صاحب عزازيل الدكتور يوسف زيدان في حوار خاص بصحيفة الهدهد الدولية - حاورته زينة أحمد
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
@حين يحول رجل الدين نفسه الى ناقد تضرب الفوضى أطنابها في المجتمع
@لن اكف عن البحث والكتابة وعلي اصحاب الاحكام الجزافية ان يقرأوا اولا
@عزازيل ليست مخطوطة وتصرفات الجهلاء صرفت القارئ عن لغتها ومضمونها
@ثقافتنا المعاصرة تحولت الي ساحة للاتهامات السابقة التجهيز
@ننتظر من الاخرين تقديم تصورات عنا وثقافة الاخر اكثر وعيا منا بثقافتنا
@الصراع بين الدين والفلسفة لم يحتدم بعد لاننا نتناوله بشكل مرضي
@آفتنا في استخدام الدين لادانة الواقع والمؤسسة الدينية ليس معادلا موضوعيا للاراء المتشددة
-------------------------------
حينما كتب د.يوسف زيدان روايته الشهيرة "عزازيل " وصفته الاوساط الثقافية العربية كالسائر في حقل الالغام لانه اخترق جدران الاديرة ودخل الي حياة الرهبان فكتب عنها سابرا اغوارها وهذا ما ازعج البعض واصفين ان الرواية قد اساءت الي المسيحية و تجاوزت الخطوط الحمراء لتناولها لشخصيات حقيقية ربما تصل الي مصاف القديسين في فترة هامة من التاريخ القبطي في مصر وابان فوزها بجائزة البوكر العربية اثارت ردود افعال غاضبة من المحسوبين علي الديانة القبطية في مصر الي حد اتهام صاحبها باقتباس فكرة الرواية من شخصية "هيباتيا" للكاتب الانجليزي تشارلز كنجزلي بل ذهب البعض في اتهامها بالسير علي منحي دان براون في شفرة دافنشي بيد ان الرواية جاءت من وجهة النظر المعتدلة ضد العنف لا ضد ديانة اومعتقد ديني وتحتفي بالانسان المختفي خلف ركام المعتقدات والاوهام التاريخية وهذا ما دفع كاتبها الي التزام الصمت مؤخرا مشيرا الي ان الباحث في التاريخ لاينبغي ان يلتفت الي ما يعيق مسيرته في محاولاته لاستنارة المناطق المظلمة في تاريخ الانسانية .. حول مضمون الرواية وما اثير حولها من جدل وصخب توجهنا الي عاشق التراث والباحث الاكاديمي الكاتب د. يوسف زيدان مدير متحف المخطوطات بمكتبة الاسكندرية و كان الحوار تاليه :
*حين كتبت عزازيل هل دار بخلدك ان تثار حولها تلك الضجة وتوجه اليك اصابع الاتهام من جانب بعض رجال الدين المسيحي الذين وصفوك بتأصيل التعصب ضد المسيحية.. وكيف تصرفت تجاه الامر ؟
في البداية كانت تلك الاحاديث والاتهامات تثير استيائي وغضبي بيد انني الان التزمت الصمت لان ما يحدث كلام مبهم وغير واضح، فحين تصديت قبل عشرين عاما لمافيا المخطوطات كنت علي ثقة انني اقتحم حقل الغام وتعرضت لتهديدات وبالتالي اذا كنا سنتحرك والخوف يحوطنا فكيف نفكر؟ كما اننا لانستطيع ان نكف عن العمل من جراء مواجهات او مشكلات تتعلق برصد التاريخ او كشف حقائق وفي فترة سابقة قبل صدور الرواية كانت هناك مماحكات ومشكلات بيني وبين اليهود بسبب تعرضي لمشكلة برتوكولات حكماء صهيون ولم ولن اكف عن البحث والكتابة، والمشكلة تتلخص في ان كثير من الناس لايعطون انفسهم فرصة للحكم الصائب علي العمل فهم يحكمون قبل ان يقرأوا العمل ويطلقون توهماتهم قبل ان يتناولوه بموضوعية ونحن لايجب ان نلتفت الي هؤلاء الصاخبين وهم قلة قليلة من الناس في مقابل اصحاب الآراء المعتدلة ممن يحسنون قراءة النص بين ايديهم ولا يبادروا باطلاق الاحكام الجزافية والمضحكة مثلما حدث من اطلاق لاحكام مرسلة علي رواية عزازيل حيث تحدثوا عن شيئ اخر غير المكتوب كأن يصفوا العمل باعتباره هجوما علي المسيحية في حين ان كثير من آباء الكنائس في العالم اكدوا ان الرواية تنتصر للمحبة والمسيحية هي ديانة المحبةوللاسف بعض الناس تستغل الساحة الاعلامية لكي تصخب وتضمن لنفسها وجودا علي الساحة علي حساب الاعمال الجادة .
*في عزازيل حاولت ان تنفض الغبار عن التاريخ القبطي في مصر هل بالفعل هذا الجزء من التاريخ منسيا ؟
هذا ما اقوم به منذ يومي الاول في البحث التراثي واول كتاب قمت بنشره حين كنت في بداية العشرينيات من عمري هو"المقدمة في التصوف"وكشفت فيه عن مخطوطة وحيدة في العالم قطعت منها ورقة وخوفا علي ضياع النص نشرته لاستبقيه للتاريخ ثم كانت دراساتي في التصوف وتاريخ العلوم العربية نوعا من الاهتمام بذلك التاريخ المنسي فضلا عن ان المخطوطات المطوية كانت موضوعا لكثير من المؤتمرات التي عقدت بمكتبة الاسكندرية بهدف القاء الضوء علي النصوص المهملة او المطوية في ثقافتنا وما فعلته في عزازيل كان استمرارا لهذا الخط علي صعيد الوعي بالتاريخ.
*اذن بما تفسر الهجوم الكاسح علي الرواية قبل وبعد فوزها بجائزة البوكر العربية؟
المشكلة ان هناك من ينصبون انفسهم رقباء علي افعال ونتاجات الاخرين دون النظر الي اهمية التخصص في النقد والسؤال اذا كانت كل جماعة ستأخذ علي عاتقها فترة زمنية وتمنع الاخرين من اقتحامها فمتي نستطيع الكتابة عن التاريخ وفهمه؟ و هل انتقد العقل الاسلامي المستشرقين في دراستهم للمرحلة العربية بآدابها وعلومها حتي نهاجم نحن بعضنا البعض دون برهان او بينة ،والغريب في الامر اننا لم نعترض علي الاخر الاوروبي حين تناول اعمالنا وهذه عقد تاريخية موروثة لكنها تؤدي علي صعيد الواقع الفعلي الي مشكلات ذهنية لاحصر لها تعيق الجماعة العربية المعاصرة من ان تفهم ذاتها وبالتالي ننتظر دائما من الاخرين تقديم تصورات عننا نحن وبالتالي فالتراث العربي يدرس بأوروبا ونخن نستقي منهم الصورة الذهنية عنا الامر الذي يفسر ان الخلل فينا، فنحن اولي ان ننظر في تاريخنا ونفهمه ولانعير من يهاجمون جهودنا حتي لا يتسبب ذلك في ارباك اذهاننا علي صعيد الوعي بالتاريخ وفي ذات السياق هناك دائما ميل الي الاتهام في واقعنا المعاصر فيصبح من يقوم بأي عمل او بحث جاد متهم ونبحث له عن اتهام مناسب وهو مطالب بالدفاع عن نفسه وهذا ما مررت به منذ قمت بتحقيق اضخم كتاب في التراث العربي وهو" الشامل في الصناعة الطبية "الذي صدر عن المجمع الثقافي بابو ظبي في 30 جزء ونلت عنه جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وعقب هذا اتهمت بالاساءة الي التراث العربي الاسلامي اعتمادا علي كلام مقتطع من سياقات معينة املا بالرد علي الاتهام ولم اقع في هذا الشرك ايمانا ان كل انسان له الحق في التفكير فيما يريد ولست مطالبا بالرد علي هذه التوهمات.
*ما رايك فيما اثير حول احقيتك في الفوز بالجائزة لاسيما وان الجائزة منحت للعام الثاني علي التوالي لمبدع مصري فيما اكدت اراء مختلفة ان عزازيل كانت الاكثر طبيعية من رواية "الجوع" للكاتب محمد البساطي؟
لجنة التحكيم لجائزة البوكر فوق مستوي الشبهات وتضم نقاد ادب مرموقين من اوروبا والبلاد العربية المختلفة ومشهود لهم بالنزاهة لكن ربما ان كاتبا صحفيا يرتبط بصلة قرابة باحد المرشحين او بينهما صلة قرابة او نسب هو من نشر ذلك والامر لايقتضي ان ننشغل بالرد عليه وعندما يثير شخص واحد تلك الفقاقيع والاراء الجزافية فعليه ان يحتفظ بها لنفسه.
*اعتبر بعض رجال الدين ان رواية عزازيل ترسخ لمفهوم العنف ضد الديانة المسيحية فيما وصفت تدخلهم بالفوضي وليس غيرة علي الدين!! ؟
لا نستطيع ان نسلم ونعطي كل وجوه الانشطة والفاعليات والانتاج الانساني في المجتمع الي رجال الدين وهذا الرجل المنوط به هداية الناس يتحول فجأة الي ناقد ادبي مخلا بعمله بما يحول المجتمع الي فوضي لان هذا يفسح المجال للكثيرين بالتعدي علي اختصاص غيرهم مصدرين احكاما غريبة ومضحكة في حين ان القارئ المتذوق لايري ذلك والمشكلة ان رجل الدين يريد ان يلزم الناقد والكاتب والقاري بوجهه نظره فأين تلك الغيرة علي الدين !! ناهيك عن ان تلك الغيرة لابد وان يصاحبها موضوعية كاملة واحكام صائبة لان الطتاب تناول قضية حساسة تتصل بالديانة المسيحية وكان من المفروض ان تناقش وتقرأ بذات الحساسية والاهتمام اللذان كتبت بهما.
*هل تري ان الخطاب الديني الحالي يتعارض مع الابداع .وهل من المسموح ان تقوم المؤسسة الدينية بدور الناقد والرقيب علي الادب ؟
المؤسسة الدينية لايمكن النظر اليها باعتبارها المعادل الموضوعي للاراء المتشددة الناجمة عن ازمة عامة تتجلي في استخدام الدين لادانة الواقع وتبقي تلك المؤسسة غير مسئولة عن هذا فهناك الدين متمثلا في النصوص ثم هناك التدين من خلال التجارب المتتالية عبر تاريخ الجماعة مكونا التراث الديني ثم المؤسسة الدينية الحالية بكافة اطيافها من معتدلين ومستنيرين ومتشددين وهم فئة لايمكن ان نحكم من خلالها علي الدين عامة وهي آراء علي هامش المؤسسة الدينية التي تمثل تطورا للموروث الديني لكن المشكلة ان المتشدد يطرح نفسه باعتباره كل ذلك بل هو المتحدث باسم الاله بما يفتح بابا للعنف واتخاذ اجراءات متشددة ضد من يراهم زنادقة او كفره ومخالفين علي اعتبار انهم ليس عليهم ان يفكروا وان يقبلوا المطروح قبولا تاما .
*من يكتب التاريخ عليه الا ينظر الي العاقبة ما مدي اتفاقك مع تلك المقولة عندما كتبت عن شخوص حقيقية.. الم ينتابك توجسا من ردود الافعال لاسيما وانت تقتحم تاريخا مسكوتا عنه يتصل بالعقيدة المسيحية ؟
في البداية عندما بدأت الاعتراضات علي الرواية كنت اخذها علي محمل الجد ثم ايقنت بعدها انها كانت بمثابة تسلية او اشغال للرأي العام او اثبات حضور وتأكدت ان تلك الامور لايجب ان تعيق عملي وهو الكتابة وليس الرد علي الاتهامات الجاهزة ومن ثم توقفت علي مناقشة الامور السخيفة لانها امور تبعد الانسان عن ذاته ولايستفيد منها القارئ بل احيانا يصدق ما يبث اليه ليمنعه عن التعامل مع النص الادبي لكن لحسن الحظ ان القارئ العربي كان اكثر وعيا وتعامل مع الرواية عبر الانترنت والطبعات التي صدرت في 8 طبعات" ولاقت الرواية ردود افعال ايجابية مما اخفق محاولات الضجيج حول الرواية.
*وهل تعامل النقد بموضوعية مع الرواية ؟
تأخر النقاد قليلا ربما بسبب الجدل الذي صاحب صدور وفوز الرواية او ربما احتاج النقاد وقتا للتعرف علي النص او انشغال النقاد بأعمال اخري بما اعطي الفرصة لان يعلو ضجيج المقحمون علي الساحة وفي نهاية العام الماضي تناولت الرواية دراسات محترمة وناقشتها مناقشات جادة وهناك 3 رسائل جامعية تقوم بدراسة عزازيل واراها تصحيحا لذلك المسار الذي حاول البعض ان ياخذوا الرواية بعيدا عنه.
*اتهمك الانبا بيشوي سكرتير المجمع القبطي باقحام الجنس في الرواية ..ماردك؟
لايوجد قارئ واحد علق هذا التعليق والغريب ان الانبا قال انه لم يقرأ الخمسين صفحة التي تتحدث عن الجنس لان احد اصدقائه ابلغه بها اذن هذا موقف كوميدي والغريب ان الاعلام في مصر اخذ الامر علي محمل الجد وطلب مني الرد عليه ورفضت فسارع البعض بتناقل الامر .
*مسالة انسنة الانبياء في الاعمال الادبية هل تمثل خطورة علي العمل وهل بالضرورة ان تثير الرواية جدلا او تناقش المحظورات لتحصد الشهرة ؟
لايوجد في عزازيل تعرضا لشخصية المسيح من باب الانسنة او الالوهية لكن الرواية تعرضت للاجتهادات الفكرية الكنسية التي تمت في القرن الخامس الهجري بعد قرون طويلة من ظهور السيد المسيح ، وما يمكن ان نعتبره مختلفا في عزازيل لا علاقة له بالمحازير او المحظورات بل هي توجه الانظار الي منطقة تاريخية منسية فضلا عن رقي اللغة المكتوبة بها وهذا رأي المتخصصين واي تناول بعيدا عن ذلك يتحدث من خارج النص.
*هل تعتبر ان الجدل الذي اثير حول الرواية ابعدها عن اللغة اهم عناصرها؟
الرواية نالت جائزة البوكر عن اللغة وجاء في اجماع اراء لجنة التحكيم ان العمل قائم علي الثراء الداخلي واللغة المكتوبة بها وما عدا ذلك لاقيمة له سوي حكم النقاد اصحاب الرؤي الجادة ومن قبلهم جمهور القراء الذين لا مصلحة لديهم في الهجوم علي عمل يفيدهم ويضيف الي مخزونهم الفكري ويقدم لهم ما لم يعرفونه عن التاريخ ويكفي ان الرواية نالت في استفتاء اجرته جائزة البوكر علي الانترنت علي 47% من مجموع الاراء ضمن 6 اعمال مقدمة الي الجائزة.
*تناقلت الاوساط الثقافية المصرية ان الهجوم الكاسح بعد فوز الرواية كان بسبب استعدادك لاصدار كتاب اللاهوت العربي هل هذا صحيح؟
يأتي ذلك في اطار الاحكام سابقة التجهيز فكيف يتم الحكم علي عمل قبل ان يري النور؟ هؤلاء اشخاص معينون ويهاجمون الكتاب اعتمادا علي محاضرة القيتها منذ عدة شهور وكانهم يقومون بضربة استباقيه قبل نشر الكتاب الذي لااتوقع صدوره قبل منتصف الصيف القادم .
*وهل تعتبر اللاهوت العربي مخاطرة بعد عزازيل لاسيما والكتاب يناقش فكرة نبذ العنف عبر التاريخ؟
لاانظر الي الامر هكذا لكني اجتهد براي الذي يحتمل الخظا والصواب لكني في النهاية اقدم باخلاص رؤية تطرح علي الواقع الثقافي العام وله ان يلفظها او يتقبلها لكني اؤكد ان كل ما سيذكر في اللاهوت العربي موثق ولم اترك فيه مساحات رخوة لكي يقفز عليها المتسلقون، ففي عزازيل تناولت مرحلة تاريخية من المرحلة 391 ميلادية الي 431 اما اللاهوت العربي وعنوانه كاملا "اللاهوت العربي واصول العنف الديني " ينتقل من الجانب التا ريخي القديم الي الجانب النظري في العلاقة بين الاديان الي الجانب التطبيقي الذي يستعرض انبثاق العنف وبالتالي فهو نوع اخر من الكتابة يتناول جذور الاشكال في الديانة اليهودية فيرجع الي نقطة سابقة جدا ثم يمر علي المسيحية وعلم الكلام الاسلامي ومن ثم يتعرض لفترة كبيرة في التاريخ..
*في تصريحات صحافية اكدت انك كتبت الرواية لتكشف السبب الحقيقي وراء وقائع معاصرة منها ما يعانيه الاقباط في مصر من انكسار نفسي علي كثرتهم ..ما مبرراتك لذلك؟
الامر ليس كذلك لكني اري ان الواقع المعاصر كان بذهني وانا اكتب عزازيل وانه لا يمكن للكاتب ان يتخلص من همومه المعاصرة دون ان يحاول سبر اغوارها وفك شغرتها وحين ننظر في التاريخ لنقدم بحثا اورواية او مخطوطة هذا لاينفصل عن الهم المعاصر وانشعالنا بالواقع الحالي والتاريخ مقدمات للواقع الحالي وبالتالي انشغالي بالحالة العامة يأتي بمثابة الدافع الاول للرجوع الي هذه المناطق التاريخية المنسية .
*عبر 20 كتابا في التصوف هل استفاد نص "عزازيل" من نزعتك الصوفية ؟
بحكم السنوات الطويلة التي قضيتها مع النص الصوفي لابد ان يكون حاضرا بجانب النص القرآني والمهم هنا كيف يتم تطويع الادوات الاولية لصياغة نص معاصر لا يقع في اسر النصوص القديمة لكي يستفيد منها في تأسيس روح خاصة بالنص الذي يكتبه و كثير ممن يكتبون لا يهتمون بتطوير ادواتهم التعبيرية واللغوية فيقدمون
لغة هامدة وعليهم الا يلقوا باللوم علي من يستعين بهذا الموروث اللغوي لتأسيس نص جديد ودائما ما انشغلت بالنص الادبي الصوفي ثم بالنقد الادبي ودخولي الي مضمار الادب مؤخرا لم يأت بالمصادفة لكن جاء عبر مرحلة تأسيس وانتقال طبيعي الي مرحلة تطرح لغة وفكر جديد مبني علي التأسيسات المعرفية التي انجزتها من قبل.
*تحمل الرواية رؤية فلسفية واضحة عبر تناولك لفترة هامة من التاريخ القبطي في مصر ..هل تري ان اشكالية الصراع بين الفلسفة والدين لم تحتدم بعد؟
في بدايات القرن العشرين حدث جدل بين فرح انطون الذي طرح افكاره في كتابه "فلسفة ابن رشد " وبين الشيخ محمد رشيد رضا الذي يعبر عن الموقف السلفي لكنها كانت سجالات تتم في مناخ صحي ادي الي انتعاشة فكرية مهمة وحركة فكرية وفي نهايات القرن وبدايات القرن الحالي تتم مناقشة الموضوع بشكل مرضي , الامرالذي يقودنا الي العلاقة الطويلة بين الدين والفلسفة من ناحية والدين والفلسفة والمجتمع الانساني من ناحية اخري حيث ظهرت بينهما جدلية قديمة من قبل الديانات الكبري وكان هناك صراعا بين الدين والفلسفة في اليونان القديمة ونظر للفلاسفة باعتبارهم اعداء للدين ثم تطور الامر واستفادت الديانة المسيحية من التراث الفلسفي اليوناني عندما عكف آباء الكنيسة الاوائل في الاسكندرية علي صياغة البنية العامة للديانةالمسيحية مستفيدين في ذلك من الموروث الفلسفي السابق عليهم كما فعل كليمان السكندري واوريجانوس واذا انتقلنا الي الاسلام سنجد مواقف تقطع بانقطاع الصلة بينهما ومواقف اخري تؤكد ان الدين والفلسفة وجهان لعملة واحدة عبر الرأي المشهور لابن رشد في كتابه الشهير "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" وهذه قضية متجددة وجزء من بنية التفكير الانساني وطرحها اليوم استجابة لهاجس انساني تتحدد بناءا عليه مواقف في المجتمع والفكر العام ولذلك اندهشت من هؤلاء الذين انتقدوا عرضي للعلاقة بين الدين والفلسفة كما لو كنت احدثت امرا عجبا .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
@حين يحول رجل الدين نفسه الى ناقد تضرب الفوضى أطنابها في المجتمع
@لن اكف عن البحث والكتابة وعلي اصحاب الاحكام الجزافية ان يقرأوا اولا
@عزازيل ليست مخطوطة وتصرفات الجهلاء صرفت القارئ عن لغتها ومضمونها
@ثقافتنا المعاصرة تحولت الي ساحة للاتهامات السابقة التجهيز
@ننتظر من الاخرين تقديم تصورات عنا وثقافة الاخر اكثر وعيا منا بثقافتنا
@الصراع بين الدين والفلسفة لم يحتدم بعد لاننا نتناوله بشكل مرضي
@آفتنا في استخدام الدين لادانة الواقع والمؤسسة الدينية ليس معادلا موضوعيا للاراء المتشددة
-------------------------------
حينما كتب د.يوسف زيدان روايته الشهيرة "عزازيل " وصفته الاوساط الثقافية العربية كالسائر في حقل الالغام لانه اخترق جدران الاديرة ودخل الي حياة الرهبان فكتب عنها سابرا اغوارها وهذا ما ازعج البعض واصفين ان الرواية قد اساءت الي المسيحية و تجاوزت الخطوط الحمراء لتناولها لشخصيات حقيقية ربما تصل الي مصاف القديسين في فترة هامة من التاريخ القبطي في مصر وابان فوزها بجائزة البوكر العربية اثارت ردود افعال غاضبة من المحسوبين علي الديانة القبطية في مصر الي حد اتهام صاحبها باقتباس فكرة الرواية من شخصية "هيباتيا" للكاتب الانجليزي تشارلز كنجزلي بل ذهب البعض في اتهامها بالسير علي منحي دان براون في شفرة دافنشي بيد ان الرواية جاءت من وجهة النظر المعتدلة ضد العنف لا ضد ديانة اومعتقد ديني وتحتفي بالانسان المختفي خلف ركام المعتقدات والاوهام التاريخية وهذا ما دفع كاتبها الي التزام الصمت مؤخرا مشيرا الي ان الباحث في التاريخ لاينبغي ان يلتفت الي ما يعيق مسيرته في محاولاته لاستنارة المناطق المظلمة في تاريخ الانسانية .. حول مضمون الرواية وما اثير حولها من جدل وصخب توجهنا الي عاشق التراث والباحث الاكاديمي الكاتب د. يوسف زيدان مدير متحف المخطوطات بمكتبة الاسكندرية و كان الحوار تاليه :
*حين كتبت عزازيل هل دار بخلدك ان تثار حولها تلك الضجة وتوجه اليك اصابع الاتهام من جانب بعض رجال الدين المسيحي الذين وصفوك بتأصيل التعصب ضد المسيحية.. وكيف تصرفت تجاه الامر ؟
في البداية كانت تلك الاحاديث والاتهامات تثير استيائي وغضبي بيد انني الان التزمت الصمت لان ما يحدث كلام مبهم وغير واضح، فحين تصديت قبل عشرين عاما لمافيا المخطوطات كنت علي ثقة انني اقتحم حقل الغام وتعرضت لتهديدات وبالتالي اذا كنا سنتحرك والخوف يحوطنا فكيف نفكر؟ كما اننا لانستطيع ان نكف عن العمل من جراء مواجهات او مشكلات تتعلق برصد التاريخ او كشف حقائق وفي فترة سابقة قبل صدور الرواية كانت هناك مماحكات ومشكلات بيني وبين اليهود بسبب تعرضي لمشكلة برتوكولات حكماء صهيون ولم ولن اكف عن البحث والكتابة، والمشكلة تتلخص في ان كثير من الناس لايعطون انفسهم فرصة للحكم الصائب علي العمل فهم يحكمون قبل ان يقرأوا العمل ويطلقون توهماتهم قبل ان يتناولوه بموضوعية ونحن لايجب ان نلتفت الي هؤلاء الصاخبين وهم قلة قليلة من الناس في مقابل اصحاب الآراء المعتدلة ممن يحسنون قراءة النص بين ايديهم ولا يبادروا باطلاق الاحكام الجزافية والمضحكة مثلما حدث من اطلاق لاحكام مرسلة علي رواية عزازيل حيث تحدثوا عن شيئ اخر غير المكتوب كأن يصفوا العمل باعتباره هجوما علي المسيحية في حين ان كثير من آباء الكنائس في العالم اكدوا ان الرواية تنتصر للمحبة والمسيحية هي ديانة المحبةوللاسف بعض الناس تستغل الساحة الاعلامية لكي تصخب وتضمن لنفسها وجودا علي الساحة علي حساب الاعمال الجادة .
*في عزازيل حاولت ان تنفض الغبار عن التاريخ القبطي في مصر هل بالفعل هذا الجزء من التاريخ منسيا ؟
هذا ما اقوم به منذ يومي الاول في البحث التراثي واول كتاب قمت بنشره حين كنت في بداية العشرينيات من عمري هو"المقدمة في التصوف"وكشفت فيه عن مخطوطة وحيدة في العالم قطعت منها ورقة وخوفا علي ضياع النص نشرته لاستبقيه للتاريخ ثم كانت دراساتي في التصوف وتاريخ العلوم العربية نوعا من الاهتمام بذلك التاريخ المنسي فضلا عن ان المخطوطات المطوية كانت موضوعا لكثير من المؤتمرات التي عقدت بمكتبة الاسكندرية بهدف القاء الضوء علي النصوص المهملة او المطوية في ثقافتنا وما فعلته في عزازيل كان استمرارا لهذا الخط علي صعيد الوعي بالتاريخ.
*اذن بما تفسر الهجوم الكاسح علي الرواية قبل وبعد فوزها بجائزة البوكر العربية؟
المشكلة ان هناك من ينصبون انفسهم رقباء علي افعال ونتاجات الاخرين دون النظر الي اهمية التخصص في النقد والسؤال اذا كانت كل جماعة ستأخذ علي عاتقها فترة زمنية وتمنع الاخرين من اقتحامها فمتي نستطيع الكتابة عن التاريخ وفهمه؟ و هل انتقد العقل الاسلامي المستشرقين في دراستهم للمرحلة العربية بآدابها وعلومها حتي نهاجم نحن بعضنا البعض دون برهان او بينة ،والغريب في الامر اننا لم نعترض علي الاخر الاوروبي حين تناول اعمالنا وهذه عقد تاريخية موروثة لكنها تؤدي علي صعيد الواقع الفعلي الي مشكلات ذهنية لاحصر لها تعيق الجماعة العربية المعاصرة من ان تفهم ذاتها وبالتالي ننتظر دائما من الاخرين تقديم تصورات عننا نحن وبالتالي فالتراث العربي يدرس بأوروبا ونخن نستقي منهم الصورة الذهنية عنا الامر الذي يفسر ان الخلل فينا، فنحن اولي ان ننظر في تاريخنا ونفهمه ولانعير من يهاجمون جهودنا حتي لا يتسبب ذلك في ارباك اذهاننا علي صعيد الوعي بالتاريخ وفي ذات السياق هناك دائما ميل الي الاتهام في واقعنا المعاصر فيصبح من يقوم بأي عمل او بحث جاد متهم ونبحث له عن اتهام مناسب وهو مطالب بالدفاع عن نفسه وهذا ما مررت به منذ قمت بتحقيق اضخم كتاب في التراث العربي وهو" الشامل في الصناعة الطبية "الذي صدر عن المجمع الثقافي بابو ظبي في 30 جزء ونلت عنه جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وعقب هذا اتهمت بالاساءة الي التراث العربي الاسلامي اعتمادا علي كلام مقتطع من سياقات معينة املا بالرد علي الاتهام ولم اقع في هذا الشرك ايمانا ان كل انسان له الحق في التفكير فيما يريد ولست مطالبا بالرد علي هذه التوهمات.
*ما رايك فيما اثير حول احقيتك في الفوز بالجائزة لاسيما وان الجائزة منحت للعام الثاني علي التوالي لمبدع مصري فيما اكدت اراء مختلفة ان عزازيل كانت الاكثر طبيعية من رواية "الجوع" للكاتب محمد البساطي؟
لجنة التحكيم لجائزة البوكر فوق مستوي الشبهات وتضم نقاد ادب مرموقين من اوروبا والبلاد العربية المختلفة ومشهود لهم بالنزاهة لكن ربما ان كاتبا صحفيا يرتبط بصلة قرابة باحد المرشحين او بينهما صلة قرابة او نسب هو من نشر ذلك والامر لايقتضي ان ننشغل بالرد عليه وعندما يثير شخص واحد تلك الفقاقيع والاراء الجزافية فعليه ان يحتفظ بها لنفسه.
*اعتبر بعض رجال الدين ان رواية عزازيل ترسخ لمفهوم العنف ضد الديانة المسيحية فيما وصفت تدخلهم بالفوضي وليس غيرة علي الدين!! ؟
لا نستطيع ان نسلم ونعطي كل وجوه الانشطة والفاعليات والانتاج الانساني في المجتمع الي رجال الدين وهذا الرجل المنوط به هداية الناس يتحول فجأة الي ناقد ادبي مخلا بعمله بما يحول المجتمع الي فوضي لان هذا يفسح المجال للكثيرين بالتعدي علي اختصاص غيرهم مصدرين احكاما غريبة ومضحكة في حين ان القارئ المتذوق لايري ذلك والمشكلة ان رجل الدين يريد ان يلزم الناقد والكاتب والقاري بوجهه نظره فأين تلك الغيرة علي الدين !! ناهيك عن ان تلك الغيرة لابد وان يصاحبها موضوعية كاملة واحكام صائبة لان الطتاب تناول قضية حساسة تتصل بالديانة المسيحية وكان من المفروض ان تناقش وتقرأ بذات الحساسية والاهتمام اللذان كتبت بهما.
*هل تري ان الخطاب الديني الحالي يتعارض مع الابداع .وهل من المسموح ان تقوم المؤسسة الدينية بدور الناقد والرقيب علي الادب ؟
المؤسسة الدينية لايمكن النظر اليها باعتبارها المعادل الموضوعي للاراء المتشددة الناجمة عن ازمة عامة تتجلي في استخدام الدين لادانة الواقع وتبقي تلك المؤسسة غير مسئولة عن هذا فهناك الدين متمثلا في النصوص ثم هناك التدين من خلال التجارب المتتالية عبر تاريخ الجماعة مكونا التراث الديني ثم المؤسسة الدينية الحالية بكافة اطيافها من معتدلين ومستنيرين ومتشددين وهم فئة لايمكن ان نحكم من خلالها علي الدين عامة وهي آراء علي هامش المؤسسة الدينية التي تمثل تطورا للموروث الديني لكن المشكلة ان المتشدد يطرح نفسه باعتباره كل ذلك بل هو المتحدث باسم الاله بما يفتح بابا للعنف واتخاذ اجراءات متشددة ضد من يراهم زنادقة او كفره ومخالفين علي اعتبار انهم ليس عليهم ان يفكروا وان يقبلوا المطروح قبولا تاما .
*من يكتب التاريخ عليه الا ينظر الي العاقبة ما مدي اتفاقك مع تلك المقولة عندما كتبت عن شخوص حقيقية.. الم ينتابك توجسا من ردود الافعال لاسيما وانت تقتحم تاريخا مسكوتا عنه يتصل بالعقيدة المسيحية ؟
في البداية عندما بدأت الاعتراضات علي الرواية كنت اخذها علي محمل الجد ثم ايقنت بعدها انها كانت بمثابة تسلية او اشغال للرأي العام او اثبات حضور وتأكدت ان تلك الامور لايجب ان تعيق عملي وهو الكتابة وليس الرد علي الاتهامات الجاهزة ومن ثم توقفت علي مناقشة الامور السخيفة لانها امور تبعد الانسان عن ذاته ولايستفيد منها القارئ بل احيانا يصدق ما يبث اليه ليمنعه عن التعامل مع النص الادبي لكن لحسن الحظ ان القارئ العربي كان اكثر وعيا وتعامل مع الرواية عبر الانترنت والطبعات التي صدرت في 8 طبعات" ولاقت الرواية ردود افعال ايجابية مما اخفق محاولات الضجيج حول الرواية.
*وهل تعامل النقد بموضوعية مع الرواية ؟
تأخر النقاد قليلا ربما بسبب الجدل الذي صاحب صدور وفوز الرواية او ربما احتاج النقاد وقتا للتعرف علي النص او انشغال النقاد بأعمال اخري بما اعطي الفرصة لان يعلو ضجيج المقحمون علي الساحة وفي نهاية العام الماضي تناولت الرواية دراسات محترمة وناقشتها مناقشات جادة وهناك 3 رسائل جامعية تقوم بدراسة عزازيل واراها تصحيحا لذلك المسار الذي حاول البعض ان ياخذوا الرواية بعيدا عنه.
*اتهمك الانبا بيشوي سكرتير المجمع القبطي باقحام الجنس في الرواية ..ماردك؟
لايوجد قارئ واحد علق هذا التعليق والغريب ان الانبا قال انه لم يقرأ الخمسين صفحة التي تتحدث عن الجنس لان احد اصدقائه ابلغه بها اذن هذا موقف كوميدي والغريب ان الاعلام في مصر اخذ الامر علي محمل الجد وطلب مني الرد عليه ورفضت فسارع البعض بتناقل الامر .
*مسالة انسنة الانبياء في الاعمال الادبية هل تمثل خطورة علي العمل وهل بالضرورة ان تثير الرواية جدلا او تناقش المحظورات لتحصد الشهرة ؟
لايوجد في عزازيل تعرضا لشخصية المسيح من باب الانسنة او الالوهية لكن الرواية تعرضت للاجتهادات الفكرية الكنسية التي تمت في القرن الخامس الهجري بعد قرون طويلة من ظهور السيد المسيح ، وما يمكن ان نعتبره مختلفا في عزازيل لا علاقة له بالمحازير او المحظورات بل هي توجه الانظار الي منطقة تاريخية منسية فضلا عن رقي اللغة المكتوبة بها وهذا رأي المتخصصين واي تناول بعيدا عن ذلك يتحدث من خارج النص.
*هل تعتبر ان الجدل الذي اثير حول الرواية ابعدها عن اللغة اهم عناصرها؟
الرواية نالت جائزة البوكر عن اللغة وجاء في اجماع اراء لجنة التحكيم ان العمل قائم علي الثراء الداخلي واللغة المكتوبة بها وما عدا ذلك لاقيمة له سوي حكم النقاد اصحاب الرؤي الجادة ومن قبلهم جمهور القراء الذين لا مصلحة لديهم في الهجوم علي عمل يفيدهم ويضيف الي مخزونهم الفكري ويقدم لهم ما لم يعرفونه عن التاريخ ويكفي ان الرواية نالت في استفتاء اجرته جائزة البوكر علي الانترنت علي 47% من مجموع الاراء ضمن 6 اعمال مقدمة الي الجائزة.
*تناقلت الاوساط الثقافية المصرية ان الهجوم الكاسح بعد فوز الرواية كان بسبب استعدادك لاصدار كتاب اللاهوت العربي هل هذا صحيح؟
يأتي ذلك في اطار الاحكام سابقة التجهيز فكيف يتم الحكم علي عمل قبل ان يري النور؟ هؤلاء اشخاص معينون ويهاجمون الكتاب اعتمادا علي محاضرة القيتها منذ عدة شهور وكانهم يقومون بضربة استباقيه قبل نشر الكتاب الذي لااتوقع صدوره قبل منتصف الصيف القادم .
*وهل تعتبر اللاهوت العربي مخاطرة بعد عزازيل لاسيما والكتاب يناقش فكرة نبذ العنف عبر التاريخ؟
لاانظر الي الامر هكذا لكني اجتهد براي الذي يحتمل الخظا والصواب لكني في النهاية اقدم باخلاص رؤية تطرح علي الواقع الثقافي العام وله ان يلفظها او يتقبلها لكني اؤكد ان كل ما سيذكر في اللاهوت العربي موثق ولم اترك فيه مساحات رخوة لكي يقفز عليها المتسلقون، ففي عزازيل تناولت مرحلة تاريخية من المرحلة 391 ميلادية الي 431 اما اللاهوت العربي وعنوانه كاملا "اللاهوت العربي واصول العنف الديني " ينتقل من الجانب التا ريخي القديم الي الجانب النظري في العلاقة بين الاديان الي الجانب التطبيقي الذي يستعرض انبثاق العنف وبالتالي فهو نوع اخر من الكتابة يتناول جذور الاشكال في الديانة اليهودية فيرجع الي نقطة سابقة جدا ثم يمر علي المسيحية وعلم الكلام الاسلامي ومن ثم يتعرض لفترة كبيرة في التاريخ..
*في تصريحات صحافية اكدت انك كتبت الرواية لتكشف السبب الحقيقي وراء وقائع معاصرة منها ما يعانيه الاقباط في مصر من انكسار نفسي علي كثرتهم ..ما مبرراتك لذلك؟
الامر ليس كذلك لكني اري ان الواقع المعاصر كان بذهني وانا اكتب عزازيل وانه لا يمكن للكاتب ان يتخلص من همومه المعاصرة دون ان يحاول سبر اغوارها وفك شغرتها وحين ننظر في التاريخ لنقدم بحثا اورواية او مخطوطة هذا لاينفصل عن الهم المعاصر وانشعالنا بالواقع الحالي والتاريخ مقدمات للواقع الحالي وبالتالي انشغالي بالحالة العامة يأتي بمثابة الدافع الاول للرجوع الي هذه المناطق التاريخية المنسية .
*عبر 20 كتابا في التصوف هل استفاد نص "عزازيل" من نزعتك الصوفية ؟
بحكم السنوات الطويلة التي قضيتها مع النص الصوفي لابد ان يكون حاضرا بجانب النص القرآني والمهم هنا كيف يتم تطويع الادوات الاولية لصياغة نص معاصر لا يقع في اسر النصوص القديمة لكي يستفيد منها في تأسيس روح خاصة بالنص الذي يكتبه و كثير ممن يكتبون لا يهتمون بتطوير ادواتهم التعبيرية واللغوية فيقدمون
لغة هامدة وعليهم الا يلقوا باللوم علي من يستعين بهذا الموروث اللغوي لتأسيس نص جديد ودائما ما انشغلت بالنص الادبي الصوفي ثم بالنقد الادبي ودخولي الي مضمار الادب مؤخرا لم يأت بالمصادفة لكن جاء عبر مرحلة تأسيس وانتقال طبيعي الي مرحلة تطرح لغة وفكر جديد مبني علي التأسيسات المعرفية التي انجزتها من قبل.
*تحمل الرواية رؤية فلسفية واضحة عبر تناولك لفترة هامة من التاريخ القبطي في مصر ..هل تري ان اشكالية الصراع بين الفلسفة والدين لم تحتدم بعد؟
في بدايات القرن العشرين حدث جدل بين فرح انطون الذي طرح افكاره في كتابه "فلسفة ابن رشد " وبين الشيخ محمد رشيد رضا الذي يعبر عن الموقف السلفي لكنها كانت سجالات تتم في مناخ صحي ادي الي انتعاشة فكرية مهمة وحركة فكرية وفي نهايات القرن وبدايات القرن الحالي تتم مناقشة الموضوع بشكل مرضي , الامرالذي يقودنا الي العلاقة الطويلة بين الدين والفلسفة من ناحية والدين والفلسفة والمجتمع الانساني من ناحية اخري حيث ظهرت بينهما جدلية قديمة من قبل الديانات الكبري وكان هناك صراعا بين الدين والفلسفة في اليونان القديمة ونظر للفلاسفة باعتبارهم اعداء للدين ثم تطور الامر واستفادت الديانة المسيحية من التراث الفلسفي اليوناني عندما عكف آباء الكنيسة الاوائل في الاسكندرية علي صياغة البنية العامة للديانةالمسيحية مستفيدين في ذلك من الموروث الفلسفي السابق عليهم كما فعل كليمان السكندري واوريجانوس واذا انتقلنا الي الاسلام سنجد مواقف تقطع بانقطاع الصلة بينهما ومواقف اخري تؤكد ان الدين والفلسفة وجهان لعملة واحدة عبر الرأي المشهور لابن رشد في كتابه الشهير "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال" وهذه قضية متجددة وجزء من بنية التفكير الانساني وطرحها اليوم استجابة لهاجس انساني تتحدد بناءا عليه مواقف في المجتمع والفكر العام ولذلك اندهشت من هؤلاء الذين انتقدوا عرضي للعلاقة بين الدين والفلسفة كما لو كنت احدثت امرا عجبا .