ملائم لنتاجاتي الادبية..
@بهاء طاهر يقول :انا صعيدي مزيف وليس قاهريا تماما ..من انت اذن ؟
*أنا من مواليد 1935، من أسرة صعيدية، الأب كان موظفا حكوميا استقر به المقام في القاهرة حتي وصوله للتقاعد. لهذا لا أعتبر نفسي صعيديا خالصا أو قاهريا خالصا. كانت لأسرتي قدم في الصعيد وقدم في القاهرة. أنا بالفعل صعيدي مزيف، لم أعش في صعيد مصر الوقت الكافي لمعرفته جيدا. كما أنني لست قاهريا تماما، فالبيئة التي عشت فيها كانت صعيدية. والدتي واخوتي كانوا يتحدثون اللهجة الصعيدية. والدتي كانت تتعامل مع حياتنا في القاهرة وكأنها جزء من القرية، كانت تتابع الاخبار و كان بيتنا بمثابة فندق لزوار القاهرة من قريتنا. وهكذا كانت تستمع للأخبار وتجدد حكاياتها ثم تقوم بحكيها لنا بتفاصيل جديدة. كانت والدتي تعوض حرمانها من بيئتها الطبيعية بأن تحكي لنا ما يحدث هناك. لم تحكِ لي قصص الجنيات والاساطير كما تفعل الأمهات والجدات مع الاطفال ، وإنما كانت تحكي لنا قصصا حقيقية عن الثأر والارض والعرض.
ازدواجية الثورة
@ نشات في جيل لايساوم علي مبادئه منذ الصغر الاتتذكر تلك الفترة وتأثرك بمبدعيها ؟
*كان أساتذتنا في مدرسة السعيدية الثانوية يشجعوننا علي العمل الوطني فكنا نخرج في المظاهرات ونشارك في مظاهرات الجامعة واتذكر انني ذات مرة ألقيت محاضرة عن مذبحة المماليك بالقلعة واعتبر ناظر المدرسة ان ما قلته عدائيا ضد العائلة المالكة في ذلك الوقت وحاول أن يقنعني بتغيير أفكاري لكنني رفضت فلم يحدث شيء. كان الاختلاف في الرأي يقابل بالاحترام، ولو حدث هذا في عهد الثورة لكنت قد اعتقلت ،وفي الجامعة تعرفت علي الكاتب وحيد النقاش والناقد رجاء النقاش والشاعر عبدالمنعم عواد يوسف والقاص مصطفي أبو النصر. ثم تعرفنا علي سليمان فياض وعلى غالب هلسا وكوكبة الكتاب الذين عرفوا فيما بعد بجيل الستينيات..
كنا متحمسين لثورة يوليو وكان لها نفس مطالبنا.. كنا نطالب بجلاء الانكليز والقضاء علي الاقطاع واعتبرنا انفسنا جزءا من الثورة ثم فوجئنا أن الثورة رغم الجوانب الايجابية فيها لا تحب الديمقراطية ولا تقبل أن يشاركها أحد فيما تفعل فعشنا في ازدواجية بين المنجزات والروح القمعية..
ما الاسباب التي دعتك الي مغادرة مصر في نهاية السبعينيات؟@
*خرجت من مصر في ذلك الوقت لأن المؤسسة الحاكمة لم تكن تسمح بالاختلاف مع سياساتها . فكان علينا اما أن نجلس في بيوتنا بلا عمل أو ان نخرج، فذهبت إلي جنيف و تأثير المكان والغربة كان واضحا في أعمالي (قالت ضحي) و(الحب في المنفي). وبعد العودة كتبت عملين هما (ذهبت إلي شلال) و(نقطة نور)، محاولا استكشاف التغيرات التي حدثت في المجتمع خلال غيابي..
@رغم انتمائك لجيل لجيل عاش هزيمة يوليو لكنك تؤكد ان النكسة اتاحك لجيلكم فرصة ان يصل صوته الي الناس ..كيف كان ذلك؟
*مثلي كمعظم أبناء جيلي عمُر قلبنا بالكثير من الأحلام, الشخصية و الوطنية , وجاءت هزيمة يونيو 67 , لتعصف بكل تلك الأحلام لكنها جاءت في ذات لتتيح الفرصة لأول مرة لجيلنا أن يسمع صوته لأن السلطة أحست أن هناك موجه غضب عارمة بعد النكسة، فسمحت بنوع محدود جدا من تنفيث هذا البخار المكتوم، فسمحت في هذا الوقت أن نصدر مجلة "جاليري 68 " ورغم تواضعها فانها بلورت ملامح الأدب الجديد في ذلك الوقت والذي كان مختلفا في لغته وأسلوبه عن الاتجاهات التي كانت سائدة..
@كتبت الفرعونيات فترة اقامتك في جينيف بعيدا عن مصر سمة من سمات ادبك لماذا لم تكتبها قبل تلك الفترة؟
@لا اكتب بناء علي قرارات، مثل الكتاب الذين لديهم مشروعات ابداعية واضحة ومحددة فانا ليس صاحب مشروع وإنما اترك نفسي لشعوري عندما تلح عليه فكرة أو قضية فاقوم بكتابتها و تصوير العالم الفرعوني في أعمالي اثناء الاقامة في الخارج كان نوعا من انواع التعويض أو اقامة علاقة مع الارض التي ابتعدت عنها
لغة المنفي
@هل يحسب للكاتب ام عليه عدم الكتابة بلغة بلد الاقامة مستعيضا عنها بلغته الاصيلة كما فعلت؟
*رغم قسوة النفي الجسدي لكن الشيء الوحيد الذي كان يربطني بأرضي هو اللغة، فكيف يمكن ان يكون النفي مزدوجا كما ان الانتشار في أوروبا او غيرها من بلدان العالم لا علاقة له باللغة التي يكتب بها الكاتب وإنما بما يكتبه، فلو أنه كتب بالانكليزية أو الفرنسية صورة غير التي تخيلها الغربيون عن بلده لما اهتم أحد بما يكتب ..
@رغم البساطة والروح المتواضعة تفضل العزلة والابتعاد عن وسائل الاعلام ..الا تفسر لنا تلك المفارقة؟
*اؤمن برسالة الأدب السامية في التواصل مع الناس والاشياء والمفردات والتفاصيل الانسانية وكل هذا لا يتلائم مع الشهرة والاضواء واللقاءات الاعلامية التي لاجدوي منها ..الادب الحقيقي يكمن فيما يقدمه الكاتب وليس جملة لقاءاته الاعلامية او الصحافية .
@لماذا الحزن دائما في كتاباتك رغم نظرتك المتفائلة للحياة ..هل تؤمن بالاسطورة القديمة عن خلق الآله للانسان من الالم؟
*هذا الحزن لا يخصني فقط بل ساكن في ثنايا روح مجمل كتاب الستينيات القادمون من الجنوب إلى القاهرة , والذين عاشوا تغريبة الجنوبي التائه في المدينة : امثال أمل دنقل , والأبنودي في إرهاف وعيهما الإنساني. ولهذا اتمرد احيانا على رغبة الفنان بداخلي في اللهفة على الإبداع , مفضلاً الأناة حتى تكتمل التجربة وتتسع الرؤية , ويبوح العمل بسره والامر يتعلق بتجارب حياتية تترك بصماتها علي كتاباتي دون قصد او نية مسبقة مني فأنا انسان محب للحياة ومتفائل بالخير الكامن في النفس البشرية .
@اللغة في ابداعك تمثل عنصرا خصبا وقماشة واسعة تنجب الكثير من الافكار..كيف تثمن اللغة الادبية اليوم؟
* نحن تحملنا كثير جدا من الهجوم وقد كان حرصي وحرص كثيرين من كتاب الستينيات علي تجنب البلاغة في الكتابة بهدف إيقاظ وعي القارىء وليس تخديره بموسيقي الكلمات والأوصاف المجنحة للوصول إلي تحقيق مشاركة إيجابية من القارىء بأن يبذل جهد ربما يوازي جهد المبدع وأن يظل متيقظا باستمرار أثناء القراءة، واتذكر ان أكثر من ناقد ممن تناولوا مجموعتي "الخطوبة" تحدث عن اللغة إما بالتأييد أو المعارضة، والتي كانت تخلو من كل زخرف بلاغي، عنصر الوصف بها محدود جدا، جملها خبرية ألفاظها قاطعة الدلالة، يلعب بها الحوار دور أساسي. فكان من النقاد من رأي في ذلك الوقت أن هذه اللغة فقيرة جدا وغير أدبية،
لكن أظن الآن أن لغة الأدب تطورت في هذا الاتجاه، اللغة الموضوعية التي لا تسرق انتباه القارىء بالبلاغة الشكلية وإنما تهدف إلي إيقاظ وعيه. واعتقد إذا كان هذا صحيحا فإن العذاب الذي تعذبناه من هجوم النقاد علينا، وجد العزاء الكافي في هذا الوقت.
@ الفكرة الهادية في الكثير من أعمالك , هي علاقة الشرق بالغرب وما بينهما من صراع وتوافق هل لاقامتك في الخارج علاقة بذلك؟
*بالفعل هذا الملمح يظهر في عدد من اعمالي لاسيما ” واحة الغروب ” , التي تناولت فيها تلك العلاقة من خلال العلاقة بين الضابط المصري ” محمود عبد الظاهر ” وزوجته الأيرلندية ” كاثرين” . ومن قبل في قصة ” بالأمس حلمت بك ” من خلال العلاقة بين ” شخصية الراوي ” في القصة وشخصية الشابة الأوربية
الشقراء ” آن ماري"
@تكشف رواياتك عن انتصار للحرية ومواجهة قوي التسلط رغم ابتعاد مواقفك عن اشكالية التنميط ..كيف ذلك؟
*لااحكم علي شخصياتي او اقاضيها بل افضل ان ارسم لها اطارا يكشف جوانبها وابعادها الغير مرئية وتلك مهمة الكاتب الذي يشرك معه القارئ في تاويل النص واكتشاف جمالياته بنفسه.
فراغ ثقافي
@لك رأي عن اختفاء المثقفين في مجتمعنا هل بالفعل لم يعد للمثقف وجود؟
*السبب الرئيسي وراء ذلك هو التوأمة الحادثة بين النظام والتيارات السلفية ممن يعطون نفسهم الحق في محاسبة المثقفين وكأنهم كما قلت من قبل يملكون "صكوك الغفران" بما احدث فراغا ثقافيا بالمجتمع وكثير من المثقفين تم ركنهم علي الرف وانا منهم " حيث اهملت ما يتجاوز الثماني سنوات ولم يكن هناك أي إحساس بقيمتي وطلب مني النشر في الخارج ورفضت.
@ما رؤيتك لتحول النص الادبي الي عمل درامي ..وماحدود مسئولية الكاتب عند تحول نصه الي فيلم اومسلسل؟
*الكاتب مسئول عن نصه فقط اما المعالجة الدرامية فهي مسئولية من يقومون علي انتاج وتنفيذ العمل وقد تحولت بعض اعمالي الي الدراما مثل رواية خالتي صفية والدير وقد تناولت النص الاصلي بدرجة معقولة ولم تخرج عن مضمونه.
الابداع والجوائز
@حصلت علي العديد من الجوائز المحلية والعالمية كان اخرها جائزة مبارك في الاداب ما ذا تمثل الجوائز لك؟
* الجوائز لا تصنع اديبا لكنها امر طيب ويفرح به المبدع لانها تمثل تقديرا لمشواره لاسيما اذا نالها في حياته لكن المؤسف ان الجوائز عندنا مثل عربة المطافي تأتي دائما متاخرة واتمني ان يتم الاهتمام بالشباب من المبدعين لاحداث حراك ادبي عربي.
@ترجمت كثير من اعماك الي عدة لغات ما رأيك في الدور الذي تقوم به الترجمة في التقريب بين الثقافات المختلفة؟
* الترجمة من اهم الوسائل في التواصل بين ثقافات وحضارات الشعوب واتمنى ان تترجم الاعمال الادبية العربية التي تستحق ان يقرأها العالم وليست التي تحصل فقط علي جوائزفقط .
@الترجمة خيانة ..مثل لاتيني الي اي مدي توافق علي صحته؟
*الترجمة بالفعل خيانة للنص الاصلي لانها مهما بلغت من دقة تفقد جزء من النص الاصلي وعلي المترجم مراعاة ذلك وعليه ان يبذل قصاري جهده للوصول الي افضل صيغة للترجمة .
@ " الرواية ديوان العرب" هل توافق علي تلك المقولة المعاصرة ؟
*الشعرمازال بخير ومقولة ان الرواية اصبحت ديوان العرب حق يراد به باطل واشهر المبدعين العرب هم الشعراء وليس الرواة والشعر كان ومازال ديوان العرب اما ما يقال عن اقتراب الرواية او القصة من تفاصيل حياة الناس فهذا صحيح وفي ذات الوقت لا ينصبها فوق الشعر .
@11 عاما من هجران القصة القصيرة عدت اليها من خلال مجموعتك القصصية الجديدة "لم اعرف ان الطواويس تطير " ما الذي دفعك اليها مرة اخري وما مضمونها ؟
* اكرر انني لااكتب وفق مخطط بعينه لكن الخيط الانساني دائما ما يصل بين كتاباتي علي اختلافها .. وقد ظهرذلك جليا في مجموعتي الجديدة الصادرة عن دار الشروق وقد توزع هذا المضمون بين قصص المجموعة الست،والتى حملت عناوين ثلاثة أسماء حيوانات مختلفة الفصائل والسمات هى «الطواويس، والقطط، والكلاب»، استعرضت من خلال ثلاثتهم العديد من المفارقات التى كانت مدخلا لبحث عميق داخل النفس البشرية، التى تكتشف بالمصادفة تماهى هذه الحيوانات مع بشريتها، أو ربما تماهيها هى مع حيوانية هذه الكائنات...حرية الحيوانات فى مقابل الأسر البشرى المادى والروحى، الاختيارى ،وفى أغلب قصص المجموعة كان الراوى عليما، يسرد تفاصيل شخوصه، وينقل مونولوجاتهم الداخلية والخارجية بلسانه هو، أيضا كان الاغتراب المكانى والوجودى تيمة أساسية اعتلت أو بطنت السرد القصصى، بالإضافة للاغتراب الزمانى للشخوص، وانفصالها عن أعمارها وحيواتها وواقعها الجديد، حيث تيمة المشيب والشيخوخة والتقاعد، مبثوثة فى قصص المجموعة."
@الجوائز عندنا تأتي دائما متاخرة مثل عربة المطافي
@النكسة أتاحت الفرصة لأول مرة لجيلنا أن يسمع صوته
@الرواية ليست ديوان العرب وافضل المبدعين هم الشعراء
@أصحاب التيارات السلفية ينصبون انفسهم حكاما على الثقافة والمثقفين
@عملي في الأمم المتحدة أتاح لي فرصة أختبار العلاقة بالآخر
عمل بهاء طاهر كمترجم بالامم المتحده فترة منفاه الاختياري اومكنه عمله ذاك ن يطلع علي عدد كبير من الآداب الاجنبية منها الادب الاسباني الذي يعشقه لتشابهه مع الادب العربي فعشق دون كيخوته لثرفانتس ولوركا الذي حضر في روايته "حب في المنفي" فضلا عن ترجمته لعدد من قصائده..
ورغم حيادية اعمال طاهر والتي يظهر فيها التواضع كشخصه العصي على الفهم احيانا لكنها مغرقة في الانسانية واقل ما توصف به السهل الممتنع شأنه شأن اهل الجنوب الرافضين دائما أن يسمع صوت المساومة علي مبادئهم ورغم ذلك لا يفقدون الرغبة في الحلم بغد افضل.. ويبدو أن بهاء طاهر لا يزال يحمل نفس الأحلام الكبيرة الي جانب مشاعر اليأس التي تكتنفه من وقت لاخر فمازالت له قناعاته الخاصة بقدرة الفكر والثقافة على إحداث تغيير حقيقي يرتقي بمجتمعاتنا , و كما كان دائماً يعمل بعزم ويأمل بصدق , ويحب البشر جميعاً ..تظهر تلك الملامح عبر اعماله الروائية والقصصيه مثل( بالامس حلمت بك وخالتي صفية والدير وواحة الغروب ) واخر اعماله القصصية " لم اعرف ان الطواويس تطير" التي جاءت متأخرة منذ ان استهل طريقه الأدبي بمجموعته القصصية "بالأمس حلمت بك" –أشهر مجموعاته- بعدما قطع خطوات عملاقة في الرواية التي نال بسببها جائزة البوكر العالمية للرواية العربية.لذا لم تكن هناك مفاجأة في فوز بهاء طاهر بجائزة مبارك للآداب مؤخر ا والتي تعد أرفع جائزة يمكن أن تمنح للأدباء في مصركما سبق وان حصل علي تقديرية الدولة في الاداب عام 1998 وفي العام التالي كان موعده مع جائزة الزياتوري الايطالية عن روايته الشهيرة حب في المنفي .وفي بداية هذا الحوار ل ( صحيفة الهدهد الدولية ) و الذي لم نرده تقليديا سألنا بهاء طاهر كيف يرى شخصيا نصه الأدبي الذي حظي بهذه الجوائز كلها فقال :
أنسنة النص
الانسان هو النص الاساسي لكتاباتي بكل ثرائه وتعاسته ومرحه وسعيه نحو عوالم افضل وفضاءات ارحب ..بدات الكتابة في اواخر الخمسينيات مع جيل قدر اهمية الكلمة وقدسيتها التي تقترب كثيرا من انفاس البشر ومنابع الحياة في اضطرابها وجريانها بما عرضنا لمحنة تحولت معها الثقافة من موجه لحركة المجتمع الي حركة موجهه ..
@بدءا من "الخطوبة"عام 1972. ومروراب "الامس حلمت بك" و"انا الملك جئت" و"شرق النخيل "و.خالتي صفية والديرثم "حب في المنفي" وواحة الغروب .. يلحظ المتابع لادبك تنوعا في بيئات القصص ما يمكن تسميته بالبيئة العالمية الانسانية التي تجتمع فيها شخصياتك من ثقافات وبلدان العالم في دولة جديدة.. بامضاء بهاء طاهر.. ما العوامل التي اثرت في تجربتك ؟
*عملت بجنيف في الامم المتحدة في الفترة من عام 1981 الي عام 1995 وكان لاقامتي هناك اكبر الاثر في معرفتي بالاخر الغربي من خلال رصدي للعلاقة بين الشرق والغرب بكل ملامح الاختلاف والصراع والتوافق وربما تعد رواية واحة الغروب نموذجا لتلك العلاقة ،وقبل تلك الفترة بدأت الكتابة في أواخر الخمسينات وأول الستينات مع جيل تأثر بتراث عريق يعي جيدا دور الكلمة وهذا تعلمناه من اسلافنا العظام الذين لعبوا أهم دور في تطور المجتمع المصري حتي منتصف القرن العشرين منهم البارودي وشوقي وطه حسين وقاسم أمين فضلا عن تكويني كمصري قادم من الجنوب البسيط الي المجتمع المدني المفتوح .. جميعها اسباب غمست في تجاربها ريشتي و شكلت مناخ ملائم لنتاجاتي الادبية..
@بهاء طاهر يقول :انا صعيدي مزيف وليس قاهريا تماما ..من انت اذن ؟
*أنا من مواليد 1935، من أسرة صعيدية، الأب كان موظفا حكوميا استقر به المقام في القاهرة حتي وصوله للتقاعد. لهذا لا أعتبر نفسي صعيديا خالصا أو قاهريا خالصا. كانت لأسرتي قدم في الصعيد وقدم في القاهرة. أنا بالفعل صعيدي مزيف، لم أعش في صعيد مصر الوقت الكافي لمعرفته جيدا. كما أنني لست قاهريا تماما، فالبيئة التي عشت فيها كانت صعيدية. والدتي واخوتي كانوا يتحدثون اللهجة الصعيدية. والدتي كانت تتعامل مع حياتنا في القاهرة وكأنها جزء من القرية، كانت تتابع الاخبار و كان بيتنا بمثابة فندق لزوار القاهرة من قريتنا. وهكذا كانت تستمع للأخبار وتجدد حكاياتها ثم تقوم بحكيها لنا بتفاصيل جديدة. كانت والدتي تعوض حرمانها من بيئتها الطبيعية بأن تحكي لنا ما يحدث هناك. لم تحكِ لي قصص الجنيات والاساطير كما تفعل الأمهات والجدات مع الاطفال ، وإنما كانت تحكي لنا قصصا حقيقية عن الثأر والارض والعرض.
ازدواجية الثورة
@ نشات في جيل لايساوم علي مبادئه منذ الصغر الاتتذكر تلك الفترة وتأثرك بمبدعيها ؟
*كان أساتذتنا في مدرسة السعيدية الثانوية يشجعوننا علي العمل الوطني فكنا نخرج في المظاهرات ونشارك في مظاهرات الجامعة واتذكر انني ذات مرة ألقيت محاضرة عن مذبحة المماليك بالقلعة واعتبر ناظر المدرسة ان ما قلته عدائيا ضد العائلة المالكة في ذلك الوقت وحاول أن يقنعني بتغيير أفكاري لكنني رفضت فلم يحدث شيء. كان الاختلاف في الرأي يقابل بالاحترام، ولو حدث هذا في عهد الثورة لكنت قد اعتقلت ،وفي الجامعة تعرفت علي الكاتب وحيد النقاش والناقد رجاء النقاش والشاعر عبدالمنعم عواد يوسف والقاص مصطفي أبو النصر. ثم تعرفنا علي سليمان فياض وعلى غالب هلسا وكوكبة الكتاب الذين عرفوا فيما بعد بجيل الستينيات..
كنا متحمسين لثورة يوليو وكان لها نفس مطالبنا.. كنا نطالب بجلاء الانكليز والقضاء علي الاقطاع واعتبرنا انفسنا جزءا من الثورة ثم فوجئنا أن الثورة رغم الجوانب الايجابية فيها لا تحب الديمقراطية ولا تقبل أن يشاركها أحد فيما تفعل فعشنا في ازدواجية بين المنجزات والروح القمعية..
ما الاسباب التي دعتك الي مغادرة مصر في نهاية السبعينيات؟@
*خرجت من مصر في ذلك الوقت لأن المؤسسة الحاكمة لم تكن تسمح بالاختلاف مع سياساتها . فكان علينا اما أن نجلس في بيوتنا بلا عمل أو ان نخرج، فذهبت إلي جنيف و تأثير المكان والغربة كان واضحا في أعمالي (قالت ضحي) و(الحب في المنفي). وبعد العودة كتبت عملين هما (ذهبت إلي شلال) و(نقطة نور)، محاولا استكشاف التغيرات التي حدثت في المجتمع خلال غيابي..
@رغم انتمائك لجيل لجيل عاش هزيمة يوليو لكنك تؤكد ان النكسة اتاحك لجيلكم فرصة ان يصل صوته الي الناس ..كيف كان ذلك؟
*مثلي كمعظم أبناء جيلي عمُر قلبنا بالكثير من الأحلام, الشخصية و الوطنية , وجاءت هزيمة يونيو 67 , لتعصف بكل تلك الأحلام لكنها جاءت في ذات لتتيح الفرصة لأول مرة لجيلنا أن يسمع صوته لأن السلطة أحست أن هناك موجه غضب عارمة بعد النكسة، فسمحت بنوع محدود جدا من تنفيث هذا البخار المكتوم، فسمحت في هذا الوقت أن نصدر مجلة "جاليري 68 " ورغم تواضعها فانها بلورت ملامح الأدب الجديد في ذلك الوقت والذي كان مختلفا في لغته وأسلوبه عن الاتجاهات التي كانت سائدة..
@كتبت الفرعونيات فترة اقامتك في جينيف بعيدا عن مصر سمة من سمات ادبك لماذا لم تكتبها قبل تلك الفترة؟
@لا اكتب بناء علي قرارات، مثل الكتاب الذين لديهم مشروعات ابداعية واضحة ومحددة فانا ليس صاحب مشروع وإنما اترك نفسي لشعوري عندما تلح عليه فكرة أو قضية فاقوم بكتابتها و تصوير العالم الفرعوني في أعمالي اثناء الاقامة في الخارج كان نوعا من انواع التعويض أو اقامة علاقة مع الارض التي ابتعدت عنها
لغة المنفي
@هل يحسب للكاتب ام عليه عدم الكتابة بلغة بلد الاقامة مستعيضا عنها بلغته الاصيلة كما فعلت؟
*رغم قسوة النفي الجسدي لكن الشيء الوحيد الذي كان يربطني بأرضي هو اللغة، فكيف يمكن ان يكون النفي مزدوجا كما ان الانتشار في أوروبا او غيرها من بلدان العالم لا علاقة له باللغة التي يكتب بها الكاتب وإنما بما يكتبه، فلو أنه كتب بالانكليزية أو الفرنسية صورة غير التي تخيلها الغربيون عن بلده لما اهتم أحد بما يكتب ..
@رغم البساطة والروح المتواضعة تفضل العزلة والابتعاد عن وسائل الاعلام ..الا تفسر لنا تلك المفارقة؟
*اؤمن برسالة الأدب السامية في التواصل مع الناس والاشياء والمفردات والتفاصيل الانسانية وكل هذا لا يتلائم مع الشهرة والاضواء واللقاءات الاعلامية التي لاجدوي منها ..الادب الحقيقي يكمن فيما يقدمه الكاتب وليس جملة لقاءاته الاعلامية او الصحافية .
@لماذا الحزن دائما في كتاباتك رغم نظرتك المتفائلة للحياة ..هل تؤمن بالاسطورة القديمة عن خلق الآله للانسان من الالم؟
*هذا الحزن لا يخصني فقط بل ساكن في ثنايا روح مجمل كتاب الستينيات القادمون من الجنوب إلى القاهرة , والذين عاشوا تغريبة الجنوبي التائه في المدينة : امثال أمل دنقل , والأبنودي في إرهاف وعيهما الإنساني. ولهذا اتمرد احيانا على رغبة الفنان بداخلي في اللهفة على الإبداع , مفضلاً الأناة حتى تكتمل التجربة وتتسع الرؤية , ويبوح العمل بسره والامر يتعلق بتجارب حياتية تترك بصماتها علي كتاباتي دون قصد او نية مسبقة مني فأنا انسان محب للحياة ومتفائل بالخير الكامن في النفس البشرية .
@اللغة في ابداعك تمثل عنصرا خصبا وقماشة واسعة تنجب الكثير من الافكار..كيف تثمن اللغة الادبية اليوم؟
* نحن تحملنا كثير جدا من الهجوم وقد كان حرصي وحرص كثيرين من كتاب الستينيات علي تجنب البلاغة في الكتابة بهدف إيقاظ وعي القارىء وليس تخديره بموسيقي الكلمات والأوصاف المجنحة للوصول إلي تحقيق مشاركة إيجابية من القارىء بأن يبذل جهد ربما يوازي جهد المبدع وأن يظل متيقظا باستمرار أثناء القراءة، واتذكر ان أكثر من ناقد ممن تناولوا مجموعتي "الخطوبة" تحدث عن اللغة إما بالتأييد أو المعارضة، والتي كانت تخلو من كل زخرف بلاغي، عنصر الوصف بها محدود جدا، جملها خبرية ألفاظها قاطعة الدلالة، يلعب بها الحوار دور أساسي. فكان من النقاد من رأي في ذلك الوقت أن هذه اللغة فقيرة جدا وغير أدبية،
لكن أظن الآن أن لغة الأدب تطورت في هذا الاتجاه، اللغة الموضوعية التي لا تسرق انتباه القارىء بالبلاغة الشكلية وإنما تهدف إلي إيقاظ وعيه. واعتقد إذا كان هذا صحيحا فإن العذاب الذي تعذبناه من هجوم النقاد علينا، وجد العزاء الكافي في هذا الوقت.
@ الفكرة الهادية في الكثير من أعمالك , هي علاقة الشرق بالغرب وما بينهما من صراع وتوافق هل لاقامتك في الخارج علاقة بذلك؟
*بالفعل هذا الملمح يظهر في عدد من اعمالي لاسيما ” واحة الغروب ” , التي تناولت فيها تلك العلاقة من خلال العلاقة بين الضابط المصري ” محمود عبد الظاهر ” وزوجته الأيرلندية ” كاثرين” . ومن قبل في قصة ” بالأمس حلمت بك ” من خلال العلاقة بين ” شخصية الراوي ” في القصة وشخصية الشابة الأوربية
الشقراء ” آن ماري"
@تكشف رواياتك عن انتصار للحرية ومواجهة قوي التسلط رغم ابتعاد مواقفك عن اشكالية التنميط ..كيف ذلك؟
*لااحكم علي شخصياتي او اقاضيها بل افضل ان ارسم لها اطارا يكشف جوانبها وابعادها الغير مرئية وتلك مهمة الكاتب الذي يشرك معه القارئ في تاويل النص واكتشاف جمالياته بنفسه.
فراغ ثقافي
@لك رأي عن اختفاء المثقفين في مجتمعنا هل بالفعل لم يعد للمثقف وجود؟
*السبب الرئيسي وراء ذلك هو التوأمة الحادثة بين النظام والتيارات السلفية ممن يعطون نفسهم الحق في محاسبة المثقفين وكأنهم كما قلت من قبل يملكون "صكوك الغفران" بما احدث فراغا ثقافيا بالمجتمع وكثير من المثقفين تم ركنهم علي الرف وانا منهم " حيث اهملت ما يتجاوز الثماني سنوات ولم يكن هناك أي إحساس بقيمتي وطلب مني النشر في الخارج ورفضت.
@ما رؤيتك لتحول النص الادبي الي عمل درامي ..وماحدود مسئولية الكاتب عند تحول نصه الي فيلم اومسلسل؟
*الكاتب مسئول عن نصه فقط اما المعالجة الدرامية فهي مسئولية من يقومون علي انتاج وتنفيذ العمل وقد تحولت بعض اعمالي الي الدراما مثل رواية خالتي صفية والدير وقد تناولت النص الاصلي بدرجة معقولة ولم تخرج عن مضمونه.
الابداع والجوائز
@حصلت علي العديد من الجوائز المحلية والعالمية كان اخرها جائزة مبارك في الاداب ما ذا تمثل الجوائز لك؟
* الجوائز لا تصنع اديبا لكنها امر طيب ويفرح به المبدع لانها تمثل تقديرا لمشواره لاسيما اذا نالها في حياته لكن المؤسف ان الجوائز عندنا مثل عربة المطافي تأتي دائما متاخرة واتمني ان يتم الاهتمام بالشباب من المبدعين لاحداث حراك ادبي عربي.
@ترجمت كثير من اعماك الي عدة لغات ما رأيك في الدور الذي تقوم به الترجمة في التقريب بين الثقافات المختلفة؟
* الترجمة من اهم الوسائل في التواصل بين ثقافات وحضارات الشعوب واتمنى ان تترجم الاعمال الادبية العربية التي تستحق ان يقرأها العالم وليست التي تحصل فقط علي جوائزفقط .
@الترجمة خيانة ..مثل لاتيني الي اي مدي توافق علي صحته؟
*الترجمة بالفعل خيانة للنص الاصلي لانها مهما بلغت من دقة تفقد جزء من النص الاصلي وعلي المترجم مراعاة ذلك وعليه ان يبذل قصاري جهده للوصول الي افضل صيغة للترجمة .
@ " الرواية ديوان العرب" هل توافق علي تلك المقولة المعاصرة ؟
*الشعرمازال بخير ومقولة ان الرواية اصبحت ديوان العرب حق يراد به باطل واشهر المبدعين العرب هم الشعراء وليس الرواة والشعر كان ومازال ديوان العرب اما ما يقال عن اقتراب الرواية او القصة من تفاصيل حياة الناس فهذا صحيح وفي ذات الوقت لا ينصبها فوق الشعر .
@11 عاما من هجران القصة القصيرة عدت اليها من خلال مجموعتك القصصية الجديدة "لم اعرف ان الطواويس تطير " ما الذي دفعك اليها مرة اخري وما مضمونها ؟
* اكرر انني لااكتب وفق مخطط بعينه لكن الخيط الانساني دائما ما يصل بين كتاباتي علي اختلافها .. وقد ظهرذلك جليا في مجموعتي الجديدة الصادرة عن دار الشروق وقد توزع هذا المضمون بين قصص المجموعة الست،والتى حملت عناوين ثلاثة أسماء حيوانات مختلفة الفصائل والسمات هى «الطواويس، والقطط، والكلاب»، استعرضت من خلال ثلاثتهم العديد من المفارقات التى كانت مدخلا لبحث عميق داخل النفس البشرية، التى تكتشف بالمصادفة تماهى هذه الحيوانات مع بشريتها، أو ربما تماهيها هى مع حيوانية هذه الكائنات...حرية الحيوانات فى مقابل الأسر البشرى المادى والروحى، الاختيارى ،وفى أغلب قصص المجموعة كان الراوى عليما، يسرد تفاصيل شخوصه، وينقل مونولوجاتهم الداخلية والخارجية بلسانه هو، أيضا كان الاغتراب المكانى والوجودى تيمة أساسية اعتلت أو بطنت السرد القصصى، بالإضافة للاغتراب الزمانى للشخوص، وانفصالها عن أعمارها وحيواتها وواقعها الجديد، حيث تيمة المشيب والشيخوخة والتقاعد، مبثوثة فى قصص المجموعة."