.
علاقة سرية بين ويلسون وجهاز ام اي فايف
وأظهرت الملفات أن ويلسون، المعروف بتوجهاته العمالية، كان يعقد اجتماعات منتظمة في مقر رئاسة الوزراء مع كبار مسؤولي ام اي فايف لمتابعة تقارير استخبارية بشأن قضايا داخلية، أبرزها إضراب الاتحاد الوطني للبحارة وهو الآن جزء من ار ام تي وبينما طالبت النقابة بخفض ساعات العمل الأسبوعية إلى 40 ساعة، كشفت الوثائق عن تورط الاستخبارات في التجسس على أعضاء النقابة من خلال مخبرين وتنصت على المكالمات الهاتفية، دون اعتراض من ويلسون.
وتظهر الوثائق أن جهاز ام اي فايفبالغ في تقدير دور الحزب الشيوعي البريطاني في قيادة الإضرابات. وأشارت التقارير إلى أن ويلسون كان يعتقد وجود “مجموعة منظمة ذات دوافع سياسية” تسعى لتوجيه التحركات العمالية. ومع ذلك، أكدت الملفات أن نفوذ الشيوعيين داخل النقابات كان محدودًا ويتراجع تدريجيًّا، وهو ما أثار قلق جهاز الاستخبارات من فقدان مصادر المعلومات.
معارضة ام اي فايف للتحقيقات الحكومية
وعارض جهاز ام اي فايف بشدة إجراء أي تحقيق حكومي في إضراب البحارة؛ خشية كشف أساليبه الاستخبارية التي تضمنت تنصتًا ومصادر بشرية. وذكرت تقارير أن الجهاز كان يخشى أن يؤدي التحقيق إلى إثارة موجة من “المكارثية” داخل بريطانيا، أي توجيه تهم التآمر والخيانة دون الاهتمام بالأدلة.
وكشفت الملفات أيضًا عن تدخل ام اي فايففي قرارات سياسية، من بينها منع تعيين المحامي الحقوقي نيل ماكديرموت في منصب المستشار القانوني العام بسبب خلفية زوجته التي عاشت لفترة في الاتحاد السوفييتي. ورغم نفي ماكديرموت وزوجته أي ارتباط بالحزب الشيوعي، اعتبر (MI5) هذا الارتباط تهديدًا أمنيًّا.
التجسس على النقابات خلال الحرب الباردة
واستمرت (MI5) في مراقبة النقابات العمالية طوال الحرب الباردة. ومن بين الشخصيات المستهدفة كان قادة الإضراب الشهير لعمال المناجم في الثمانينيات، إذ استخدمت أجهزة الاستخبارات أساليب متنوعة، ويشمل ذلك التنصت على المكالمات. ووصفت رئيسة (MI5) السابقة، ستيلا ريمينغتون، هذه الإجراءات بأنها ضرورة لمواجهة ما اعتبرته حكومة مارغريت تاتشر “عدوًّا داخليًّا”.
ولم يقتصر نشاط ام اي فايفعلى النقابات، بل امتد إلى الحركات السلمية مثل حملة نزع السلاح النووي، حيث وصفت الوثائق بعض أعضائها بأنهم يسعون لتشويه صورة الدولة عبر تسريب معلومات حساسة.
رسالة تفضح المستور!
وفي رسالة تعود لعام 1988، أكد نيل ماكديرموت أن ام اي فايف كان وراء عرقلة ترقيته، مشيرًا إلى أن زوجته عملت مع المقاومة الإيطالية خلال الحرب العالمية الثانية لمساعدة أسرى الحرب، ومنهم روسيون، دون أي انتماء للحزب الشيوعي.
وتكشف هذه الوثائق عن فترة اتسمت بالقلق من تغلغل الشيوعية داخل مؤسسات الدولة البريطانية، واستخدام الاستخبارات كأداة لتعزيز الأمن القومي. وفي ظل هذه الأحداث، تبرز العلاقات المعقدة بين الحكومة والنقابات، مع شكوك متبادلة وصراعات سياسية لم تقتصر على العلن.
المصدر: