وفي مصر نرى استهدافاً لاقباط خارجين من احتفالهم باعياد الميلاد مما يدل في شكل واضح على فقدان البوصلة، وبالتالي المرجعيات الموثوق بها - دينياً وسياسياً - في معظم الاقطار العربية مما يستوجب استنفاراً سريعاً للعقول والضمائر لدى قيادات الدول والمجتمعات المدنية، وان امكن برعاية جامعة الدول العربية لان ما نواجه من فلتان في الغرائز يرافقه ادمان للعنف من شأنه اجهاض انجازات تحققت، وبالتالي الاستمرار في حالة التفكك بين الاقطار العربية والتفتيت داخل مجتمعاتها.
ندرك ان التعقيدات القائمة في الحالة السائدة تتطلب ادارة مستنيرة حتى لا يؤدي اهمال هذه الظاهرة الخطيرة في المجتمع المدني الى وضعنا جميعاً امام حتمية خيار ادارة الفوضى، وهذا هو تعريف الاستعصاء، وبالتالي المدخل الى الانفجار وعبثية الحلول الناجعة والمطلوبة.
واذا كان ما حصل بالامس في صعيد مصر نمطاً آخذاً في النمو فان ردع هذا التمادي في الاجرام يجب ان يشكل تحريضاً يعزز القدرة والارادة لمعاقبة من يمارسون التمييز العرقي والطائفي ومحاسبة العاجزين عن اعلاء منهج المساءلة، والالحاح على تفعيل نتائجها. من هذا المنظور لا مفر من قوانين تلغي كل المعوقات التي تحول دون انجاز شرعة المواطنة لا في الهويات فحسب بل في تشريع قوانين تؤول الى تجريم سياسات التمييز وتوفر ثقافة التلاحم الوطني والحيلولة دون حصص "للاقليات"، وتأكيد المساواة المطلقة بين المواطنين واعتماد الاهلية والكفاءة شرطا لتبوؤ الموقع المتاح في كل المجالات.
ان ما هو آخذ في الاستفحال في محاولات تمزيق وحدة وتماسك المجتمعات المدينية كما اشرنا في العديد من الاقطار العربية يحيدنا عن التركيز على اولويات ملحة تتعلق في مواجهة التهديدات الاسرائيلية وتفاقم الازمات والنزاعات التي من شأنها استيلاد النزف لدماء الكثير من شعوبنا ولمصداقية حضورنا الحضاري، ومزيد من تقليص احترام المجتمع الدولي لحقوقنا ومصالحنا ويعزز التشكيك في سلامة روايتنا واستقامة التزاماتنا.
ان ما حصل لاقباط خرجوا من كنيستهم ليلاقي بعضهم حتفهم بعدما احتفلوا بنعمة الحياة هو تذكير لما حصل لكثير من مسيحيي العراق وما حصل من اعتداءات على بعض السنة وعلى بعض مراكز العبادة للشيعة. وكذلك على بعض الشيعة وعلى جوامع للسنة في العراق وباكستان. هذا العيب يشوه كل الاديان، وهو استفزاز مقيت لأنبل القيم التي يتشكل منها المعنى الاسمى للايمان. صحيح ان دائرة الوجدان في مصر بادرت في استعادة فورية لمصر الاصيلة واخراج صورتها من التشويه ومحاولات تزييف اصالتها، وبالتالي لحمتها الوطنية، فكان ما قام به مئات المثقفين والكتاب ومن ناشطي حقوق الانسان وممثلين لجماعة "الاخوان المسلمين" امام "دار القضاء العالي"، وهذا دليل على النمط السائد، وان الشطط القاتل هو في المنظور الواقعي نتوءات قابلة للمعالجة الحاسمة، وعيب موقت لن يحرف جماهير المواطنين في مصر عن جذور وعيهم وعمق ادراكهم لحقيقة نفورهم وغضبهم ايضا ممن يشوهون شرف الانتماء الى مصرهم.
الا ان هذه الاصالة الآيلة الى تصحيح مسيرة السلام الاهلي ليست بديلا ويجب الا تكون بديلا من استنفار المرجعيات الموثوق بها لقيادات الدول والمجتمعات المدنية، وهذه العملية يجب ان تدعو اليها الامانة العامة للجامعة فورا لأن التآكل الحاصل في جسم الامة صار خطرا حقيقيا على وجودها. واذا تقاعسنا عن هذه المهمة المطلوبة بالحاح شديد وبالتئام فوري ومدروس فلن ترحمنا الاجيال الصاعدة، وسيكون خروجنا من التاريخ عقاباً لكوننا تخاذلنا عن اعادة انتاجه في لحظة استوجبت قراراً قومياً حاسماً وملهماً.
=======
"الشروق" ا
ندرك ان التعقيدات القائمة في الحالة السائدة تتطلب ادارة مستنيرة حتى لا يؤدي اهمال هذه الظاهرة الخطيرة في المجتمع المدني الى وضعنا جميعاً امام حتمية خيار ادارة الفوضى، وهذا هو تعريف الاستعصاء، وبالتالي المدخل الى الانفجار وعبثية الحلول الناجعة والمطلوبة.
واذا كان ما حصل بالامس في صعيد مصر نمطاً آخذاً في النمو فان ردع هذا التمادي في الاجرام يجب ان يشكل تحريضاً يعزز القدرة والارادة لمعاقبة من يمارسون التمييز العرقي والطائفي ومحاسبة العاجزين عن اعلاء منهج المساءلة، والالحاح على تفعيل نتائجها. من هذا المنظور لا مفر من قوانين تلغي كل المعوقات التي تحول دون انجاز شرعة المواطنة لا في الهويات فحسب بل في تشريع قوانين تؤول الى تجريم سياسات التمييز وتوفر ثقافة التلاحم الوطني والحيلولة دون حصص "للاقليات"، وتأكيد المساواة المطلقة بين المواطنين واعتماد الاهلية والكفاءة شرطا لتبوؤ الموقع المتاح في كل المجالات.
ان ما هو آخذ في الاستفحال في محاولات تمزيق وحدة وتماسك المجتمعات المدينية كما اشرنا في العديد من الاقطار العربية يحيدنا عن التركيز على اولويات ملحة تتعلق في مواجهة التهديدات الاسرائيلية وتفاقم الازمات والنزاعات التي من شأنها استيلاد النزف لدماء الكثير من شعوبنا ولمصداقية حضورنا الحضاري، ومزيد من تقليص احترام المجتمع الدولي لحقوقنا ومصالحنا ويعزز التشكيك في سلامة روايتنا واستقامة التزاماتنا.
ان ما حصل لاقباط خرجوا من كنيستهم ليلاقي بعضهم حتفهم بعدما احتفلوا بنعمة الحياة هو تذكير لما حصل لكثير من مسيحيي العراق وما حصل من اعتداءات على بعض السنة وعلى بعض مراكز العبادة للشيعة. وكذلك على بعض الشيعة وعلى جوامع للسنة في العراق وباكستان. هذا العيب يشوه كل الاديان، وهو استفزاز مقيت لأنبل القيم التي يتشكل منها المعنى الاسمى للايمان. صحيح ان دائرة الوجدان في مصر بادرت في استعادة فورية لمصر الاصيلة واخراج صورتها من التشويه ومحاولات تزييف اصالتها، وبالتالي لحمتها الوطنية، فكان ما قام به مئات المثقفين والكتاب ومن ناشطي حقوق الانسان وممثلين لجماعة "الاخوان المسلمين" امام "دار القضاء العالي"، وهذا دليل على النمط السائد، وان الشطط القاتل هو في المنظور الواقعي نتوءات قابلة للمعالجة الحاسمة، وعيب موقت لن يحرف جماهير المواطنين في مصر عن جذور وعيهم وعمق ادراكهم لحقيقة نفورهم وغضبهم ايضا ممن يشوهون شرف الانتماء الى مصرهم.
الا ان هذه الاصالة الآيلة الى تصحيح مسيرة السلام الاهلي ليست بديلا ويجب الا تكون بديلا من استنفار المرجعيات الموثوق بها لقيادات الدول والمجتمعات المدنية، وهذه العملية يجب ان تدعو اليها الامانة العامة للجامعة فورا لأن التآكل الحاصل في جسم الامة صار خطرا حقيقيا على وجودها. واذا تقاعسنا عن هذه المهمة المطلوبة بالحاح شديد وبالتئام فوري ومدروس فلن ترحمنا الاجيال الصاعدة، وسيكون خروجنا من التاريخ عقاباً لكوننا تخاذلنا عن اعادة انتاجه في لحظة استوجبت قراراً قومياً حاسماً وملهماً.
=======
"الشروق" ا