يقول الفيلسوف والكاتب يرمياهو يوفل عن نتنياهو، «هو فائق الذكاء لدرجة انه يستطيع ان يخفي ذلك بهدف التقرّب من ناخبيه». وهو أسلوب يمارسه نتنياهو بناء على نصائح من قبل المسؤول عن حملاته في التواصل والإعلام، الاميركي آرثر فينكلستاين. الشعارات الانتخابية البسيطة هي نفسها، اللعب على الخوف... البارحة، الفلسطينيون كانوا هم الاعداء، اليوم، ايران هي العدو. وقد كان شعار نتنياهو الذي طرحه في حملته الانتخابية الاولى: «رئيس حكومة قوي، لبلد قوي».
للعودة الى جذور العائلة، خصّصت مجلة «لو بوان» الفرنسية تقريراً خاصاً حول رئيس الحكومة الاسرائيلي، الذين ينادونه في اسرائيل، «بي بي»، وعائلته التي تنحدر أساساً من لتوانيا، حيث كان الجد الاكبر للعائلة ناثان ميلكوفسكي، حاخاماً في إحدى القرى هناك. في العام 1920، يتّجه رابين ناثان وأولاده التسعة الى فلسطين في عهد الانتداب البريطاني. بنسيون، الولد الاكبر، يصبح والد نتنياهو. درس في الجامعة العبرية في القدس، واخذ من نتنياهو (عطا الله) اسما له، وهو الاسم الذي كان يستخدمه الحاخام ناثان في كتاباته في الصحافة الروسية، حيث كان يكتب في صحيفة «حا-يردن»، إحدى صحف اليمين الصهيونية.
في العام 1939، اتجّه نجل رابين ناثان الى الولايات المتحدة، حيث اصبح هناك سكرتيراً لمدة عام للزعيم زئيف جابوتينسكي، الصهيوني الروسي ومؤسس الحركة التصحيحية وحركة «بيتار». جابوتينسكي، الرجل الصهيوني المتطرّف الذي كرّس وقته في ممارسة النشاطات الصهيونية وعمل على النهوض بحقوق الأقلية اليهودية في روسيا. جابوتينسكي، الذي كان ينادي بالرد بالشدة على كل من يريد النيل من أهداف الصهيونية. ومن الجمل الشهيرة التي كان يردّدها هذا المتطّرف، والذي كان متأثّرا به والد نتنياهو، «علينا إعطاء الصهيونية صبغتها السياسية مرة أخرى، والتي أصبحت بعد السنوات التي فاتت من وفاة هرتسل مشوشة تماما وغرقت في النسيان.» ينتقده الكاتب اليهودي المعادي تمامًا للصهيونية، يوري أفنيري، بسبب وجهة نظره «في الموافقة على قتل الابرياء العرب في عمليات انتقامية»، رغم اعجابه الشديد بأسلوب كتاباته، في مقابلة معه مع صحيفة هآرتز الاسرائيلية في العام 2011، والتي حذفت ما نسب اليه من كلام سلبي عن جابوتينسكي.
نشأ عليها نتنياهو، الذي شرب الصهيونية من أب عنيد، لم يغيّر مساره العقائدي الثابت. وقد حيّت الخطابات في اسرائيل سياسة الاب عندما اشادت بالذي «لا يريد ان يعطي شبراً واحداً من الارض اليهودية للعرب!»
نقطة التغيير الفاصلة في حياة نتنياهو كانت وفاة شقيقه البكر يوني إثر استهداف طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية في اوغاندا في العام 1976 لتحرير ركاب كانوا على متنها، كان قد خطفها فلسطينيون. تلك الحادثة جعلت من شقـيق نتنياهو بطلاً في اسرائيل. ويؤكّد أحد أصدقاء نتنياهو انه «لولا موت اخيه يوني، لما كان أبدا دخل المعترك السياسي». غير ان نتنياهو، ويا للمفارقة، كان جزءاً من فريق الكوماندوس الذي كانت مهمته تفجير طائرات في مطار بيروت.
نتنياهو، المعروف بسياسة الـ«زيك زاك»، ألّف كتاباً بعنوان: «محاربة الارهاب» أثنى عليه الرئيس الاميركي رولاند ريغن ونصح بقراءته. ومن صفاته انه شخص من دون اصدقاء. هو ذئب وحيد. «لا يؤمن سوى بالقوة». بالنسبة للاسرائيليين، انه رئيس الحكومة الاكثر مراوغة في تاريخ الدولة العبرية. هو رئيس، معسكره نفسه يحذر منه، حيث يراوغ بين التراث العائلي لمنظري الدولة اليهودية وعدم التزامه بالوعود، جراء الضغوطات السياسية. ومن هنا اكتسب لقب «بي بي زيك زاك».
حتى انه في احدى المرات، واثناء اجتماع قمة الدول الـ20 في مدينة «كان» الفرنسية في تشرين الثاني 2011، و«الميكروفون» «مفتوح» على الهواء للجميع، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للرئيس الاميركي باراك أوباما: «بنيامين نتنياهو كاذب ولديه ازدواجية في لغته».
«يستطيع ان يكون «فاتنا» سياسيا أمام رؤساء الدول. لكن عندما يتوجّه بالعبرية لزملائه في حزب «الليكود»، لا يقول الاشياء نفسها»، «ليس رجلا موثوقاً جدا به»، قالها رئيس الحكومة الاسبق اسحق شامير، في حديث مع احد الصحافيين من «نيويوركر» في العام 1998.
لدى نتنياهو مصادر تمويل كبيرة من قبل اليهود الاميركيين الاثرياء، مثل نجل استيه لودر، صاحب الشركة العملاقة لادوات التجميل والتزيين، الذي يقف دائما الى جانبه. لديه الدعم السياسي من قبل الجمهوريين، وهم اللوبي اليهودي لليمين والانجيليين الاميركيين.
لا احد يتعجّب من ان نتنياهو، على رأس السلطة، منذ العام 1996، يسعى للحفاظ على تراث والده السياسي: عدم التخلي عن أي شبر من ارض اسرائيل. حتى لو قبل بالانسحاب من وسط الخليل، مدينة الاولياء، عندما كان بيل كلينتون رئيساً لاميركا، وقبل بحل بعض المستعمرات في عشرة اشهر، لكن منذ حينها، سدّ اذنيه. وفي إحدى المرات، كشف نتنياهو عن الحديث الذي جرى بين والده وبن غوريون بعد غزو سيناء، لطرح استراتيجية للحفاظ عليها: «لماذا انت قلق»، يسأل رئيس الحكومة. «ان الولايات المتحدة تريد ان ترغمنا على الانسحاب»، يرد بنسيون. «وكان محقاً»، يقول نتنياهو، مشيراً الى انها كانت المرة الاولى والاخيرة التي فرضت فيها الولايات المتحدة إملاءها عليهم.
كتب يوري أفنيري، في مقال بعنوان: «البحر والنهر»، في منتصف كانون الثاني العام 2012: «فلسطين، من الاردن الى البحر هي ملك لنا»، قالها خالد مشعل... و«أرض إسرائيل من البحر الى نهر الاردن، ملك لنا»، يقولها اليمين الاسرائيلي دائماً. يرى أفنيري «ان كلا التصريحين يبدوان متطابقين، مع فارق باسم البلد، لكن اذا تمعّنت في قراءتهما، تجد فرقاً بسيطاً: الاتجاه. «من البحر الى النهر ومن النهر الى البحر». ويضيف: «لدى الصهاينة عقلية العبور من البداية، مثل اسلافهم القادمين من الغرب وحتى يومنا هذا، كما انه لا مفرّ من الحقيقة البسيطة ان تكون هناك دولتان بين النهر والبحر، وكذلك بين البحر والنهر، إلا اذا كنا نريد البلد كله - البحر الى النهر، النهر الى البحر - ليصبحوا مقبرة واحدة». هذا هو نتنياهو!
ماذا تنتظر إسرائيل من نتنياهو؟ سؤال لا يخص العرب. ماذا ينتظر الفلسطينيون؟ الجواب ليس عند نتنياهو بل عند الفلسطينيين.
للعودة الى جذور العائلة، خصّصت مجلة «لو بوان» الفرنسية تقريراً خاصاً حول رئيس الحكومة الاسرائيلي، الذين ينادونه في اسرائيل، «بي بي»، وعائلته التي تنحدر أساساً من لتوانيا، حيث كان الجد الاكبر للعائلة ناثان ميلكوفسكي، حاخاماً في إحدى القرى هناك. في العام 1920، يتّجه رابين ناثان وأولاده التسعة الى فلسطين في عهد الانتداب البريطاني. بنسيون، الولد الاكبر، يصبح والد نتنياهو. درس في الجامعة العبرية في القدس، واخذ من نتنياهو (عطا الله) اسما له، وهو الاسم الذي كان يستخدمه الحاخام ناثان في كتاباته في الصحافة الروسية، حيث كان يكتب في صحيفة «حا-يردن»، إحدى صحف اليمين الصهيونية.
في العام 1939، اتجّه نجل رابين ناثان الى الولايات المتحدة، حيث اصبح هناك سكرتيراً لمدة عام للزعيم زئيف جابوتينسكي، الصهيوني الروسي ومؤسس الحركة التصحيحية وحركة «بيتار». جابوتينسكي، الرجل الصهيوني المتطرّف الذي كرّس وقته في ممارسة النشاطات الصهيونية وعمل على النهوض بحقوق الأقلية اليهودية في روسيا. جابوتينسكي، الذي كان ينادي بالرد بالشدة على كل من يريد النيل من أهداف الصهيونية. ومن الجمل الشهيرة التي كان يردّدها هذا المتطّرف، والذي كان متأثّرا به والد نتنياهو، «علينا إعطاء الصهيونية صبغتها السياسية مرة أخرى، والتي أصبحت بعد السنوات التي فاتت من وفاة هرتسل مشوشة تماما وغرقت في النسيان.» ينتقده الكاتب اليهودي المعادي تمامًا للصهيونية، يوري أفنيري، بسبب وجهة نظره «في الموافقة على قتل الابرياء العرب في عمليات انتقامية»، رغم اعجابه الشديد بأسلوب كتاباته، في مقابلة معه مع صحيفة هآرتز الاسرائيلية في العام 2011، والتي حذفت ما نسب اليه من كلام سلبي عن جابوتينسكي.
نشأ عليها نتنياهو، الذي شرب الصهيونية من أب عنيد، لم يغيّر مساره العقائدي الثابت. وقد حيّت الخطابات في اسرائيل سياسة الاب عندما اشادت بالذي «لا يريد ان يعطي شبراً واحداً من الارض اليهودية للعرب!»
نقطة التغيير الفاصلة في حياة نتنياهو كانت وفاة شقيقه البكر يوني إثر استهداف طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية في اوغاندا في العام 1976 لتحرير ركاب كانوا على متنها، كان قد خطفها فلسطينيون. تلك الحادثة جعلت من شقـيق نتنياهو بطلاً في اسرائيل. ويؤكّد أحد أصدقاء نتنياهو انه «لولا موت اخيه يوني، لما كان أبدا دخل المعترك السياسي». غير ان نتنياهو، ويا للمفارقة، كان جزءاً من فريق الكوماندوس الذي كانت مهمته تفجير طائرات في مطار بيروت.
نتنياهو، المعروف بسياسة الـ«زيك زاك»، ألّف كتاباً بعنوان: «محاربة الارهاب» أثنى عليه الرئيس الاميركي رولاند ريغن ونصح بقراءته. ومن صفاته انه شخص من دون اصدقاء. هو ذئب وحيد. «لا يؤمن سوى بالقوة». بالنسبة للاسرائيليين، انه رئيس الحكومة الاكثر مراوغة في تاريخ الدولة العبرية. هو رئيس، معسكره نفسه يحذر منه، حيث يراوغ بين التراث العائلي لمنظري الدولة اليهودية وعدم التزامه بالوعود، جراء الضغوطات السياسية. ومن هنا اكتسب لقب «بي بي زيك زاك».
حتى انه في احدى المرات، واثناء اجتماع قمة الدول الـ20 في مدينة «كان» الفرنسية في تشرين الثاني 2011، و«الميكروفون» «مفتوح» على الهواء للجميع، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للرئيس الاميركي باراك أوباما: «بنيامين نتنياهو كاذب ولديه ازدواجية في لغته».
«يستطيع ان يكون «فاتنا» سياسيا أمام رؤساء الدول. لكن عندما يتوجّه بالعبرية لزملائه في حزب «الليكود»، لا يقول الاشياء نفسها»، «ليس رجلا موثوقاً جدا به»، قالها رئيس الحكومة الاسبق اسحق شامير، في حديث مع احد الصحافيين من «نيويوركر» في العام 1998.
لدى نتنياهو مصادر تمويل كبيرة من قبل اليهود الاميركيين الاثرياء، مثل نجل استيه لودر، صاحب الشركة العملاقة لادوات التجميل والتزيين، الذي يقف دائما الى جانبه. لديه الدعم السياسي من قبل الجمهوريين، وهم اللوبي اليهودي لليمين والانجيليين الاميركيين.
لا احد يتعجّب من ان نتنياهو، على رأس السلطة، منذ العام 1996، يسعى للحفاظ على تراث والده السياسي: عدم التخلي عن أي شبر من ارض اسرائيل. حتى لو قبل بالانسحاب من وسط الخليل، مدينة الاولياء، عندما كان بيل كلينتون رئيساً لاميركا، وقبل بحل بعض المستعمرات في عشرة اشهر، لكن منذ حينها، سدّ اذنيه. وفي إحدى المرات، كشف نتنياهو عن الحديث الذي جرى بين والده وبن غوريون بعد غزو سيناء، لطرح استراتيجية للحفاظ عليها: «لماذا انت قلق»، يسأل رئيس الحكومة. «ان الولايات المتحدة تريد ان ترغمنا على الانسحاب»، يرد بنسيون. «وكان محقاً»، يقول نتنياهو، مشيراً الى انها كانت المرة الاولى والاخيرة التي فرضت فيها الولايات المتحدة إملاءها عليهم.
كتب يوري أفنيري، في مقال بعنوان: «البحر والنهر»، في منتصف كانون الثاني العام 2012: «فلسطين، من الاردن الى البحر هي ملك لنا»، قالها خالد مشعل... و«أرض إسرائيل من البحر الى نهر الاردن، ملك لنا»، يقولها اليمين الاسرائيلي دائماً. يرى أفنيري «ان كلا التصريحين يبدوان متطابقين، مع فارق باسم البلد، لكن اذا تمعّنت في قراءتهما، تجد فرقاً بسيطاً: الاتجاه. «من البحر الى النهر ومن النهر الى البحر». ويضيف: «لدى الصهاينة عقلية العبور من البداية، مثل اسلافهم القادمين من الغرب وحتى يومنا هذا، كما انه لا مفرّ من الحقيقة البسيطة ان تكون هناك دولتان بين النهر والبحر، وكذلك بين البحر والنهر، إلا اذا كنا نريد البلد كله - البحر الى النهر، النهر الى البحر - ليصبحوا مقبرة واحدة». هذا هو نتنياهو!
ماذا تنتظر إسرائيل من نتنياهو؟ سؤال لا يخص العرب. ماذا ينتظر الفلسطينيون؟ الجواب ليس عند نتنياهو بل عند الفلسطينيين.