نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


هل من "وصفة سحرية" لانقاذ الربيع العربي




أزمنة التغير السياسي والاجتماعي لها قوانين واضحة ومحددات، وكل ما تفعلة الثورات أنها تسرع عمليات التغير، فما يحتاج إلي عشرات السنين من التطور الطبيعي والارتقاء تنجزه بعض الثورات في شهور، أو سنوات وبما أن أصوات مفكري وناشطي وسياسيي الثورات المضادة بدأت تعلو، وتشاغب، وتضع العصي في الدواليب، فان التفكير بطرق وأساليب وخطط لاخراج جماهير الربيع العربي من أزمتها يصبح ضروريا وملحا حين نعترف أن هناك حالات انسداد أمام الثورة في بعض البلدان كما هو الحال في سوريا واليمن، وحالات فوضي ونقص يقين وشكوك عميقة في مناطق أخري من بلدان الربيع العربي كتونس وليبيا ومصر.


 
 
 
 
ومهما قيل عن طبيعة تلك الازمة وعمقها وتشعبها، فانها في النهاية لا تخرج عن سببين رئيسيين أولهما خارجي يغذي كل أنواع الشكوك بالاسلاميين الذين فازوا بالانتخابات في تونس ومصر، والثاني داخلي ناتج عن تفاقم الازمات الاقتصادية الموروثة، وعدم قدرة الحكام الجدد علي حلها خلال عام واحد وهذا من رابع المستحيلات عليهم وعلي غيرهم، فما خربته أزمنة الاستبداد والفساد والسرقات والرشاوي والمحسوبيات خلال نصف قرن يصعب اصلاحه في عام ونيف هو عمر ثورات الربيع العربي .فيما يتعلق بالشكوك الخارجية ــ ولا يمكننا دوما أن ننسبها إلي تحامل الغرب علي العرب والمسلمين ــ هناك حركات، وافعال تغذي تلك الشكوك، فما جري في جامعة منوبة في تونس فيما اصبح يعرف بقضية »المنقبات« وما جري في مصر من أحد الاشخاص الذين كانوا من المرشحين لرئاسة الجمهورية يعطي وقودا لتلك الشكوك ويسندها علي أرضية واقعية يستغلها في الغرب أصحاب النظريات العنصرية المستترة، وغير المباشرة في تشويه المشهد السياسي العربي كله فما يمكن حصره في جامعة أو حي سكني يصبح مقياسا للأمة بكاملها.

وبعيدا عن اتهام الاخرين بتشويه حراكنا الثوري، واسلامنا يستحسن أن نعترف بأن بين ظهرانينا من يشوه ذلك الحراك وذلك الاسلام عن دراية أحيانا ودون ادراك للدور التخريبي الذي يقوم به في غالب الأحيان، فثقافة بعض العناصر التي يعتمد عليها الحراك الثوري ليست فوق الشبهات، وفهم البعض للزمن الجديد بعقلية ما قبل الربيع العربي يدفعهم إلي ارتكاب أخطاء ظاهرها برئ وباطنها معطل لكن، وقبل القاء اللوم علي هذه الفئات لابد من تشخيص الخلل في »الانتلجنسيا« السياسية، أو الطليعة القائدة التي يفترض بها أن تحدد اتجاه البوصلة وترسم علامات، أو معالم ذاك الطريق.

لقد كان المتوقع أن تظهر صورة الاسلام المعتدل سياسيا في تونس علي الاقل، فحركة النهضة كانت من أكثر حركات الاسلام السياسي انفتاحا وتوسعا في مجال استخدام الشوري الملزمة، والوصول بتفسيراتها إلي مستوي الديمقراطيات الحديثة بل أن الحركة رشحت في الانتخابات الاخيرة علي قوائمها نساء غير محجبات ولا منقبات، وكان الغنوشي نظريا علي يسار الترابي الذي انقلب »تيماويا« بعد انفتاح نسبي، والكثير من اجتهادات الغنوشي يمكن ردها إلي تعايشه الطويل مع الديمقراطيات الغربية في سنوات النفي اللندني، والامر ذاته يمكن أن يقال عن أخوان الشام الذين أصدروا قبل مؤتمر اصدقاء سوريا في استانبول في مارس ــ اذار الماضي وثيقة سياسية جديرة بالانتباه لطمأنة الاقليات والنساء، وفيها اجتهادات لافتة وتوسع في قضية الامامة والولاية.ولم يشأ اخوان سوريا أن يعتبروا ذلك الموقف جديدا إنما امتداد كما قال منظروهم لخط الشيخ مصطفي السباعي الذي كان صاحب جولات في برلمان الخمسينات حين كانت سوريا ديمقراطية وانتخابات، وحرية تعبير، ومناخ سياسي ليبرالي يتأسف ويتحسر عليه السوريون إلي اليوم لكن ذلك كله ــ ولا جدوي من البكاء علي الحليب المراق ــ نسفته مرحلة الانقلابات العسكرية التي اكتملت شرورها بحكم البعث منذ عام ٣٦٩١وذاك الحزب الذي تحالف مع قوي قومية ويسارية هو الذي أوصل سوريا إلي هذه المرحلة من التفتت والضعف، ويكاد يوصلها اليوم إلي شفير الحرب الأهلية.وبما أن القوميين واليساريين قد أخذوا فرصتهم ــ أو تم الحكم باسمهم ــ في سوريا ومصر والعراق وليبيا علي فترات مديدة، فمن الصعب تصورهم عنصرا فاعلا في أي تحالفات سياسية للمرحلة المقبلة، فقد جربتهم الجماهير، ولفظتهم كما أرجح، ولا تريد تكرار التجربة معهم، فالمجرب لا يجرب ثانية خصوصا إذا كانت الفرصة التي أعطيت له طويلة ومثقلة بالهزائم، وعليه فان التفكير السياسي يذهب حاليا باتجاه آخر ليس فيه »قومجيات« ولا فصائل اسلام سياسي متعصب يعطي الآخرين الفرصة لدمغ الاسلام كله بالتطرف.

أن الحلف الجديد الذي يلوح في الأفق، ويمكن أن يجلب للمنطقة الاستقرار وبعض الازدهار الاقتصادي، ويستطيع أن ينقذ الربيع العربي جزئيا من أزماته المتفاقمة بفعل ضغط قوي الثورة المضادة لابد أن تتشكل قواه الرئيسية من فريقين أولهما التنظيمات الإسلامية المعروفة باعتدالها، وثانيهما القوي الليبرالية العربية التي لم تأخذ فرصتها أبدا في أزمنة الديماغوجية السياسية المنصرمة.

ولا يمكن الزعم أن ذلك الحلف السياسي الذي سيتشكل من ليبراليين واسلاميين معتدلين سيرث في حال نشوئه عصا موسي ويتحول إلي »وصفة سحرية« لمشاكل وأزمات ثورات الربيع العربي لكنه سيكون علي أقل تقدير، وفي حال تلقيه الدعم من الجيوش الوطنية مدخلا للاستقرار الطبيعي الذي يختلف عن استقرار المستنقعات الذي تفرضه أجهزة الأمن، ومع الاستقرار يأتي الازدهار الاقتصادي لبلاد لم تعرف حتي الآن كيف تستفيد من ثرواتها الطبيعية ناهيك عن ثرواتها البشرية، فالعالم العربي يضج بالمواهب والكفاءات لكنها بغالبيتها العظمي تفر من جحيم أوطان تضع كرامة الانسان وحريته في ذيل قائمة الاولويات الوطنية
------------------------------
أخبار اليوم المصرية .

 


د . محيي الدين اللاذقاني
السبت 26 ماي 2012