كارثة الزلزال الأخيرة في هايتي تقدم لنا مرآة أخرى نرى فيها أنفسنا. كل الامم المتحضرة هبّت لنجدة شعب هذه الجزيرة المنكوبة.. الحكومات، والمؤسسات الدينية، وهيئات المجتمع المدني، والشخصيات الاجتماعية، وبخاصة نجوم السينما والموسيقى والمسرح، انخرطت في حملة تلقائية لجمع التبرعات.. كبار السياسيين والفنانين أطلقوا النداءات، وبادروا إلى التبرع بالملايين، بل إن بعضهم ذهب الى ميدان الكارثة لتضميد الجراح، وتقديم المآكل والملابس والأفرشة الى الضحايا الذين لم يسأل المبادرون الى الحملة والمنخرطون فيها عن دينهم (الضحايا)، ولا عن مذهبهم،
ولا عن اللغة التي يتكلمون بها، ولا عن لون بشرتهم، فهم بالنسبة إليهم بشر فحسب.
ما من صحيفة، وما من قناة تلفزيونية، أوروبية، أو أميركية، لم تبادر الى إطلاق النداء (Haiti Apeal).
لكن ماذا عنّا، نحن العرب والمسلمين، أخيَر الأمم وأعلاها درجة وأسماها مقاما وأرفعها شرفا.. والفرقة الناجية والجماعة الموعودة بالمستقبل وبالجنة؟.. بعض حكوماتنا أعلنت عن تقديم تبرعات محدودة فقط، لكن لا شيء خارج الحكومات. لم نسمع من شيخ الأزهر، ولا من مرجع الشيعة الأعلى، ولا من إمام الحرم المكي، كلمة تعزية، أو عبارة تأسف، أو نداء إغاثة.. لم نرَ على واحدة من محطاتنا التلفزيونية، التي تُعدّ بالمئات، فنانا أو رجل دين، أو عالما، أو أديبا، أو طبيبا يبادر الى التبرع ويحثّ عليه!!
منذ ست سنوات (ديسمبر 2003)، عندما ضرب زلزال قوي منطقة بام الإيرانية ودمرها على نحو مروع، وقتل أكثر من ثلاثين ألفا من سكانها، تداعى المجتمع الدولي، الرسمي والشعبي، الى إغاثة الضحايا، ومعاونة الحكومة الإيرانية على تجاوز المحنة. حتى الولايات المتحدة حرصت على المساعدة، على رغم العداوة المتأصلة مع النظام الإيراني وانقطاع العلاقات.
وعندما حدث التسونامي، قبل خمس سنوات، لم يفرّق المغيثون والمتبرعون، وغالبيتهم من العالم المسيحي، بين مسلمي إندونيسيا والمالديف والمسيحيين والهندوس والبوذيين في الهند وسريلانكا وسائر دول جنوب شرق آسيا التي تضررت.. التبرعات ذهبت الى الجميع دونما تمييز بين دين وآخر، وقومية وثانية.
بعضنا يعتقد أن العالم يكرهنا.. هذا خطأ كبير، فنحن لا نظهر للعالم أننا نحب غيرنا، كما هو يحب بعضه بعضا.. نتسابق على ان نقدم اليه صورة عنا مشحونة بإمارات الغضب، وعلامات الكراهية، ونتنافس في تبرير اعمال الإرهاب،
ولا نقدم في مناسبات المحنة والكارثة لمسة حنان تقول إننا إنسانيون مثل الآخرين.
المشكلة فينا، فنحن لا نعرف الحب.. إلا حب أنفسنا المبالغ فيه إلى أبعد الحدود، وأكثرها التباسا مرضيا.
----------------------------
شناشيل
ولا عن اللغة التي يتكلمون بها، ولا عن لون بشرتهم، فهم بالنسبة إليهم بشر فحسب.
ما من صحيفة، وما من قناة تلفزيونية، أوروبية، أو أميركية، لم تبادر الى إطلاق النداء (Haiti Apeal).
لكن ماذا عنّا، نحن العرب والمسلمين، أخيَر الأمم وأعلاها درجة وأسماها مقاما وأرفعها شرفا.. والفرقة الناجية والجماعة الموعودة بالمستقبل وبالجنة؟.. بعض حكوماتنا أعلنت عن تقديم تبرعات محدودة فقط، لكن لا شيء خارج الحكومات. لم نسمع من شيخ الأزهر، ولا من مرجع الشيعة الأعلى، ولا من إمام الحرم المكي، كلمة تعزية، أو عبارة تأسف، أو نداء إغاثة.. لم نرَ على واحدة من محطاتنا التلفزيونية، التي تُعدّ بالمئات، فنانا أو رجل دين، أو عالما، أو أديبا، أو طبيبا يبادر الى التبرع ويحثّ عليه!!
منذ ست سنوات (ديسمبر 2003)، عندما ضرب زلزال قوي منطقة بام الإيرانية ودمرها على نحو مروع، وقتل أكثر من ثلاثين ألفا من سكانها، تداعى المجتمع الدولي، الرسمي والشعبي، الى إغاثة الضحايا، ومعاونة الحكومة الإيرانية على تجاوز المحنة. حتى الولايات المتحدة حرصت على المساعدة، على رغم العداوة المتأصلة مع النظام الإيراني وانقطاع العلاقات.
وعندما حدث التسونامي، قبل خمس سنوات، لم يفرّق المغيثون والمتبرعون، وغالبيتهم من العالم المسيحي، بين مسلمي إندونيسيا والمالديف والمسيحيين والهندوس والبوذيين في الهند وسريلانكا وسائر دول جنوب شرق آسيا التي تضررت.. التبرعات ذهبت الى الجميع دونما تمييز بين دين وآخر، وقومية وثانية.
بعضنا يعتقد أن العالم يكرهنا.. هذا خطأ كبير، فنحن لا نظهر للعالم أننا نحب غيرنا، كما هو يحب بعضه بعضا.. نتسابق على ان نقدم اليه صورة عنا مشحونة بإمارات الغضب، وعلامات الكراهية، ونتنافس في تبرير اعمال الإرهاب،
ولا نقدم في مناسبات المحنة والكارثة لمسة حنان تقول إننا إنسانيون مثل الآخرين.
المشكلة فينا، فنحن لا نعرف الحب.. إلا حب أنفسنا المبالغ فيه إلى أبعد الحدود، وأكثرها التباسا مرضيا.
----------------------------
شناشيل