نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


أطباء يمنيون يعالجون مجانا من أدركته حرفة الأدب




صنعاء - رويدا السالم : يقال فلان أدركتة حرفة الادب ، و لكن لا يُعرف كيف لفلان هذا ان يدفع مصاريف المدارس لأبنائه أو تكاليف الخدمات الطبية في- حال الحاجة- لنفسه و لاسرته مما يتكسبه من تلك الحرفة الجميلة ، في اليمن السعيد هناك من سأل السؤال و كانت الاجابة بمجهودات فردية من أطباء يمنين أخذوا المبادرة بتقديم العلاج المجاني لمن أصابته حرفة الأدب


أطباء يمنيون يعالجون مجانا من أدركته حرفة الأدب
كيف تكون إيجابياً في إيجاد حلول مناسبة لمشاكل المجتمع المتعددة و المتنوعة ؟ هذا السؤال أرق أهالي اليمن بعد الوحدة، فخرجت بعض التجارب الخلاقة و المتميزة نستعرض منها تجربة إقامة عيادات مجانية لعلاج المبدعين و هي عيادات انتشرت على مساحة اليمن و في أغلب المحافظات و من تلك العيادات : عيادة صنعاء التي افتتحها الطبيب نزار عيسى وعدد من زملاءه عام 1992م وعيادة عدن و قد اقامها حسين الكاف عام 1993م و عيادة الشحر بجهود عبدالقادر رويشد عام 1993م و عيادة ذمار و اقامها عبده الحاج وكذلك في محافضة اب على يد الطبيب عبدالواسع العريقي .
عيادة صنعاء التي قادها الطبيب نزار ، ما تزال حتى يومنا تفتح أبوابها للمبدعين و اسرهم ممن يحتاج الرعاية الطبية ، صحيفة الهدهد الدولية استقرأت الدوافع وراء تلك الجهود دعت الدكتور نزار و صحبة بمواصلة كل هذا البذل المجاني من أجل الآخرين ، و هو الطبيب المتخصص في أمراض المهنة و الذي يدعو الى استكشاف المزيد و المزيد من أسرار العلاقة الجدلية بين عافية الانسان و المهنة التي يحترفها و هو يعتقد ان الابدع ايضا قد يؤدي بصاحبه الى أمراض مرتبطة بالمهنة ، مثل أوجاع الرقبة او الكتف من جراء حمل آلة العود او آلة موسيقية اخرى بطريقة معينة و لأوقات طويلة ، كما ان الرسغ أيضا قد يشكو من الألم لحركتة المتواصة على الأوتار اذا كان المبدع يحترف الموسيقى ، أو من الإمساك بالقلم اذا كان المبدع كاتباً و يشير الدكتور نزار الى بدايات هذا العلم الى العالم سيلر الذي اكتشف بردية فرعونية تعود الى 1500 قبل الميلاد تشير الى أثر العزف المزمن للعازفين على الالات الموسيقية الضخمة و تسبب في تشوهات العمود الفقري تلك المعلومة التي دائما ما يُؤرخ للامراض المهنية في الكتب بها .
لكن الدكتور نزار لا ينكر انه وجد في عيادة المبدعين مصلحة ذاتية وهو الاحساس بالاشباع النفسي من خلال تحقيق الذات عبر العطاء دون مقابل مادي و تأكيد الإنتماء للمجتمع ، و الذي لم يعلنه الدكتور نزار في مقالاته في الصحف المحلية اليمنية ، هو هوايته الخاصه التي تربطه بعالم الموسيقى ، ليس كمستمع فحسب و لكن كعازف عود يقترب من الاحتراف كما انه يهوى الغناء و صاحب صوت مدرب على الطرب الأصيل مثل أغناي أم كلثوم و عبدالحليم حافظ و فريد الأطرش ، و غالباً ما يستضيف د نزار ضيوفة من محبي الطرب في شقتة الواقعة ضمن السكن الجامعي لجامعة صنعاء ، كثيرا ما استضاف عشاق الأدب و الفن على جلسات المقيل التي يعشقها اليمنيون مع حضور نبات القات الشهير و الذي لا جلسات للمقيل في اليمن الا بحضوره ، و كذا مقيل الدكتور نزار الذي يعد الجلسات للمبدعين بتحضير اعواد القات الخضراء و كؤوس شراب الكركديه المنعش ، و بهذا يتواصل الطبيب المبدع من خلال شغفه الخاص بالغناء اليماني ، فيتواصل مع من أدركتهم حرفة الأدب من خلال المقيل للتتواصل الروح المبدعة أولا ثم في عيادتة الخاصة المفتوحة لهم و لأسرهم لتقديم خدمات طب الأسرة و المجتمع الذي يدرسه الدكتور نزار كأكاديمي في كلية الطب بجامعة صنعاء التي صار له فيها حتى الآن ستة عشر عاما من البحث عن المبدع الذي ينبري الى الاضطلاع بدور المثقف العضوي المنتمي لمجتمعه و هي أفكار حركها الاطلاع على كتابات الايطالي اليساري انطونيو جرامشي -على حد قوله - و مما زاد من الحرص على الاستمرار في هذا طرح تلك المبادرة هو استغاثات الأدباء و الفنانين المنشورة عبلى الصحف و التي تهيب بالقيادة السياسية بتوفير علاج مجاني لهذا الأديب او ذاك ، و يري صاحب مبادرة العيادة المجانية للمبدعين في صنعاء ان هذا الطلب يشبه الحسنة تجود بها الدوله للمبدعين بها بينما هي غير قادرة على تأمين حقوق الملكية الفكرية لأبنائها المبدعين و الذين كانوا و ما زالوا هدفا يسيرا لقراصنة النشر في بيروت.
و يصر الطبيب نزار الدارس للطب الوقائي ان الصحة ليست مجرد الخلو المرحلي من المرض بل هي العافية المستدامة و التصالح مع النفس و التوافق السلوكي مع الآخرين و القدرة علي الحب و العمل بلغة الموسيقى والهارمونية . و مثل هذه الحالة يجب ان تتوفر لها خدمات مؤسسية تخصصية دائمة تعود ملكيتها الى الشريحة نفسها و التي يجب ان تسهم و لو رمزيا في تمويل ممتلكاتها، و بما ان مثل تلك المؤسسات لم تتوفر بعد من الحكومات فلا بأس في يوفرها الأفراد القادرون على العطاء ، كلا بحسب إمكانية ، و هذا بالتحديد ما يقدمة د نزار في عيادتة المتفردة .
و يفسر الطبيب نظريتة في هذا المجال في احد مقالاته بأنه "لا يمكن أن نصل بالمبدع الى حال أفضل ما لم ندرك أساسا خصوصية نفسيته النابعة من نمط الشخصية المبدعة و التي قد لا تخلو من قلق وجودي مزمن يكابد فيه المبدع ما يكابد. ان الطب الوقائي يعمل على تحييد العوامل المؤدية الى المرض على المدى الطويل ناهيك عن القصير و يلتفت الى أفراد أسرة المبدع من خلال علم طب الأسرة و يعي أن الأنا الفنانة جزء أساسي في التعالقات النفسية و التجاذبات الاجتماعية التي يعيشها المبدع"


أطباء يمنيون يعالجون مجانا من أدركته حرفة الأدب
و لا بأس أن نستعرض هذا كيف يرى المبدعون تلك التجربة التي انبرى لها الدكتور نزار غير آبه للانتقادات التي رأت ان فتح العيادات المجانية للاجئين الصومالين خير و ابقى من عيادة الابداع هذه و فيما يلي مقتطفات تبين تناول أحد شعراء اليمن لعيادتهم المجانية ، فالشاعر و الصيدلاني محمد الشقاع يوضح رؤيتة عبر القصيدة التالية :
في نشرة الأخبار
نزار .... يفتح عيادة لشفائنا مزار
لكن هناك من لا يملك الدثار
من لا يجد لقمة لأخيه أو لأبيه أو لأفواه الصغار
هناك من يجري من شارع لشارع بلا ازار
من يحتسي كوب الغبار
و من يموت دون قبر دون أهل دونما زوار
يجيئون من شعوب من عدن و يطلعون من ذمار
تلقاهم أمامك في ساحة المنزل أو قاعة انتظار
تلمحهم امامك في شاشة التلفاز او سيارة الايجار
جلهم و كلهم دونما شفاء
دونما كساء ... دونما سماء
دونما نجوم تسعد السمار
قد يأتون يا صديقي دونما اشعار
دون ان يعرفوا ان وجهك الحبيب و الطبيب
يشفي الوزراء و الأعيان و الأخيار
نزار استمر حتى تجد كل البلاد طبيبها المختار
و اذكرني ان جئت يوما زائرا لا يملك الدينار

و أخير لا بد من الإشارة الى ان الدكتو نزار غانم يطالب اليوم بأن تلفت له الأنظار الرسمية و الأهلية و هو يعلن مطالبته بالتكريم قائلاً "ان على الناس ان يكرموني فورا قبل ان يحاكمني الأطباء و الأدباء معا ذات يوم لأنني سبحت عكس التيار"

الصورة (1) د. نزار غانم في احدى محاضراته
الصورة (2) د. نزار غانم مختضناً آلة العود

صنعاء - رويدا السالم
الثلاثاء 31 مارس 2009