ولفت النحات السوري إلى أنه بعد سنوات من الحكم الدكتاتوري وحملات القمع العنيفة وفقدان الأصدقاء الذين قتلوا أو فقدوا أو سجنوا، يعدّ هذا العمل أحد أعمال الثورة والذاكرة، ويبغي من خلاله التذكير بتقاعس المجتمع الدولي عن إجرام الأنظمة الدكتاتورية سواء في سوريا أو أماكن أخرى.وأشار إلى أن عمله الجديد "هنا قلبي" تم عرضه في باريس وسيعرض أيضا في المتحف الوطني الكبير وهو واحد من بين العديد من منشآته الضخمة - بما في ذلك واحدة من البرونز - التي عُرضت لأول مرة هذا العام في فرنسا، مؤكداً أنه في مواجهة الكارثة التي تحدث في سوريا يشعر بالمسؤولية والواجب لأن يقوم بعمل للثورة وخاصة أن لديه الأدوات الفنية الجاهزة للتعبير عن نفسه
هنا قلبي
وحول عمله الفني أوضح "خالد ضوا" أنه بدأ به في عام 2018 عندما اجتاحت ميليشيات أسد الغوطة الشرقية، وبلغ طول المنحوتة ما يقرب من 6 أمتار وارتفاعها أكثر من مترين، حيث استخدم فيها البوليسترين والأرض والصمغ والخشب المغطى بالطين، وقام بتفصيل الدمار من الداخل والخارج "الأبواب المحطمة، والشرفات المتطايرة، وصولاً إلى الكراسي المقلوبة" كما يمكن من خلال العمل الفني رؤية الدراجات المحطمة وحطام حافلة وجثة طفل يرقد بجوار كرته إضافة لجثة امرأة عجوز.
من ناحيته ذكر الفيلسوف "غيوم دي فولكس" من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى والمؤلف المشارك لكتاب "التدمير في الأعمال" في مقال له عن الفن السوري المعاصر: أن هذا العمل فريد ومبتكر تماماً، مؤكداً أن العديد من الفنانين السوريين أظهروا أشياء مدمرة وجعلوها فنهم، حيث إن المشاهد تقود حتماً إلى تخيل اللحظة التي سينهار فيها كل شيء.
ذكريات محطمة
وكان الفنان خالد ضوا الذي تخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق من المشاركين في الاحتجاجات المناهضة لنظام أسد منذ بدايتها عام 2011، قبل أن ينضم إلى فنانين ونشطاء آخرين لإنشاء مركز ثقافي مستقل في دمشق، بدأه الممثل السوري فارس الحلو.
وأكد ضوا أنه على الرغم من ضغوط مخابرات الأسد فقد استمرت الدعوة في التظاهر والعمل في المركز لمدة ثلاث سنوات كما قام بعمل منحوتات تظهر الدمار والقتل الذي كانت تقوم به الميليشيات وشاركها على صفحته الشخصية في فيسبوك حيث فوجئ بالانتشار الواسع لها.
وفي عام 2013 أصيب بجروح خطيرة في الاستوديو الخاص به نتيجة إصابته بشظية جراء قصف أسدي على المنطقة، وبعد خروجه من المستشفى سُجن وقضى شهرين في عدة سجون مختلفة، ما أمكنه من رؤية عشرات المعتقلين يموتون أمامه، الأمر الذي أثّر فيه وأحزنه بشدة، وعقب الإفراج عنه أُجبر على الالتحاق بالجيش لكنه فرّ إلى لبنان ومنها إلى فرنسا في عام 2014 حيث مُنح صفة لاجئ.