ويعول العلماء والخبراء على هذا النوع من أشكال الحياة الاصطناعية التي بَنَتْها أجهزة الكمبيوتر، والتي أختُلف على تصنيفها روبوتات أو كائنات حية أو شي آخر حي قابل للبرمجة، أن تستخدم بشكل فعال في العديد من المجالات مثل القطاع الصحي أو التخلص من القمامة المشعة أو تنظيف المحيطات.
أصل الحكاية
ظهرت روبوتات "زينوبوت" أول مرة عام 2020، وذلك بعد أن أعلن دوغلاس بلاكيستون عن تمكنه من بناء أول روبوت حي وفقاً لمخططات أُنشئت بواسطة برنامج الذكاء الاصطناعي (AI) الذي طوره سام كرينجمان.
ويبلغ عرض "زينوبوت" المصمم أقل من 1 ملليمتر (0.039 بوصة) ويتألف من شيئين فقط: خلايا الجلد وخلايا عضلة القلب، وكلاهما مشتق من الخلايا الجذعية التي حُصدت من أجنة الضفادع المبكرة (مرحلة الأريمة). وبينما توفر خلايا الجلد دعماً قوياً، تعمل خلايا القلب كمحركات صغيرة تتقلص وتتوسع لدفع الـ "زينوبوت" للأمام.
وتأخذ هذه الروبوتات الحية التي تتكون من قرابة 3000 خلية، شكل كرات صغيرة شبيهة بلعبة الثمانينيات الشهيرة Pac-Man، إذ لا تستطيع التحرك والسباحة ودفع الكرات والعمل في جماعات وحسب، بل يمكنها علاج نفسها والتكاثر ذاتياً في ظروف محددة ونادرة وبشكل مختلف عن التكاثر البيولوجي لأي حيوان أو نبات معروف للعلم.
كما ولدى هذه الروبوتات القدرة على كسب التعلم الذاتي وتغيير لونها بعد اكتسابها لخبرة ما، الأمر الذي يمكّنها حل متاهة صُممت مسبقاً والتحرك ضمن حدودها.
روبوت أم كائن حي؟)
تتطور الحياة على الأرض بيولوجياً منذ 4 مليارات سنة تقريباً، لكنها المرة الأولى التي يُصمم فيها كائن حي بالشراكة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، وليس من خلال الوسائل البيولوجية.
وفي سياق متصل، قال جوش بونجارد، أستاذ علوم الكمبيوتر والروبوتات: "يعتقد معظم الناس أن الروبوتات مصنوعة من معادن وخزف، لكن الأمر لا يتعلق بما يصنعه منه الإنسان بقدر ما يفعله". وأضاف: "وبهذه الطريقة يكون روبوت لكنه أيضًا كائن حي مصنوع من خلية ضفدع غير معدلة وراثيًا".
فيما قال أحد الباحثين: "إنها ليست روبوتات تقليدية ولا نوعاً معروفاً من الحيوانات. إنها فئة جديدة من القطع الأثرية، كائن حي قابل للبرمجة".
تجدر الإشارة إلى هذه الدراسة مُوّلت جزئياً من قبل وكالة المشاريع البحثية الدفاعية المتقدمة، وهي وكالة أمريكية فيدرالية تشرف على تطوير التكنولوجيا للاستخدام العسكري.
التطبيقات المحتملة.
نظراً لأن أسراب من هذه الروبوتات تميل إلى العمل معاً لدفع الكريات المجهرية في طبقها إلى أكوام مركزية، تكهن الخبراء بأن روبوتات "زينوبوت" في المستقبل قد تكون قادرة على فعل الشيء نفسه مع المواد البلاستيكية الدقيقة في المحيط، من خلال العثور على قطع صغيرة من البلاستيك وتجميعها في كرة بلاستيكية كبيرة يمكن أن يجمعها قارب تقليدي أو طائرة بدون طيار وإحضارها إلى مركز إعادة التدوير.
وعلى عكس التقنيات التقليدية، لا تتسبب روبوتات "زينوبوت" بأي تلوث إضافي في البيئة التي تعمل بها، وذلك لكونها مصنوعة من خلايا قابلة للتحلل مأخوذة من خلايا. كما ويمكنها البقاء على قيد الحياة لأسابيع بدون طعام، فضلاً عن قدرتها لشفاء أجسامها وإصلاح التمزقات.
فيما يُتوقع أن تقدم إسهامات كبيرة وحقيقية في التطبيقات السريرية المستقبلية، مثل توصيل الأدوية المستهدفة، حيث يمكن تصنيع "زينوبوت" من الخلايا الجذعية للمريض، ما سيمكنها من تجاوز تحديات الاستجابة المناعية للأنواع الأخرى من أنظمة توصيل الروبوتات الدقيقة، الأمر الذي سيسهل تحديد موقع المرض وعلاجه.
وبالنسبة للقلق الذي يصاحب مسألة تكاثرها ذاتياً، قال الباحثون إن هذه النوع من الروبوتات الحية التي صٌممت بشكل كامل في المختبر يمكن إخمادها بسهولة، لأنها قابلة للتحلل البيولوجي وينظمها خبراء الأخلاقيات.