نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


عندما تحاكم "ثورة الكيوت" الثورة السورية




في عام 2012 وبعد تحرير الرستن من براثن النظام الأسدي تواصلت مع صديق إعلامي هناك فكان من ضمن ما أخبرني به أن ثوار الرستن وعندما أخذوا قرار التصعيد النهائي الذي لا رجعة فيه كان من ضمن ما اتفقوا عليه بإشراف من وجهاء المدينة أن يتم إحراق كافة الملفات في مفارز المخابرات عند تحريرها، فقد كانت هناك روح ثورية تتصاعد بعد ارتكاب النظام الأسدي المجازر بحق المتظاهرين السلميين في الرستن وكان لابد من السلاح، لكن واجهتهم مشكلة، فقد كان الجميع متأكدين من وجود العديد ممن كتبوا التقارير بآخرين ضمن مكان العمل أو الحي، ومع تداخل الأمر بالعلاقات العائلية والعشائرية التي تسود هناك، كان الخوف من أن يؤدي الكشف عن الملفات داخل مفارز المخابرات إلى كشف هذه التقارير مما سيوقع عداوة بين الجميع يستفيد منه النظام ناهيك عن انقسامهم قبل التحرير، لذلك كان القرار بحرق كافة الملفات فور التحرير، وهو ما حصل فعلاً.


 
كان قراراً يوازن بين خيارين ليسا بالمثاليين بمنظار العدالة الطوباوية التي يقول بها الدراويش الحالمون ويستخدمها عند الضرورة الانتهازيون الكذابون، فاختاروا ما يخدم مصلحة الثورة التي التحقوا بها وكان من بينهم عدد كبير من العسكريين المنشقين كون المدينة كانت من البلدات السنية القليلة جدا التي التحق رجالها بمؤسسات النظام الأسدي بكثرة بسبب تشجيع ورعاية مصطفى طلاس لذلك، وبالمقابل كان لانشقاق عدد كبير منهم من جيش النظام أثر كبير في كشف هويته الطائفية، وهم من كان منهم أول ضابط منشق وهو الشهيد أحمد الخلف.

بالعودة للحاضر، لابد أولاً من توضيح بعض الحقائق؛ في عام 2012 بدأ المركز الأوروبي ECCCHR بفتح القضايا بتمويل من حزب الخضر الألماني لكن عدد المدعين والشهود لم يكن كافياً وهي مشكلة حلت بموجة اللاجئين التي وصلت عام 2015 وهنا دخل كل من "المحامي أنور البني" والناشط "مازن درويش" على القضية بتكليف من المركز المذكور وبدور محدد واحد فقط يتمثل بجلب شهود للمركز لمتابعة القضية وهو ما حصل، ليقوم محامو المركز الألمان مع فريق صغير من غير السوريين بإنجاز كل الأمر الذي أوصل إلى قبول الادعاء للقضايا وإصداره مذكرات الملاحقة لم يعلن عنها، لتتجمد القضية هنا خاصة مع عدم رغبة المركز بالتحرك ضد الحكومات المخالفة قانونيا، وهو ما حصل مثلاً يوم زار المطلوب "علي مملوك" إيطاليا بدعوة من مخابراتها وداخليتها.

بعد سنوات من التمويل كان لابد من إنجاز ما للمركز يشجع الممولين على الاستمرار بعد أن وقفت القضية عند هذا الحد، فكان أن اتجهت أنظار المركز لإنجاز سهل ككبش فداء، فكان وبتشجيع من البعض كل من "إياد غريب" الذي تم الغدر به وحول من شاهد في القضية إلى متهم، وأنور رسلان من منشق إلى ممثل للنظام الأسدي. 
 

أختم الحقائق بالقول أن اتهام أي من أنور البني ومازن درويش بالعمالة للنظام إنما هو لغو وشطحات خيال وأنا من يعرف الاثنين شخصياً ومدى عداوتهما للنظام، لكن الأمر ليس متعلقاً بهما كما يصور البعض بقدر أنه توجه باقي الأقليات الأفلاطونية بيننا في الثورة وبعض قليل لا يذكر منا (كأكثرية) رأي مختلف بثورة متخيلة طوباوية لا يرون فيها وجوداً لأي مظهر أكثري سني (أي إسلامي) وبأي شكل وليس الإسلام السياسي فقط كما نسمع، مع أن هؤلاء المسلمين هم فقط من قاموا بالثورة ويدفعون كل الثمن، كما يرى هؤلاء الأفلاطونيون أن النظام لا يقمع على أساس طائفي وأن من يناصره لا يفعل ذلك أيضاً مع أن كل الوقائع ومنذ نصف قرن تصرخ بعكس كل هذه التخيلات الأفلاطونية، يرددون هذه الأسطورة "بميكيافيلية" لنفي توصيف حقيقة النظام العلوي وأنصاره من غالبية ساحقة من طائفته بالطائفيين، ميكيافيلية لا علاقة لها بالأفلاطونية المفترضة بهم عند الحكم على الثورة الحقيقية والثوار الحقيقيين، لذلك يتحول "جيش الإسلام" وهو أكبر عدو لتنظيمات القاعدة إلى عدو بنظرهم كما النظام الأسدي بل وأكثر، وليدعوا ما بات يثير السخرية من أن القبض والتحقيق مع مجدي نعمة هو بتهمة وهدف البحث عن مصير رزان زيتونة ورفاقها وهو ما بان زيفه، وليتحول كل منشق "غير علوي" بنظرهم إلى هدف مشروع عبر النبش في تاريخه. 

قلت منشقا "غير علوي" لأنني عدت بذهني إلى العلوي الشريف الذي أحترمه وأقدره "آفاق أحمد" مدير مكتب المجرم جميل حسن .. شخصياً لا أؤيد أي مساس بالرجل كونه قد انشق عن النظام، لكن هل لهؤلاء الناشطين نية أصلا لتوجيه تهم له مع أن منصبه كان أخطر بكثير من موقع ناطق إعلامي، وأفعال سيده السابق وجهازه المخابراتي وزملائه وقد حضر جريمة تصفية الطفلين "حمزة الخطيب" و"ثامر الشرعي" بل وأفعاله قبل والتي لا يمكن مقارنتها بممارسات "جيش الإسلام" و"مجدي نعمة" بأي طريقة إلا في عقول منحرفة ملوثة بالحقد الطائفي، ومن المفارقة أن "جيش الإسلام" كان التنظيم الوحيد الذي أدرك خطر وقاتل تنظيمات القاعدة وداعش عدوة فرنسا التي تحقق فرنسا مع من عمل دائماً على محاربة عدوها هذا.

نعم قد يكون لي ولكثيرين مآخذ عل "جيش الإسلام" كوننا لا نتفق معه في مشروع دولة إسلامية يتخيلها، وننتقد تجاوزاته المعروفة التي لا يخفيها أصلاً ومنها قصة رزان زيتونة لو فعلها، لكن كم فصيلا في ثورتنا وبكل ثورات العالم وعبر التاريخ لم يرتكب تجاوزات؟ .. لا يوجد، وأذكر هنا بما كان يفعله "تشي جيفارا" الذي كان يرتكب مجازر (لم ترتكبها داعش اليوم) بحق الفلاحين لإجبارهم على اتباعه ولمعاقبة من يخالفه، لكن هذا الرمز اليساري وحليفه وكل اليسار الثوري في العالم وكل ثوري مسلح في العالم، كلهم بذنب مغفور في هذه العقول.
-------------
اورينت نت
 

فواز تللو
الثلاثاء 18 يناير 2022