قصر الحمراء في غرناطة
وتاريخيا يشير مصطلح "موريسكي" للتصغير التحقيري لكلمة "مورو" وهي الصفة التي كانت تطلق على العرب القادمين من شمال أفريقيا، ومع الزمن تحول المورو إلى موريسكي وأجبرت محاكم التفتيش هؤلاء الموريسكيين على النزوح إلى شمال أفريقيا. ويقول جويتيسولو في تصريحات لجريدة الباييس الأسبانية "ما حدث بين عامي 1609 و1614 يمثل سابقة لا مثيل لها في تاريخ أوروبا من عمليات التطهير العرقي العنيفة والتي تكاد تكون دموية".
يشار إلى أن المسلمين دخلوا الأندلس عام 711 ميلادية وظلوا بها حتى عام 1492 عندما سقطت غرناطة آخر معاقل الوجود العربي على ارض شبه الجزيرة الأيبيرية في يد الملوك الكاثوليك. ومنذ القرن العاشر الميلادي بدأ في شمال أسبانيا وتزامنا مع الحروب الصليبية نحو الشرق، ما يعرف باسم حروب الاسترداد والتي استمرت في طرد العرب واستيلاء على ممالكهم حتى سقوط آخر ملوك غرناطة الملك عبد الله الصغير الذي سلم مفاتيح المدينة للملوك جاثيا على ركبتيه وحين بكى قالت له امه بيت الشعر المشهور "ابك كالنساء ملكا لم تصنه كالرجال".
وبعد سقوط غرناطة ركز الملوك الكاثوليك جهدهم في البداية على التخلص من اليهود الذين اجبرو أيضا على الخروج مع العرب من الأندلس التي كانت انذاك نموذجا للتعايش والتسامح بين الأديان الثلاثة. ومن الطريف في الامر أن عام سقوط غرناطة هو نفس العام الذي اكتشف فيه كرستوفر كولومبس الأمريكتين أو ما كان يعرف بالعالم الجديد.
أما المسلمون الذين بقوا في أسبانيا تحت الحكم المسيحي فقد أجبروا على دفع الجزية مقابل تأمينهم على أرواحهم وممتلكاتهم إضافة الى حرية ممارستهم لعقائدهم، ولكن هذه الوعود تبخرت بعد أعوام قليلة من سقوط غرناطة وفي عام 1502 اجبر المسلمون على التنصر أو مغادرة الأراضي الأسبانية، فاضطر الكثير منهم إلى التحول عن ديانتهم ولكنهم ظلوا يمارسونها سرا وهؤلاء أطلق عليهم الموريسكيين أو المسيحيين الجدد. وظهرت آنذاك مسألة نقاء الدم وهو ما استغله كثير من اليهود المقيمين في أسبانيا حيث كانوا يقومون برشوة السلطات من محاكم التفتيش لشراء شجرة عائلة تثبت نقاء جذورهم من أي نسل عربي أو يهودي.
يؤكد المؤرخ الأسباني رفائيل بنيتيث في كتابه ( الموريسكيون: السادة ومحاكم التفتيش) أن الموريسكيين كانوا منتشرين في طول وعرض شبه الجزيرة الايبيرية ولكنهم كانوا يتركزون بصورة أكبر في غرناطة وجنوب أسبانيا وكان معظمهم من الفلاحين المزارعين والخدم وكانوا يسكنون البلدات الصغيرة في تجمعات بعيدا عن الوجود المسيحي وكان من بينهم ايضا العمال المهرة والتجار الأغنياء ولكن بقلة والأطباء وبعض النبلاء المنحدرين من عائلات كبيرة.
وفي البداية كانت محاكم التفتيش تركز جهودها على التخلص من اليهود مما أتاح للموريسكيين الحرية في ممارسة أمور حياتهم وعاداتهم, فكانوا يرتدون أزياءهم الخاصة ويتحدثون لغة خاصة يطلق عليها "الجرابية" وهي مزيج بين العربية الدارجة واللاتينية الدارجة وكان يطلق عليها رطانة أهل الأندلس، وكانت مخطوطاتهم تكتب بهذه اللغة بحروف لاتينية إمعانا في التخفي تجنبا لبطش محاكم التفتيش.
وفقا لرفائيل بنيتيث: كان هناك تباين واضح بين سبل التعايش بين الموريسكيين والمسيحيين من منطقة لأخرى، ولكن مع مرور الزمن ازدادت الضغوط على المسلمين المتنصرين والتي أدت في النهاية الى طردهم من شبه جزيرة أيبيريا.
وشهدت الآونة الاخيرة في مرحلة ما قبل القطيعة النهائية عنفا شديدا من جانب محاكم التفتيش تجاه الأقلية الموريسكية، وصدرت عدة قوانين تميزية ضدهم منها تحريم لغتهم وفنونهم وملابسهم ومصادرة وهدم حماماتهم العربية والعديد من العادات والتقاليد الأصلية مثل الختان الاستحمام يوم الجمعة او غلق البواب والزواج يوم الجمعة، ووصل الأمر حدا من التعسف يصل الى معاقبة من يطهون الباذنجان أو الكسكس او تناول اللحوم يوم الجمعة او الاثنين أو الخميس.
غير أن الأمر الذي أدى إلى تعقيد موقف الموريسكيين أكثر وأكثر كان تزايد الغارات البحرية التركية من الناحية الشرقية على الأراضي الأسبانية مما أدى إلى فقدان ثقة الحكام الأسبان في الأقلية الموريسكيين خوفا من تعاطفهم مع ابناء ديانتهم الأتراك ضد وطنهم أسبانيا .
وانفصمت عرى التعايش والوجود المشترك بين الموريسكيين والمسلمين على أرض شبه جزيرة أيبريا تماما عام 1568 عندما اندلعت ثورة الموريسكيين المسلمة في غرناطة والتي تعرف بتمرد "البشارات" نسبة الى الحي العربي بالمدينة. وبلغ عدد المتمردين 30 ألف واستمرت المناوشات بين الفريقين ثلاثة أعوام ومع طول المدة ظهرت بؤر أخرى للصراع في مناطق متفرقة من أسبانيا ولكنها كانت أقل حدة وتم إخمادها بسرعة.
بصرف النظر عن مناخ عدم الثقة السائد بشأن هؤلاء المسلمين المتنصرين فإن وضع أسبانيا آنذاك كقوة عظمى عانت العديد من الهزائم المتتالية سواء في العالم الجديد –الأمريكتين – أو على يد البريطانيين الذين كانوا ينازعونهم السيادة على البحار، جعلها في حاجة إلى تحقيق انتصار معنوي أمام أعين حلفائها ولو كان ذلك على حساب أعداء الداخل فكان بذلك فصل الخطاب حيال القرار النهائي بطرد الموريسكيين.
استقر الموريسكيون بعد طردهم في شمال افريقيا وخاصة في المغرب وتونس والجزائر وكان لهذا تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي في أسبانيا، حيث فقدت البلاد ما يقرب من 20% من سكانها خاصة المنطقة الشرقية (إقليم بالنثيا) حيث أصبحت هناك مدن وقرى خالية بالكامل من أى سكان، كما تاثرت المحاصيل الزراعية ونظم الري التي أحسن الموريسكيون تنظيمها وانهارت تماما بعدهم.
يشار إلى أن المسلمين دخلوا الأندلس عام 711 ميلادية وظلوا بها حتى عام 1492 عندما سقطت غرناطة آخر معاقل الوجود العربي على ارض شبه الجزيرة الأيبيرية في يد الملوك الكاثوليك. ومنذ القرن العاشر الميلادي بدأ في شمال أسبانيا وتزامنا مع الحروب الصليبية نحو الشرق، ما يعرف باسم حروب الاسترداد والتي استمرت في طرد العرب واستيلاء على ممالكهم حتى سقوط آخر ملوك غرناطة الملك عبد الله الصغير الذي سلم مفاتيح المدينة للملوك جاثيا على ركبتيه وحين بكى قالت له امه بيت الشعر المشهور "ابك كالنساء ملكا لم تصنه كالرجال".
وبعد سقوط غرناطة ركز الملوك الكاثوليك جهدهم في البداية على التخلص من اليهود الذين اجبرو أيضا على الخروج مع العرب من الأندلس التي كانت انذاك نموذجا للتعايش والتسامح بين الأديان الثلاثة. ومن الطريف في الامر أن عام سقوط غرناطة هو نفس العام الذي اكتشف فيه كرستوفر كولومبس الأمريكتين أو ما كان يعرف بالعالم الجديد.
أما المسلمون الذين بقوا في أسبانيا تحت الحكم المسيحي فقد أجبروا على دفع الجزية مقابل تأمينهم على أرواحهم وممتلكاتهم إضافة الى حرية ممارستهم لعقائدهم، ولكن هذه الوعود تبخرت بعد أعوام قليلة من سقوط غرناطة وفي عام 1502 اجبر المسلمون على التنصر أو مغادرة الأراضي الأسبانية، فاضطر الكثير منهم إلى التحول عن ديانتهم ولكنهم ظلوا يمارسونها سرا وهؤلاء أطلق عليهم الموريسكيين أو المسيحيين الجدد. وظهرت آنذاك مسألة نقاء الدم وهو ما استغله كثير من اليهود المقيمين في أسبانيا حيث كانوا يقومون برشوة السلطات من محاكم التفتيش لشراء شجرة عائلة تثبت نقاء جذورهم من أي نسل عربي أو يهودي.
يؤكد المؤرخ الأسباني رفائيل بنيتيث في كتابه ( الموريسكيون: السادة ومحاكم التفتيش) أن الموريسكيين كانوا منتشرين في طول وعرض شبه الجزيرة الايبيرية ولكنهم كانوا يتركزون بصورة أكبر في غرناطة وجنوب أسبانيا وكان معظمهم من الفلاحين المزارعين والخدم وكانوا يسكنون البلدات الصغيرة في تجمعات بعيدا عن الوجود المسيحي وكان من بينهم ايضا العمال المهرة والتجار الأغنياء ولكن بقلة والأطباء وبعض النبلاء المنحدرين من عائلات كبيرة.
وفي البداية كانت محاكم التفتيش تركز جهودها على التخلص من اليهود مما أتاح للموريسكيين الحرية في ممارسة أمور حياتهم وعاداتهم, فكانوا يرتدون أزياءهم الخاصة ويتحدثون لغة خاصة يطلق عليها "الجرابية" وهي مزيج بين العربية الدارجة واللاتينية الدارجة وكان يطلق عليها رطانة أهل الأندلس، وكانت مخطوطاتهم تكتب بهذه اللغة بحروف لاتينية إمعانا في التخفي تجنبا لبطش محاكم التفتيش.
وفقا لرفائيل بنيتيث: كان هناك تباين واضح بين سبل التعايش بين الموريسكيين والمسيحيين من منطقة لأخرى، ولكن مع مرور الزمن ازدادت الضغوط على المسلمين المتنصرين والتي أدت في النهاية الى طردهم من شبه جزيرة أيبيريا.
وشهدت الآونة الاخيرة في مرحلة ما قبل القطيعة النهائية عنفا شديدا من جانب محاكم التفتيش تجاه الأقلية الموريسكية، وصدرت عدة قوانين تميزية ضدهم منها تحريم لغتهم وفنونهم وملابسهم ومصادرة وهدم حماماتهم العربية والعديد من العادات والتقاليد الأصلية مثل الختان الاستحمام يوم الجمعة او غلق البواب والزواج يوم الجمعة، ووصل الأمر حدا من التعسف يصل الى معاقبة من يطهون الباذنجان أو الكسكس او تناول اللحوم يوم الجمعة او الاثنين أو الخميس.
غير أن الأمر الذي أدى إلى تعقيد موقف الموريسكيين أكثر وأكثر كان تزايد الغارات البحرية التركية من الناحية الشرقية على الأراضي الأسبانية مما أدى إلى فقدان ثقة الحكام الأسبان في الأقلية الموريسكيين خوفا من تعاطفهم مع ابناء ديانتهم الأتراك ضد وطنهم أسبانيا .
وانفصمت عرى التعايش والوجود المشترك بين الموريسكيين والمسلمين على أرض شبه جزيرة أيبريا تماما عام 1568 عندما اندلعت ثورة الموريسكيين المسلمة في غرناطة والتي تعرف بتمرد "البشارات" نسبة الى الحي العربي بالمدينة. وبلغ عدد المتمردين 30 ألف واستمرت المناوشات بين الفريقين ثلاثة أعوام ومع طول المدة ظهرت بؤر أخرى للصراع في مناطق متفرقة من أسبانيا ولكنها كانت أقل حدة وتم إخمادها بسرعة.
بصرف النظر عن مناخ عدم الثقة السائد بشأن هؤلاء المسلمين المتنصرين فإن وضع أسبانيا آنذاك كقوة عظمى عانت العديد من الهزائم المتتالية سواء في العالم الجديد –الأمريكتين – أو على يد البريطانيين الذين كانوا ينازعونهم السيادة على البحار، جعلها في حاجة إلى تحقيق انتصار معنوي أمام أعين حلفائها ولو كان ذلك على حساب أعداء الداخل فكان بذلك فصل الخطاب حيال القرار النهائي بطرد الموريسكيين.
استقر الموريسكيون بعد طردهم في شمال افريقيا وخاصة في المغرب وتونس والجزائر وكان لهذا تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي في أسبانيا، حيث فقدت البلاد ما يقرب من 20% من سكانها خاصة المنطقة الشرقية (إقليم بالنثيا) حيث أصبحت هناك مدن وقرى خالية بالكامل من أى سكان، كما تاثرت المحاصيل الزراعية ونظم الري التي أحسن الموريسكيون تنظيمها وانهارت تماما بعدهم.
خوان غويتيسولو
ويعتبر غويتيسولو أن هذه المرحلة "فصل أسود" في تاريخ أسبانيا مشيرا إلى أن الموقف الرسمي التاريخي والأكاديمي لطالما أبدى عدم إرتياح ازاء احياء ذكرى مثل هذه الحقائق التاريخية.
أما الأديب والمؤرخ مانويل فخاردو، فيرى أن هذه الذكرى يمكن أن تكون فرصة جيدة كي تتصالح أسبانيا مع ماضيها، معتبرا أن اللحظة مواتية لتحقيق هذه المصالحة خاصة مع وجود الحكومة الاشتراكية التي أطلقت عام 2004 مبادرة تحالف الحضارات التي تسعى لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات من خلال تجاوز الخلافات.
أما الأديب والمؤرخ مانويل فخاردو، فيرى أن هذه الذكرى يمكن أن تكون فرصة جيدة كي تتصالح أسبانيا مع ماضيها، معتبرا أن اللحظة مواتية لتحقيق هذه المصالحة خاصة مع وجود الحكومة الاشتراكية التي أطلقت عام 2004 مبادرة تحالف الحضارات التي تسعى لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات من خلال تجاوز الخلافات.