1) لا بد من تشكيل حكومة مرحلة انتقالية تكون حكومة وحدة وطنية بأفضل معاني الكلمة، على أن يتم ذلك بالتشاور مع التنسيقيات والجيش الحر والمعارضة الداخلية والخارجية، ويكون معظم أعضائها من التنسيقيات والجيش الحر، وتترك فيها مقاعد لأفراد من النظام لم تتلوث أيديهم بالدماء. هذه مهمة للأيام القليلة القادمة. بعد تشكيلها، من المحتم أن تصدر الحكومة بيانا وزاريا يجب البدء بكتابته منذ اليوم، ليحدد الإجراءات والسياسات الكفيلة بالحفاظ على وحدة سوريا دولة ومجتمعا، ويعطي أدوارا مطمئنة لما يسمونه في الغرب «الأقليات»، ويشركها في وقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع والمصالحة الوطنية والإشراف على مناطق بعينها تضررت وحدتها بسبب سياسات النظام الطائفية وما قابلها من سياسات مذهبية مارستها بعض أطراف المعارضة. هذه الحكومة لا يجوز بأي حال أن تكون حكومة محاصصة، أو خلافات سخيفة حول الأحجام المزعومة لهذه الجهة أو تلك، لكونها ستتولى إدارة البلاد في المناطق المحررة اليوم، وفي كامل البلاد بعد سقوط النظام، وستضمن الحدود مع العدو الصهيوني وتعمل لمنع أي فريق إقليمي من استغلال الأزمة السورية كي يفجر الأوضاع ويحبط التسوية بين السوريين ويحول دون رحيل الأسد، وتطلب معونة عربية قد تشارك فيها أطراف دولية لضبط الوضع خلال الطور الأول من مرحلة الانتقال. كما يجب أن تضم الحكومة ممثلين عن كافة مكونات المجتمع السوري، وتعمل ببرنامج وطني عام وتوافقي لا خلاف بين السوريين عليه، يدور أساسا حول وحدة الدولة والمجتمع، وحقوق المواطن والإنسان وحقوق القوميات والأقليات، وأسس مرحلة الانتقال العامة.
2) إصدار إعلان وطني تشارك في صياغته وتوقيعه جميع أطياف المعارضة من تنسيقيات وجيش حر ومجلس وطني وأحزاب - بغض النظر عن تسمياتها الحالية - على أن يتضمن صورة سوريا الغد، التي تتعهد هذه القوى مجتمعة بالتوافق عليها وإقامتها، سوريا الحرة مع تحديد إجرائي لسبل الوصول إليها ومراحله، وللخطوات التي سيتم القيام بها لتحقيق كل مرحلة، والحوامل القانونية والعملية للأدوار المباشرة التي سيقوم بها مختلف السوريين للخروج من الأزمة الراهنة، وتستبعد نزعة انتقامية أو تمييزية أو إقصائية، وتقوم على التسامح وما يراد لسوريا الحرة دولة ومجتمعا من تماسك مجتمعي ووطني، بالنظر إلى أن النظام لم يكن نظام فئة أو طائفة بعينها، بل كان نظام مافيا متنوعة المنابت والمذاهب، يوحدها عداؤها للشعب وتجمعها مصالح موحدة أو متقاربة، سيتحرر السوريون من مختلف الفئات والأطياف بسقوطها وانتهاء حكمها، فلا يجوز أن تنسب إلى فئة أو طائفة غير طائفة سلطة تضم فاسدي المذاهب والفئات والتيارات السياسية وأعداء الوطن والشعب، ويجب أن تعتبر مسؤولة عن العنف الذي مورس ضد المواطنين، والتنكر لحقوق الشعب، والعمل لتحويل ثورة تريد الحرية لجميع السوريين إلى اقتتال طائفي وحرب أهلية لا تبقي ولا تذر.
3) حيوية وأهمية أن يتخذ ضباط الجيش والأمن السوريون موقفا واضحا من النظام، يفكهم عنه، ويضعهم في صف شعبهم الذي ينتمون إليه، حيث مكانهم الحقيقي ودورهم في تسوية تاريخية أعظم مهامها إعادة تأسيس الدولة والمجتمع في سوريا على أسس ديمقراطية تراعي حقوق الإنسان وتنمي حرية المواطن بغض النظر عن مذهبه ومنبته المجتمعي وإثنيته وعرقه ووضعه الطبقي.. الخ. لا بد أن يلتقي موقف الجيش والأمن مع موقف الشعب، الذي ينشد التعاون مع أشخاص وطنيين ونزيهين من داخل النظام لم تتلوث أيديهم بدمائه، فمن الطبيعي أن يتعاونوا هم أيضا مع أشخاص من المعارضة لم تتلوث أيديهم بدورهم بأي دماء بريئة، وليس في مشروعهم ما يتنافى مع مصالحة وطنية وحكومة وحدة وتفاهم تحفظ حقوق المواطنات والمواطنين وتضمن أدوارهم الحرة في سوريا المستقبل، التي ستطوي صفحة الإقصاء والتمييز، وستفتح أبواب التقدم الاقتصادي والاجتماعي والعمل السياسي أمام جميع أبنائها، ما دام بناؤها بأيدي أي فريق بمفرده مستحيلا، وسيؤدي حكما إلى وضع شبيه بالوضع الذي يضحي الناس اليوم بالغالي والنفيس من أجل التخلص منه. لا بد إذن من حركة متعاكسة، واحدة من داخل المعارضة وأخرى من داخل النظام، يلتقي طرفاها عند التصميم على إخراج بلادنا من مأزقها، وإلا فلن تتكامل بغير ذلك الجهود والنيات ويلتقي المتقاتلون الحاليون على طريق يأخذهم في اتجاه واحد يقود إلى دولة حديثة ووطنية تقدم الحرية للجميع وتجعلها في متناول أيدي الجميع، لأن الأصل في المواطنين أن يكونوا أحرارا ومتساوين.
هذه النقاط الثلاث يجب أن يعمل عليها للتو، دون أي إبطاء أو انتظار، فالحكومة المرحلية ضرورة لا بد منها لإدارة المناطق المحررة اليوم وسوريا الحرة غدا، والتوافق العام الذي يرسم صورة المستقبل وطريقه التزام سياسي وإنساني ووطني يستبعد أن يكون هناك أي تغيير جدي من دونه، وقيام ضباط الجيش والأمن بملاقاة الشعب في منتصف الطريق أفضل ضمانة لمستقبل الشعب السوري ولوحدته وتضامنه، وخير وسيلة لفتح طريقه بأيدي جميع أبنائه> فإن تكاملت هذه الخطوات، وجد العالم نفسه راغبا، وإلا فمجبرا، على التخلي عن الأسد والدائرة القريبة منه، التي بنت سياساتها على تعقيد الأزمة وتطييفها وطبعها بطابع العنف الأشد قسوة ورعبا، وعلى تسليح المواطنين كي يفتكوا بعضهم ببعض، بينما ستطبّع الخطوات المطلوبة الأجواء وستعيدها إلى شيء قريب مما كانت عليه قبل البعث وحكمه الرهيب.
تقف المعارضة ويقف كثيرون من أهل النظام أمام امتحان جدارة من طبيعة وطنية استثنائية لا سبيل إلى تنصلهم منه، بينما يضغط الوقت وتتسارع الأحداث، فلا عذر بعد الآن لمن يفوت على الشعب سانحة تاريخية خلقتها تضحيات المواطنين، ومن غير الجائز أن تضيعها إهمالات أو ألاعيب سياسية تافهة يمارسها من يعتقدون أنفسهم أوصياء عليه، لمجرد أن كرتونة رفعت هنا وأخرى هناك، تجعلهم ممثلين «شرعيين ووحيدين» لأصحابها.