هل تتذكر حبكة الفيلم؟ كان كووب، الشخصية التي لعبها ليوناردو ديكابريو، لصاً موهوباً للغاية. ومع ذلك فإن الأماكن التي كان يستهدفها ويسرق منها لم تكن مصرفاً أو متحفاً، بل كان يستهدف المعلومات في العقل الباطن للناس خلال لحظة الحلم، عندما يكون العقل في أضعف حالاته. لكن ما برع به كووب هذه المرة كان زراعة فكرة جديدة وتغيير الأفكار بدلاً من سرقتها.
كيف أصبح انسبشن حقيقة واقعة؟
أشارت دراسة أعدها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى إمكانية هندسة الأحلام، ولفتت إلى أن الجهاز الذي صممته قادر على اختراق الأحلام والتواصل مع النائمين. وبهذا يكون فيلم "انسبشن"خرج من تصنيف أفلام الخيال العلمي ودخل تصنيف أفلام الأكشن شبه الحقيقية.
فقد ألهمت هذه الدراسة المزاعم التي ادّعاها 3 باحثين من جامعات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعتي هارفارد ومونتريال في وقت سابق مما اعتبروه "انتهاكاً للأحلام". ومع ذلك، فإن دراسة ماساتشوستس تبحث في كيفية تأثير الحلم على التعلم، إذ تُجرى لفهم الكوابيس الناتجة عن اضطراب ما بعد الصدمة ومعالجتها بشكل أفضل، وفقاً للبيانات الرسمية التي عرضتها الدراسة.
وقد طور عالمان من العلماء الثلاثة جهازاً مصمماً للتواصل مع الأشخاص النائمين واختراق أحلامهم، ما يعني أن العملية ممكنة.
وفي تقرير نُشر في فبراير/شباط 2021، ادّعى العلماء أنهم تمكنوا من مشاركة محادثة ثنائية الاتجاه مع شخص في خضم حلم واضح. فقد كان النائم يسمع إشارات صوتية من المختبر، ثم يستجيب بحركات عين محددة، حتى يحل مجاميع حسابية بسيطة. يردد هذا صدى كيفية استخدام فريق كوب للإشارات الموسيقية للإشارة إلى ركلات الاستيقاظ الواردة في فيلم انسبشن
هندسة الأحلام.. السوق الجديد لعالم التسوي
النقطة اللافتة للنظر هي اهتمام شركات التسويق بهندسة الأحلام. ووفقاً العلماء الـ 3 الذي أعدوا الدراسة: "تختبر الدراسات التسويقية المتعددة علانية طرقاً جديدة لتعديل سلوك الشراء وتحفيزه من خلال اختراق النوم والأحلام".
ويشير العلماء إلى إن الشركات تختبر بشكل مفتوح طرقاً جديدة لتغيير سلوك الشراء ودفعه من خلال اختراق النوم ومحتوى الأحلام. بمعنى آخر، فإن عرض المحفزات قبل النوم أو أثناءه للتأثير على محتوى الحلم يتحول إلى استخدام تجاري وموجه للربح.
التفاصيل حول كيفية القيام بذلك ليست واضحة بعد. ومع ذلك، فإن اهتمام شركات التسويق بـ"هندسة الأحلام" مثير للقلق. فبحسب استبيان حديث يخطط 77% من محترفي التسويق إلى التربح على مدار الأعوام الثلاثة القادمة، عن طريق إدخال الإعلانات إلى أحلام المستهلكين، في محاولة إلى رفع سقف الأرباح إلى أبعد ما يمكن.
قرصنة الأحلام
ستستمر الأفلام في كونها أقوى نبوءات التكنولوجيا، فلم يكن أحد يتوقع أن يتحول فلم "انسبشن" إلى حقيقة واقعية بعد أقل من 11 سنة من عرضه، ولم يستطع أحد توقُّع أن تستجد مهنة جديدة يطلق عليها "قرصنة الأحلام". والتي تُستخدم اليوم لأغراض تجارية وتسويقية، وربما تستخدم غداً لأغراض أكثر خطورة.
ويقول مؤلفو الدراسة إنه من المهم التصرف قبل فوات الأوان، لأنه في حين أن "حضانة الأحلام" لها استخدامات عملية مثل علاج اضطراب ما بعد الصدمة، إلا أنها مسألة وقت فقط قبل أن تصنع شركات التكنولوجيا الساعات الرقمية والأجهزة القابلة للارتداء، بالإضافة للتطبيقات وغيرها من التقنيات التي تراقب نومنا تبدأ في بيع تلك البيانات من أجل التربح أو استخدم تلك الأدوات لاختراق أحلامنا أثناء نومنا.
وقدم العلماء دليلاً على نظريتهم متمثلاً في الحملة الإعلانية لبيرة "مولسون كورس" التي صاحبت البطولة السنوية للرابطة الوطنية لكرة القدم في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2021، ووعدت بتقديم بيرة مجانية مقابل المشاركة في دراسة "حضانة الأحلام". لتطور الظاهرة بشكل أسرع بكثير بعد الحملة الإعلانية، ما دفع العلماء الثلاثة إلى كتابة رسالة مفتوحة انتقدوا فيها بشدة أصحاب الدعاية والإعلان، ودعوا لسن لوائح قانونية إعلانية جديدة في الولايات المتحدة. فيما وقع على الوثيقة أربعون عالماً مطالبين بتحديد القواعد ضد الرسائل اللاشعورية في الإعلانات لحظر اختراق الأحلام.