يسجّل اليوم مرور 12 عامًا على انتفاضة الشعب السوري السلمية من أجل المطالبة بحقوقهم وكرامتهم مطالبين نظام الأسد باحترام حقوقهم غير القابلة للتصرف والكف عن انتهاك حقوق الإنسان. وقُتل منذ ذلك الحين قُرابة ربع مليون مدني سوري، ومعظمهم على يد نظام الأسد الذي ردّ مطالبات شعبه بفظائع ما تزال ترتكب حتى هذا اليوم. وولّد النزاع القائم بيئة حاضنة للإرهابيين وتجار المخدرات تمكنهم من استغلال الأوضاع الراهنة ومفاقمة تهديد الاستقرار الإقليمي.
وتأتي ذكرى هذه السنة بُعيد سلسلة من الزلازل المدمرة التي حصدت أرواح قرابة 10 آلاف سوري في سورية وخارج حدودها في تركيا، حيث بحث عدد كبير منهم عن ملجئٍ بعد الفرار من نظام الأسد. ونجدد دعوتنا في ضوء هذه الكارثة إلى جميع الأطراف في سورية إلى الامتثال إلى التزاماتهم التي تنص عليها اتفاقات وقف إطلاق النار والعمل من أجل تحقيق تهدئة مستدامة وإتاحة وصول منظمات المساعدة الإنسانية والمساعدات الإنسانية بدون عراقيل وفي جميع الطرائق ويشمل ذلك استمرار الإذن الذي مُنح لآلية مجلس الأمن التابع الأمم المتحدة العابرة للحدود ومعالجة الحاجة المتزايدة للمساعدة بعد مرور أكثر من عشرة سنوات من الحرب وسوء المعاملة. وقد أقرّينا العديد من الإعفاءات الطارئة على جزاءاتنا من أجل التصدي لهذه الأزمة الإنسانية ومن شأن هذه الإعفاءات أن تسهل توصيل المساعدات الإنسانية والإغاثات إلى المناطق المتضررة من الزلازل مع الحرص على منع استفادة نظام الأسد منها على حساب الشعب السوري.
وبينما نركّز على تلبية الاحتياجات الإنسانية الطارئة عقب الفاجعة التي أنتجتها الزلازل، نجدد التذكير بأهدافنا المشتركة المتمثلة في صياغة عملية سياسية تيسّرها الأمم المتحدة ويستهلّها السوريون تماشيًا مع القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من جهة وتحسين الوضع الميداني لملايين السوريين بطرقٍ شتى ويشمل ذلك وضع المشردين واللاجئين داخليًا من جهة أخرى. ونواصل التزامنا في دعم المجتمع المدني السوري ووضع حد لانتهاك حقوق الإنسان والإساءات التي تعرض إليها الشعب السوري بفعل نظام الأسد وغيره قبل وقتٍ طويل من حدوث الزلازل. وينبغي على المجتمع الدولي أن يتآزر من أجل محاسبة نظام الأسد وجميع مرتكبي الإساءات والانتهاكات والفظائع. ونرحّب بالجهود المستمرة التي تبذلها المحاكم الوطنية بغية التحقيق بالجرائم التي وقعت في سورية ومحاكمة مرتكبيها. ونطالب جميع الأطراف علاوة على ذلك بالإفراج عن أكثر من 155 ألف شخصًا ما يزالون حتى اليوم محتجزين تعسفيًا أو مفقودين في سورية أو قول الحقيقة بشأن مصيرهم ومكان وجودهم.
ولسنا في صدد تطبيع العلاقات مع نظام الأسد ولا تمويل إعادة إعمار ما دمّره هذا النظام خلال النزاع ولا رفع الجزاءات. ولن نقوم بالتطبيع ما لم يحرز تقدم حقيقي ومستدام في سبيل التوصل إلى حل سياسي وذلك من أجل مصلحة الشعب السوري. وبينما نحيي الذكرى الثانية عشرة لإشعال نظام الأسد فتيل هذا النزاع المروّع وتزامنًا مع مواجهتنا النزاعات في جميع أنحاء العالم، ينبغي أن تبقى محنة الشعب السوري في الطليعة. ونواصل مساندتنا الشعب السوري وندعم كل الدعم الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي مستدام تماشيًا مع القرار 2254 الصادر عن مجلس أمن الأمم المتحدة الذي يرتكز على العدالة والمحاسبة والذي يبقى الحل الوحيد من أجل إرساء السلام الدائم الذي يستحقه السوريون ويحتاجون إليه.