---------------
الاتحاد
|
نعم، أما الحرب التي قامت بين الإسرائيليين والفلسطينيين ودفع هؤلاء ثمنها غالياً، حيث تشتهيهم هنا وهناك من العالم، فأريد لها أن تذهب كذلك، مع الريح، حتى الآن، ويأتي «داعش»، الإرهاب الأكبر، مُحدثاً الآن جرائم وحشية غير مسبوقة، فتقرع طبول الحرب الكبرى، وتنشأ قوى التحالف العالمية لمنازلة داء وكسره: فهو الإرهاب الأكبر، والذي يهدد الحضارة والبشرية كلتيهما، ويكاد المرء أن يظن بأن التحضير لنشوء «قوات التحالف» كمن وراءه أهداف العالم عموماً والإسلامي بخاصة، تلك الأهداف التي طرحتها الولايات المتحدة بوصفها إرهاباً من طراز جديد، يهدد الراهن والقادم.
في هذه المرحلة الخطيرة التي تجمع واشنطن العالم كله حولها، جاء خبر قطع السياق وأحدث دهشة وغضباً وتساؤلاً، على النحو التالي: إذا كان «داعش» خطراً على البشرية، فما الذي يعنيه الخبر الذي دوى مؤخراً في العالم: حكومة اليسار الوسط في السويد، هي أول من يعترف بفلسطين بمثابتها دولة مستقلة، وبالسرعة ذاتها يأتي الاعتراض من قِبل الولايات المتحدة، التي تسوغ قرار اعتراضها هذا بعبارة واحدة، هي رفض الاعتراف المذكور بصفة كونه «سابقاً لأوانه»، وأتى الاعتراف متتالياً من دول أوروبية أخرى.
إن الولايات المتحدة التي تجد في «داعش» قوة إرهابية على العالم خصوصاً على بلده، الآن راهناً تسعى جاهدة إلى إسقاطه بمثابته إرهاباً طائشاً وحشياً، أما إسرائيل المغتصبة لأرض ليست لها والقاتلة للأطفال على مدى عقود متعددة، فلا يجوز أن تُدان إلى أن يأتي وقت يغيب فيه الحديث عن إسرائيل، وكذا الأمر فيما يتصل بمارتن لوثر كنج وروبرت كندي، اللذين قُتلا من قبل المتعصبين الإجراميين، فيمكن أن يكونا عبرة لمن رفع نداءات للعالم بالدفاع عن الفقراء والبؤساء والمهانين، وكذلك لمن اعتبر الإنسان قيمة بذاتها، دون حيثيات واعتبارات أخرى، أما الذاكرة التاريخية والمدافعون عن الكرامة الإنسانية والعقل والحرية والديمقراطية.