نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


فشل وهروب من الشمال.. فهل يعوض بوتين في الدونباس؟






ستة أسابيع تسببت بخسائر بشرية بين 7000 و15000 ألف بين المقاتلين, وتدمير آلاف العربات القتالية والدبابات, رافقها فشل ذريع في عمليات التنسيق وعمليات الدعم اللوجيستي بين الفرق العسكرية الروسية, كانت كافية للرئيس بوتين ليعلن بمرارة قراره بسحب فرقه العسكرية من الشمال الأوكراني في محيط العاصمة "كييف" وإعادتها للخطوط التي انطلقت منها في داخل الأراضي البيلاروسية, وكذلك سحب معظم قواته شرقاً من محيط مدينة "تسومي" وأطراف "خاركيف" وإعادتها للداخل الروسي, معلنة عن نهاية المرحلة الأولى من الحرب الروسية على أوكرانيا.


الانسحاب الروسي من الشمال والشرق الذي كان أقرب للهروب, لم يكن عن طيب خاطر روسي كما ادعى منظروه السياسيون والعسكريون, بل كان نتيجة حتمية للفشل المخزي الذي حل بالجيش الأحمر, ونتيجة لسوء الأداء العسكري, وخشية القيادة في موسكو من دخول جيشها مرحلة استنزاف طويلة الأمد تزداد معها الخسائر غير المبررة أمام الشعب الروسي.
مما لا شك فيه أن الرئيس بوتين وجنرالاته من العسكر والمستشارين السياسيين أخطؤوا بعدم تقديرهم الصحيح للإمكانيات الحقيقية للجيش والشعب الأوكراني, ومن المؤكد أنهم وصلوا لقناعة أن كل التقارير العسكرية والسياسية والاستخباراتية التي كانت ترفع للقيادة الروسية من قادة الجيش ومن وحدات الاستطلاع ومن أجهزة المخابرات, كلها لم تنقل الصورة الحقيقية أو التوقع الحقيقي للحرب إذا ما اندلعت مع أوكرانيا, فكانت النتيجة هروب مخزٍ لثاني أقوى جيش بالعالم كما يصفونه.
ومما لا شك فيه, أن قادة الغرب وجنرالات حلف الناتو قد أخطؤوا أيضاً, بأن توقعاتهم ورهانهم على انهيار القيادة السياسية والعسكرية الأوكرانية أمام آلة الحرب الروسية كان رهاناً خاطئاً, وأنه ورغم اقتصار إمدادات الناتو للأوكرانيين ببعض الأسلحة الخفيفة والمحمولة على الكتف من مضادات جوية ومضادات دروع, لكنهم قهروا الروس وأوقعوا بهم خسائر غير متوقعة, وزادوا عليها بمنع بوتين من تحقيق معظم الأهداف التي أعلنها مع بداية الحرب, من تدمير الجيش الأوكراني إلى إسقاط القيادة السياسية, إلى تدمير البنية التحتية, إلى استسلام أوكرانيا ورضوخها للدب الروسي
زيارات قادة الغرب التي بدأت بالتقاطر باتجاه العاصمة كييف والتي تحمل معها وعوداً مادية ضخمة وأرتالاً من الدبابات ومنظومات دفاع جوي (إس_300) وقد تلحق بها طائرات "ميغ29", وتُفتح لها مستودعات الجيش الألماني مع كل الأسلحة المتطورة التي تحويها, كل ذلك يحمل نوعاً من الاعتذار والتراجع الغربي عن الخطأ بتقدير قدرات الرئيس زيلينسكي وجنرالاته ومقاومته الشعبية على هزيمة أتباع بوتين, وتعكس رغبة جامحة لدى الغرب والأمريكان تحديداً لإذلال جيش بوتين.
القوات الروسية التي انسحبت لداخل بيلاروسا بعد خسائر ضخمة وقعت في صفوفها, وأمام الاستعصاء القاتل الذي تجسد بمثلث الدفاع الأوكراني في بلدات "هوستوميل, بوتشا, إربين", ومع فقدان القطعات العسكرية الروسية لزخم الهجوم وتراجع إرادة القتال وفقدان أهم عناصر الجاهزية وغياب (أو تأخر) الدعم اللوجيستي, لم يكن أمامها سوى الانسحاب والعودة لخطوط الانطلاق, فالإصرار على البقاء يعني الدخول بحرب استنزاف تزيد من الخسائر وتضاعف أعداد التوابيت العائدة إلى المدن الروسية, والانسحاب التقهقري كتكتيك عسكري معروف ولن يجدي نفعاً مع مقاومة تزداد شراسة كلما طال أمد الحرب, وكلما حرروا ولو أمتاراً قليلة.
في موسكو ولأول مرة يتخذون القرار الصحيح بسحب قواتهم لكن ليس لنقلها للجنوب لدعم الدونباس كما رددوا عبر الإعلام, فالقوات المهزومة لا يمكن أن تكون قوات معززة لجبهات ناجحة, والقوات التي عانت في محيط كييف من فقدان لمعظم أطقمها وأسلحتها وعرباتها ومدرعاتها, تحتاج لعملية استعواض بالعتاد, وتحتاج لعملية إعادة تطقيم بالعناصر, وتحتاج لفترة من الراحة, مع جلسات مطولة للقادة والعناصر مع أجهزة التوجيه السياسي والطب النفسي, لإعادة معنويات القتال المنهارة لدى قطعات الجيش الروسي, ثم لاحقاً يتم اتخاذ القرار بإعادتها لنفس الجبهات بعد تدعيمها بقوات أخرى إذا ما انهارت المفاوضات السياسية, أو نقلها شرقاً أو جنوباً لتحقيق الحد الأدنى من الأهداف والخروج بإنجاز يحفظ ماء الوجه لقادة الكرملين.
في إقليم الدونباس الذي تدور فيه الحرب منذ عام 2014, وسيطر فيه الانفصاليون على أقل من الثلث قبل اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا, استطاعت الانفصاليون بدعم من طائرات ودبابات وصواريخ الروس من إحراز تقدم على الأرض تجلى بالسيطرة على حوالي 94% من مقاطعة لوغانسك, وحوالي 54% من إقليم دونيتسك, لكن مدينة "ماريوبول" ورغم حصارها ووقف التعزيزات والإمدادات عنها, استطاعت الصمود لأكثر من خمسة أسابيع ولم يحسم أمرها "روسياً" حتى الآن, رغم أن الروس وبمساعدة من مرتزقة "قاديروف" الشيشانيين, دمروا 85% من معالم المدينة, وما حل بـ"ماريوبول" يعيد سيناريو ما فعله الروس في مدينة حلب الشهباء, ومدن اللطامنة ومورك وخان شيخون ومعرة النعمان وسراقب.
بوتين يدرك اليوم أن حربه على أوكرانيا ستتوقف وقريباً, وقد يكون وقفها رغماً عنه وبعيداً عن إرادته, فالهمسات بدأت تعلو بين جنرالات جيشه, وفي مكاتب ضباط استخباراته, إضافة لمعظم شوارع المدن الروسية وأمهات القتلى والجرحى الروس, لكن قبل أن تتوقف يبحث بوتين عن إنجاز يحفظ ماء وجهه فيه, إنجاز فشل تحقيقه في الشمال الأوكراني وشرقه وغربه ولم يتبق إلا الجنوب, حيث يريد بوتين أن يجعل من بحر أزوف مياه داخلية بعد التخلص من عقدة ماريوبول, وبالتالي وصل إقليم الدونباس بشبه جزيرة القرم, ومن ثم السباق مع الزمن بتجميع القوات الروسية مع الانفصاليين على عجل والدفع بهم نحو جبهة "ميكولاييف" التي يبدع الأوكران حتى الآن في الدفاع عنها, بعد أن استطاعوا إبعاد الجيش الروسي عن حدود ميكولاييف لأكثر من 40 كم وزادوا عليها الدخول وتحرير 14 بلدة وقرية في داخل حدود مقاطعة "خيرسون" التي سيطر عليها الروس منذ الأسبوع الأول من الحرب.
عملية تدمير مطار ميكولاييف في الجنوب, ومن ثم تدمير مطار دنيبرو في وسط أوكرانيا, وكذلك ضرب معظم مستودعات وخزانات الوقود في أوديسا ومحيط كييف, مع قصف محطات المياه وبعض المخابر العلمية والجامعات والمصانع, هي جزء من عملية إشغال للجيش الأوكراني لعدم تعزيز جبهاتهم في الجنوب, وبنفس الوقت تحقيق هدف بوتين السابق بتدمير البنية التحتية العسكرية والمدنية لأوكرانيا.
بالمقابل القوات الأوكرانية مع قيادتها السياسية وبتنفسهم الصعداء بعد زوال الخطر مرحلياً عن عاصمتهم السياسية والعسكرية شمالاً, وبعد تخفيف الضغط عن جبهاتهم الشرقية والغربية, لا بد أن لهم خططاً عسكرية جديدة, تتناسب مع الدعم العسكري الغربي الضخم الذي بدأت شحناته تصل للأراضي الأوكرانية, يضاف له دعم مخفي من أجهزة استطلاع حلف "الناتو" ومن معظم أجهزة الاستخبارات الغربية, ومع روح قتالية عالية وإرادة قتال للجيش الأوكراني فاجأت الغرب قبل بوتين, في تلك الظروف تعلن الحرب في أوكرانيا في أسبوعها السابع عن انطلاق مرحلتها الثانية.
مرحلة ثانية يريدها بوتين مدخلاً لإنجازات ولو بالحد الأدنى تحقق جزءاً من سقف طلباته المرتفع وتنزله عن الشجرة التي علق بها, ويريدها الأوكران انتصاراً جديداً يؤكدون فيه أن صاحب الحق لا يهزم, ويريدها الغرب حرباً بالنيابة تذل الجيش الروسي وتفرمل طموحات القيصر التي زادت عن حدها. 
----------
اورينت نت

العميد الركن أحمد رحال
الاحد 17 أبريل 2022