الدلائل تقول نعم. وهي بالإضافة الى الحركة الفعلية على الأرض فإن كل الدلائل تشير أن معركة ترتيب البيت السوري قد بدأت بالفعل.
سحر داعش الذي خلقة الأسد بيديه واتكأت عليه موسكو في مساندتها لنظامه، انقلب أخيرا على الساحر. فالنقطة التي حددتها الإدارة الأمريكية للتدخل ضد الإرهاب الذي حكم سوريا خلال الإثنين والأربعين شهرا الماضية قد وصلت اليوم إلى درجة النضج وبات النظام في سورية يواجه لحظة الحقيقة.
لقد سمحت الجرائم التي اقترفها إرهابيو داعش لأمريكا بالعودة ثانية للمنطقة للاستحواذ على زمام المبادرة بعيدا عن مجلس الأمن والتفافا على الفيتو الروسي وتابعه الصيني. لتشكل الولايات المتحدة اليوم بصفتها دولة تم الاعتداء عليها تحالفا دوليا للحرب على الإرهاب، والذي بدأ عملياته على الأرض في سورية فجر هذا اليوم 23 سبتمبر.
وعلى الرغم من أن البعض اعتبر ماصرح به أوباما عشية ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي في 19 من أغسطس من أنه لا يملك استراتيجية للتعامل مع داعش، بأنها زلة لسان تكشف استخفافا كبيرا بأحداث جسيمة من قبل رئيس القوة العظمى في العالم، إلا أن الواقع يشير أن الاستراتيجية الأمريكية كانت مرسومة في خطوطها العريضة قبل أن تتمدد داعش بفترة طويلة في سورية والعراق أقله مذ سمح النظام الدولي لآلاف المقاتلين الأجانب بالتجمع والاقتتال على الأرض السورية بما فيهم مقاتلو داعش وحزب الله والميليشيات الشيعية من العراق وباكستان وأفغانستان واليمن.
ألم يذهب كثير من المحللين الاستراتيجيين إلى أن المقصود من هذا التغاضي الدولي عن تقاطر الإرهابيين الدوليين على الأرض السورية لم يكن هدفه سوى السماح للعناصر الموصوفة خطرة على النظام العالمي بالتجمع وإنهاكها بالاقتتال فيما بينها للتخلص منها فيما بعد؟
ألم تحن اليوم لحظة الما بعد؟
ألم يشكل الأرهاب الداعشي مبررا كافيا لتتحرك الإدارة الأمريكية اليوم خارج مجلس الأمن ولتشكل تحالفا يعد الأكبر عدديا في تاريخ الأمم ضد تنظيم إرهابي وذلك بعد أن وقف الفيتو الروسي والصيني جدارا مانعا أمام أي تحرك دولي فعال ضد نظام الأسد وهو الذي ثبت بالواقع أنه مصدر الإرهاب الأول في المنطقة والعالم؟
وعلى الرغم أن الصورة مازالت في مجملها ضبابية فيما يخص مدى مساهمة إيران في التحالف إلى جانب التحذيرات التي تطلقها روسيا بضرورة ضم النظام السوري للحرب على داعش أو احترام السيادة السورية بأضعف الإيمان كما صرح لافروف قبل يومين من بداية الضربات إضافة إلى التمتمة الإيرانية بصوت مرتفع والتي استبعدت إمكانية إضعاف “النظام المركزي” في سورية في أي حرب على الإرهاب، وكلا التصريحين صدرا قبل أقل من 48 ساعة على إطلاق أكثر من 30 غارة على الأرض السورية- ما يوحي بأن أمريكا لاتقيم أي اعتبار لمخاوف وتحذيرات جوقة حلفاء الأسد والذين باتوا متخوفين من مصيره المحتوم.
لماذا سيسقط الأسد كنتيجة للحرب على الإرهاب؟
لأن الحرب إن كانت على الإرهاب فعلا وليس على الثورة السورية أو على الانتفاضة السنية ضد الهيمنة الإيرانية التي تتخذ لبوسا شيعيا في المنطقة فلا بد ان تطال مهندس الإرهاب وصانعه في الإقليم والعالم وهو نظام الأسد.
ثانيا -وهو الأهم- إنه الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تحقق أهدافها دون ثوار سورية خصوصا أن أمريكا لا ترغب في أي مواجهة برية مع داعش..وفي حال استطاع المقاتلون السوريون السيطرة على داعش فمن سيوقفهم عن انهاء الأسد..وقد تحرروا من طعنات الظهر التي كالتها لهم داعش خلال سنوات الثورة.
إن أي سيناريو آخر للقضاء على داعش بإدماج إيران والنظام السوري للإبقاء على الأخير وإعادة تأهيله لن تفيد سوى في تفريخ داعش وتمددها في الإقليم وفي العالم. ذلك أن نظام الأسد الذي يشعر بالمهانة والخيانة تجاه كل جيرانه لا بد سينتقم بتصدير داعش إذا قيض لهذا النظام أن يصحو من سكرة الموت.
صبيحة يوم ال 23 من سبتمبر دخلت المنطقة مرحلة جديدة سيختفي في نهايتها نظام الأسد وستعلم إيران أن سيطرة نظامها وتأثيره لن تكون بعد اليوم ابعد من حدودها على أحسن تقدير ولن تكون بحال من الأحوال على شاطئ المتوسط كما حلمت خلال العقدين الماضيين.
----------
ارم